أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية














المزيد.....

رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


رفات احمد الجاسم ..
يهبط سعيدا في الناصرية
نعيم عبد مهلهل
مثل طائر الفينيق يعود نعش الفنان السومري ( أحمد الجاسم ) ( 1952—1994 ) الى مقبرة خلوده كما فعل جلجامش حين شعرَ أن موت الغربة موتاً آخرا في الجسد الواحد ، فعاد الى أوروك ليبقيَّ لروحه وجسده خلودا في عطر الطين وجدران ذكريات مدينته .
يهبط رفات أحمد الجاسم آتياً بأجنحةِ وفاء أخيه الأصغر محمد الجاسم من مساء برليني بارد الى دفء مدينة الولادة ( الناصرية ) ، ليسجلَ هذا اللقاء بين مقبرة في برلين ومقبرة في النجف وجه أسطورة يخططها أحمد بقلم الكرافيت عبر نافذة قصيدة يكتبها أو حبيبة يرسمها ، أو صرخة جائع في شوارع اليسار العالمي .
كان أحمد الجاسم فنانا مثقفا ، وريشة عرفت تماماً أن تصنع لها شهرة الاحتراف ليعطوه منصبا لايُعطى لأي فنان أجنبي من غير النسل الجرماني عندما تولى رئاسة ورشة الرسم في مسرح شيلر العريق في مدينة برلين.
عبر تلك المسافة بين رحيله الازلي في المكان المنفى قرابة عشرين عام ، وهي أعوام حنين لطويلة لمدينته لتقبلَ النعش في صمت دمعتها ثم تشيعه بمهابة روحه وألوانه وقصائدهُ الغرامية.
هذا الفتى الجميل هبط سعيدا على صباح الناصرية بالرغم من أغماضته الطويلة في مقبرة العظماء بالعاصمة الالمانية ، لكني أشعر بفرح روحه وسعادتها وقد تخيلت عودتها الى المدينة الأم كما تعود السنونو في هجراته السنوية من بلاد البلطيق وبحر الشمال لتحط على اكواخ مدن أور ولارسا والناصرية والشطرة وأكد والبصرة ، ليسجل ذلك الصباح قدوم ملاك طيب اتى بصمته ودهشته ليلوح للمدينة الوادعة بأصابع وداع تأجل عشرين سنة من حسرة أخيه ( محمد ) ليحمل رفات أخيه الى مثاوي النخيل ودمى الطين وأحلام باحة النبي أبراهيم ، فيما سكنت أجفان أحمد حسرة نزلت من أجفانه النائمة كما قطرة مطر على صديقين كان يتمنى أن يكونا أول المستقبلين لسفينة هذا السندباد القادم من خريف اوربا الى شمس مدينته ، عندما تمنى وجود القاص الراحل محسن الخفاجي والشاعر البصري حسين عبد اللطيف اللذين التحقا اليه في فردوس دلمون ليكونوا هناك مجلسا لأنس الذكريات والقصيدة والعناق.
مثل فختاية ، وحمامة اجنحتها مثل حجر اللازور ، وهدهد لونته طفولة شوارع الناصرية واشجار حديقة غازي ومتنزه المدينة يهبط بمظلة اجفانه ، يستيقظ من رقدته كما يستيقظ الاله السومرية تموز ، يحمل عدة الرسم وبريشة من الحنان وموال شطري يصوغ الاشتاق تعابير لحظة رائعة يتراقص فيها حماس الثورة القديمة ورسائل الحب وخواطر مدارس الجمال ومذاهب سريالية الشباب.
تستقبلهُ المدينة ، وتتخيل نعشه جدار تعلقُ عليه كل اعماله يوم كان قلبه يبدع على جدران مسارح برلين وميونخ وباريس حكايات هذا العاشق الذي حمل طفولته وطلاسمه وأساطيره ليسجلها مثلما يسجل فنانو سومر خواطرهم على حجر المسلات وابواب المعابد وتيجان الملوك ومخادع الالهة.
هبط سعيدا ، لأن العصفور المغرد بلون اللوحة وبالابتسامة المفتوحة الاذرع كما نجمة عاشقة عاد الى العش مزهوا بحمية المدينة واهلها ، بوفاء اخيه الاصغر ( محمد ) الذي سكن ( دورتموند ) ولم يتوانى او يصيب حلمه اليأس ليجاهد ومنذ سنوات في رغبة نقل جثمان اخيه الى مقبرة وادي السلام.
بين أبتسامة أحمد ودمعة ( محمد ورملة وحيدر ) ، يمشي النعش في جسد المدينة وشوارع . ليسجل وقائع أحتفالية وعودة ميمونة لهذا المسافر الابدي في صمت اللغة واللوحة والطين ، عودة تسجل تاريخا مدهشا لمدينة تعاني من اشياء كثيرة تحتاجها ، مبنى لادبائها ، وكاليري يليق بفنانيها ، وخشبة لمسرحها العريق ، ونادٍ لطموحات شبابها السينمائيين ، وأشياء اخرى.
هبط الرفات من سماء برلين الى أديم فرات أور ...يسكنه فخر اللحظة التي تكون عودتها ، سعادة دلومنية يطعمها عطر ذكريات شاي المقهى وصباحات الجندية في معسكر تدريب البصرة . والنكهة الساحرة لكتاب حسين عبد اللطيف ( امير من أور ) وقد اهداه الى روح من يسكن بالصمت غائبا في حدائق المقبرة الالمانية.
لكن الامير يعود الأن الى مهده وطفولته وشبابه واصدقاءه.
عودة دمعتها عطر وأبتسامتها نخوة المدينة ومثقفيها ومسؤوليها ليصنعوا لهذا الطائر القادم بأجنحته السومرية تشيعاً يليقْ فيه وبروحه الجميلة.
أهلا بك أحمد الجاسم...
عدت الى مخدتكَ ، وأرجوحة العيد وقراءتك الخلدونية..
عدت الى مطبخ أمك وعيدية الوالد وصحبة محسن الخفاجي .
عدت الى المدينة وحضنها ، تشمكَ ، ثم تودعك بزهو الكهنة والجنود وملوك السلالات لتُودعكَ ثرى الطف .
بين نومتين .مؤقتة في مقبرة في برلين.
ودائمة في النجف .
يرقد رفات احمد الجاسم...
هادئا ، صامتا ....
وبين اغنية وأشتياق
أصابعهُ الأنيقةُ تتحرك لترسم شيئا.............!

دوسلدورف 24 اكتوبر 2014









#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس والميتافيزيقيا
- إشراقات مندائية
- الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
- سماء المندائيون
- شُباك نَدورهْ ( مندائية على جدار القلب )
- أهبط يا يحيى ..المندائيون في أنتظارك
- وصفة مندائية لعلاج طرشَ بتهوفن
- الآس والعباس ديوك النذر المندائي
- الخبز في المائدة المندائية
- ذكريات شجرة التين المندائية
- صورة المولى في الجفن المندائي
- كتب ، وأروقة وصاغة مندائيين ...
- أعمامي المندائيون أسماءهم في قلوبنا
- طوبى للرحماء فَهُمْ جبرائيل وزيوا وبولص.....!
- لكِ الله ياشجرة الكستناء ويا فرات المندائيين
- ما هو الفقر.....!
- الدمى تبيع الفستق ..والمندائي يبيع البخور
- أنا وشكسبير ، العطر أمٌ وناصرية....!
- أور تشرب دموع سنجار وكوباني
- روحٌ مندائيةٌ ، بثوبٍ أبيضٍ ، بفنجانِ البابنكْ......!


المزيد.....




- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية