أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد اوبلوش - قراءة في طقوس بيلماون -بوجلود-2















المزيد.....

قراءة في طقوس بيلماون -بوجلود-2


احمد اوبلوش

الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 21:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


موت الواقع عبر موت الجسد...قراءة في طقس بيلماون "بوجلود"
تختلف القراءات المفسرة لطقوس بوجلود، بين القراءة الانتروبولوجية[1] والدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية[2] لطقس مملوء بالايحاءات وبالتكثيف الرمزي وبمدلولات سوسيولوجية [3] وسيكولوجية وإثنوغرافية ضاربة في أعماق التاريخ.
فبجلود يمكن اعتباره طقسا من طقوس العبور من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة، أو إنشدادا عابرا للزمن لجذرنا الطبيعي، وانسلاخا من تمظهرات الحداثة والانخداع بمجتمعات العنف والاستهلاك، بحيث يعتبر طقس الدم والقربان (أضحية العيد)، ولباس جلد الخروف (القربان)، بمثابة طقس للتطهيرعن دنس الحياة المادية والسفر عبر تاريخ البشرية الموشوم بالصراع بين قوى الخير والشر. وقد يعتبره البعض بأنه مظهر من مظاهر التعبد وتقديس الحيوانات[4]، أوالخوف من قوى خارقة قد تتخفى في جلد وقرون الماعز. وهذا ما يفسر حضور قربان المعز (العتروس) في كافة الطقوس الدينية، في الاضرحة والمزارات، وفي مناسبات الاحتفالات ما وراء الدينية (طقوس الشعودة، حضرة كناوة، طقوس جلب المطر والخصوبة والأولاد....). فبجلود كما "التيمولوس" [5] وكما الاضرحة والقبور والاشجار وبعض مغارات البحار في الجنوب الغربي من المغرب، تعتبر بمثابة حفريات أركيولوجية تستحق دراسة علمية عميقة لنفض الغبار على أسرار ما تبقى من ديانات أجدادنا الوثنية والطبيعية، ولماذا يستدعيها اللاشعور الجمعي مرات عديدة كأشكال للاحتفال وكطقوس للعبور، أو كتعبيرات ثورية متمردة، رافضة للواقع؟؟
بوجلود "موت الجسد وموت الواقع "[6]...غالبا ما تحضر رمزية القناع والتنكر في طقس بوجلود، ما يمكن اعتباره إلغاءا للجسد الواقعي وحضورا لجسد متخيل رافض للواقع، وهذا ما يمكن أن يصادفه الباحث في عدة أعمال للسوسيولوجي جين باودريلار Jean Baudrillard [7] خصوصا عندما يتحدث عن أدوار الجسد ووظيفة القناع الاجتماعي أو ما يصطلح عليه باودريلار السيمولاكر[8]، والذي يعتبر مفهوما مركزيا في أطروحات الباحث خصوصا أثناء دراسته لسوسيولوجية الجسد.
إن استدعاء مفهوم "السمولاكر" لفهم ظاهرة بوجلود كطقس فرجوي يؤدي وظيفة التنفيس ووظيفة إشباع الغريزة البصرية لا يمكن استيعابه إلا في إطار مجتمعات الفرجة[9]، والتي يعتبرها باودريلار مجتمعات تسرف في الاعلاء من قيمة الاستمتاع البصري لما ينتجه الجسد، ولا تتحدد قيمة الفرد إلا من خلال ما يراكمه الجسد من فائض قيمة في فضاءات الفرجة العمومية، عن طريق تداولية الأدوار والمواقع، وعن طريق عمليتي الإغواء والإثارة.
يعتبر "السمولاكر" في طقس بوجلود بمثابة القناع المشوه للواقع، والمموه لصورة الجسد الحقيقية، وفي هذا التمويه والتشويه تكمن رغبة دفينة لإلغاء هذا الجسد السلعي الواقعي والمعروض للاستهلاك وللاستمتاع الفرجوي فقط. وهو رفض كذلك لقيمة الجسد الجنسية المصاحبة لطقوس الفرجة والاستهلاك[10]، وهوإلغاء كذلك لمظاهر الجسد المتعدد[11] الذي يخترق الفضاء العمومي، من خلال إلغاء كل طقوس الزينة الاصطناعية، وإسقاط كل الاقنعة الاجتماعية، حيث يتم تعويضها بأقنعة و جلود المعز النتنة.
وبإلغاء كل ثنايا وتفاصيل الجسد الواقعي وتشويه مظاهر الاثارة والغواية فيه؛ تبدأ عملية التدمير والإلغاء من خلال صيرورة لا شعورية لتدمير الجسد الواقعي وهو فعل مستبطن مع سبق الاصرار نحو اغتيال وموت الواقع.
أحمد أوبلوش 09/10/2014
...............................................................................................................
[1] - مسخرة بوجلود : نحو تاريخية للكرنفال الأمازيغي، براهيم ازروال الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 23:02 ، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=353156
[2]- يمكن اعتبار ظاهرة بوجلود كمظهر من مظاهر رفض الواقع السياسي حيث تتم السخرية من جميع الشخصيات والمؤسسات والاحداث السياسية كشكل من أشكال رفض هذا الواقع، في تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
[3]- هناك من يعتبر طقس بيلماون طقسا اجتماعيا يتم من خلاله إعادة تمتين علاقات التضامن والتآزر الاجتماعي، وعلاجا وقائيا لبعض الامراض الاجتماعية حيث يتم فضح كل الممارسات الاجتماعية (التحرش الجنسي، الخيانة، المثلية الجنسية، السرقة...)، فيعتبر طقس بيلماون لدى بعض القبائل الامازيغية، لحظة للمصالحة مع الذات والجماعة وعملية تنفيس عن كل الطابوهات و الخطايا الاجتماعية.
[4]- عبد الله حمودي، الضحية وأقنعتها، 1988، باريز، دار النشر دوسواي.
[5] - التيمولوس Tumulus مفهوم انتربولوجي له علاقة بأشكال بناء المقابر في مملكة نوميديا وحيث يتم تشييد المقابر حسب الوضع الاجتماعي والطبقي للافراد، وتعتبر الحجارة التي تغلق بها المدافن الجماعية كرجوم من الحجارة و ركام من التراب و يطلق على هذا " الغطاء" إسم تيمولوس،ومازالت بعض القبائل الامازيغية في الجنوب المغربي تقدس التيمولوس، وتعتبرها ركنا أساسيا لتحديد الملكية الفردية والجماعية للأراضي وهو ما يطلق عليه بالامازيغية "تاكركورت" وهي أحجار موضوعة بشكل عمودي تحدد حدود الملك أو مناطق الرعي.
[6]- جين باودريلار Jean Baudrillard ، الفكر الجذري (أطروحة موت الواقع)، ترجمة: منير الحجوجي وأحمد القصوار، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، 2006م.
[7] - جين باودريلار Jean Baudrillard (27 يوليو 1929 – 06 مارس 2007)، فيلسوف، ومحلل سياسي، وعالم اجتماع فرنسي،.تصنف أعماله بشكل أساسي ضمن مدرسة ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية.
[8]- السيمولاكر عند جين باودريلار Jean Baudrillard قولبة للحقائق ونمذجة للوقائع، لا هي الواقع، ولا هي المثال، تعمل على تسويق الصور وتوزيع الإيقونات الإشهارية والإعلامية عبر أساليب الردع والإقناع: موت التمثل وسقوط المتضايف: واقع/ مثال، وتفكك الروابط الميتافيزيقية بين الواقع والمفهوم الدال عليه والمعبر عنه.
[9]- جين باودريلار Jean Baudrillard ، المصطنع والاصطناع، ترجمة: جوزيف عبد الله، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2008م.
[10] - الجسد كقيمة استهلاكية يتم عبر صناعة الجسد الفرجوي من خلال صناعة المساحيق و صالات الرياضة ومسابقات الجمال وصناعة الجنس عبر السينما والإعلام وصناعة الالبسة والماركات العالمية وأنظمة التغدية وطب الحميات وجراحة الجمال والتحول الجنسي.
[11]- الجسد المتعدد حسب جين باودريلار Jean Baudrillard، هو جسد متعدد اللباس والأقنعة والأدوار والوظائف فمثلا يمكن تتبع طيف جسد امرأة ما أو رجل ما، ستجد أن جسده يتقمص أدوارا وأقنعة تتجسد في مظاهر الزينة واللباس تختلف من مكان لمكان ومن وظيفة لأخرى، رغم أن الجسد واحد في ذاته ومتعدد في البيت وفي الحي وفي المسجد وفي العمل وفي الحانة وفي المرقص الليلي وفي السوق وفي مناسبات دينية او عائلية.



#احمد_اوبلوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الواقع عبر موت الجسد...قراءة في طقوس بيلماون -بوجلود-
- بروفايلات الدخول المدرسي لمدرسة جيل النجاح...مع الاحالات
- بروفايلات الدخول المدرسي لمدرسة جيل وشعب الاستثناء....
- ليلة القدر في المغرب الصراع بين المقدس والمدنس
- دفاعا عن عصيد ضدا عن مسرحة الحق في التعبير وفي الاختلاف
- دفاعا عن اليسار كل اليسار...ضد اليمينية التي تنخر فدرالية ال ...
- فكر داعش يعيش بيننا
- من يقاتل؟؟ ضد من؟؟
- تازة...قبل غزة...
- -لماذا تؤدي كل الطرق إلى روما وتفشل كل المسارات المؤدية إلى ...
- عيبنا واحد
- متى يعلنون موت المفتش....؟
- -المثقفون هم أكبر الناس قدرة على الخيانة..لأنهم أكثر الناس ق ...
- الاصفار العشرة في امتحان 20غشت لوزير التربية الوطنية
- آكل الاطفال...2
- آكل الاطفال...
- شهادة الباكالوريا والاسئلة الملحة...
- لماذا انقلب السيف على النص؟
- من دخل دار المخزن فهو آمن...
- وطَنٌ في حالة غِشّ


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد اوبلوش - قراءة في طقوس بيلماون -بوجلود-2