أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن البوهي - أية حداثة لمغرب الألفية الثالثة ؟ (1/3)















المزيد.....

أية حداثة لمغرب الألفية الثالثة ؟ (1/3)


حسن البوهي

الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 17:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


موجز التأصيل التاريخي لمفهوم الحداثة ودلالاته المفاهيمية
إن المقاربة المفاهيمية لمفهوم الحداثة هي غاية في التعقيد والالتباس وتحيل على مجموعة من المعاني المتباينة التي تختلف باختلاف التيارات الاديولوجية والتوجهات الفكرية، فلغويا مصطلح الحداثة يقابل كلمة modernité باللغة اللاتينية وهو مشتق من فعل التحديث، أي كل جديد يهدف إلى تجديد القديم وتحديثه وتطويره، وهو يسمى بذلك حداثة.
وذكر "أندري لالاند" في معجمه الفلسفي أن هذه اللفظة ظهرت في القرن 10 ميلادي ضمن النقاشات الفلسفية والثيولوجية التي كانت قائمة آنذاك بأوربا، و تعني كل ما هو جديد ومنفتح ومتحرر ومحب للتغيير .
ارتبط مفهوم الحداثة حسب مجموعة من الدارسين، بالتحولات التاريخية والفكرية للغرب الأوربي منذ أواخر القرن 15 و بداية القرن 16، وباكتشاف العالم الجديد، والنهضة الأوربية وما واكبها من ازدهار الفنون والعلوم والآداب ...ثم بالإصلاح الديني البروتستاني الذي انطلق مع "مارتن لوثر" و تقوى مع فلسفة الأنوار بفرنسا خلال القرن 18 على يد" مونتسكيو، فولتير، ديدرو، دالمبير...الخ" التي ناهضت الأسس والمرتكزات التي استندت عليها الكنيسة في تسيير الشؤون الدينية والدنيوية للشعوب الأوربية، بالقضاء على الحلف المقدس الذي كان قائما بين الملوك والقساوسة )الإقطاع و الكنيسة(، و يحتفظ لنا الأرشيف التاريخي الأوربي بالشعار الذي رفعته الثورة الفرنسية 1789 " أشنقوا أخر الملوك بأمعاء أخر القساوسة"، وانتشرت بعد ذلك في ألمانيا على يد "كانت kant" و في انجلترا على يد " دافيد هيوم"، و على إثرها تم إحلال الرابطة القومية محل الرابطة الدينية، ولخص أغلب الدارسين المستويات التي شملتها الحداثة في المعرفة )الطبيعة( والزمن )التاريخ ( ثم الإنسان.
ارتكزت الحداثة في مفاهيمها التأسيسية على مبادئ : الفردانية، العقلانية ثم الحرية كمحددات وضوابط بديلة للفكر الغربي، وتقوم على أساس إحداث القطيعة مع المناهج الكنسية التي كانت سائدة آنذاك بفصل الدين عن الدولة، فالحداثة كمنتوج تاريخي طويل الأمد يعني إديولوجية كونية للتغيير الشامل، بمعنى أخر، ذلك النمط الحضاري أو تلك الوصفة الحضارية الكونية التي اكتسحت كل الحضارات العالمية منذ أن انتقلت عبر التغلغل الرأسمالي إلى المجتمعات غير الأوربية، إذ كانت المرحلة الإمبريالية هي مرحلة التطور التاريخي لهذا المفهوم في المجتمعات التقليدية الأسيوية والإفريقية، من خلال ما يعرف عند بعض المؤرخين والباحثين ب " صدمة الحداثة". ومنذ تلك الفترة ظهرت العديد من المشاريع الفكرية التحديثية على يد مجموعة من المفكرين والمثقفين في عدد من المجتمعات العالمثالثية لفك رموزها ودراسة أسسها الفكرية والفلسفية من أجل تحديث هذه الأوساط المجتمعية وتحقيق نهضتها على غرار المجتمعات الغربية. وكما هو الحال بالنسبة لنا في المغرب برز مجموعة من المفكرين والدارسين الحداثيين الذين يمثلون توجهات فكرية وتيارات إديولوجية مختلفة، بصمت مشاريعهم التحديثية على حضور قوي في الساحة الفكرية العربية كالأستاذ " عبد الله العروي" و"محمد عابد الجابري" وطه عبد الرحمان"
عبد الله العروي ومشروع الحداثة القائم على القطيعة مع التراث
ظهرت معالم المشروع الفكري التحديثي للأستاذ عبد الله العروي من خلال إصداره الأول " الإديولوجية العربية المعاصرة" سنة 1973 و" العرب والفكر التاريخي"سنة 1973، "أزمة المثقفين العرب" سنة 1974، " ثقافتنا في ضوء التاريخ" ثم سلسلة المفاهيم " الإديولوجية، التاريخ، الحرية ، العقل" و"السنة والإصلاح"، "من ديوان السياسة"
كتابات الأستاذ عبد الله العروي عموما تسير وفق منهجين : الأول تكويني يدرس نشأة النظائم الفكرية( المذاهب، الاتجاهات، المدارس، التيارات الخ) الثاني تفكيكي ينطلق من النظيمة ليفككها إلى أجزاء ويعيد كل جزء إلى أصله، ومن خلالهما يقوم بنقد المقومات الفكرية والاعتقادية للفكر العربي الإسلامي، وتنتظم أعماله الفكرية في إطار مشروع واحد وهو الحداثة بقوله " إن ما كتبت إلى الآن يمثل فصولا من مؤلف واحد حول مفهوم الحداثة". وفي مستهل تعريفه للمفهوم المدروس صاغ عبد الله العروي عبارة متماسكة جمع فيها العديد من المفاهيم المرتبطة بمقومات الحداثة، التي دافع عنها من خلال كتاباته بقوله " الحداثة تنطلق من الطبيعة، معتمدة على العقل، لصالح الفرد، لتصل على السعادة، عن طريق الحرية"، وجعل من النسبية والإبداعية والشكية والتجديدية خصائص لها) الحداثة( إذا اجتمعت تحققت وإذا نقصت منها خاصية واحدة انتفت.
وفي نقده لمقومات الحداثة في الفكر العربي الإسلامي، أشار إلى أن العقل الذي تحتفل به الثقافة الإسلامية، هو مفهوم ملتصق بها ومفارق لما يعرف بنفس الاسم في المجتمع المعاصر، وأنه محدد بأمرين : أولهما أن فوق كل عقل ثمة عقل أعلى، ويغيب ما يرافق إعماله عادة من فحص وتأمل وحيرة وشك وصرف ذهن المسلم عن الالتفات إلى الطبيعة.
ثانيهما: أن العقل العربي ضل عقلا تأمليا نظريا، بقي عبد الحرف والنص ولم ينفتح على الفعل والعمل والابتدار، ويرى أنه لا حداثة بدون نزعة فردية، ففي عهد الدولة الإسلامية لم تكن ثمة فردانية حقة، وإنما أدلوجة فردانية، والفرد داخل الدولة لا يعرف الحرية إلا إذا خرج منها أو عليها، كما أن السلوك الذي ورثه الفرد العربي لا يوافق كيان دولة حديثة (الفرد العاقل)، والحرية عند العروي على ضربين : - ميتافيزيقية نفسانية مثلتها حرية البدوي والصعلوك والمتصوف واقتضت العيش خارج الدولة.
- وحرية سياسية واجتماعية انكب عليها الفكر الليبرالي
عرف الفكر العربي الضرب الأول من الحرية، ومن ثمة لم يعرف سبيلا للحداثة، فالحرية العربية هي حرية وجدانية وليست حرية عاقلة أو حرية مسؤولة فاعلة.
وربط الأستاذ عبد الله العروي مشروع النهضة المغربية والعربية بشكل عام بضرورة نقد التراث وإحداث القطيعة الإبستمولوجية مع مناهجه الفكرية بقوله " الماضي لا يمكنه أن يخدمنا في حل مشاكلنا، ولا حتى في إعطاء هذا الماضي نفسه قيمته الحقيقية ...فلتمت الأفكار الميتة من أجل أن يحي الناس" بحيث يستحيل أن نعثر على مفهوم الثورة العلمية عند الموحدين، أو مفهوم الإدارة عند الأدارسة ..."وهي كلها مفاهيم حداثية لا يمكن العثور عليها إلا عند دعاة الحداثة، ومن ثمة يصبح مطلب القطيعة ضرورة ولازمة لا غنى عنها لمستقبل النهضة العربية، ولا بد من الحسم معها بشكل فعلي اجتماعيا وفكريا وسياسيا من دون تردد، فالحداثة عند عبد الله العروي مرهونة بتحول المجتمع إلى حالة الحداثة، والتحول إليها يقتضي اعتناق الفكر الغربي بمقولاته الأساسية وهي العقلانية والنقد ومسؤولية الفرد عن نفسه، والعلمانية والدولة المركزية على المستوى العملي، والآلية الضرورية لتحقيق هذا التحول هي القطيعة المعرفية مع التراث.
بناءا على ما تقدم في المشروع التحديثي للأستاذ عبد الله العروي تتبادر إلى الذهن بعض الأسئلة المقلقة التي لا تنتقص من القيمة العلمية والمعرفية الكبيرة لأستاذ انتزع تقدير كبار الفلاسفة والمفكرين والمثقفين له وهي:
إلى أي حد يستوي أن ننتقد الفكر العربي الإسلامي انطلاقا من مفاهيم دخيلة غير نابعة منه؟ كيف يمكن أن نستلهم منهجا إصلاحيا استنفذ آليات تماسكه الاجتماعي و الخلقي؟ وحتى لو مررنا من نفس المرحلة التحديثية التي مر منها الغرب الأوربي، هل سنضمن تجاوزنا له، أم أننا سنجد أنفسنا أمام مسوغة نظرية مستحدثة سيكون علينا إتباعها في إطار منطق لا يخرج عن الاستهلاك والتبعية؟ هل ستتحقق الحداثة الغربية في مناخ عربي إسلامي يختلف اختلافا جذريا، ثقافيا وحضاريا عن موطنها الأصلي؟ هل نحن مستقلين بما فيه الكفاية في تسطير الأهداف المرجوة من الحداثة؟
في إحدى لقاءات الأستاذ عبد الله العروي دعا إلى ضرورة فك الارتباط بالمشارقة، والتصرف بمنطق سكان جزيرة مطوقة، وربما الاندماج في المحيط الأوربي، السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما جدوى الحلول الفردية في عصر يتسم بقوة التكتلات؟ وإذا انحزنا إلى الغرب الأوربي ما هو ثمن هذا الانحياز؟ ثم هل يمكن أن تنصهر الثقافتان (العربية الإسلامية والغربية) في بوتقة منسجمة مع العلم أنهما تحملان قيما شكلت على مر التاريخ مصدر قلق وخطر للطرف الأخر، كان أخرها تسويق بعض الدول الغربية لخطاب الحرب ضد الإرهاب؟
في المقابل يرى عدد من الباحثين والدارسين أننا بحاجة إلى تكتل إقليمي مصلحي، وإلى برنامج عمل طويل المدى يضع نصب عينيه تحقيق التكامل الاقتصادي من دون أن ينال من الخصوصية الثقافية، و تحقيق الإبداع في إطار الخصوصية الذاتية لا في خصوصية الغير.

1- عز الدين الخطابي.أسئلة الحداثة ورهاناتها في المجتمع والسياسة والتربية.الدار العربية للعلوم.بيروت. الجزائر ‬-;-2009 ص 16


2- فريد المريني. معيقات التحول الليبرالي في المغرب: صراع الحداثة و التقليد. دفاتر وجهة نظر.مطبعة النجاح.الجديدة.2006. ص 7
3 - عبد الله العروي. مفهوم العقل. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء بيروت. الطبعة الأولى 1996. ص 10
4- عبد الله العروي. مفهوم العقل . ص 14
5- عبد الله العروي: العرب والفكر التاريخي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت.الطبعة 4 1998.ص108.
6- عبد العروي.مفهوم العقل.ص163
7 - عبد الله العروي.مفهوم العقل. ص 358
8- مفهوم العقل. ص 156
9- عبد الله العروي. مفهوم الحرية. ص 17
10– مجلة ماليف –شهر يوليوز 1974 العدد 64 نقله إلى العربية محمد بولعيش ومصطفى المسناوي إلى بيت الحكمة. العدد الأول أبريل 1986. الطبعة الثانية. ص 163- 16



#حسن_البوهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع أثري لأقدام ديناصورات( 250 مليون سنة) ورسومات فنيقية (أ ...
- مواطنون منسيون
- التوزيع اللامتكافىء للثروة بالمغرب
- يا أشباه الصحفيين لقد دنستم شرف صاحبة الجلالة
- فشل عاطفي
- وجع من الماضي


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن البوهي - أية حداثة لمغرب الألفية الثالثة ؟ (1/3)