أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد البياتي - يوميات متسكع














المزيد.....

يوميات متسكع


جواد البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


يوميات متسكع
شغلة طارئة ساقتني الى شارع الهادي . هذا الشارع الذي يربط بين شارعي غازي والشيخ عمر والذي يختص الان بمهنة النجارة حصرا تقع عليه اربعة محلات بغدادية عريقة وهي الكولات وابو دودو اللتان تطلان على شارع الشيخ عمر وبني سعيد ومحلة الهيتاويين المطلتان على شارع غازي ، ولمّا لم أجد ظالتي في هذا الشارع تحولت الى امتداده شارع الصدرية المغلق من جهتيه الرابط بين شارع غازي وشارع الجمهورية والتي تقع عليه محلات القشل والصدرية المطلتان على شارع غازي ومحلتا الدهانة والعوينه المطلتان على شارع الجمهورية . واتخذ هذا الشارع اسم الصدرية لوجود احد اشهر اسواق الخضار والتجهيز المنزلي القديمة في بغداد ، ويعتبر هذا السوق بالنسبة للبغداديين في الوقت الحاضر اهم الاماكن التي يؤمها الباحثون عن ( الريوك ) القوي ففيه كل مافي خيال البطينية والحباترة من اصحاب المهن وارباب العمل والصنايعية والباحثون عن متعة الطعام الصباحي . خاصة وان هذا السوق تحيط به مناطق اصحاب تلك المهن من جهة شارع الشيخ عمر من الفيترجية وصباغوا ابدان السيارات وتصليحها وما يتعلق بكمالياتها وباعة ادواتها الاحتياطية وكذلك الحدادون والنجارون في شارع الهادي وسائقوا سيارات الخطوط العاملة من ساحة سينما الفردوس الى مناطق بغداد المختلفة اما في غرب سوق الصدرية فهناك شارع السيد سلطان علي وساحة الوثبة وتجار الشورجة . فلدى البغداديون طقوساً خاصة للريوك وغالبا ما يتناول هؤلاء فطورهم مجتمعين كي يصبح الريوك اكثر متعة وشهية حتى ان الداخل الى سوق الصدرية يكاد يحتار في اختيار الريوك المحبب وذلك لكثرة روائح الاطعمة التي تدخل الانف بلا استئذان فتستفز شهيتهم فيسيل لعابهم لكل رائحة تداعب حواسهم . فهذا بخار الباجة المتصاعد من القدر الضخم الذي يتصدر باب المطعم وهنا دخان الكباب والتكة والمعلاك والحلولو الذي لايمكن مقاومته واين ما أدرت وجهك فثمة وجه ريوك يصدم ببصرك .... الباقلاء بالدهن الحر وفوقها بيض مقلي يسرّ الناظرين ، المخلمة وصوت قليها وطريقة تقليبها في الطاوة الصغيرة ، قيمر العرب مع العسل او المربيات الاخرى والصمون الحار ، الكاهي مع قيمر العرب ، البيض المسلوق والمقلي . وهناك من تستهويه الشاورمة مع الحمص بطحينه وغالبا مايكون البصل رديف كل انواع الريوك بإستثناء الكاهي والقيمر . اعرف انه كان اسهابا جاحظيا مملاً ولكنه لذيذ كلذة اطعمة الريوك في الصدرية .
ظهرا .. وجدت نفسي اقف امام حانوت صغير يعرض قدرين متوسطا السعة عرفت من خلال رجل مسن يجلس خلفهما بانهما يحتويان على التمن والمرق استهوتني طريقته الشعبية في جلوس الزبائن وتقديم الطعام ولم تكن لي حرية الاختيار وكان حفيده الذي لايتجاوز الثامنة هو الذي يقدم الطعام نيابة عن جده بسبب ضخامة الاخير وصعوبة حركته جاءني الصغير بصحنيّ التمن والمرق اليتيمين وانتظرت المقبلات فقطع الطفل علي ذلك الامل ووجدته يقف الى جانبي حاملا صمونه مكسبة وحارة ايضا وقبل ان يسلمني اياها أدى بعض الحركات الممازحة على شكل مقلب برئ ، ولم يصدر مني اي رد فعل حتى سلمني الصمونه واجبرني على الانتظار لأحضار الملعقة فجلب لي اثنتان بدل واحدة وهو يبتسم . قلت له اثنتان . قال : اعرف فقد تحتاج لكل يد ملقعة . ارتحت كثيرا لهذا الطفل البرئ الذي يبدو انه اضافني كصديق قبل ان يحصل على موافقتي . قلت : الماء ؟ فأشار الى وعاء زجاجي ( صراحية او دولكة ) وبجانبها قدح زجاجي يحيط بهما رسوم من الورد والاغصان الخضراء . كانت اجمل وألذ وجبة غداء اتناولها منذ سنين .
قبل ان اترك شارع الصدرية بعد تناول استكان شاي خلته كأس من الشيفاز وقفت امام بابين متجاورين . هنا كان حمام التميمي للرجال والى جانبه حمام النساء وردت في خيالي كحلم كيف كانت امي تصطحبني معها الى هذا الحمام واذكر كيف منعتني مسؤولة الحمام في آخر مرة وذلك بسبب احتجاج بعض النساء . فبدأ والدي يصطحبني الى الحمام الخاص بالرجال ولم انس تلك الليلة التي كاد رأسي ان يشج على ارضية الحمام عندما تزحلقت بالقبقاب الكبير الذي كنت احتذيه ، وكانت تلك المرة الاخيرة التي ادخل بها هذا الحمام .



#جواد_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمعت من موصليين شاهدوا
- عندما يكون الأمر واقعا
- مليارديرو اخر الزمن
- العمر الافتراضي للسياسي (نسخة معدلة )
- العمر الافتراضي للسياسي
- انا وانت عيون الوطن
- واوي مع وقف التنفيذ
- الوعي الشخصي في موضوعة العمل السياسي
- الانظمة السياسية العربية والاسلامية ورش لتصنيع احزان الشعوب
- الدعم الكوني لحكومة المالكي
- حكومة عاطلة
- الموت يتجول
- عقلانية المواطنة
- استغلال طيبة البسطاء
- وطني الشمس


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد البياتي - يوميات متسكع