أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد سعيد قاضي - سوريا..النموذج النيكاراغوي هو الحل الممكن!















المزيد.....

سوريا..النموذج النيكاراغوي هو الحل الممكن!


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 20:34
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بعد مرور على ما يربو الثلاث سنوات ونصف على انطلاق الحراك الثوري في سوريا، وما ترتب ونتج عن ذلك الحراك الشعبي المشروع للشعب السوري ضد نظام دكتاتوري فاسد من دمار واسع وحجم ضحايا يتجاوز مئات الآلاف بين قتيل وجريح وفقيد، وملايين النازحين و اللاجئين والمهجرين، لأسباب معروفة وواضحة للعيان والمتابعين، أهمها قيام النظام بحملة قمع دموي للشباب المشاركين فور انطلاق هذا الحراك السلمي، وثانيها، هو احتواء دول إقليمية وغير إقليمية للأحزاب المعارضة وللجماعات المشاركة في الحراك ضد النظام السوري ومن ثم استخدامها لتحقيق هذه الدول لأجندتها الخاصة على حساب مطالب الشعب، وتقوقع كلٍ من الطرفين في محاور مختلفة متصارعة أخضعت قوى الحراك والنظام للقتال بالوكالة عن هذه الدول والمحاور الدولية والإقليمية وما ترتب على ذلك من القضاء على معظم الحراك الشعبي، يجب علينا على أقله النظر بعقلانية لما آلت إليه الأمور في هذه الدولة التي مزقتها الحروب والصراعات على مدار ثلاث سنوات ونصف، واعتبار تطورات الأوضاع فيها، وتأمل ما يفرضه الواقع لكي نلتمس سبل الحل، وهو ما يقع على كاهل السوريين أنفسهم بعد أن رأوا بأم أعينهم تلاعب القوى العظمى والإقليمية بدمائهم في سبيل تحقيق مآربهم وتحقيق مصالحهم الخاصة.
والمشهد يدلل، بكل بساطة، على أن الولايات المتحدة، من جانب، لن تترك النظام يفترس قوى المعارضة الموالية لها والتي تدعمها بشكل يجعلها قادرة على الصمود أمام النظام وإدارة المناطق التي تسيطر عليها. وذلك لأن الولايات المتحدة لن تتخلى بسهولة عن هذه الفرصة السانحة لإحكام قبضتها على سوريا بعد "إسقاط" نظامها الذي تضعه نصب أعينها من سنوات طويلة لأسباب عديدة ليست موضوع المقال.

ولحاجتها الاقتصادية ثانياً، خاصة وأن سورية دولة محورية فيما يتعلق بالصراع على حقول الغاز والنفط، وهو المفتاح الأساسي لفهم طبيعة صراع المحاور في سوريا خصوصاً ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.
من ينجح في كسب سوريا، ينجح في السيطرة على منابع الغاز وطرق الإمدادات في الشرق الأوسط وبذلك يكون له اليد العليا في النظام السياسي العالمي المستقبلي الذي يحدد ملامحه الغاز والنفط، ولذلك تتصارع الدول العظمى روسيا والولايات المتحدة على سوريا لأن سوريا هي مفصل مشاريع كلا الدولتين فيما يتعلق بالغاز وخطوط إمداده، سواء أكان مشروع السيل الجنوبي الروسي أو نابوكو الأمريكي المضاد.
ثالثاً، بعد انتزاع أوكرانيا من براثن روسيا الإتحادية، تشعر الولايات المتحدة بأن الفرصة مواتية لحصد مزيد من النجاحات والانتصارات، وكيل مزيد من الهزائم ضد روسيا والصين ودول البريكس التي باتت الولايات المتحدة تخشاها كثيراً على الصعيد الاقتصادي.
أما روسيا من ناحيتها فتملك العديد من الأسباب التي تمنعها من التخلي عن سوريا، أهمها كما الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالصراع على الغاز الذي ينبني عليه حجم قوة ونفوذ كل دولة على الساحة الدولية ومن ثم النظام العالمي الجديد بتوازناته وتحالفاته وعناصره. و خسارة أوكرانيا لصالح الدول الغربية هي سبب آخر، والمصالح الكبيرة لروسيا في سوريا ومنها القاعدة الروسية في طرطوس، والعلاقات التي تربطها بسوريا لمدة قرون، بالإضافة إلى خداع روسيا بإسقاط نظام القذافي، وخسارتها للكثير من حلفائها وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي بقيت لها سوريا كآخر قلعة.
وبعيداً عن الإرادة الدولية لحل الأزمة، ما زال هناك البعد الإقليمي الذي قد يلتزم شكلياً ويسعى بشكل خفي إلى تغذية الصراعات في سوريا بشكل متجدد. هذا بالإضافة إلى التعقيدات المحلية وتعدد الجماعات المقاتلة ومصالحها وتوجهاتها والتزاماتها وتبعيتها وارتباطاتها وهو ما يفاقم من صعوبة الحل في سوريا.

و ثلاث سنوات ونصف كافية لأن تثبت أن الحسم العسكري لصالح أي طرف من الأطراف هو مجرد هذيان لا يمكن تحقيقه إلا بتوافق دولي إقليمي وداخلي محلي يشمل كافة القوى الفاعلة والمشتبكة سواء على الأرض أو من خلف الكواليس، فالثورة وئدت في المهد كما هو جلي، ويدور الصراع الآن على حساب مطالب ودماء الشعب السوري لصالح القوى الدولية والإقليمية المتناحرة في اجترار لأحداث الحرب الباردة.

ولنفرض مثلاً أن النظام سقط، فهل ستقبل القوى المستفيدة من النظام السابق والقوى الطائفية المتورطة في ذبح الشعب السوري على ما ستؤول إليه الأمور بعد السقوط المتوقع للنظام؟ بالطبع سوف تستمر هذه القوى في قتال النظام المفترض الجديد، وستستمر في إعاقة المسار التالي لمرحلة السقوط وهو شيء جد متوقع كما تعلمنا من دروس التاريخ، وخاصة أن قوى المعارضة التي ستستلم الحكم في حال سقط النظام، هي القوى المعترف بها والمدعومة غربياً وهذا سيعطي الشرعية والأسباب الموضوعية لقتال النظام الجديد بحكم أنه أداة في يد الولايات المتحدة والغرب ودول إقليمية ديكتاتورية مشبوهة مثل السعودية وقطر، وما يزيد الطين بلة موقف المعارضة نفسها الملتبس من إسرائيل والتصريحات الواضحة لعدد من قياداتها باحترام وجود إسرائيل والاستعداد للإعتراف بها.
وفي السيناريو الثاني وهو أن يستمر النظام، فهل سيتمكن النظام من الحسم لصالحه وإعادة سيطرته على كافة الأراضي السورية ليعود ملايين السوريين تحت كنف الدولة في سوريا؟ وهذا أيضاً غير متوقع لأن الولايات المتحدة كما بيّنا أعلاه لن تقبل بسقوط المعارضة في الظروف الحالية على الأقل، والدليل على ذلك هو رفض مشاركة سوريا في ضرب داعش، والسعي لتقديم أسلحة أحدث لقوى المعارضة لكي تسيطر على الأراضي التي ستحررها قوات التحالف من قبضة داعش وهو ما يوحي برغبة الولايات المتحدة استبدال القوة الأكبر التي هي داعش بقوى المعارضة "المعتدلة" وليس قوى النظام السوري.
وهذا المسار لن يتغيّر في المستقبل المنظور على الأقل، وقد يستمر لسنوات طويلة جداً إذا لم تتغير الظروف الدولية أو المحلية وهو ما سيحتاج إلى سنوات طويلة جداً إذا ما حدث، وعندئذ قد تتغير المعادلة لصالح أحد الأطراف. لكن الواقع يفرض تسوية ما بين الأطراف المتصارعة على المدى القريب وإلا فإن الصراع سيمتد إلى سنوات طويلة أخرى غير محمودة عقباها كما بيّنا.

سواء أكان مسار الأحدث سيطول أم سيقصر بتسوية ما، فإن الحل هو نفسه، وقد استبعدنا الصراع التناحري الأبدي الإلغائي بين عناصر الصراع لأسباب شرحناها، فإن الحل الوحيد هو التسوية السياسية، ولنكن دقيقين، التسوية الاقتصادية بين الأطراف المتصارعة على الغاز وطرق إمداده في الشرق الأوسط، وما يستتبعه بالضرورة تسوية سياسية دولية وإقليمية ومحلية داخلية. وهنا بالذات نستطيع تشبيه الحل –الوحيد- في سوريا بما حدث في نيكاراغوا أواخر الثمانينيات.
ما هو النموذج النيكاراغوي؟
قامت في القرن المنصرم ثورة ضد نظام الحكم الدكتاتوري النيكاراغوي ترأستها جبهة التحرر الوطني الساندينية أفضت إلى إسقاط نظام عائلة سوموزا عام 1979 الذي حكم نيكاراغوا لخمسة عقود بدعم أمريكي كامل.
لكن فلول النظام السابق نظموا أنفسهم بدعم أمريكي تحت اسم "كونتراس" لتبدأ في محاربة النظام الجديد، واستمرت الحرب ما يقارب 10 سنوات خلفت أكثر من 30 ألف قتيل، قبل أن تبدأ المفاوضات بين المعارضة والكونتراس بشكل رئيسي من جهة، والنظام السانديني من جهة أخرى في عام 1988-1989 أدت إلى دمج المعارضة المدعومة أمريكياً في النظام السانديني الحاكم بعد أن تم تجريد العناصر المعارضة من السلاح، وتم الاتفاق على انتخابات حرة ليقرر الشعب مصيره.
هذا المثال التاريخي يثبت أن ما دامت التوازنات الدولية والإقليمية حالياً على هذه الشاكلة، فإن سقوط أوا استمرار النظام السوري لا يعني نهاية الصراع كما يدعي المعارضون السوريون والأنصار النظام على التوالي.
إذا إن سقوط النظام يشكل بداية دموية جديدة قد لا تقل عنفاً ودماراً عن سابقتها، واستمرار النظام لا يعني أنه سيقضي على العناصر المسلحة ومن ثم ينتهي الصراع، بل سيستمر الصراع إلى أجل غير مسمى تبعاً أولاً للتوازنات الدولية والإقليمية الحالية وحالة النظام العالمي الذي بات الصراع بين أقطابه يشتد أكثر وأكثر وهو ما يدعم فرضية عدم قدرة أي طرف على الحسم في السنوات القادمة على الأقل سواء سقط، كما قلنا، أم لم يسقط النظام.

لذلك على السوريين، أولاً، إدراك أن الصراع العسكري المسلح، والمتمثل بين نظام ديكتاتوري فاسد، وقوى معارضة ديكتاتورية تقدم معظمها أوراق الولاء بشكل علنيٍّ إلى قوى إقليمية ودولية لا تريد خيراً لا لسوريا ولا لشعبها، وهي القوى نفسها التي ساهمت مع النظام في إتجاه آخر بتحطيم الثورة وإفساد المعارضين بإغداق الأموال عليهم وشراء الولاءات.
لا أريد أنا أكون مثالياً، لذلك أقول بأن كل الدعوات للحوار وتقاسم السلطة والديموقراطية وعقد المؤتمرات والمصالحات لن يؤدِّ إلى إي نتيجة تذكر، فالدعوة للحلول لا تحرك ساكنا في عقول وقلوب المتصارعين، لكن النتيجة سوف تظهر عندما يدرك السوريون المتصارعون أنفسهم، والقوى الدولية والإقليمية المتصارعة على الأرض السورية بأن صراعهم عقيم لا فائدة ترجى منه أكثر مما تم من دمار وخراب وأن تقاسم السلطة-للأسف- هو الحل الواقعي والوحيد والأخير الي ستلجأ إليه كل القوى المتصارعة، ولو بعد حين، أي تبني النموذج النيكاراغوي وتحقيق المصالحة ودمج العناصر المعارضة في النظام وتحديد موعد انتخابات ليختار الشعب من يحكمه بعد إنشاء دستور يقر بحق الجميع في الحياة والحرية، وبالتالي يحقق الشعب السوري بعضاً من مطالبه بعد كل هذا الدمار والقتل والتخريب الذي طال الحجر والبشر.

لسوء حظ السوريين إن القوى العظمى لا تترك شعباً يقرر مصيره ولا أن يعيش بسلام وحرية وأمان خصوصاً في وطن مثل سوريا، التي باتت بعد اكتشاف حقول الغاز والنفط من أثرى الدول، ولمحوريتها في نقل غاز السعودية وقطر وإيران أيضاً، فإن ثقلها "الجيوقتصادي" كما أسميته، أكبر من أن تسمح الدول العظمى لسوريا والشعب السوري أن يتمتع به وحده، وبالإضافة إلى عدائية النظام لإسرائيل والولايات المتحدة، فما كان من هذه القوى إلا أن استغلت الحراك الديموقراطي الشعبي السوري لضرب الثورة والشعب من جهة، وإسقاط النظام السوري الداعم للمقاومة من جهة أخرى، وتدمير الدولة السورية والنسيج الاجتماعي السوري من جهة ثالثة لكي لا تقوم لسوريا قائمة يوماً ما.



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جون مل والمجتمع العربي
- البرجوازيون وتشويه الحقائق في المنهاج الفلسطيني!
- الدكتاتورية الذاتية تقاوم التغيير!
- متى يمكن الحديث عن وقوع ثورة عربية؟!...في مفهوم الثورة العرب ...
- حول الهجمة الإمبريالية على سوريا
- تذكير إن نفعت الذكرى!
- -لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان، يسقط يسقط حكم العسكر-
- المسار الثوري في مصر 5: المقاربات الدولية للأحداث
- المسار الثوري في مصر 4: صراع ذو أوجه وأشكال متعددة
- المسار الثوري في مصر 3: المجلس العسكري، رأس الحربة في الثورة ...
- المسار الثوري في مصر 2: ملامح خيانة الإخوان المسلمين للثورة
- المسار الثوري في مصر 1:تحديد مفاهيم ومرجعيات
- دينامية الثورة...في فهم دوافع الثورة
- تقويض أسس الدولة 3: في خصائص السلطة!
- تقويض أسس الدولة 2:الأمة، الإقليم، السلطة!
- تقويض أسس الدولة 1:تمهيد
- عقلية التأليه عند الإسلامويين!
- إسلام بدون مسلمين!
- العمود الفقري لأحداث سوريا ومصر!
- الثورة البرجوازية في العالم العربي والمقاربات التروتسكية!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد سعيد قاضي - سوريا..النموذج النيكاراغوي هو الحل الممكن!