( كؤوس المنافي)
من خزان الذاكرة – التسعينات-
بقلم : نضال حمد
تجمعي يا كؤوس المنافي, تجمعي على موائد الاغتراب, حول الكراسي ومع الشراب ..
إن رأسي ما عاد يحتمل العذاب ومل من كأسي ومن غيمة احتلت سماء السحاب..
ما عادت تحملني صنوف العيش في غيبتي,ما عاد رأسي يرتكز على رقبتي, ما عادت هي نفسها تلك المقاهي وتلك الدروس الجامعية التي فرقتنا بعد امتحانات الحياة..
أما بنت أحلامي الذاهبة مع الفجر إلى سرير الأماني المبعثرة على قارعة طريق الثورات المهزوزة, لا زالت تجعد شعرها الأملس وتصبغه بزيت الزيتون الجليلي, زيت سيدنا المخلص المولود في أرض الرسالات المسروقة من رسائلها وحكاياتها..
ما عادت للكؤوس أمكنتها ولا للأمكنة كؤوسها المميزة, لقد كنت يا مقاهي الجامعة تجمعيننا وتفرقيننا على درس في الكأس وأخر في الجنس وثالث في المبادئ والقيم زمن العسس..
كان لكل علة أسباب ومن أسباب علاتنا أننا نداوي المرض بدواء فاسد ونعالج المريض بالطب العربي دونما إضافة من الطب الحديث, الطب الغربي.. لكل علة سبب ولكل حرب قضية فما قضية حرب الغرب على العرب عبر الصهيونية؟
لكل طائر عش ولكل إنسان وطن ألا العربي الحي فهو ميت في وطنه وحي في منفاه..
لكل الطيور أعشاشها وللبرتقال الحزين أحلامه.. لم تزل الحرب ماثلة في ذاكرة شجيرات برتقال يافا.. لم يزل جنون الإنسان عالقا على أغصان أشجار الزيتون في فلسطين..
لم تزل أمريكا تقيم الدنيا وتقعدها لأجل إسرائيل فمتى تقوم الدنيا وتقعد من أجل فلسطين؟
سنقيم الدنيا الفلسطينية ونقعدها على حجارتنا, سنسقط ورقة التوت التي تستر عورات دولنا, سنجعل السجون قبورا للظلام البشري وسندفن تاريخ القهر في قبور موتانا, سندمل أحلامنا بتراب المدينة المسلوب من بحرها المباع للشركات الاحتكارية الكبرى..
سنسقي النهر من ماء البحيرات المتحررة من الجبال الشاهقة..
سنبني دولة الحب للعشاق من كل الجهات الباقية في اتجاهاتنا عالقة..
أيها النهر الباقي كقبلة عائمة في محيط الحب الممتد إلى ما لا نهاية,أجرف الزوائد التي تجدها في طريقك القسري وزدنا قوة, أن زماننا الحاضر أسقط كل الأقنعة الزائفة, كسر كل الكؤوس الفارغة, وجعل للعقل لسانا يحكي في زمن الصحو الحقيقي..
****
أن خيروني بين السكر والصحو,هذا أن خيروني فعلا! ما اخترت غير الأخير لأنه مثل الجو, صافيا يأتي بعد مطر شديد وعواصف تعصف بكل ما شئنا وما كنا نريد..
-
فتاة أنت من زهر الربيع الذي تفتح في بطون النسوة الجميلات فولد فتيات حسناوات جعلن الجنة العدنية على عتبات المساكن الجامعية.. أنت فتاة والعمر أمامك مساحة اختبارات وتجارب ومحطات لعنة وأخرى حسنات.. جربي , جربي إذن ما شئت من الجبال الواقفة تتحدى الملذات من عل.. و ابدئي بهذا الواقف أمامك كأنه ظلك يلازمك ولا يفارقك ..
أضحكي ولا تبكي, ابتسمي ولا تشكي, و افتحي الطريق للنسيم الربيعي القادم من ثلاجة الشتاء الغاربة. حددي نقطة الضوء المظلمة في ليلنا الممتد من غراميات أمرؤ القيس إلى مغامرات زوربا و زعرنات راسبوتين راهب النساء والجنس ..
وكوني النجم الذي يزيح القمر في حلم ليلة ربيع, كوني نقطة الصفر ونقطة التكوين ونقطة البدء .. تمايلي على جانبيك ولا تميلي عن نهجك الباقي على جهته المعهودة.
رأيت في متعة الدخول والخروج من نفقك المظلم ما لم أره في أنفاق بلادنا المظلمة.
رأيت الجغرافيا ممزقة بأقلام الجهلة ومملوءة سخافة..
رأيت الفكر الحديث أقوى من كتب الاشتراكية المهملة, تلك النظرية الناجحة التي هزمتها أحزاب ودول عابرة في مراحل سوداء عاقر.. رأيت الحرية مداسه بجزم الجنود والمخبرين في بلاد الجيوش الحمراء والبيضاء التي هزمت أعداء الإنسانية والمساواة..
أنت يا فتاة بنات أفكاري, عبرت على وسادة أحلامي ولم تعبري الشرايين ولو مرة واحدة..
//////////////////////////////////////
عجوز على الدراجة وأطفال خلفها يتدرجون ..
ترى من جعل العاقر تلد البتول,المحبة والممارسة أم العلم والهرمون ؟؟
-
هي الأرض زودوها بالمطر كي ينبث الزرع فوق مقابر التتار.. كي ينمو الزهر في بلادنا المتعبة من السهر على راحة القمر..
هو القلب لا تسجنوه في محبتكم القاتلة, ولا تسحبوا من هويته الصورة الشخصية واللام الشمسية أخت القمرية..
اتركوه حرا في سجنه المفتوح على الإلحاد والأيمان, وخذوا مني شراييني والأوردة التي تيبست بفعل جفاف أفكاركم وتقحل دروب السفر معكم في رحلة واحدة..
هي أمسية,هي أمنية والبقية الباقية منا علقوها نجوما على سمائكم و اجعلوها ورودا في حقولكم وعلى أضرحة قبوركم, عل الدنيا تزيل الغم من صدورنا وصدوركم وتصبح الحياة جميلة مثل أغنية في كلماتها تكمن الأمنية..
-
أمزق المأزق بمحارم الأنف الناعمة, مثل طفل تمزق جلده الحفاظات الأنعم من ريش النعامة..
-
يبقى النذل نذلا حتى لو قالوا أن طعمه عسلا
ويبقى النجس نجسا وطعمه مثل العلقم حتى لو غسلوه بماء زمزم..
-
قالت لي الكلمات
اجعلني جملة قصيدة !
قلت لتلك الكلمات الشبيهة بالبنات
سأجعل منكن جملا مفيدة
و من جدائلكن غزل بنات,
أوزعه على أصدقائي..
قالت لي الكلمات!
لا مكان في الحياة , للاهثين خلف الحلويات والجميلات,
قلت للكلمات الفاتنات
كل الأمكنة سواء ما دمتن هناك وما دمنا معكم في المسرات والملذات, سيئات وحسنات..
-
مثل الرمان لا نذبل سريعا, وكلما زادت درجات الحرارة, ازددنا مرارة, مثل سفرجلة تحت شجرة محتارة..
-
عيناك تاريخ أيار
وأيار شهر ميلادي ثم ميلاد حبنا بعد طول انتظار..
عيناك مرجعية قلبي وحوزته الغرامية, قاموس كلماتي ودفتر أفكاري الحبية..
كلما أمعنت النظر بعينيك أحببتك أكثر وأكثر..
من نظرة عينك سكرت ومن نظرة الأخرى رأيت أيار يسكر في أيار..
-
قال الشعراء أن الشعر زميلهم وقت الشدة وزميل كل إنسان ينطق الشعر دون أن يدري أنه شاعرا. وقالوا لنا في مدرستنا الأولى أن أيام السعد تولد شعرا كما أيام الشقاء.. مثلا أنا في شدة وضائقة, فقد رأيت في التلفزة قبل بدء أم المعارك مشهدا عن العراق يحرق القلب ويثير الشفقة على البشر, رأيت جنديا يقبل يد الجنرال, ثم عدت ورأيت مشهدا آخر من عاصفة الصحراء, يستسلم فيه الجنود بالجملة.. كان الفرق بين المشهدين أيام قليلة وضحايا بالآلاف وبلاد عربية قاتلت نفسها على رمال الكويت والسعودية وفي العراق ..
-
ضاع الحلم العربي في صحراء النفط والعرب
كيف يضيع حلم أمة كاملة في لحظة غضب ؟
سأل العقل روحه الشاردة, فراحت الأفكار تهرول مثل فراخ دجاجة باركة..
في مزرعة جدي لم تقم دولة فراخ من صراخ الصيصان الصغيرة, لا في حاضر القرية ولا في ماضيها.. لكنها قامت في الوهم فضاعت كما ضاع الحلم..
أريد أن اشرح لكم سر ذاك الحلم الذي فشل لكنني أستصعب سرده بدون مساعدة .
كان يا ما كان في الجامعة العربية عشرون دولة ونيف.. ثم في لحظة فقدت الجامعة عضوا من أعضائها فدبت الخلافات بينهم وتفرقوا وطال سواد ليلهم, فاستدعوا أمريكا لتحل مشاكلهم بطريقتها المعروفة. جاءت أمريكا ولم تعد, عادت الدولة العضو ولم تعد الجامعة جامعة كما كانت ولم يعد البلد الذي ألغى جاره كما كان بل صار في خبر كان بعدما خذله أصحابه وتحالفت ضده بقية العالم والجيران..
* أوسلو ( كتبت بداية التسعينات في بولندا وألمانيا )