أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رياض حمزة - - التكنوقراط- العراقيون















المزيد.....

- التكنوقراط- العراقيون


محمد رياض حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 4560 - 2014 / 8 / 31 - 10:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنُعَرِّف أولا بهذه المفردة المعربة ( Technocrats ) " التكنوقراط " أسمُ جمعٍ للسياسيين الاختصاصيين الفنيين في مختلف العلوم الاقتصادية والإدارية ( موسوعة ويبستر الأمريكية) ، هذه المفردة أخذتها اللغة الإنكليزية عن اللغة الفرنسية ودخلت قواميسها منذ عام 1932 ، وسبق أن تناول الكُتّاب باللغة الإنجليزية المعنيون بالسياسة مفردة ( Technocracy ) وأطلقوها على الحكومة المؤلفة من التكنوقراط . وأصل المفردة بلفظ ( Technikos ) إغريقية وانتشر استخدامها في اللغات اللاتينية منذ عام1817 . وتدولها الكُتّاب المحدثوث باللغات الأوروبية كلها منذ خمسينات القرن العشرين ، في تحليلاتهم وتقييمهم للأداء الحكومي في أوروبا والأمريكيتين ، ليخلصوا إلى حُكمٍ مسلم به مبرهن " إن التطور الاقتصادي المتواتر والذي مهد للثورة التكنولوجية ولرفاه شعوب دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان ، ما كان سيتحقق إلاّ بحكومات قادتها من التكنوقراط.
يوجه التكنوقراط العراقيين الخطاب للقيادات في العملية السياسية ولقادة الأحزاب والتحالفات والتكتلات .. وغيرها ، أنْ ينظروا إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان بما هي عليه من الإستقرار ورفاهية شعوبها وما تقدمه هذه الدول للإنسانية جمعاء من خدمات جليلة في مقومات الحياة كلها فضلا عن ضمان أوسع الحريات التي يتمتع بها مواطنو تلك الدول.
شعوب هذه الدول سبقت معظم دول العالم وأدركت أنّ الساسة التكنوقراط هم الأفضل لإدارة الموارد البشرية والمادية ــ الطبيعية والمالية ـــ فنتج عن ذلك الانسجام بين مجتمعات هذه الدول وبين قادتها ـــ حكامها ، من مواطنيها التكنوقراط الذين أنجزوا التطور المتوالي في العلوم والفنون والآداب ، مُوَظِفين خبراتهم المتخصصة في إدارة الموارد البشرية والطبيعية والمالية لتحقيق أفضل النتائج في التنمية الاقتصادية. وبفضل معظم منجزات العلم والتكنولوجيا " الأوروبية ــ الأمريكية ــ اليابانية " تعيش معظم شعوب العالم بيسر و برفاهية ، ويكفي أن نذكر أن متوسط عمر الإنسان زاد من 50 ــ 60 سنة قبل قرن ومن الزمن إلى 70 ــ 83 سنة في بواكير القرن الحدي والعشرين ولعدد غير قليل من شعوب العالم المتقدم ، وتحقق ذلك بفضل التكنوقراط.
شهد العراق نظام حكم وليد للتكنوقراط في العهد الملكي ( 1921 ــ 1958) ، وفي النظام الجمهوري الأول ( 1958ـــ 1963) حاول التكنوقراط تعزيز النظام السياسي فأسقطهم حفنة من المغامرين المتخلفين عام 1963 اللذين توالوا على حكم العراق حتى تسببوا بإحتلاله عام ( 2003) .
اليوم يوجد خطر محدق بالعراق بوجود البهائم الدواعش الضالة وحفنة من مناصريهم في شمال الوطن وغربه ، ولا خوف على العراق ، فالتاريخ يُدَوِّن وعبر قرون ، أن أرض العراق كانت كَرّاً وفَرّاً بين أهله والغزاة، وكانت ثرواته الطبيعية بوفرة مياهه وخصوبة أرضه وموقعه تسوغ بقاءه، فمصلحة العراقيين جمعيا بقاء العراق موحدا. غير أن وحدة العراق لا يمكن إنجازها بالصيغة التي أديرت بها البلاد منذ 2003. حيث تواصل تغييب التكنوقراط عن إدارة البلاد لصالح رموز المحاصصة على أسس طائفية حزبية . وإن إستمر الحال فلسنين مقبلة أخري سيتواصل التخلف والفساد وسرقة المال العام ، إذ كان القائمون عليها ، وإن حَسُنَتْ نياتهم أو خَبُثَتْ ، فلم تكن لهم الدراية في إدارة الموارد البشرية والمادية للبلاد ، فكثيرا ما مرر عليهم المغرضون السُرّاق عدداً غير قليل من الصفقات الزائفة بأسماء شركات وهمية ، والنتيجة هدر للمال العام لصالح من نهب وتوارى أو لجيوب بعض من هم في مواقع المسؤولية وهم من اللصوص.
من خلال مقارنة بين إدارة وزارة النفط العراقية وبين أي وزارة عراقية أخرى ، يمكن القول أن وزارة النفط هي الأنجح إدارة بين الوزارات الأخرى ، إذ يديرها عدد من التكنوقراط الذين خبروا أدق تفاصيل متطلبات القطاع النفطي الذي يمول 95% من الموازنة السنوية للدولة العراقية ، وإن قدرات العراق في إدارة نفطه الإنتاجية والتصديرية والتكريرية في نمو متواصل رغم كل المعوقات.
بعد استتباب الثورة الصينية 1949 تبوأ "ماو تسي تونغ" الحكم ومعه عدد من القيادات الثورية السياسية والعسكرية ، أدرك القادة الصينيون أن بلادهم الأكبر سكاناً عدداً بين يدول العالم و برقعة جغرافية لما يقرب من عشرة ملايين كيلو مترا مربعا لن يتمكن من إدارتها الحزبيون الثوريون ، فمعرفتهم قاصرة عن كيفية إدارة الصين الجديدة ، وقبل نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي وفي عهد "دينج تشياو بينج" تم في إرسال البعثات إلى الدول الغربية لتعلم الهندسة والاقتصاد وطرق الإدارة الحديثة ، وبعد بضع سنين عاد إلى الصين جيش من التكنوقراط الذين تزودوا بالخبرات الغربية في إدارة الموارد البشرية والمادية وطوروها بواقعية محلية لحل مشاكل الصين الشعبية . ، وكانت انطلاقة البلد الذي كان يوما يضرب بشعبه المثل بالانعزالية والتخلف فتمكن التكنوقراط الصينيون من نقل الصين من مجتمع زراعي بحت إلى مجتمع صناعي بأعلى إنتاجية . ومنذ منتصف ثمانينات القرن الماضي فإن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني - وهي أعلى هيئة في صنع القرار ــ فإن معظم أعضائها من التكنوقراط ، كما حرص القادة الصينيون أن يكون كل نوّاب الشعب الصيني من التكنوقراط.. وأصبحت المجموعة الحاكمة في الحزب الشيوعي والحكومات المحلية من التكنوقراط . فالمجموعة الحاكمة في الصين هم حاليا من أكثر السياسيين على مستوى العالم النابغون في العلوم الهندسية والاقتصادية والإدارة، وتعليمهم كان بصفة رئيسية في العالم الغربي، ولا يزالون يرسلون البعثات إلى أحسن كليات الاقتصاد والعلوم والهندسة في بريطانيا , و الولايات المتحدة الأمريكية لاكتساب المعرفة وإدخالها إلى الصين الشعبية. يذكر أن جامعتي "هارفارد " و " أم آي تي"
وهما الجامعتان الأمريكيتان من بين أكثر جامعات العالم شهرة ورصانة في العلوم الهندسية والاقتصادية والإدارية يدرس فيهما حاليا المئات من الصينيين وتحديد في مراكز البحث والتطوير.
ولعل ماليزيا مثال آخر على حكم التكنوقراط الذي سبق الصين، فمنذ عقد الستينات من القرن الماضي تمكنت ماليزيا من النهوض تقنيا وإقتصاديا وهي اليوم في طليعة الدول الصناعية ، التي خرجت من أسر التخلف لتصبح إحدى مجموعة الدول المتقدمة ، وهي الدولة المسلمة الوحيدة بين هذه المجموعة، ويقوم اقتصادها على التنوع بالرغم من أن سكانها مكوّن من مختلف الأعراق واللغات والعادات والتقاليد والأعراف. فماليزيا اليوم دولة صناعية متقدمة، إذ يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وحيث بلغت نسبة صادراتها من السلع المصنعة 85% من إجمالي صادراتها، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في طرقاتها، وأصبحت من أنجح البلدان في جنوب شرق آسيا، وتعد من دول العالم الصناعية وإن تداولات سوق الأوراق المالية ( سوق الأسهم والسندات .. وغيرها ) في "كوالالامبور" من الأسواق المؤثرة في حركة الأسهم في آسيا.
وبالعودة إلى العراق فإن حكومة تكنوقراط هي السبيل لإنجاز التقدم وإدارة موارد البلاد على أسس المعرفة والخبرة . وأخالف رأي من يقول"أن الوزارات هي مناصب سياسية، لا تتطلب الخبرة والتخصصات التكنوقراطية " . بل هي كذلك ، فالوزير غير المتخصص في شؤون وزارته وليس لديه الخبرة في إدارتها يمكن أن يمرر عليه الكثير من التلاعب المغرض ممن حوله من موظفيه ،و ما أكثر المفسدين .
والمتوقع أن يتم تغليب " متطلب الشراكة " في التشكيل الحكومي برئاسة الدكتور حيدر العبادي ، وأن تأخذ " متطلبات المصالحة" مداها ، لنشهد حكومة ساسة وليس تكنوقراط ، إذ أن معظم قيادات ورموز العملية السياسية هم المتنفذون اليوم و منذ 2003.



#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى المُسيئين للتأريخ العربي الإسلامي
- فقط ... من أجل حكومة عراقية مقتدرة مُهابة
- الصين تسأل الغرب: حقا... ما الذي تريدوه منّا ؟
- في الأول من أيار 2014 ... (202 )مليون مُعَطل عن العمل حول ال ...
- من - هوليوود- إلى معظم البيوت في العالم
- المبالغة تسيء للحقائق
- تحولات نظم الاقتصاد الرأسمالي
- مفردة -الثقافة - بين رفعة المعنى والإسفاف اللغوي
- قبل الانتخابات البرلمانية ... وبعدها
- رؤية في تطلعات الكرد العراقيين
- مأساة اليسار العراقي
- هل تحول الإسلام إلى دين للقتل ؟


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رياض حمزة - - التكنوقراط- العراقيون