أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مسعود محمد - فاروق مردم بيك يتحدث عن الثورة السورية وفلسطين وعلاقته بسمير قصير وأفق اليسار















المزيد.....

فاروق مردم بيك يتحدث عن الثورة السورية وفلسطين وعلاقته بسمير قصير وأفق اليسار


مسعود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4560 - 2014 / 8 / 31 - 03:51
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


فاروق مردم بيك الثائر على الأنظمة منذ بداياته رفض التقوقع، وأحب فلسطين كبلده سوريا وأعطاها كما أعطى سوريا، وأراد لها ولكل العالم العربي الحرية، حرية الانسان، وحقه بالتعبير عن ذاته. رافقه سمير قصير برحلته الباريسية، وحملوا هموم فلسطين، ورسموا طريق العودة إليها حرة، آخر جوائز النظام السوري له وضعه على لائحة المعارضين المطلوب مصادرة كلمتهم، تهمته الأزلية حبه للحرية، ورغبته بعالم عربي حر. الحوار معه طال سوريا وفلسطين واليسار وعلاقته بسمير قصير، انه وسام الحرية، وحامل قضيتها.

اين أصبحت الثورة السورية اليوم؟

حديث الثورة السورية اليوم يحتاج إلى مراجعة الكثير من التحليلات السائدة عن أسبابها المباشرة و غير المباشرة و قواها الفاعلة و تطوّراتها. و لا بدّ لفهم ما جرى من بحث أوّلي في التحوّلات الديموغرافية و الاقتصادية والاجتماعية العميقة في البلاد ، و التي أدّت إلى تهميش قطاعات واسعة من الشعب في الريف و المدينة و إفقارها و إذلالها. و لا بدّ أيضاً من التشديد على أنها انطلقت في ظروف إقليمية و دوليّة معقدة لم تكن أبداً لصالحها. و قد تبيّن منذ الاشهر الأولى أنّ حلفاء النظام جدّيون و متماسكون و أنّ من سمّوا أنفسهم" أصدقاء الشعب السوري"، و أعني بالذات القادرين منهم على مناصرته بصورة فعّالة، ليسوا على استعداد لتجاوز الدعم المعنوي و الدبلوماسي، بعكس ما كان يتوقّعه بعض الذين نصّبوا أنفسهم متكلّمين شرعيين باسمه. و يمكن تفسير هذا الموقف بعدّة أسباب، منها المصلحة الإسرائيلية في استمرار الاقتتال في سورية بغرض إنهاكها، و منها سياسة أوباما الخارجية بشكلٍ عام و خشيته بشكلٍ خاصّ من توريط الولايات المتحدة من جديد في الشرق الأوسط، و منها معارضة قطاع واسع من الرأي العام العالمي لأيّ تدخّل خارجي بالنظر إلى أكاذيب بوش عن العراق و نتائج الغزو الأميركي سنة 2003 و الوضع المتردّي في ليبيا بعد سقوط القذّافي. و كانت روسيا، حليفة النظام، على النقيض من ذلك، بانتظار فرصة تسنح لها لتثبيت موقعها كدولة عظمى، و لم تتخلّ عن بشار الأسد حتّى في مناوراته التكتيكية. هذا، مع اعتقادي بأنّ الولايات المتّحدة لو تدخّلت بعد الجريمة الكيماوية في الغوطة ( وهي لم تكن جادّة أبداً في تهديداتها ) لحرمت بوتين من الاستفادة من هذه الفرصة و من الفرص التي تلتها. أما على الصعيد الإقليمي، فلا يُمكن بأيّ حال مقارنة التدخّل الإيراني الكثيف و المجدي إلى جانب النظام مع التدخّلين السعودي و القطري اللذين أدّيا إلى استتباع المعارضة "الرسمية" و ترسيخ انقساماتها، و إلى مشاركة النظام في تطييف المعركة و تحويل الثورة إلى حرب أهلية. ربّما كانت الدولة الوحيدة القادرة على دعم الثورة بقوّة هي تركيا، و لم تفعل - بغضّ النظر عن استقبالها اللاجئين بشروط أفضل من الدول العربية المجاورة. و ساهمت هي أيضاً في تفتيت المعارضة بتحالفها مع قطر و مناصرتها الإخوان المسلمين منذ تأسيس المجلس الوطني.

لماذا لم تنجح الثورة السورية؟ وما هي معوقات نجاحها ؟

المشكلة الكبرى في نظري كان العجز الفاجع عن بلورة قيادة سياسية موحدّة على الأرض. أعرف، و كلّ المحلّلين يعرفون، أنّ الأحزاب و التجمّعات المعارضة في سورية كانت قبل الثورة ضعيفة و مهمشّة، و لكن لم يكن ببال أحد أن يستأثر بتمثيل المعارضة هؤلاء الذين فقدوا مصداقيّتهم، و أفقدوا الثورة مصداقيّتها، امام العالم حكوماتٍ و شعوباً، بسبب تناحرهم و ارتهانهم، و رفضهم اتخاذ موقفٍ صريح من أسلمة الثورة و "تسنينها" على يد الجماعات الجهادية، و تناقض أقوالهم و أفعالهم مع تطلّعات القوى الجديدة التي أطلقتها الثورة من عقالها. و يبدو لي أنّ كلّ ما جرى بعد عسكرة الثورة نتيجة مباشرة لانعدام القيادة السياسية. كان كلّ السوريين المناصرين للثورة بإخلاص يتمنّون أن لا تتعسكر، و لكنّها كانت أمنية مستحيلة بسبب طبيعة النظام، الذي يُشبه احتلالاً أجنبياً غريباً غربةً مطلقة عن الشعب، و مستعدّاً فعلاً لتأبيد وجوده بتدمير سورية حجراً حجراً، و لأنّ زج الجيش في قمع المتظاهرين كان لا بدّ من أن يؤدّي إلى انشقاق أعداد كبيرة من الضباط و الجنود. و لم يكن هؤلاء و لا من انضمّ إليهم من المدنيين مُعدّين بأيّ شكلٍ من الأشكال للمعركة التي فُرضت عليهم فرضاً، و خاضوها بصورة عشوائية، دون قيادة موحّدة، و دون استراتيجية. و مع ذلك، و رغم الفوضى في صفوفهم، تمكّنوا من السيطرة على مناطق شاسعة، و لو توفّر لهم السلاح النوعي لما كان باستطاعة النظام استعادة بعض مواقعه – و هو لم يستعدها إلّا بأفضال إيران و حزب الله - و لما تمكّن الجهاديّون من ترسيخ وجودهم على حساب الجيش الحرّ.

ما هو الحل؟ وما المطلوب لدعم تلك الثورة اليتيمة التي ليس لها الا الله كما هتف الثوار؟

نحن الآن في مأزق، و لا مخرج منه إلّا بتدخّل دولي جدّي، و كلّ كلام عن مفاوضات مع النظام لن يؤّدي إلى نتيجة إلّا إذا كان القائل مدعوماً بقوى دولية لم تعد تتحمّل بقاء الأوضاع على ما هي عليه. أنصار النظام يقولون: نحنُ او داعش. و الداعشيون لا يقولون شيئاً بل يتمدّدون على حساب قوى إسلامية و غير إسلامية. و خلاصة الأمر أنّ سورية فريسة النظام و داعش معاً، و ستبقى على هذه الحال بضعة أشهر أو أكثر إلى أن تقرّر الدول العظمى أنّ مصالحها الأساسية في المنطقة تستدعي سياسة مغايرة للسياسة التي اتّبعتها حتّى الآن. ساجلت الكثيرين خلال السنوات الثلاث الأخيرة من أنصار التدخّل الدولي و من الذين تذرّعوا بمعاداتهم للتدخّل لتبرير مواقفهم المائعة، مقتنعاً من أنّهم واهمون كلّهم في اعتقادهم أنّ الدول الغربية تريد إسقاط النظام بأيّ ثمن، إلّا إذا صار حملاً لا يُحتمل. و ليس فيما نعيشه أي سبب لتعديل قناعتي هذه.

سوري عربي فلسطيني الهوى فرنسي المنشأ من انت ما هي هويتك؟

ثمّة فوضى في المفاهيم قادنا إليها الفكر القومي العربي، و أهمّها تسييس مفهوم العروبة و تقديسه.
ليست العروبة اتجاهاً سياسياً بل هويّة ثقافية، و هي أهم مكوّنات هويتي الثقافية، و لذلك أشعر بإهانة عندما تُشتم بمناسبة و دون مناسبة. حاولت في كتاب " أن تكون عربياً"، و هو حوار بالفرنسية مع صديقي المؤرخ الفلسطيني الياس صنبر، أن أشدّد على التمييز بين القومية العربية العقائدية، على الطريقة البعثية بشكلٍ خاص، التي تناقضها وقائع التاريخ القديم و الحديث، و بين شعوري العفوي بأنّي عربي، و بأنّ عروبتي تتقاطع، دون أيّ ايديولوجية قومية و دون تحميلها أبعاداً سياسية بالضرورة، مع عروبة العرب في لبنان أو في مصر أو في تونس. كما حاولت أن أبيّن أنّ هذا الشعور لا يتناقض مع السعي إلى بناء وطنية "قُطرية" عصريّة يشترك فيها العرب مع غير العرب في سورية و العراق مثلاً، أو في المغرب الأقصى و الجزائر، والهوية تحتمل التعدّد، كأن تكون سورياً و عربياً و مسيحياً أو سورياً و كردياً و مسلماً، إلخ.
أودّ أن أضيف أنه لو كانت الدول العربية دولاً ديموقراطية مستقلة، و كان رعاياها مواطنين بكلّ ما للمواطنة من حقوق و واجبات، لما كان الكلام على الوحدة العربية شعاراً فارغاً يجترّه القومجيّون و يتندّر به الآخرون، بل مشروعاً عقلانياً كمشروع الاتحاد الأوروبي، قابلاً للتحقيق تدريجيّاً، على أن تكون دعامته الأساسية المصلحة المشتركة لأنّ القربى الثقافية و العواطف القومية لا تكفي. و لكنْ أين نحن من كلّ هذا في هذه الأيام ؟
إلى ذلك، يجبُ أن ندرك أنّ ثقافة بلادنا حتّى سقوط الدولة العثمانية ثقافة امبراطورية، و أنّ ما كان يُحدّد الهويّات الفردية و الجمعية هو الدين قبل كل شيء آخر. و لم يبرز الانتماء القومي أو الاثني كأحد المكوّنات الرئيسية للهويات إلّا في أواخر القرن التاسع عشر، و في ظروفٍ معقدة. و من يدرس ذلك العصر دراسة موضوعية يدرك التداخل بين الانتماءات العثمانية و العربية و الإثنية و المحلية و الطائفية في غضون الحرب العالمية الأولى و السنين العشر التي تلتها.
اما سؤالك عن "فرنسيّتي"، فأنا أقيم في فرنسا منذ 1965، و أعمل فيها منذ 1972، و حصلت على الجنسية الفرنسية سنة 1983. و لذلك لا أشعر بأيّ غربة عن المجتمع الفرنسي، و أحبّ اللغة الفرنسية و الثقافة الفرنسية، و أدّعي أني أعرفهما معرفة وثيقة، و أدلى بصوتي بانتظام في الانتخابات الفرنسية، و أتحمّس للفرق الرياضية الفرنسية، و أتمنى للفرنسيين كلّ خير، و لكنّي... لست فرنسياً !

هل ما زال اليسار حلا لفقراء العالم؟ وهل مازلت يساري الهوى؟ وما هو المطلوب من اليسار اليوم؟

لم أكن في يوم من الأيام، منذ بداية وعيي السياسي، إي منذ سنيّ الدراسة الثانوية، إلّا يسارياً ! كنت قبل مغادرتي دمشق سنة 1965 للدراسة في فرنسا صديقاً للحزب الشيوعي، و لكن دون قناعة بخطّه السياسي و تبعيّته للاتحاد السوفييتي. و في فرنسا، اطّلعت على مختلف التيّارات الماركسيّة – و كانت فرنسا آنذاك مختبراً فكرياً نادراً – و انقطعت علاقتي نهائياً بالحزب الشيوعي السوري و بكلّ ما يمتّ بصلة إلى الاتّحاد السوفييتي، و بالأخص بعد ثورة 1968 الطلّابية-العمّاليّة. كانت الصين الشعبية تبدو لقطّاعِ واسع من المثقّفين الفرنسيين قلعة الاشتراكية الحقيقية، و ذلك من خلال إسقاط أفكارهم على ما كان يجري في الصين، أي الثورة الثقافية، باعتبارها نقضاً جذرياً للتجارب الشيوعية منذ الثورة البلشفية في روسيا. و لكن سرعان ما ظهرت حقيقة الثورة الثقافية و الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت في أثنائها، فلم تعد الصين مرجعيتي، أو بالأحرى إحدى مرجعيّاتي، السياسية إلّا في غضون ثورتها على الإقطاع و السيطرة الأجنبية و الرأسمالية الطفيلية. و لكني لم انتقل إلى " الضفة الأخرى"، بخلاف أغلب هؤلاء المثقفين الذين انتقلوا إلى الليبيرالية اليمينية، و منهم من صار فيما بعد من عُتاة "المحافظين الجدد". و في الوقت نفسه، بدأتْ شيئاً فشيئاً بالتبلور، بفضل التفاعل بين التيّارات اليساريّة المختلفة و مواكبة تطوّر العلوم الاجتماعية و الاهتمام المتزايد بحماية البيئة من منظور نقدي للرأسمالية، مفاهيم جديدة للصراع الطبقي و الثورة. و قد تابعت بحماسة تبلور هذه المفاهيم و أعتقد أنها جوهر الفكر اليساري في عصرنا.
ما تعلّمته من كلّ ذلك في السبعينات و الثمانينات و بقيت عليه هو ضرورة التمسّك بالأصل، و الأصل في الفكر الاشتراكي بنظري هو أن تُقرن المساواة بالحريّة، و الحرّية بالمساواة، و إلّا فلا مساواة و لا حريّة. بهذا المعنى، لا أعتبر من لا يُدافع عن الحريّة في كلّ مكان يسارياً. و اعتقد أيضاً أنّ فكر ماركس، و لا أقول الفكر الماركسي- اللينيني الذي تحوّل إلى عقيدة إيمانية، هو الأداة الأولى – و إن لم تكن الوحيدة – لفهم العالم المعولم الذي نحن فيه، و الذي استفحلت فيه الرأسمالية المتوّحشة و تعمّقت الهوّة بين الطبقات الاجتماعية.

سمير قصير من هو بالنسبة لك؟

تعرفت إلى سمير سنة 1983، و كان آنذاك يشارك في تحرير نشرة عن المقاومة اللبنانية الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي. و نشرنا له سنتها مقالة في مجلة الدراسات الفلسطينية ( الفرنسية اللغة) التي كان بدأ إصدارها قبل عامين، و كانت مقالته عن تغطية الاجتياح الاسرائيلي في الصحافة الفرنسية. و توطّدت العلاقة بيننا بالرغم من فارق السن ( كان في الثالثة و العشرين من عمره و كنت على مشارف الأربعين)، و اشتركنا خلال ثلاث سنوات في تأليف كتابٍ جامع يقع في ثمانمائة صفحة بعنوان " مسالك بين باريس و القدس: فرنسا و الصراع العربي- الإسرائيلي، 1917- 1992"، مما جعلنا نلتقي كلّ يوم تقريباً. أعتقد أن السبب في صداقتنا المتينة، بالإضافة إلى " الكيمياء" الشخصية التي يصعب تفسيرها، كان منذ البداية حماستنا للمقاومة الفلسطينية و للمعارضة الديموقراطية في سورية.
فُجعت يوم اغتيل سمير كما لم أفجع في حياتي بفقد صديق، و ما زلت في حدادٍ عليه، بعد تسع سنين من ذلك اليوم المشؤوم، و أكاد أبكي كلّما ذُكر اسمه. كتبت مرّة أنّ الناس كانوا يعتقدون أنّه أخي الصغير بسبب افتخاري بذكائه اللمّاح و بموهبته في الكتابة التاريخية و الصحفية على السواء و بجرأته، و بسبب ما كنت أبديه نحوه من حنانٍ و تفهّم حتّى حين كان أقرب أصدقائنا يأخذون عليه اعتداده بنفسه، و لكنني أحسستُ فعلاً يوم استشهاده أنه هو الأخ الأكبر.

ماذا عن اكراد سوريا والمنطقة كيف تنظر اليهم والى دورهم في سوريا والمنطقة؟

كان أحد أقرب أصدقائي في دمشق كردياً، و كنت ألتقي بأكرادٍ شيوعيين و بأبناء أو بنات بعض أعيان دمشق ذوي الأصول الكردية، و لكن لا أذكر أنّ أحداً منهم ( كان هذا في النصف الأول من الستينات) ألحّ أمامي بصورةٍ أو بأخرى على خصوصيّته القوميّة الكردية، حتى إذا تطرّق الحديث مع الأصدقاء الشيوعيين إلى الظلم الذي كان يعاني منه أكراد الجزيرة. تعرّفت بعد ذلك، سنة و صولي إلى فرنسا، إلى طالب سوري كردي من منطقة القامشلي كان يُجيد اللغة الكردية كما يُجيد المرء لغته الأم ، و يحفظ عن ظهر قلب قصائد من الشعر الكردي، و قد فاجأني بما رواه لي عنه و عن أهله و بلدته، و كان أحد الذين جعلوني أدرك إلى أي حدّ كنت أجهل جغرافية سورية و تنوّعها المجتمعي و وجود مسألة كردية جدية تستدعي حلّاً ديموقراطياً عادلاً. تابعت آنذاك أيضاً باهتمام نشرة كان يُصدرها مدرّس فرنسي مناصر للحقوق القومية الكردية، و كنا نتناقش فنتّفق أو نختلف، و لكنّ العراق كان موضوع أغلب المناقشات. على كلّ حال، صار من الواضح في نظري، في العقود اللاحقة، أن الهويّة الكردية تترسّخ تدريجياً على الصعيد السياسي في المنطقة التي يتواجد فيها الأكراد بكثافة، بتواصل مع الأكراد في العراق و تركيا.
أعترف أني لا أعرف اليوم بدقّة الخريطة السياسية الكردية لا في سورية و لا في الأقطار المجاورة، ولا يحقّ لي أن أحكم عليها إلّا من وجهة نظر وحيدة، هي موقفها من النظام السوري. مع ذلك، يبدو لي أنّ الحركة القومية الكردية، مثلها مثل الحركة القومية العربية، تعاني من التشرذم و المهاترات و المزايدات العقيمة. و لذلك أتعاطف دون تمييز مع الأكراد الذين يُناضلون من أجل حلّ ديموقراطي يضمن لهم حقوقهم كلها في إطار الوطنية السورية المدنية الجامعة. أما الشوفينيون الأكراد فلا يختلفون في نظري عن أندادهم الشوفينيين العرب في منطقهم و خطابهم و ما يُعلنون و ما يُخفون.
أُضيف بالمناسبة أنّي مُعجبٌ بالكتّاب و الشعراء السوريين الأكراد الذين يكتبون بالعربية و يعتزّون في وقت واحد بهويّتهم الكردية و وبوطنيّتهم السورية و يتضامنون مع القضايا العربية العادلة، و أوّلها فلسطين.. لهم أطيب التحية.

اين فلسطين اليوم من كل ما يجري حولها؟

لم يعد بالإمكان الكلام على المسألة الفلسطينية دون الكلام على مسألةٍ إسرائيلية مستعصية. هذا ما يؤكّده فشل جميع المساعي السلمية، كما أكّدته أيضاً في هذه الأيام أمام أنظار العالم أجمع بربرية العدوان الإسرائيلي على غزة. لقد توافقت الأغلبية الغالبة من الشعب الفلسطيني على حلّ سلمي، و إن لم يكن عادلاً، هو قيام دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي التي احتلّتها إسرائيل سنة 1967، و هو حلٌّ يتماشى مع قرارات الأمم المتّحدة و يؤيده الرأي العام العالمي. و لكن كلّ الممارسات الإسرائيلية على الأرض بعد توقيع اتفاقية أوسلو نسفت أسس هذا الحلّ، و كلّ إمكانية لسلام إسرائيلي- فلسطيني و إسرائيلي-عربي. إسرائيل بكلّ المعايير دولة مارقة، لا تأبه بالشرعية الدولية، و تبني لُحمتها الداخلية على استعداء محيطها، و تعرف أن الحلول التي تقترحها على السلطة الفلسطينية لا يمكن أن يقبل بها حتّى أكثر الفلسطينيين استعداداً للتنازل في أمور أساسية كالحدود و السيادة و القدس، و هي لا تقترحها أصلاً إلّا لكسب الوقت و هضم ما ابتلعته المستعمرات من أراضي الدولة الموعودة. و بما أنّ التيّارات الدينية و اليمينية المتطرّفة - و ليس من المبالغة نعتها بالفاشية - تزداد قوّة يوماً بعد يوم فقد أصبح من المستحيل الوصول إلى أيّ حلّ سلمي يتضمّن سيادة فلسطينية كاملة و لو على مائة متر مربّع من فلسطين.
و لكن هل تعني استحالة حلّ الدولتين أنّ على الفلسطينيين إعادة إحياء فكرة الدولة الثنائية القومية - مهما أطلق عليها لتسويقها من أسماء ديماغوجية ؟ قرأت عشرات المقالات التي كتبت حول الموضوع و ما زلت مقتنعاً بأنّ التخلي عن مشروع الدولة المستقلة خطا فادح لأنه يؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى القبول بصورة غير مباشرة بالمستعمرات و إلى التخلّي عن حقّ تقرير المصير دون أيّ بديل واقعي في الأفق المنظور. ثمّ من قال إنّ الإسرائيليين، بمن فيهم أكثرهم اعتدالاً، يتطلّعون إلى العيش في دولة ديموقراطية واحدة مع العرب الفلسطينيين ؟
المسألة الإسرائيلية – و التي تتلخّص في أن إسرائيل دولة استعمارية تبتزّ العالم بمظلومية مسلّحة بالأساطير التوراتية و الرؤوسٍ النووية - هي المسألة الكبرى في الشرق الأوسط، و هي التي تجدّد كلّ يوم الخطيئة الأصلية، أي إقامة دولة يهودية في فلسطين.



#مسعود_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وامعصوماه أدرك نينوى ... طرد المسيحيين ليس بإسلام
- حيفا وما بعد حيفا ... اين وعدك يا سيد حسن غزه تناديك
- ظهور الخليفه الداعشي إخراج متقن ... رسائل ودلالات
- سمير قصير ... الربيع بوجه خريف البطريرك
- وسام فايز ساره ... حكايته مع السلمية ... وسبب قتله
- مقابلة خاصة مع المعارض السوري الكردي عبد الحميد الحاج درويش
- نصرالله اكتشف انه أسد في الشام وذئب في الحولة ولبنان
- بشار وشبيحته ... تحليل بسيكولوجي لشخصيته
- لسوريا .... التشبيح ومعانيه
- سوريا ولبنان ... الفصل الأخير للتشبيح
- مشعل تمو ... الشعب السوري واحد
- سوريا ... ما بين حسين الهرموش والبطاركة الراعي وصفير
- المستقبل قرر المواجهة .. الحكومة، حزب الله، الجيش، المفتي
- الأسد سوريا مزرعة .. نصرالله سكرات الموت
- الرئيس ميقاتي ... تلفن عياش... من قتل المقاومين الوطنيين
- تل الزعتر، المسلخ، الرمل، ... الفاعل واحد
- المحكمة الدولية ... معطيات جديده
- للرئيس ميقاتي لم يفت الأوان .. عون سورية هادئة
- لكرد سوريا ... لا تكونوا حصان طرواده
- ابتسم أبو أنيس انها نسمات الحرية


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مسعود محمد - فاروق مردم بيك يتحدث عن الثورة السورية وفلسطين وعلاقته بسمير قصير وأفق اليسار