أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد ناجي .. الإبداع والألم














المزيد.....

محمد ناجي .. الإبداع والألم


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 09:20
المحور: الادب والفن
    



وصل إلي القاهرة الروائي الكبير محمد ناجي قادما من باريس بعد رحلة علاج استمرت لأكثر من عامين. أدهشني ناجي دوما برواياته العبقرية خافية قمر، ومقامات عربية، والعايقة بنت الزين وغيرها، ثم أدهشني كصديق بتكوينه الإنساني النادر. كتب ناجي على سرير المستشفي في باريس رائعته " قيس ونيللي" التي نشرت في جريدة التحرير ثم " سيد الوداع" وينهي الآن روايته " سيدة الماسنجر". لم تستطع وطأة المرض الطويل ولا العمليات الجراحية المتصلة أن تهدم عزيمة ناجي الأديب أو تسوقه إلي الاكتئاب أو فقدان الثقة في دور الكاتب ورسالته. لم يستطع البدن أن يخنق زهرة الروح بقبضة الألم. هذا رغم أن معظم الأدباء كائنات سريعة الاستجابة للحزن والاكتئاب. وبعض الصفحات التي كتبها العقاد تدل على إكتئاب صريح، وكانت مي زيادة من ضحايا ذلك المرض ، وأيضا عبد الرحمن شكري ، وصلاح عبد الصبور ، بل إن تحليل شخصية عمر الحمزاوي في رواية الشحاذ يؤكد تعرض نجيب محفوظ لهذه الحالة التي وصفها محفوظ بدقة من خبرها بنفسه. وفي تاريخ الأدب العالمي حالات مماثلة : إدجار آلان بو ، وموباسان ، وجوجول ، وألبير كامي الذي عاني قلقا مزمنا وذعرا من الأماكن الفسيحة، وهمنجواي الذي تلقى علاجا نفسيا طويلا قبل انتحاره، ورحمانينوف الذي أهدى أجمل مقطوعاته الموسيقية إلي طبيبه المعالج. وفي دراسة أجريت على مجموعة أدباء لأحد علماء النفس حول المرض والإبداع تبين أن 74 % منهم مصابون بالإكتئاب. لكن محمد ناجي يمضي على طريق جراهام جرين الذي قال إن" الكتابة أسلوب من أساليب العلاج"! يشفى ناجي خلال معركته من أجل انتصار الصورة على الأصل والخيال على واقع الحال. ويؤكد " هافيلوك آليس" في دراسة له أن الاستغراق في النشاط الإبداعي نوع من العلاج النفسي خاصة للأدباء الذين يمارسون عملا يحتاج إلي تركيز وتوتر شديدين. وكان همنجواي يكتب كل صباح لمدة ساعتين القلم في يد وكأس في يده الأخرى. وكان يتناول يوميا 17 كأسا من الخمر وينهي يومه بزجاجة كاملة. أما بيتهوفن فكان يتناول في بعض الأيام أكثر من ثلاثين زجاجة حبوب مهدئة! ولا ترجع أسباب ذلك التوتر والضغوط النفسية إلي طبيعة الإبداع فقط ، ولكن إلي السمات الشخصية المشتركة للمبدعين بصفتهم يتسمون بالاستقلال النفسي والفكري، وإلي أن الإبداع عملية تهدد استقرار النظم السياسية الحاكمة بأفكار ورؤى جديدة. وستظل الرواية المصرية والعريبية تذكر لناجي أنه ارتفع بها إلى ذرى غير مسبوقة بضفيرة من الشعر والخيال مشبعة بهموم الشعب وآماله ونماذجه الانسانية البسيطة، بدءا من روايته " لحن الصباح " حتى عمله الأخير. لم يفقد ناجي الأمل لحظة، ولم يروج لأمل زائف، ولم يكن يوما جزءا من جهاز الدولة الثقافي الرسمي، وعندما حل المرض بناجي كان الأديب الكبير مسلحا بإيمانه بدوره وثقته في أن " العزيمة تحرس الفضائل الأخرى كلها"، وأن عليه أن يهزم الألم بالإبداع. لقد انتصرت الروح العظيمة وجرجرت البدن إلي أعراسها، لايتوه اللحن من الطيور المغردة حتى وهي في قبضة الأوجاع.
...
أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة حين تكذب في مهرجان للمسرح
- مستقبل - على الريحة - !
- ضمائر على الضفة الأخرى
- العالم يسمعنا الآن ..
- حماس .. أم فلسطين ؟!
- إفطار رمضاني في معبد
- بالميرو - قصة قصيرة
- أدباء من معسكر القتلة .. على سالم ونصار عبد الله
- وحشة - قصة قصيرة
- التحرش بالنساء في مصر
- مهام صعبة أمام السيسي والمعارضة
- الثقافة والرئاسة في مصر
- البربشة الفكرية للأحزاب السياسية المصرية
- الأخلاقي وغير الأخلاقي في الفن
- تحليل المشاعر بالطريقة الأمريكية !
- أطلع لك القمر .. كل تقدمنا العلمي !
- سماء مفقودة - قصة قصيرة
- النوبة موقفان في السياسة والأدب
- اللعب بورقة النوبة
- المركز النومي للترجمة بالقاهرة !


المزيد.....




- وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
- حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...
- الأوبرا في ثوب جديد.. -متروبوليتان- تفتتح موسمها بعمل عن الأ ...
- الصّخب والعنف.. كيف عالج وليم فوكنر قضية الصراع الإنساني؟
- تايلور سويفت تعود لدور السينما بالتزامن مع إصدار ألبومها الج ...
- تجمع سوداني بجامعة جورجتاون قطر: الفن والثقافة في مواجهة مأس ...
- سوار ذهبي أثري يباع ويُصهر في ورشة بالقاهرة
- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
- صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد ناجي .. الإبداع والألم