أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - برتقالة حسن!!














المزيد.....

برتقالة حسن!!


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 15:57
المحور: الادب والفن
    


إلى صديقي حسن..

عندما أخذت الظلال تقصر، كدليل على إنتصاف الشمس في السماء، ظهر صديقنا حسن بطل هذه القصة، و في الحقيقة لا أحد يعلم من أين أتى، و إلى أين هو ذاهب في هذا اليوم من آخر أيام شهر يونيو، لكن ليس هذا هو المهم في هذه القصة، لأن المهم هو ما سيحدث حين سيقرر حسن الجلوس تحت شجرة البرتقال، بعد أن بدأ يقتنع أنه لو إستمر في المشي تحت هذه الشمس، التي تخترق أشعتها جمجمته، فقد يدوب دماغه ثم يتبخر، لهذا قرر أن يستفيد من وجود ظل الشجرة الوحيدة في الشارع الذي لا نهاية له، ويستغل فرصة عدم وجود أي شخص آخر يجلس تحتها، ولكي تكون قصتنا كاملة، ولكي لا يقول النقاد -إن وجدوا- أن قصتنا عن حسن، قصة غبية و تشبه قصص أبطال السينما المألوفة، يجب أن نشرح لما هذه الشجرة هي الشجرة الوحيدة في هذا الشارع، و لما ليس هناك أشجار أخرى.
يقال أن شجرة البرتقال هته، عمرها أكثر من خمسون سنة، أي قبل أن يصير هذا الشارع بهذا الطول، و قبل أن يخرج الإحتلال الفرنسي من المدينة، و يقال أيضا أن الفرنسيون هم من زرعوا هذه الشجرة، وفي ذلك الوقت لم تكن الشجرة وحيدة، بل كان هذا المكان مليئ بأشجار التفاح و البرتقال المشاعة لجميع من كانوا يسكنون هنا، لكن بعد أن أخذ البلد إستقلاله، وقرر الفرنسيون المغادرة، أو على الأقل تغيير شكل تواجدهم، قرر المسؤولين الجدد عنا و عن المدينة، إزالة جميع الأشجار ونقلها إلى البساتين التي تحيط بمنازلهم، ربما لأنهم يخافون علينا من تذكر أيام الإحتلال القديمة، لكن لا أحد يعلم لما تركوا هذه الشجرة، ولما لم يأخذوها هي أيضا، المهم الآن أنها موجودة، و أن صديقنا قرر الجلوس تحت ظلها. وقبل أن نعود إلى الحديث عن حسن، يجب أن نشير إلا أن الثمار التي تطرحها هذه الشجرة، تبقى معلقة فيها إلا أن تسقط لوحدها، ولم يجرأ أحد منذ زمن بعيد أن يقطف أو يأكل من ثمارها، ولا حسن أيضا كان مهتما بثمارها، كان فقط يريد أن يحتمي بظلها من حرارة الجو..
إتكـأ حسن على جدع الشجرة، ثم نزع حذاءه ليطمأن على قدميه، لأنه لم يعد يشعر بهما، و إعتقد أنهما ربما إنصهرا في الحذاء، بسبب المشي على الطريق الحارقة، وكذلك لكي يتنفسا هما أيضا و يستفيدان من ظل الشجرة، المهم بعد أن أحس بالبرودة تسري في قدميه، أرخى ظهره بشكل تام على جدع الشجر ة، وسرح ساقيه ووضع قدميه فوق الحذاء، كي لا تتسخا بالتراب، حينها بدء يحس بموجة عياء كبيرة تجتاح جسمه، و رأسه يتتقال من شدة حاجته إلى النوم، و فعلا بدأت عيناه تغمضان برفق، و بدأ تبتعد أصوات الشارع و السيارات من حوله، حتى صارت كصوت معزوفة هادئة و خافتة...
قبل أن نعود لصديقنا، و لنمهله بعض الوقت ليستريح و يشعر قليلا بالراحة، وأيضا لكي لا نكون أنانيين و نتسرع في إستكمال القصة على حساب صحته، التي قد يحتاجها في بقية أحداث القصة التي لا نعلم لحد الآن ماذا تخفي و إلى أين تسير، و أثناء ذلك سنعود لنتحدث قليلا عن الشجرة، التي يبدوا أن سبب بقاءها هنا، هو أنها موجودة في موقع مقابل لدائرة الشرطة، التي توجد في الناصية الأخرى من الشارع، فأكيد من سرقوا الأشجار الأخرى تركوها لكي لا تشعر الدولة بالإهانة و تضيع هيبتها، و يسجل التاريخ عليها أن الشجرة سرقت أمام أعين الشرطة، بل من أمام مقرها، و أظن هذا هو السبب الذي يفسر لما لا يستطيع أي أحد أن يقطف ويأكل من ثمارها، أو حتى أن يستلقي تحث ظلها، كما فعل صديقنا حسن في هذا اليوم القائض..
مرت عشرون دقيقة على غفوة حسن تحت شجرة البرتقال، وكانت ستدوم أكثر لولا أن حسن نهض مفزوعا لأنه أحس بضربة نزلت على رأسه، وضع يده على رأسه ليتحسس مكان الألم، ثم إلتفت يمينا وشمالا كالملسوع بعد أن جمع ساقيه، ثم حول نظره إلى أعلى، لكن لا أحد يقف بجانبه أو أمامه، ثم نظر مجددا إلى أغصان الشجرة، لكن لاشيء هناك، و من المستحيل أن تكون برتقالة مثلا قد سقطت عليه، لأن شجر البرتقال لا يثمر في هذا الوقت من السنة، وهاهي الأغصان فارغة لا تحمل أي برتقالة كدليل على ذلك، إذن ما كان سبب هذه الضربة، طالما لم يكن أي شخص أو أي شيء سقط من على الشجرة، ظل حسن مستغربا يقلب في عينيه و ينزل رأسه إلى الأسفل يحك مكان الضربة، حينها ظهر شيء بين قدميه، إنها برتقال، مستحيل يا حسن إنها برتقالة! رفع بصره مجددا ليتأكد أن الأغصان خالية من أي برتقال، من أين أتت هذه البرتقال يا حسن، لا يمكن أن تكون نزلت من الشجرة؟ رفع البرتقالة بيده عن الأرض، ثم مسحها و إشتم رائحتها، إنها فعلا برتقالة حقيقة، و تبدوا طازجة من رائحتها القوية، و شكلها الذي يغري بالأكل، لابد أن الله يحبك يا حسن، لهذا أرسل لك هذه البرتقالة في هذا الجو القائض، رغم ان الله أنزلها فوق رأسك، لكن لابأس بضربة على الرأس إن كانت ستأتي من ورائها برتقالة شهية كهذه، قربها مجددا إلى أنفه و إشتمها بعمق هذه المرة، ثم غرز فيها إصبعه لتقشيرها، لكنه فجأة أسقطها من يده وأمسك رأسه بكلتا بديه متألما، لأنه و كما يبدوا أن هذه المرة كانت الضربة أقوى من الأولى، لا أظن أن الله يحبك إلى هذا الحد يا حسن، برتقالة أخرى؟
فتح حسن عينيه حين خف الألم، لأنه كان قد أغمضهما متألما من الضربة، حول نظره يبحث عن البرتقالة التي سقطت هذه المرة، لابد أنها ستكون أكبر من الأولى، لكن لا أثر لأي برتقالة، رفع رأسه ليجد رجل طويل يقف أمامه يحمل عصا سوداء في يده، ويرتدي بدلة رسمية، إنه شرطي يا حسن..
- ماذا تفعل أيها اللص، أ تسرق من أملاك الدولة؟
- أنا..أنا..
- إسكت لا تفتح فمك أيها اللص، اليوم ستعرف ماذا يعني أن تسرق من أملاك الدولة، أمثالك هم من خربوا و أفسدوا هذه المدينة، لقد ضُبطت متلبسا، و الله بلغت بك الجرأة و الوقاحة أن تسرق من شجرة الدولة، و أمام أعين الشرطة، هيا إنهض أيها اللص اللعين سأظمن لك ألا تخرج من السجن أبدا..
- أنا..لم أسر..
- إصمت و تحرك أيها اللص..



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوق المستمر لتجارة القتل !!!
- خطييير..فضيحة مدوية لن تصدقها
- السِحرياسة
- -قافلة ملك ملوك إفريقيا-
- يوسف مرة أخرى
- يوسف
- مطلوب سيسيقار
- أرضنا الإفريقية
- -الصعاليك الاشتراكيون-
- لا تخبروا الجنود الأمريكان، أن في بلدنا إرهابي !!
- بين الإضراب العام والضرب العام للصحافة
- ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.
- مواجهة الشيطان هو الحل !!
- لا تظلموا امريكا...
- -شجرة القايد- - قصة قصيرة
- زعيم مملكة الشعب
- دي كوورة يا عم !!
- ثورية اليسار و فروسية الدون كيشوت !!
- الحلم أمريكي...الكابوس إرهابي !!
- لكي لا ننسى ما نسيناه !! -سبق الميم ترتاح-


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - برتقالة حسن!!