أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - رفيق عبد الكريم الخطابي - الأورو: أداة إمبريالية















المزيد.....



الأورو: أداة إمبريالية


رفيق عبد الكريم الخطابي

الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 01:34
المحور: الارشيف الماركسي
    


تمهيد من المترجم:
ضمن مقال يعود إلى 5 نونبر 1921 كتب لينين :" و حين ننتصر في النطاق العالمي، سنصنع من الذهب ، كما أعتقد، مراحيض عامة في شوارع بعض من أكبر مدن العالم . وسيكون ذلك "أعدل" استعمال للذهب و أوضحه دلالة للأجيال التي لم تنس أنه بسبب من الذهب، ذبح عشرة ملايين إنسان و شوه ثلاثون مليون في الحرب " التحريرية الكبرى" التي جرت في 1914 ـ 1918 ....وأنه من أجل هذا الذهب نفسه، تجري الاستعدادات ، دون أدنى ريب، لذبح عشرين مليون وتشويه 60 مليون آخرين في حرب قد تنفجر إما في نحو عام 1925 وإما في نحو عام 1928، إما بين اليابان وأمريكا ، وإما بين بريطانيا وأمريكا، أو بطريقة من هذا القبيل...أما الآن فيجب أن نحرص على الذهب في جمهورية روسيا الإتحادية الاشتراكية السوفياتية، وأن نبيعه بأغلى ما يمكن وأن نشتري البضائع بهذا الذهب بأرخص ما يمكن.." (المختارات المجلد 3 الجزء 2 الصفحة 257 ).
بعد عقد من الزمن تقريبا على توقع لينين ستندلع بالفعل حربا لصوصية لا تقل إجراما و دمارا من سابقتها..نتائج الحرب العالمية ستعيد رسم المواقع داخل المعسكر الرأسمالي، وإعلانا لهيمنة الإمبريالية الأمريكية داخله...هاته الهيمنة التي بدأت بدورها تتزعزع فاتحة الباب أمام منافسة ضارية بأساليب جديدة في الشكل محافظة على نفس مضمونها..الاحتكارات الامبريالية ستعزز مواقع نفوذها وسيطرتها عالميا والامبريالية الأمريكية ستمارس فيما بعد نهاية الحرب الباردة دور الدركي والبنكي الوحيد عالميا، و باقي شعوب الأرض عبيدا لها ينتجون لمصلحتها ولمصلحة الاحتكارات العالمية، لم تسلم من سطوتها وسطوة احتكاراتها حتى باقي الإمبرياليات الحليفة أو الداعمة لها (لإلقاء نظرة عن هذه الإحتكارات نشير إلى بعض المعطيات من التقرير الذي نشرته مجلة فورشن في عام 1995 عن أكبر 500 شركة متعددة الجنسيات في العالم حيث أشار إلى أن إجمالي إيراداتها يصل إلى حوالي 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و تستحوذ الشركات المتعددة الجنسيات في مجموعها على حوالي 40 % من حجم التجارة العالمية، وأن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلالها، وكذلك تجاوزت الأصول السائلة من الذهب والاحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لديها ـ أي الشركات المتعددة الجنسيات ـ حوالي ضعفي الاحتياطي الدولي منها). إنشاء العملة الأوربية الموحدة هي حلقة في سلسلة إعادة النظر في الهيمنة الأحادية الأمريكية أو باعتراف مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق :" إننا لا نعيش في “عالم ما بعد أميركا”، ولكننا أيضاً لم نعد نعيش في “العصر الأميركي” في أواخر القرن العشرين.وفي العقود المقبلة سوف تكون الولايات المتحدة هي “الأولى”، ولكنها لن تكون الوحيدة ".
هناك وهمان يسعيان لتسييد قراءتهما لما يحدث في عالم ما بعد انهيار التحريفية التي قادت الاتحاد السوفياتي إلى الانهيار، والهزيمة التي منيت بها الامبريالية الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان وكذلك كسر شوكة كيانها الصهيوني في 2006 أمام المقاومة اللبنانية.. و الأزمة الإقتصادية المستفحلة والتي تكاد تعصف بكل النظام الرأسمالي. هذان الوهمان وبرغم ما يبدو بينهما من تناقض ظاهري، يشكلان وجهين لعملة واحدة ، هدفهما واحد يتمثل في تحريف الوعي الطبقي أو إعدام أي إمكانية لتبلوره وما يستتبع ذلك من تنظيم القوى، الفئات والطبقات ذات المصلحة في تغيير هذا القائم، الذي نعتبر أن ظروف تغييره الموضوعية مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتشييد البديل المنشود لكل جماهير شعوبنا.
أصحاب الوهم الأول ينطلقون من فرضية زوال الرأسمالية كنمط إنتاج وبالتالي نهاية مرحلتها الإمبريالية معتمدين على قراءة سطحية ومبسترة لمعطيات انتقائية، هذا الطرح التصفوي يتحرك على هامش طرح هامشي آخر لا يقل انتهازية وتصفوية منه، يدعي أصحابه بأن التناقضات التي تعتمل داخل النظام الحالي (وليس مهما بالنسبة لهم تحديده) كفيلة لوحدها بإقباره ، و ينبذ أصحابه أي شكل من أشكال تنظيم الفعل المناهض لهذا النظام .بالإظافة إلى موقفهم العدمي من كل التنظيمات السياسية باعتبارها انتهازية لا فرق بينها في الماضي كما الحاضر وأيضا في المستقبل مهما كانت برامجها، بل يعتقدون أن التطور التكنولوجي وحده كفيل بحل كل معضلات الإنسانية من جوع وفقر وأمراض وأمية وفوارق طبقية وحروب وقمع واستعباد وغير ذلك، يمكن القول بتعابير أخرى أنهم يحلمون بمجتمع شيوعي ويرونه ، دون أن يسموه، على الأبواب كما انهيار النظام الرأسمالي، فقط يجب علينا كمواطنين الوعي بهذا الأمر والاستعداد بالوعي لهذا اليوم الموعود، إنهم شيوعيو الأمنيات أو بتعبير لينين " اشتراكيو العاطفة"، هذا الانحراف برغم من أن الفكر الشيوعي تاريخيا نقضه، إلا انه عرف انتعاشا نسبيا في أيامنا هاته ونشاطا ملحوظا وأخطر ما فيه اعتماده على لغة بسيطة جدا تخاطب العواطف أكثر مما تخاطب العقول.
أما أصحاب الوهم الثاني وهو الأهم فهو وهم الإمبرياليين المباشرين أو الغير مقنعين، وأهميته ليست في تماسكه بل تكمن في كون كل الأجهزة الدعائية للامبريالية تروجه بأشكال وأقنعة متعددة وتخصص له ميزانيات ومراكز أبحاث وغيرها ، سنقتصر على أحد أعلام هؤلاء المبررين الرجعيين، والذي يمتلك باعتقادنا منطقا متماسكا ويستند على معطيات غزيرة وراهنة وأيضا قدرة معينة على الإقناع والترويج لفكرة يمكن تلخيصها ب (الإمبريالية الأمريكية قدر مسلط على البشرية )، يتعلق الأمر بالأستاذ في جامعة هارفارد ومساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق أثناء إدارة كلينتون " جوزيف س. ناي"، والذي نورد له المقطع التالي من إحدى مقالاته الحديثة، للاستدلال فقط على ما قلناه أعلاه :" إذا تحدثنا عن الانحدار المطلق فلا بد أن نعترف بأن الولايات المتحدة تعاني مشكلات حقيقية للغاية، ولكن الاقتصاد الأمريكي يظل منتجاً إلى حد كبير. وتظل أمريكا محتفظة بالمركز الأول فيما يتصل بالإنفاق على الأبحاث والتطوير، والمركز الأول في الترتيب الجامعي، والمركز الأول في عدد الحائزين جائزة نوبل، والمركز الأول فيما يتصل بمؤشرات العمل التجاري. ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي أصدر تقريره السنوي عن القدرة التنافسية الاقتصادية في الشهر الماضي، فإن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الخامسة من حيث القدرة التنافسية الاقتصادية على مستوى العالم (بعد اقتصادات سويسرا والسويد وفنلندا وسنغافورة الصغيرة). وتحتل الصين المرتبة السادسة والعشرين..".
إن هذا المدخل البسيط لشرح سبب نشرنا لهذا المقال وما قد يليه من مقالات من نفس المعين، فإننا لا ندعي القيام بنقض هذين الطرحين المدمرين ، بل نؤكد أن غايتنا الأساسية تكمن في إثارة النقاش الرفاقي الواعي ، والذي لاغنى عنه في تصليب مواقفنا وتحصين مواقعنا، في معمعان الصراع الطبقي ، كشيوعيين الضرورة تلزمنا بتفكيك الأزمة الراهنة التي قد تعصف بالإمبريالية وبكل نظامها الرأسمالي، لأن قراءة التناقضات الحاصلة اليوم بين الإمبرياليات ومختلف التناقضات الأخرى وحدها الكفيلة بتجنب أي طرح انتهازي وانهزامي، فالنزعة الفوضوية والتصفوية تجد أرضية خصبة للانتعاش في فترات الأزمة وغياب وضوح البديل المنشود. بصيغة أخرى إن الهدف المتواضع من هذه المحاولة هو الامتلاك العلمي (وبالتالي تطوير الوعي ) للمرحلة الراهنة التي تمر منها الرأسمالية، أكثر منه السجال مع أصحاب تلك الطروحات الانتهازية، وإن كنا قد نعود إليها بشيء من التفصيل إن اقتضت الضرورة النضالية ذلك.
إن نبذ الكسل الفكري والبحثي، ونبذ ترديد الجاهز من الطروحات وعدم الانسياق وراء قضايا يحددها إعلام أعدائنا قبل أن تكون قضايا لنا ولشعوبنا، كل ذلك يساعد على تصليب أي خط شيوعي يريد لممارسته، اتجاه قضايا الطبقة العاملة وكل المنتجين للثروة، أن تكون مبدئية.
في محاولة لتسليط الضوء على مجمل القضايا التي تناولناها في هذا التقديم و موقف الماركسيين اللينينيين منها، نقدم للقارئ ترجمة لمقال : الأورو: أداة امبريالية ... الذي يتناول بالتحليل راهن أزمة النظام الرأسمالي في مرحلته الإمبريالية والتناقضات التي تواكبها ـ أي الأزمة ـ فيما بين الإمبرياليات وبين هذه الإمبرياليات ونضال الشعوب التواقة للتحرر وفي القلب منه ، نضال الطبقة العاملة والحركة الشيوعية العالمية... هذا المقال، الذي يرجع تاريخ كتابته لسنة 1999، و تم نشره في الجريدة النظرية [المشعل Antorcha ] للحزب الشيوعي الإسباني (اعادة التشكيل). هذا الحزب الذي تم تأسيسه رسميا سنة 1975 كامتداد لمنظمة الماركسيين اللينينيين الإسبان التي تشكلت في اواخر الستينات من القرن الماضي، يعد من الأحزاب الشيوعية الأوروبية القليلة التي زاوجت بين العمل السري و العلني و تبنت الكفاح المسلح كخيار ضروري لمواجهة القمع الإمبريالي. تعرض الحزب الى موجات متوالية من القمع الدموي و قدم العديد من الشهداء و المئات من المعتقلين موزعين في سجون العديد من الدول الأوروبية (فرنسا، المانيا، ايطاليا، اسبانيا...). أعلن الحزب منذ تاسيسه عن تبنيه الماركسية اللينينية كايديولوجية، و ديكتاتورية البروليتاريا كمرحلة ضرورية للمرور الى المجتمع الإشتراكي. و قد خاض الحزب في سبيل ذلك صراعاً ضد كل الطروحات التحريفية التي ظهرت داخل الحركة الشيوعية العالمية (الماوية، الأورو شيوعية...).
مع الإشارة أخيرا أن كل ما هو موجود بين معقوفتين [..] هو للمترجم وليس في النص الأصلي.

رفيق عبد الكريم الخطابي : 23 يوليوز 2014

الأورو: أداة إمبريالية
الحزب الشيوعي الإسباني(إعادة التشكيل). Parti communiste d’Espagne (reconstitué)
تقديم:
مع الأورو تجندت الإحتكارات الأوربية الكبرى ضمن مشروع طموح لتعويض تأثير الدولار في العالم الرأسمالي، فضاعفوا صادراتهم من الرساميل بما يسبب ضررا على منافسيهم الإمبرياليين وحسنوا من تواجدهم ضمن الاتحادات المالية العالمية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالخصوص).
لقد بدت اللحظة سانحة نظرا للأزمة الخانقة التي زعزعت الإقتصاد الياباني والضعف النسبي للدولار . الإمبرياليون الأوربيون يؤكدون سعيهم إلى جعل الأورو العملة الأكثر اهمية في التجارة العالمية لإزاحة منافسيهم اليابانيين وبالخصوص الأمريكيين.
في المرحلة الإمبريالية، النقد يعكس الحالة التي توجد عليها التناقضات بين القوى الإمبريالية العالمية. والسوق العالمي يجعل مختلف الإقتصادات الوطنية تحتك فيما بينها، يقيس تطور قواها المنتجة وعملاتها على التوالي. تقنيا موازين المدفوعات تعبر عن مدى القوة النسبية لأي بلد داخل السوق العالمي. عجز ميزان المدفوعات هو إشارة ضعف ويفرض انهيار أو فقدان العملة المحلية لقيمتها، بينما الفوائض ( في ميزان المدفوعات) تقويها.
أرصدة ميزان المدفوعات يجب ان تكون مغطاة بالذهب، جراء ذلك احتياطات بلد ما تصبح فارغة أو ممتلئة بحسب قدرتها التصديرية، بحسب قوتها ضمن السوق العالمي.
المشكل أن الإمبريالية هي ايضا احتكارية والذهب هو اليوم محتكر من طرف القوى الإمبريالية الكبرى. فقط عدد قليل من القوى تتوفر على احتياطات من الذهب بسبب كونها تتوفر على قدرات تصديرية أكثر. بينما تستحوذ القوى الإمبريالية على الحصة الأكبر من الذهب العالمي، فإن دول العالم الثالث مضطرة للاستدانة من الأبناك العالمية الكبرى لكي تستطيع ممارسة التجارة والحصول على ما تحتاجه. البلدان الإمبريالية باحتياطاتها الضخمة من الذهب تضع في التداول عملة قويةـ صعبة ، بينما الدول النيوكولونيالية والتي تفتقد للذهب مجبرة على استعمال العملات الصعبة، للبلدان الأولى، في معاملاتها التجارية. هذه العملات القويةـ الصعبة هي العملات المقبولة دوليا كوسائط للأداء، لأن أي مقاولة [مشروع رأسمالي] تقبل بان يدفع لها بالدولار لكن القليل جدا ممن تقبل الأداء بالرينغيت الماليزي أو الروبية الهندي مثلا.
هذا يستتبع امتيازات خارقة لفائدة البلدان التي تتوفر على عملات صعبة في المنافسة على الأسواق العالمية لكونها تستطيع الأداء/ الدفع بنقودها المحلية أصلا . أي أنها تستطيع الشراء بدون ان تقدم شيئا في المقابل ، فقط اوراقها النقدية ، وهذا يحول هذه التجارة الغير الشرعية إلى شكل مخيف من النهب والقرصنة وعلى نطاق واسع جدا ( في التحليل الأخير لعمل الآخرين). البلدان الأكثر ضعفا تصبح تبعا لذلك الداعم للنقد الأكثر قوة، وهؤلاء الأخيرين [البلدان القوية] تتحول إلى بنك كبير، وهذا ما يزيد من قدراتهم التصديرية للرساميل. أما البلدان التي لها عملات ـ نقود ضعيفة فهي معرضة باستمرار من جهة ، إلى المديونية كما وقع لبلدان العالم الثالث إبان عقد الثمانينات من القرن الماضي [وما صاحبها من مخططات إعادة الهيكلة]، ومن الجهة الأخرى إلى إضطرابات قوية نتيجة هروب الرساميل ، يعني تبادل مفاجئ وضخم لعملاتها مع العملات الصعبة، كما حصل في المكسيك سنة 1995، أو في بلدان جنوب شرق آسيا في صيف 1998. وبالعكس فإن الدولار القوي هو الذي مكن الولايات المتحدة من فرض سيطرتها الساحقة [من السحق أو الماحقة] بعد الحرب العالمية الثانية. بفضل آلة طباعة الدولار مولوا المصاريف المرتبطة بإنشاء الناتو والقواعد العسكرية ، وشراء المقاولات الأوربية الكبرى ، لقد اقتنوا الاستغلاليات المنجمية وغيرها... هذه الدولارات كانت ، في النهاية ، قرضا مجانيا لفائدة الولايات المتحدة والتي تستطيع الاشتغال كبنك عالمي ضخم جدا. الولايات المتحدة كانت واحدة من كبار المرابين " Usurier" الذين تحدث عنهم لينين.
الولايات المتحدة تفقد هيمنتها الإقتصادية:
مع الوقت سيضعف موقع الإمبريالية الأمريكية مقابل صعود منافسيها اليابان وألمانيا بالتحديد. ميزان القوى يتغير ، نتيجة لقانون تفاوت التطور ، الذي كما قال لينين ، يتمظهر بطريقة خاصة عبر تعفن البلدان الأقوى رأسماليا (الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ) (1). صادراتهم ارتفعت بوتير 31% ( أقل من المعدل العالمي المساوي ل 53%) بينما الأوربيون واصلوا وتيرتهم ب 81%، ميزان مدفوعاتهم يعرف عجزا، لقد فقدوا بسرعة احتياطاتهم من الذهب والتي أصبحت عاجزة عن تغطية إصداراتهم من الدولارات التي تروج عبر العالم . فبينما في سنة 1949 كانت إحتياطات الذهب في الولايات المتحدة تتجاوز 18100 مليون دولار موضوعة بالخارج، في سنة 1960 تجاوز احتياطها 800 مليون. في 1949 الولايات المتحدة كانت تستحوذ على 70% من الاحتياطي العالمي من الذهب، أما في سنة 1970 فهذه النسبة انحصرت في 8% فقط.
على خلاف ما بعد الحرب العالمية الولايات المتحدة، حاليا، ليست قادرة ،وحدها،على إملاء سياستها المالية على العالم ويظهر أنها مضطرة إلى التوافق مع منافسيها المباشرين. عملات أخرى (المارك ، الين) تستلم تدريجيا المشعل من الدولار الذي حتى الآن مهيمن ويفرض مفاوضات مشتركة. لهذا السبب، انبثقت في سنوات السبعينات المؤتمرات الشهيرة لرؤساء الدول الكبرى مثل G7 . إدارة المالية الدولية لا تستطيع الاستمرار في ارتباطها [تبعيتها] الحصري بعملة الولايات المتحدة.
العلاقة الجديدة بين القوى تجبر على وضع الدولار في مكانه الحقيقي، أي خفض قيمته، وهذا يعني إضعاف بالقوة للموقع العالمي للولايات المتحدة. سنة 1971 ، ولأول مرة منذ 1898 ميزانها التجاري عرف عجزا ونيكسون اضطر لطلب مساعدة القوى العظمى الإمبريالية لدعم معادلة الدولار، لقد رفضوا، واضطر لتخفيض قيمة الدولار وليعيد الكرة مرة أخرى في فبراير 1973. الدولار فقد 37% مقابل الين و50% مقابل المارك. ثمن أونصة (الأوقية) من الذهب كان 35 دولار بلغت إلى حدود 900 دولار سنوات قليلة بعد ذلك. ببساطة أكثر، الولايات المتحدة كانت بلدا متعثرا ونيكسون لم يفعل سوى الاعتراف بذلك علنا في غشت 1971.
من جهة أخرى، خفض قيمة الدولار يعزز تصدير الين والمارك نحو الولايات المتحدة حيث يبدأ شراء الشركات بأسعار منخفضة. الولايات المتحدة تفقد هيمنتها على تصدير رؤوس الأموال كما فقدتها على تصدير البضائع. اتفاقيات جامايكا سنة 1976 وافقت رسميا على وضع حد لمعادلة العملات مهما كانت ضيقة ، واعترفت بحرية تعويم العملات. لكن نلاحظ انها لا تعوم بشكل فردي إن لم تكن مجمعة تبعا لمناطق النفوذ. في الحقيقة وحدها العملات الأكثر قوة تستطيع ان تطفو أو تصعد والآخرين يتبعون بدقة التقلبات المستمرة التي تحصل لعملاتهم المرجعية. إنه الاعتراف المالي بتشكل كتل إمبريالية متنافسة.
لكن، يكفي مراجعة التواريخ لكي نفهم بأنه ليست وحدها التناقضات الداخلية بين الإمبرياليات التي تلعب دورا. سبب آخر من الأسباب الأساسية لإفلاس الولايات المتحدة هو نضال شعوب العالم لتحررها الإجتماعي والوطني الذي أجبرها على مواصلة تواجدها المكلف لآلتها الحربية مقسمة على امتداد كل مناطق العالم. حرب الفيتنام مثلت أوج ذلك. البلدان المستقلة بالتحديد، مجموعة عدم الإنحياز التي نشأت بالضبط في ذلك الحين، تمكنت من زيادة أسعار المواد الأولية في السوق العالمي، ومعها سعر البترول، وهو ما قاد القوى الإمبريالية إلى تراجع قوي. تفاقم كل التناقضات وفي نفس الوقت بين الإمبرياليات كان على وشك إيصالها إلى الهاوية.
كل النظام المالي العالمي المفروض من طرف الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية أصابه الإنهيار. لا وجود لهيمنة مطلقة ، فقط التنافس بين القوى الإمبريالية. تعويم العملات قاد إلى طور من عدم الاستقرار وإلى المضاربات على نطاق واسع على مستوى المالية الدولية من طرف مجموعات الاحتكاريين الدوليين الذين حولوا فوائض رساميلهم إلى العملات الصعبة التي يعاد تخفيض قيمتها، أو آخرين ممن أعطوا معدلات فائدة أكثر ارتفاعا. أي حركة تمس أسعار الصرف او معدلات الفائدة تنقل أوتوماتيكيا كتل كبيرة من الرساميل من سوق إلى آخر، ومن بلاد إلى أخرى. الأزمات المالية هي في كل مرة أكثر حدة [وفرجوية]، ذلك أن المكسيك احتاجت فقط ل 50000 مليون دولار للخروج من الإفلاس، ثلاث سنوات بعد ذلك بلدان جنوب شرق آسيا استعملوا 111 ألف مليون دولار ومازالوا لم يروا قعر البئر بعد، [أما اليونان وإسبانيا وإيطاليا فمازال المسلسل لم تنته فصوله بعد]. طبيعيا بوصولها إلى هذه النقطة نستطيع التساؤل أين هي هذه النيوليبرالية التي تحتاج إلى ضخ 111 ألف مليون دولار في الأسواق للخروج من الإفلاس عوض ترك العملات والسندات تستقر بشكل ليبرالي أي وحدها دون تدخل من أي جهة (وبالتالي غرقها النهائي).
انعدام التوازن المالي مرتبط عضويا بفوضى الأسواق الراسمالية ويحتد أكثر مع دخول هذه الأخيرة إلى المرحلة الإحتكارية والإمبريالية. الهدوء الذي خيم بعد الحرب عبر اتفاقات بريتون ـ وودز كان مصطنعا، فقد استند على الهيمنة، هيمنة الولايات المتحدة التي كانت سائرة نحو الإنهيار، لأن المنافسة ، وليس الهيمنة، هي ميزة هذه المرحلة الإقتصادية والإجتماعية الجديدة.
فشل السياسة النيوليبرالية لريغان لأجل إعادة الهيمنة (2):
الوزن الإقتصادي والسياسي للولايات المتحدة انخفض بنسبة هائلة ضمن هذا السياق الجديد للمنافسة والمواجهة. بعد محاولة ريغان لاستعادة المبادرة، في بداية سنوات الثمانينيات، أزمة الإمبريالية الأمريكية استمرت في التفاقم. ريغان بشكل خاص كان يحتقر علاقات التواصل مع باقي القوى الإمبريالية ويصر على اتباع نهجه الخاص. لأجل ذلك تورط في سياسة مسعورة من الإنفاق العسكري التي تسببت في استدانة عمومية ضخمة ، ارتفعت على الأخص عندما خفض ريغان من الضرائب مقابل الرفع من المصاريف عبر مشاريع غريبة وعجيبة من قبيل "حرب النجوم" الشهيرة. هذا التبذير كان لا مندوحة عنه في إطار هجوم موجه لاستعادة المبادرة عالميا . من سنة 1974 إلى 1986 العجز العمومي للولايات المتحدة تضاعف أربع مرات، حيث انتقل من 2.8% من الناتج الوطني الخام خلال عقد السبعينات إلى 4,9%. الارتفاع المستمر في عجز الموازنة للميزانية رفع من الدين العمومي، انضاف إلى إثقال كاهل النظام الاقتصادي كله بالديون التي تجاوزت 80 مليار دولار، وهو ما مثل 180% من الناتج الوطني الخام. رغم ان الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت مؤخرا من تحقيق التوازن لميزانيتها بل حتى أملها في إقفال حساباتها بفائض إظافي، فإنه من المؤكد أن نظامها الاقتصادي ما هو إلا فقاعة هواء مذهلة ، منتفخة بالديون ومهددة بالانفجار في كل لحظة.
العجز في الموازنة اتجاه الخارج بدوره استحال توقيفه منذ سنوات الستينات ويشير إلى فقدان تنافسية الاحتكارات الأمريكية مقابل اليابانية والألمانية في السوق العالمي. وتيرة الصادرات تتناقص فيما الواردات ترتفع. كانت الرساميل تتراكم في الخارج بينما تفقد أسواقا في الداخل. الولايات المتحدة قد غيرت وضعها المالي العالمي: من أكبر دائن أصبحت أكبر مستدين. أي صاحب مصرف أو مجرد موظف بنكي سيضع هذه البلاد في حالة إفلاس والإمكانيات المتوفرة لديها لا تمكنها من تصدير دولارات مسنودة فقط بآلتها العسكرية. إنه لبديهي فعلا أن الولايات المتحدة عملاق بأرجل من طين.
الدولار بدأ، إبان حكم ريغان، سلسلة من الرفع لقيمته استمرت حتى سنة 1985 والتي أدت إلى الرفع أكثر من العجز الخارجي. ارتفاع قيمة الدولار كان علامة على جهد الاحتكارات الأمريكية لاستعادة هيمنتها. لقد حققت من خلال رفع معدلات الفائدة في محاولة لجدب واستقطاب رؤوس أموال اجنبية لتعوض خسارتها أو تعيد التوازن لعجز الميزان في حساباتها الجارية. معدلات الفائدة ارتفعت من 7% أواسط سنوات السبعينات إلى 14% سنة 1984 ، حسب منحنى يبدو جليا أنه تصاعدي خلال فترة ريغان. المعدلات وصلت إذن إلى مبالغ لم تعرفها الرأسمالية مطلقا منذ الثورة الفرنسية. هذه السيرورة لم تصمد طويلا: سنة 1985 بدأ الدولار في السقوط مجددا مقابل الين والمارك عشية أزمة البورصة في أكتوبر 1987 وصل إلى أدنى حد منذ 1949.
بداية من سنة 1985 انطلقت مرحلة من الإضطراب في السواق العالمية . التوازن بين القوى كان شديد التغير وعدم الاستقرار والمؤشرات الإقتصادية ترجمت هشاشة النظام ككل. الإمبرياليون الشمال امريكيون أدركوا بشكل اكثر وضوحا بأنهم لا يستطيعون الاستمرار لوحدهم ، ولا مواصلة نفس السياسة الهيمنية: كان عليهم الوصول إلى حد أدنى [الاتفاق] مع القوى الإمبريالية الأخرى، وعبر اتفاق بلازا في شتنبر 1985 أجبروا على خفض قيمة الدولار. السياسة الاقتصادية النيوليبرالية لريغان لقيت إخفاقا تاما بحسب واضعها ونفس الشيء بالنسبة للسياسة الخارجية. في مارس 1986 الولايات المتحدة هاجمت ليبيا ، سنة بعدها منصة نفطية إيرانية عائمة في الخليج الفارسي، وضعت إمدادات البترول في خطر ومهددة بصعود آخر لأسعار مشتقات البترول التي كانت قد انخفضت وأدت إلى تحسن الأرباح الصناعية. لم يكن هذا اعتداء ضد دولتين متمردتين اتجاه الإمبريالية، إثنين من الاقتصادات الضعيفة جدا بسبب اعتمادهما على النفط . بل إنه ولد شعورا بعدم اليقين استولى على الأسواق المالية الدولية.
كبح انخفاض قيمة الدولار.
الزيادة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وخفضها في البلدان الأخرى.
تدخل الأبناك المركزية في جميع البلدان لدعم الدولار.
السياسة الاقتصادية أخذت منعطفا حاسما. القوى العظمى اعتبرت بأن الدولار انخفض بما فيه الكفاية. انخفاض قيمته يعود بالمنفعة على الصادرات الأمريكية ويضر بالصادرات اليابانية والألمانية. لا أحد يستطيع تقديم هبة استرجاع الولايات المتحدة لقدرتها التنافسية في الأسواق العالمية ويعرض باقي القوى للخسارة والضرر.
اتفاقيات اللوفر Louvre لقيت فشلا ذريعا. بمجرد عودة الوفود إلى الديار، كل واحد يعطي الأولوية لمشاكله الخطيرة، يفكر في نفسه قبل التفكير في غيره. الأبناك المركزية للدول السبع الكبرى أنفقت أو بددت 60 مليار دولار من المدخرات لإسناد الدولار على امتداد سنة 1987، لكن ذلك لم يكن مفيدا. الدولار سقط وانخفاضه كان كذلك اقوى من ذي قبل.
ارتفاع الإحتياطات بالنسبة للأبناك المركزية اليابانية والألمانية بالدولار استتبعت دفعة من التضخم المالي الذي يتطلب لمواجهته الرفع من معدلات الفائدة على عكس الاتفاقات الموقعة.
التناقضات ما بين الإمبرياليات تتفاقم بشكل غير عادي وكبير في خريف 1987. التهديدات كفت على أن تكون مجرد كلام. وزير المالية الألماني، ستولتينبورغ "Stoltenberg"، ومدير البوندسبنك "Bundesbank" أوتو بويهل "OttoPoehl" ، رفعا بشكل أحادي معدلات الفائدة، واضعين بذلك نهاية لسياسة الدفاع عن الدولار، ولتشجيع دخول الرساميل إلى الولايات المتحدة لتمويل عجزها. بيكر رد على ذلك :" إذا اعتقد الألمان بضرورة تصليب سياستهم المالية فإن عليهم ألا يأملوا بأن نبقى مكتوفي الأيدي منتظرين الإنكماش والتآكل برفعنا لمعدلات الفائدة". ضمن هذا التبادل للاتهامات بيكر Backer هدد بالاستمرار في ترك الدولار ينهار مقابل المارك. جميع الإتفاقات المدرجة في اتفاق اللوفر، في الأشهر القليلة من قبل، انهارت والكارثة باتت على الأبواب. فقدان الثقة في السياسة الإقتصادية للقوى الكبرى وصل إلى الذروة.
انهيار البورصة كان متوقعا، النظام البنكي أو المصرفي، كما قال ماركس (3) يعاني من "فرط الحساسية" (أو من الحساسية المفرطة) والذي يجعله سريع التأثر بأي فيروس يدخل في سير الإقتصاد. البورصات العالمية تنهار تباعا في أكتوبر 1987 وتتكسر معها كل كليشيهات النيوليبراليين، الحكومات ستملي إجراءات جديدة للسيطرة على الوضع. إسبانيا ،على سبيل المثال، أصدرت قانونا لإعادة تنظيم البورصة في يوليوز 1998، سنة بعد ذلك وأنشأت الهيئة الوطنية لسوق القيم أو الأوراق، لأجل المراقبة على التزام جميع المؤسسات المدرجة في البورصة الإسبانية. ضد يأس الليبراليين الجدد تدخل الدولة الوقح والسافر أصبح لا مفر منه.
تراجع تأثير الين:
اليابان هي إحدى القوى الإمبريالية العظمى التي نجحت في إنجاز "معجزتها" الإقتصادية نتيجة الحروب التي أثارتها الإمبريالية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، بداية من الحرب الكورية (1953ـ1950 )، بعدها حرب الفيتنام (1964ـ1975)، وأيضا دورها المتميز في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي والصين بسبب موقعها الاستراتيجي في جنوب شرق آسيا. هذه الشروط نفسها ساعدت الانطلاقة الصناعية لجيرانها "التنينات": كوريا، ماليزيا، أندونيسيا، تايلاند، سنغافورا حيث اكبر الشركات المتعددة الجنسيات تستغل بدون شفقة ولا رحمة العمل العبودي للأطفال من مطلع الشمس حتى غروبها. هكذا يتأكد مرة أخرى قانون لينين حول تفاوت التطور، وبحسب هذا القانون عندما تصل إلى نقطة قصوى من النمو ، القوى الإمبريالية القديمة تشيخ وتنحط مهيأة شروط انطلاق اقتصاديات البلدان الناشئة :" المكان الذي تنمو فيه الرأسمالية بأكبر قدر من السرعة هو، في المستعمرات وداخل بلدان ما وراء البحار" (4). هذه الأطروحة يعجز الإقتصاديون البرجوازيون عن فهمها في المطلق: اليابان تنمو نتيجة التراجع النسبي للولايات المتحدة، وبدورها التنينات السبع تنمو في ظل تراجع اليابان.
موقع الين، بعدما وصل إلى مستوى تاريخي في أبريل 1995، بمعادل 84 ين مقابل دولار واحد. اليابان توجد أمام تراجع عميق حيث وصلت إلى أكبر وأعلى مستوى للعاطلين عن العمل منذ نهاية الحرب، 4% من العمال. بالرغم من مخطط طموح للاستثمارات العمومية ب 20 بليون بسيطة حوالي ، (2.5% من الإنتاج الداخلي الخام PIB )، كل شيء يشير بأن اليابان لن تعرف فقط نموا في إنتاجها بل ستعرف تقلصا. المعجزة الإقتصادية اليابانية لم تصل إلى أوجها وتوجد أمام الحقيقة الفاقعة المتجلية في تضخم فائض الإنتاج.
بالخصوص، اليابان توجد أمام ظهور قوة كبيرة جدا: هي الصين، حيث النمو الإقتصادي المذهل، مبني على دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مصدر الأزمة ببلدان جنوب شرق آسيا. تراجع التنينات يزعج اليابان ، ويعزز موقع الصين كملجأ مالي مستقر، وفي المقابل مصلحة للولايات المتحدة. ارتفاع قيمة الدولار مقابل الين يشوش كثيرا على صادرات "التنينات" الذين يحافضون على معادل قار لعملاتهم مع الدولار، وكل هذه الأسواق ستسقط في دائرة نفوذ الصينيين الذين ،من جهة أخرى، استرجعوا سيادتهم على هونغ كونغ، وسيفعلونها في المستقبل القريب مع ماكاو وعلى المستوى البعيد على تايوان إحدى هذه "التنينات".
الأزمة اليابانية قسمت عميقا بلدان 7G : الآن 7G تظهر منقسمة مع صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية من جهة واليابان من الجهة الأخرى...على الموقع الياباني يستوي الوعي بأن الدور المهيمن للدولار، والذي حوله تدور أقمارها الإقتصادية، يهددها بالخسارة كيفما كان شكل إعادة تنظيم النظام النقدي العالمي.
صندوق النقد الدولي التابع للولايات المتحدة، لألمانيا والمملكة المتحدة، يضغط عليها لتصفية الحصة المنعدمة المردودية في قطاعها البنكي وفتح أبوابها للاستثمارات الأجنبية. في الشكل المواجهة بين FMI ودول 7G وبين اليابان تشبه إلى حد بعيد تلك التي يستعملونها مع الدول السائرة في طريق النمو أو الغير مصنعة في حالة الأزمة أو التي تكون مديونيتها مرتفعة" ( الباييس Negocios 26 أبريل 1998). اليابان تظهر الآن مثل إمبراطورية الشمس عند الغروب والقوى الإمبريالية الأخرى بدأت بالتعامل معها كدولة تابعة. إذا امتدت أزمتها أكثر فإنها أمام تهديد ابتلاعها من طرف الحيتان الأخرى في 7G ، المستعدين لإبتلاع ما تبقى من السفينة الغارقة.
معاهدة ماستريخت في دجنبر 1991 :
الاحتكارات الأوربية استوعبت بشكل نهائي، ليس عدم قدرتها على الاستمرار في دعم الدولار، بل بأنها يجب أن تستغل اللحظة لإنهاء اللعبة مع الدولار وفرض عملتهم الخاصة في كل العالم الرأسمالي. من نفس الجهة المارك الألماني يفتقد لسند عالمي كافي لكي يحل محل الدولار، ومن جهة اخرى ارتقاء المارك سيخلق خشية أو انعدام الثقة وسط الشركاء الأوربيين الآخرين الذين سيشعرون بأنهم فقط كامبارس بسطاء لدى الألمان. هنا أتت " خطة دولور" سنة 1989 والتوقيع في دجنبر 1991 على معاهدة ماستريخت الشهيرة التي أنشأت العملة الواحدة. حتى ذلك الحين العملات الأوربية كانت تواجه الدولار كل على حدة. لا يتعلق الأمر فقط بمشكلة التقسيمات الداخلية وإلا فإن هذه الوظيفة ستستتبع المضاربة بين البعض مقابل البعض الآخر. الأورو سيجلب التضامن اكثر فاكثر وسيجنب المضاربة ضده بالاستناد على بنك مركزي واحد وعلى الاحتياطات الموحدة أقله ل11 من القوى الكبيرة والمتوسطة.
هذا يمثل مشكلا إظافيا للولايات المتحدة، كما قالت الباييس في 27 أبريل 1998 :" الأورو ولد في لحظة حيث كمية الدولارات التي تتوفر عليها في المجموع، الدول 11 مرتفعة إلى حد ان المشكل الرئيسي سيكون هو كيفية تصريفها شيئا فشيئا بدون التسبب في انهيار غير مرغوب فيه للعملة الخضراء".عملية البيع الضخمة للدولار من طرف الأبناك الأوربية ستخلق مصاعب إضافية للدولار.
اليوم حضور الدولار في الأسواق العالمية لا يتوافق مطلقا مع الوزن الإقتصادي الفعلي للولايات المتحدة . أكثر من 60% من احتياطات الأبناك المركزية تتكون من الدولارات مقابل 20% للعملات الأوربية. بينما الصادرات الأمريكية تساوي فقط 12% من الإجمالي العالمي، فإن صادرات ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة تكافئ 27%، لكن حوالي نصف التجارة العالمية تتم محاسبتها بالدولار (15.5% بالمارك، 12% بالين). فبينما ميزان المدفوعات الأوربي لديه فائض يقدر ب 140 مليار دولار ، الولايات المتحدة حافظت على عجز دائم بحوالي 200 مليار دولار، وقد يرتفع بسرعة حسب التوقعات إلى 300 مليار دولار نتيجة الأزمة الآسيوية ، وهو ما سيواصل تفاقم انعدام التوازن بالنسبة للدولار، هذا يعني بأن الرساميل ستنتهي إلى الاحتماء بشكل تدريجي بالأورو لتجنب الاضطرابات التي تعيشها العملة الأمريكية.
التكامل الاقتصادي للاتحاد الأوربي لم يتقوى لخلق الأورو، وإلا العكس هو الصحيح :" ضرورة الدفع بعملة موحدة أجبرت بلدان الاتحاد على القيام بدورة سريعة في الفراغ والتي لا يعرفون كيف يخرجون منها. الدول القومية أو الوطنية لن تختفي الأمر لا يتعلق بمشكل "الفيدرالية الأوربية" بل بمبادرة متفق عليها من طرف بعض القوى الاوربية في مواجهة الولايات المتحدة. العملة الموحدة ليست سوى نتيجة لإنشاء معادل ثابت بين العملات الأوربية ، معادل كان من قبل قد أصبح وثيقا في النظام النقدي الأوربي الموضوع في سنة 1979. التقارب هيأ أرضية المرور من التقلبات الصغيرة المستمرة بين العملات الأوربية إلى معادل ثابت. لكن هذا، لكي يكون ذو أهمية أكبر، ليس تغييرا نهائيا لأن صندوق النقد الدولي (FMI) كذلك يفرض تقلبات محدودة بين العملات.كانت هناك بلدان: الأرجنتين وهونغ كونغ ، اللذين فرضوا معالا ثابتا لعملاتهم بالنسبة للدولار دون أن يتحدث أحد عن الفيدرالية. الأورو فقط ، يفترض تجميع القوى لأجل المنافسة بنجاح مع الولايات المتحدة ، لتشكيل جبهة موحدة ضد الخارج. هذا يفرض الإقلاع أو الابتعاد عن السياسة المالية والتخفيض التنافسي للعملة لبعض البلدان الأوربية اتجاه الأخرى، معناه تلطيف التنافس الداخلي بين القوى الأوربية. منطقيا الأمر يتعلق بهذا ولاشيء غيره، على الصعد الأخرى التنافس بينهم تضاعف . على سبيل المثال الصراع بين فرنسا وألمانيا مستمر، بما فيها بعض المواضيع التي تبدو عبثية كتسمية الرئيس الأول للبنك المركزي الأوربي والتي حولها مورس عض الأسنان في وضح النهار وصل إلى حد وضع كل التركيبة الإشهارية في خطر.
الهوامش:
1- Lénine : « L’impérialisme stade supérieure du capitalisme » œuvres compléte.
2- David A. Stockman « La triomphe de la politique. Pourquoi la politique de Reagan a échoué » Grigalbo , Barcelone,1986 .
3- K. Marx : « Le Capital , Critique de l’économie politique » Fondo de Cultura Economica México ,1973 tome 3 page 535.
4- Lénine : « L’impérialisme stade supérieure du capitalisme »




#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال مصطفى مزياني ..شهيد آخر، جريمة أخرى
- التحريفي الأول يعانق الظلامي الأول بالمغرب
- لهم قبلهم ..ولنا قبلنا
- لنجسد تضامننا مع الرفيق المناضل محمد المسعودي دعوة للرفاق في ...
- العراق والهمجية الامبريالية...هل من دروس لشعوبنا؟
- حول الانتفاضة المصرية الثانية
- رسالة إلى الشهيد شكري بلعيد
- الشعب المصري يتقدم شعوبنا في مواجهة الفاشيست المتأسلم..ومهام ...
- مناضلون أم مطبلون
- بداية النهاية للإخوان المتأسلمين بمصر
- الشكولاطة: حلاوة بطعم الدم البشري....الجزء الثاني
- نقابات الرحامنة.... نموذج لهجوم البيروقراطية المسعورة
- الشكولاطة: حلاوة بطعم الدم البشري....جزء1
- مواجهة مبدئية أم طعنات خلفية ؟
- الطبقة العاملة وحركة الشعوب هما ضمانة نجاح أي تغيير ثوري – ج ...
- نقاش سجالي مع الرفيق النمري في أفق حوار رفاقي
- -حول ستالين مجددا ...دفاعا عن اللينينية دائما-..... الجزء ال ...
- بصدد الدعوة :- آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي-..ا ...
- بصدد الدعوة :- آن الأوان لتأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي-
- في ذكرى الشهيد عبد الحق اشباضة... لنتعاطى مبدئيا مع ذكرى الش ...


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - رفيق عبد الكريم الخطابي - الأورو: أداة إمبريالية