المغرب :هل إذا عطست فرنسا على المغرب أن يكح (يسعل) ؟

التهامي صفاح

الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 15:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بتاريخ 23 سبتمبر 2010 جاء في خبر حول إعتزام المغرب رفع سن التقاعد ما يلي : تعتزم الحكومة المغربية عرض مشروع قانون جديد أمام البرلمان لرفع سن التقاعد إلى 62 عاماً، لمواجهة العجز المرتقب في صندوق التقاعد الذي يتبع له نحو 800 ألف من موظفي القطاع العام، على غرار ما يحصل في فرنسا.

الخبر التالي ورد منذ ساعتين وست وثلاثين دقيقة فقط عن شبكة السي ان ان
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- إن العالم يشيب يوماً بعد يوم، وهذا لا يبشر بالخير لعالم الأعمال، ويصف الباحثان الاقتصاديان إلينا دوغار ومادافي بوكيل في تقرير نشره مركز (Moody’s Investor) لأبحاث الاستثمار، بأن )نتائج الزيادة المستمرة بأعمار البشر يمكن أن ينجم عنه أثار سلبية عميقة على النمو الاقتصادي خلال العقدين القادمين، وهو تأثير سيفرض وجوده بمناطق متنوعة من الأرض)... (شاهد معرض الصور أعلاه)(الصورة هي عبارة عن خريطة للعالم تضع ألوانا مختلفة على البلدان التي فيها شيخوخة حسب نسبتها فيها..يمكن تحميل الخبر من موقع السي ان ان العربية).
ويرجح الخبراء بأن المشكلة في تقدم السن تتمثل بتواجد قوى عاملة أقل لتحريك الاقتصاد وبالتالي دعم الفئة بعمر التقاعد بين السكان.
كما أن حجم الادخار الفردي سيتضاءل ويعكس بذلك على الاستثمار العالمي، واقترح الباحثان أن يبدأ صناع القرار برسم سياسات للتقليل من تأثير اعمار السكان على اقتصاد دولهم، إذ يمكن التشجيع على الهجرة لتوسيع عدد القوى العاملة، ومن خلال التركيز على الالتكنولجيا التي يمكنها أن تساعد هذه القوى العاملة في زيادة إنتاجيتها.
كما اقترحا زيادة عمر التقاعد للإبقاء على القوى العاملة بالإضافة إلى تشجيع ربات المنازل في الانخراط بسوق العمل.
إنتهى الخبر.
يبدو من الخبر أن مبرر الزيادة في سن التقاعد هوشيخوخة السكان وتناقص عدد العاملين في الدول التي قامت بذلك (كفرنسا التي تصنفها خريطة تقرير مركز Moody’s investor بالدولة التي تشهد تقدما كبيرا في أعمار سكانها.حتى أمريكا فهي تأتي في مرتبة ثانية في الخريطة خلف فرنسا ...أما المغرب فلا يشهد أي تقدم في سن السكان حسب نفس الخريطة . بل العكس وفق آخر الإحصائيات فالملاحظ بالنسبة له في هرم ترتيب السكان حسب العمر أن قاعدته العريضة كلها من الشباب أي أن عدد الشباب بسبب النمو الديموغرافي هو الأعلى.ومعناه ان المغرب كله شباب .
ثانيا نسبة العاطلين كبيرة في المغرب مقارنة بفرنسا.كما انه ليس هناك في المغرب تسجيل العاطلين في مكتب العاطلين كفرنسا التي تخصص أجورا لهم حتى وهم عاطلين . المغرب إذن لا ينفق على العاطلين أي سنتيم . يضاف إلى هذا أنه خلافا لظروف الموظفين في فرنسا في ميدان التعليم وغيره أن الموظفين المغاربة لا يعودون لمدنهم التي إختاروها في طلبات التعيين الأولى غالبا إلا بعد أكثر من ثلاثين سنة يقضونها في أماكن بعيدة تفرض عليهم حربا قذرة و إنفاق للمال مع وسائل النقل خلال العطل الدينية التي تلزم بالتنقل الى بيوت العائلة حيث الوالدين لصلة الرحم كما يقولون تهلك الموظفين فيشيخون قبل الأوان من كثرة الهموم و الإكتئاب .
أما مبرر مواجهة العجز في صندوق التقاعد فهو غير وارد طالما أن الأجور تتناقص مع الزمن في المغرب وأن مبالغ التقاعد التي تقتطع من اجور العاملين والتي تشكل ذخيرة صندوق التقاعد بالنسبة للذين خرجوا للتقاعد تكون دائما اكبر من التي تليها .هذه هي القاعدة التي تتبعها وزارة المالية منذ القديم لتفادي العجز.فلايقولون لنا ان المسؤولين المغاربة لا يعرفون الحساب أو الحذر في التعامل مع المال...أما إذا كان الأمر يتعلق بإختلاسات من صندوق التقاعد فهذا أمر آخر يتطلب إرجاع المبالغ المختلسة وليس رفع سن التقاعد .
صراحة هذا القرار يلقي بضلال الشكوك حول المبررات الحقيقية لتقديم هذا المشروع لرفع سن التقاعد من طرف الحكومة الإسلامية المغربية الملتحية في سابقة من نوعها كسابقاتها الاخرى لم تقم به أي حكومة قبلها وأنهكت جيوب المواطنين بالتراجع عن الكثير من المكتسبات أدت لإضعاف قدرتهم الشرائية ولم تأخذ فيه بخصوصيات المغرب المختلفة عن فرنسا ويجعل المواطنين لا يفهمون هذا السلوك المتناقض مع المعطيات المتوفرة إلا من باب الإمعان في تعقيد حياة الموظفين أو الإسراع بالمرضى منهم للقبر قبل السن القانوني للتقاعد في ستين سنة .و قد يتساءلون : هل إذا عطست فرنسا على المغرب أن يكح ؟ في إشارة لإستقلال القرار الوطني المغربي عن فرنسا؟ فيعزز ذلك إدعاءات الداعين من الخارج لزعزعة إستقرار المغرب خاصة وأن البلد غير ناقص تهديدات من جهات وقضايا متعددة ...
أقول هذا للذين ربما لا يفكرون في احتمال تأجيج غضب الشارع و إشعال الاضرابات والذهاب نحو المجهول . فإذا كان سباق الالف ميل يبدأ بخطوة واحدة ، فتدهور البلدان وتفتتها يبدأ ربما بأقل من خطوة ..
والمطلوب هوالعدول الفوري عن هذا القرار في أقرب الآجال لدخول إجتماعي في جو من الارتياح للجميع في الشهر المقبل .
وتحياتي للجميع

#التهامي_صفاح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات