أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كاظم حبيب - حوار مع ملاحظات السيد طلال شاكر في مقاله رأي وتساؤلات















المزيد.....


حوار مع ملاحظات السيد طلال شاكر في مقاله رأي وتساؤلات


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1283 - 2005 / 8 / 11 - 11:45
المحور: الصحافة والاعلام
    


أورد السيد طلال شاكر مجموعة من الملاحظات والآراء في مقال نشره على موقع الحوار المتمدن بتاريخ 3/8/2005 حول مضمون الحوار الذي أجراه معي الكاتب والمهندس السيد صبيح الحمداني ونشر في حلقتين في موقع إيلاف على الإنترنيت بتاريخ 22 و25/7/2005. وهي ملاحظات مهمة تستوجب التفكير بها, سواء بالاتفاق أو الاختلاف معها. فما هي أبرز تلك الملاحظات؟ يمكن بلورتها فيما يلي:
• الموقف من سياسة البعث ومن تغيير سياسة الحزب الشيوعي في عام 1979 ورفع شعار إسقاط السلطة ومن الكفاح المسلح كأحد أساليب الكفاح في أرض (غريبة) هي كردستان.
• الموقف من القول بعودة الحزب الشيوعي العراقي إلى أحضان القوى الوطنية المعارضة.
• الذهنية الفلاحية هو تفكير شيوعي أو ماركسي قديم عفا عليه الزمن.
• الموقف من الحرب وإسقاط النظام.
• الموقف من النقد الذي يوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومن استراتيجيتها في المنطقة.
• حول الموقف من نقد التجربة الكردستانية أو الوضع الراهن في كردستان.
وسأتناول بعض الملاحظات الأخرى عبر مناقشتي للملاحظات الرئيسية واحدة تلو الأخرى.

الموقف من سياسة البعث والكفاح المسلح:
ليس ما قدمته دراسة متكاملة عن فترى حكم البعث وسياسة الحزب الشيوعي, فهذه مهمة الحزب الشيوعي. ومن جانبي فأنا لم أتناول سياسة البعث مع بدء التغيير في سياسة الحزب الشيوعي منذ عام 1979 بعد أن رفع شعار إسقاط سلطة البعث, بل تناولتها منذ سقوط نظام عبد الرحمن عارف والموقف من التحالف مع البعث بشكل مكثف. وأشرت بوضوح بأن التحالف مع البعث لم يكن صحيحاً وكان خطأً تاريخياً ارتكبه الحزب الشيوعي. وأنه الحزب الشيوعي انفرد بالتعاون مع البعث بعد خروج الحزب الديمقراطي الكردستاني من التحالف مع البعث. وفي عام 1979 لم يبق أمام الحزب أي خيار غير خيار الانسحاب من الجبهة, إذ لم يترك له البعث أي خير حقيقي آخر, وكان عليه أن يختار بين أمرين: إما أن يناضل ضد السلطة البعثية وبمختلف السبل الممكنة وينادي مع قوى المعارضة الأخرى شعار الإطاحة بها, بغض النظر عن الأسلوب الذي يمارسه في هذا الصدد, وإما أن يتحرى عن طريق للعودة إلى التحالف معه بشروط أقسى من الشروط السابقة, والتي لم تكن ممكنة إلا في مخيلة البعض من القيادة أو أن يتخلى الحزب كلية عن تاريخه ومبادئه وأهدافه القريبة. وكان الخطر الثاني قائماً في أذهان وسياسة ومواقف بعض قياديي الحزب, سواء أكان هؤلاء في المكتب السياسي أم في اللجنة المركزية. وبرز ذلك في اجتماع اللجنة المركزية في صيف عام 1979, ولكن حسم الأمر لصالح شعار إسقاط السلطة. وكان على اللجنة المركزية أن تقرر أحد أمرين إما القبول بممارسة جميع أساليب الكفاح, بما في ذلك الكفاح المسلح, وإما البقاء في الخارج والتحري عن أساليب للولوج إلى داخل الوطن للنضال السري للإطاحة بالنظام. وكانت إمكانيات الأمر الثاني ضعيفة حينذاك, إذ كان مقترناً بجو صارخ وجماعة في اللجنة المركزية تدعو بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى المساومة مع البعث ثانية, وكانت تُحمَّل الحزب الشيوعي مسؤولية انفراط عقد الجبهة مع البعث حينذاك. من هنا برز شعار إسقاط النظام وشعار الكفاح المسلح باعتبارهما الحل الأمثل. لم يكن الكفاح المسلح بطبيعة الحال هو الحل الأمثل, إذ كان بالإمكان رغم المصاعب الكبيرة أن يحمل الحزب شعار إسقاط النظام دون أن يشارك في حمل السلاح, كما فعل العديد من القوى السياسية حينذاك.
وعندما كتبت على عجل عن حرب الأنصار, كانت رغبتي أن تبحث هذه القضية بصورة مشتركة مع الكثير من قوى الأنصار وغيرهم, سواء أكانوا الآن في الحزب أم خارجه, كما أنا عليه الآن, ليتفقوا على موقف موحد ينتقد قرار الكفاح المسلح بدون أن يحمل المناضلين الذين ناضلوا واستجابوا لقرار الحزب الشيوعي مسؤولية ذلك, بل تتحمله قيادة الحزب. كانت الدعوة إلى الكفاح المسلح بمثابة الدعوة لاستعادة عافية الحزب الشيوعي من خلال شد الشيوعيين إلى الداخل وإلى العملية النضالية, ولم يكن في الحسبان أن تقع تلك الخسائر البشرية الفادحة, وهو نقص في التفكير والتحليل في حينها وكتبت عنه أكثر من مرة وفي أكثر من كتاب صدر لي خلال السنوات المنصرمة. وقد تبين لي ذلك منذ سنوات طويلة وفي حينها طرحت وجهة نظري بوضوح تام. وكان بالإمكان تقليل الخسائر طبعاً. إن الحديث عن بطولة وبسالة الأنصار ضرورية لأنها كانت كذلك, سواء من استشهد منهم أم من بقي على قيد الحياة, ولا علاقة لها بخطأ شعار الكفاح المسلح في كردستان إذ أن المناضلين لا يتحملون مسؤولية ذلك القرار, بل قيادة الحزب وحدها. كان علينا أن ندرك بأن نظام بغداد لا يسقط إلا في بغداد, وكان علينا أن نعمل من أجل ذلك بجوار حرب الأنصار ولم نوفق في ذلك.

الموقف من القوى بعودة الحزب الشيوعي إلى أحضان القوى الوطنية المعارضة:
إن مفهوم تطهير النفس هو تعبير مجازي حسي, ولكنه يتضمن عدة أفكار كنت أعتقد بأن القارئة أو القارئ, ومنهم السيد طلال شاكر, سيدركون مقصدي, وهو ما أعتقده حتى الآن رغم ملاحظات السيد شاكر, ولم أقصد المعنى الحرفي أو المضمون الديني أو الأخلاقي للتطهير, وأعني بذلك: 1) إن قرار التحالف مع البعث كان قراراً خاطئاً ومرفوضاً من المهتمين بالسياسية من بنات وأبناء الشعب, وبالتالي وقف الحزب ضد التيار الشعبي, ومنه القاعدة الحزبية, الرافض للتحالف مع البعث, بسبب خبرته مع البعث وحسه المرهف, ولم نرتق في حينها إلى حس المجتمع. 2) ارتكب المكتب السياسي أخطاءً فادحة أثناء مسيرة التحالف حين أكد في المؤتمر الثالث للحزب على إمكانية السير معاً صوب الاشتراكية, وبالتالي ساهم في تراجع يقظة الشيوعيين بشكل خاص والجماعات المؤيدة للحزب والمجتمع. 3) وتسببت هذه الموضوعة والموقف في انكشاف تام لتنظيمات الحزب الشيوعي على أجهزة أمن البعث وحزبه مما أتاح فرصة إنزال ضربة شديدة وموجعة جداً بالحزب الشيوعي. 4) وكانت موافقة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي على حل المنظمات المهنية وفق طلب قيادة البعث, مثل اتحاد الطلبة والشبيبة ورابطة المرأة ..الخ, خطوة خاطئة قوبلت بعدم تأييد واسع من جانب القاعدة الحزبية والقوى المحيطة بها. بهذا المعنى أشرت إلى تطهير النفس أو تخليص الحزب الشيوعي من عواقب تلك السياسة. وبالتالي يتسنى للشيوعي أن يستعيد مكانته أمام المجتمع وثقته بنفسه ويحاول إصلاح العطب الذي حصل بينه وبين فئات المجتمع بسبب سياسة التحالف مع البعث.
ما زلت أرى بأن شعار إسقاط السلطة كان شعاراًُ سليماً, ولكن شعار الكفاح المسلح وخوضه بالطريقة التي تمت لم يكن سليماً ومراجعته ضرورية. ويصعب الآن استعادة كل الصراعات الفكرية والسياسية التي كانت تدور حينذاك داخل القيادة من أجل فهم العوامل الكامنة وراء ذلك القرار والسياسة.
طبعاً أرض كردستان ليست غريبة عن العراقيات والعراقيين بالمعنى البسيط للكلمة التي لا يقصدها السيد طلال شاكر, ولكن الكاتب يقصد أن المناضلين العرب كانوا لا يعرفون المنطقة ولا لغتها ولا عادات الناس. وبهذا المعنى فهو محق جزئياً للأسباب التالية: ** لم يكن جميع الأنصار من العرب, رغم أن أكثرية الأنصار الشيوعيين كانوا من العرب, فقد كان إلى جانبهم كثرة من الكرد, وخاصة الكرد من أهل الإقليم, إضافة إلى الكلد أشور وبعض التركمان؛ ** سرعان ما تعرف العرب على الإقليم وتقاليدها وعادات سكانها وانسجموا مع القرويين والبعض منهم تعلم اللغة الكردية وأصبح من أبرز الإدلاء في المناطق الجبلية وفرق الطريق أو حتى فرق المدينة التي كانت تنزل في عمق المدن, كما في مجموعة أو سرية الشهيد سعدون (وضاح), حين كانت تعمل في محيط مدينة أربيل.

الموقف من القول بعودة الحزب الشيوعي إلى أحضان القوى الوطنية المعارضة:
أدى التحالف الذي دخل به الحزب مع البعث وبخلاف أغلب القوى السياسية العراقية, في ما عدا الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى عام 1973, إلى ابتعاد الحزب الشيوعي عن بقية قوى المعارضة السياسية. وكانت قوى المعارضة تحمل شعار إسقاط نظام البعث في العراق بسبب سياساته الرجعية والاستبدادية والقمعية. وفي الوقت الذي كان الحزب الشيوعي في تحالف مع البعث, كانت الاعتقالات تجري على قدم وساق ودون توقف طيلة فترة التحالف, بل كانت في تصاعد مستمر أدت إلى إسقاط المزيد من الشيوعيين وأصدقاء الحزب سياسياً, إضافة إلى عمليات الاغتيال أو الإجهاز على الكوادر الشيوعية بطرق شتى. لا شك في أن التحالف بين حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني تضمن جملة من الأخطاء, وكذا العلاقة بين الحزب الشيوعي والديمقراطي الكردستاني. ولا شك في أن مسؤولية تدهور العلاقة بين الحزبين الشيوعي والديمقراطي الكردستاني يتحملها الطرفان حيث ارتكبا الكثير من الأخطاء المتبادلة. ولكن ماذا أعني بقولي "عودة الحزب إلى أحضان المعارضة السياسية للنظام"؟ كنت أعني إعلان الحزب المقاطعة الفعلية مع قوى النظام وإنهاء القطيعة مع قوى المعارضة للنظام والعودة إليها للتعاون والعمل معها في الموقف من النظام الاستبدادي وانتهاج سياسة صائبة بدلاً من سياسة التحالف الخاطئة مع البعث. وبالتالي فهذا القول لا يجسد فكرة أخلاقية أو مثالية أو تعبر عن متاهات, بل تجسد مضامين محددة أثق بأن القارئة والقارئ, ومنهم السيد طلال شاكر, يدرك مغزى ما أقوله, رغم محاولته الاستفسار وكأنه لم يفهم إلا معناها المثالي الأخلاقي.

الذهنية الفلاحية هو تفكير شيوعي أو ماركسي قديم عفا عليه الزمن:
أشرت في أكثر من مقال لي ومنذ سنوات طويلة بأن الماركسية ليست نظرية جامدة أو مقولات ثابتة لا تتغير, بل هي منهج علمي لتحليل وفهم الواقع والعوامل المحركة له والاستنتاج ورسم السياسات. وبالتالي فالمقولات ليست سوى تجسيد للواقع, وعندما يتغير الواقع تتغير معه المقولات. وإذا كانت الأحزاب الشيوعية, ومعها غالبية الشيوعيين أيضاً, قد مارست ذلك بشكل خاطئ فهذا لا يعني أبداً بأن المنهج المادي الجدلي هو الخاطئ. وعندما تحدثت عن الذهنية الفلاحية فماذا أعني بها؟ وأرجو ابتداءً أن يكون واضحاً بأن الحديث عن الذهنية الفلاحية ليست من نتاج الفكر الماركسي وحده أو من تشخيصه الخاص لطبيعة تفكير الفلاحين, بل هي أقدم من التحليل الماركسي لها وتشخيصها بكثير, إذ أن القارئ لعدد كبير من روايات وقصص القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أوروبا, ومنها روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا, إضافة على كتابات الفلاسفة, سيجد ذلك واضحا جداً. الذهنية الفلاحية تعني أنها تتسم بالقلق والتردد والقدرية ورسوخ التقاليد والعادات, الجيدة منها والسيئة, والرؤية الفحولية للمرأة والخجل من الانسحاب من المعارك التي يبدو فشلها وخسارتها واضحة للعيان, والابتعاد عن التحليل العلمي للأحداث والوقائع والعفوية بسبب الجهل والأمية والاضطهاد والقهر ... الخ. وهذا القول لا يستخدم من جانب الماركسيين وحدهم, بل من قبل كتاب وساسة برجوازيين وصغار البرجوازيين أيضاً. وهي ليست إساءة للفلاحين بقدر ما هي تحديد لواقع قائم ناشئ عن طبيعة المجتمع وخصائصه وظروف حياة ونشاط الناس وعقلياتهم واتجاه تفكيرهم. علينا أن لا نفتعل المواقف من أجل الهجوم على الماركسية أو بعض التحليلات التي التزم بها الشيوعيون وهم على حق في ذلك. ومن معايشتي للفلاحين والريف وعملي لسنوات عدة في مجال الفلاحين والزراعة يمكنني تقديم عشرات الأمثلة التي تجسد هذه الذهنية الفلاحية العقيمة والثعلبية حتى في أوساط قيادية وليس بين الفلاحين البسطاء فقط.
الماركسية يا سيدي الفاضل منهج علمي وليست نظرية جامدة وليست مقولات ميتة لا حياة فيها, ولهذا ليس عيباً أن نمارسها وأن نستفيد من المناهج الأخرى أيضاً, وإذا كانت بعض المقولات كليشهات, فليس كل ما اكتشفه المنهج الماركسي أصبح قديماً لا ينفع أحداً. نعم هناك ما فاته القطار منذ عقود, وهناك ما فاته القطار منذ سنوات أو أن هناك ما سيفوته القطار مستقبلاً أيضاً, ولكن هناك ما يمكن الاستفادة منه حتى الآن وهو كثير, ولكن الأهم من كل ذلك ليس المنهج المادي الديالكتيكي والمادي التاريخي فحسب, بل وكيفية استخدامه. الكثير من الكتاب البرجوازيين في المجتمع الرأسمالي يعود اليوم ليدرس كتاب "رأس المال" لكارل ماركس لا حباً بماركس, بل بسبب عمق تحليله للرأسمالية واتجاهات تطورها وقوانينها الموضوعية ...الخ.

الموقف من الحرب:
لقد كنت وما زلت ضد الحرب بالمعنى الحرفي للكلمة ولست نادماً على ذلك, ولا بأس أن يعتبرني السيد طلال شاكر مثالياً وحالماً وغيرها من الأوصاف التي أتحفني بها ولم يبخل بها. فإذا كنا نريد إسقاط جميع النظم المتوحشة, وهي كثيرة حقاً, عبر الحروب الخارجية, فسوف تعيش الشعوب كلها في دوامة من الحروب الإقليمية وستكون مأساة البشرية كبيرة.

الموقف من النقد الذي يوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومن استراتيجيتها في المنطقة:
وبصدد النظام العراقي فقد حصل اتفاق بين السياسة الأمريكية وسياسة الغالبية العظمى من القوى السياسية المعارضة للنظام الاستبدادي قاد إلى إعلان الحرب الأمريكية البريطانية وخوضها ضد النظام وإسقاطه. ليس هناك من كان حزيناً على سقوط النظام العنصري والدموي, بل كانت الفرحة غامرة عند غالبية بنات وأبناء الشعب العراقي, إلا عند جماعة النظام وأعوانه, ولكن تداعيات هذه الحرب التي ما تزال قائمة هي التي ترهق الناس كثيراً وتقض مضاجعهم. كنت أتوقع هذه التداعيات, ومع ذلك كنت واقعياً وعملياً في موقفي من نتائج الحرب حين أكدت بأن الاحتلال ليس نهاية التاريخ.
كنت يا سيدي الفاضل أتوقع كل هذه التداعيات وسجلتها في أكثر من عشرة مقالات نشرتها قبل الحرب وأثناء ذلك وما بعدها. والشعب يحصد اليوم تداعيات ذلك, ليس بسبب الحرب فحسب, بل بسبب السياسات الخاطئة التي مارستها الولايات المتحدة منذ سقوط النظام وما تزال تمارسها حتى الآن, إضافة إلى أخطاء الأحزاب السياسية الإسلامية ذات الوجهة الطائفية الشيعية والسنية وبعض القوى الأخرى. ومع ذلك فالشعب يعيش تجربة جديدة, رغم مرارة ما يعيشه اليوم, أتمنى أن تنجح وأعمل من أجل أن تنجح. وأؤيد القوى التي تناضل من أجل نجاحها بسرعة والتصدي للإرهاب الدموي الذي يطلق عليه البعض مقاومة ظلماً وبهتاناً وتزويراً للحقائق والأهداف.

الموقف من النقد الذي يوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومن استراتيجيتها في المنطقة:
لست ممن يكره الولايات المتحدة, فمثل هذا الموقف غير عادل وغير سليم وبعيد كل البعد عن التحليل العلمي. عندما أتحدث عن الولايات المتحدة أبحث في سياسات الإدارة الأمريكية وأحلل مكوناتها, وأتخذ موقف الناقد إما تأييداً أو رفضاً لها. وهكذا يفترض أن يكون الموقف المسؤول, كما أرى. فالسياسة الأمريكية في العراق كانت وما تزال خاطئة في الكثير من جوانبها, رغم وجود بعض الجوانب الإيجابية, ومنها الموقف من قانون إدارة الدولة المؤقت, أو من القرار 137 بشأن المرأة الذي صدر عن مجلس الحكم الانتقالي بمبادرة من السيد عبد العزيز الحكيم. ..الخ. وهكذا الموقف من سياسات أغلب قوى المعارضة السابقة والتي هي في الحكم حالياً. وليس في هذا أي تجاوز على الولايات المتحدة كدولة أعظم, بل على سياساتها التي انتقدها الشعب الأمريكي واعترف الرئيس الأمريكي ذاته بخطأ تلك السياسات التي مارسها بشأن العراق, فهل من المفروض أن أكون أمريكياً أكثر من الأمريكيين والرئيس الأمريكي, أم أن أتخذ الموقف الذي أراه سليماً.
إن إشكالية سياسات الولايات المتحدة لا ترتبط بالعراق وحده, بل بالعالم أجمع. وإذا كانت المحاولات الشرسة من جانب الولايات المتحدة في فرض سياسة القطبية الواحدة ورؤيتها للعولمة, فأن هناك مقاومة شرسة إزاء تلك السياسات العولمية وذات القطب الواحد من جانب الدول الأوروبية والكثير من بلدان العالم الثالث على الأقل. وعلينا أن نعي أسباب ذلك. وإستراتيجية الولايات المتحدة لا تمس العراق وحده بل المنطقة بأسرها, وفي هذه السياسة من الأخطاء ما يعقد الوضع العربي والمنطقة بأسرها. وهي جزء من سياسة مؤدلجة دينياً وقومياً أمريكياً, سياسة المحافظين الجدد واللبرالية الجديدة التي يدعمها "الله" وأنه مكلف بحمل رسالة خاصة إلى البشرية, كما يرى الرئيس الأمريكي, لنشر الحرية الأمريكية والعدالة الأمريكية والنمط الأمريكي في سائر أرجاء العالم. ومع ذلك وفي أكثر من مقال أشرت إلى أن الاحتلال الأمريكي-البريطاني للعراق ليس نهاية التاريخ, بل المهم أننا تخلصنا من نظام الاستبداد والدم والحديد, ويمكننا فيما بعد إنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق. وليس في مقدوري أن أعيد ما أكتبه باستمرار وفي كل مقال ثم يأتي السيد شاكر نفسه ليشكو من طول المقابلة, وله الحق في ذلك.
إن أخطاء الولايات المتحدة في العراق كثيرة جداً تبدأ مع بداية التخطيط للحرب, حين لم تفكر الإدارة الأمريكية وقادة القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية بما يمكن أن يكون عليه الوضع بعد سقوط النظام, وما هي السياسات التي يفترض انتهاجها, وما هي الاحتمالات التي يمكن أن تنشأ, إذ حتى لاعب الشطرنج يضع أمامه عدة احتمالات في لعبته مع نظيره اللاعب الآخر من أجل أن يحرز الفوز عليه. لقد نشرت سلسلة مقالات حول نشاط صدام حسين قبل سقوط النظام. وقد ترجمت تلك المقالات من قبل الـ BBC إلى الإنكليزية ووزعت على مكاتبCIA في واشنطن وعلى المجموعة العراقية التي كانت هناك في حينها, وأتصل بي بعض الأخوة العراقيين من هناك يسألون عن مصدر هذه المعلومات, ومنهم الأخوة صادق الصائغ وإبراهيم أحمد والدكتور منذر الفضل والدكتور عدنان عاكف وغيرهم. فأشرت لهم بأنها ليست معلومات بل استشراف الواقع المحتمل, فمن يعرف صدام حسين يستطيع أن يقدر ما كان يمكن ويفترض أن يفعله قبل سقوطه. وفي حينها أشار الأخ الشاعر صادق الصائغ بأن ما كتبته يشكل بمثابة فيلم رعب حقيقي لما يمكن أن يمارس من إرهاب في العراق بعد سقوط النظام من قبل البعثيين وغيرهم, فهل هذا ما أتوقعه؟ فقلت له نعم هذا ما أتوقعه وأرجو أن لا يحصل! ومن المؤسف والمحزن حقاً أن يحصل ما توقعته حتى الآن ولن ينتهي بسرعة. إننا نعيش تداعيات ذلك حتى الآن في بلاد وادي الرافدين.
لقد كان على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات, وهو الذي لم تكن مستعدة له إضافة إلى الأخطاء اللاحقة التي كتبت عنها لا شامتاً بهم بل متأسفاً على أرواح الضحايا من بنات وأبناء الشعب العراقي وكذا من أفراد القوات الأمريكية باعتبارهم بشراً يموتون بسبب أخطاء الإدارة الأمريكية.
في مقالات سابقة لي كتبت عن دور أمريكا في حماية مكسب الفيدرالية في كردستان والخطوط الحمر التي وضعت أمام النظام الصدامي لم يكن في مقدوره تجاوزها والاعتداء على الشعب الكردي ثانية. وهذا صحيح, ولكن هذا لا يلغي أبداً الدور النضالي الذي نهض به الشعب الكردي في العراق دفاعاً عن قضيته وهو ما اتفق به معي السيد طلال شاكر. وإذا كان السيد طلال شاكر يرى لزاماً تكرار ذلك من جانبه, فهذا من حقه وعليه أن يفعل ذلك متى يشاء ولكنها ليست مهمتي.

حول نقد التجربة الكردستانية أو الوضع الراهن في كردستان:
مارست النقد باستمرار إزاء التجربة النضالية الكردستانية, ويمكن لمن يريد أن يطلع على ذلك العودة إلى كتابي "ساعة الحقيقة: مستقبل العراق بين النظام والمعارضة" 1995, وكتابي "المأساة والمهزلة في عراق اليوم" 2000, وكذلك كتاب "فهد والحركة الوطنية في العراق" 2003, وكتابي الموسوم "الاستبداد والقسوة في العراق" 2005, إضافة إلى قرب صدور كتابي الموسوم "لمحات من نضال حركة التحرر الوطني للشعب الكردي في كردستان العراق". كما كتبت الكثير من المقالات النقدية في معرض استعراض الحركة النضالية للشعب الكردي. ولكن زيارتي الأخيرة لكردستان جعلتني أطلع على الكثير من المعلومات المدققة التي سمحت لي بكتابة سلسلة المقالات الثلاثة التي تبحث في الوضع لا من منطلق الإساءة للتجربة, بل من منطلق الحرص عليها ودفعها نحو الأمام. عندما زرت كردستان في عام 2002 كنت مدعواً لحضور ندوة علمية حول مجازر الأنفال, وكانت كارثة الأنفال وحلب?ة هي موضوع البحث. وعندما التقيت ببعض أبرز المسؤولين في كردستان, ومنهم السيد نجيرفان بارزاني, رئيس وزراء الإقليم (إربيل), والسيد عدنان المفتي, نائب رئيس الوزراء في حكومة الإقليم (السليماني) قدمت ملاحظاتي الواضحة بصدد ما تعرفت عليه في حينها وكتبت عنه أيضاً منتقداً بعض المظاهر, ولكن ليس بالوضوح والقوة التي كتبت عنها فيما بعد عندما اطلعت على جملة من الحقائق. لا أجامل أحداً على أمر ما إن كنت مقتنعاً بذلك ولدي من المعلومات ما تساعدني على طرحها, وإلا فأنا لا أضرب أخمساً بأسداس. لقد كتبت مقالاتي منتقداً حكومة الدكتور علاوي وحكومة الدكتور الجعفري, وأرى أني كنت على حق بذلك, ومع ذلك عندما انتقدت الأخوة في كردستان في عام 2002 لم أكن بالقوة ذاتها بسبب ندرة المعلومات أولاً, وبسبب أن النظام العراقي كان يقف بالمرصاد للأخوة في كردستان وللتجربة الكردستانية, إضافة إلى الأعداء المتربصين بهم في الدول المجاورة, ولا يمكن المقارنة بين تلك القوى والإرهابيين حالياً. ومع ذلك فالنقد للتجارب مطلوب باستمرار بغض النظر عن الظروف المحيطة, وهذا صحيح وأتفق به مع السيد طلال شاكر.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الزميل الدكتور شاكر النابلسي على حق حين تساءل: لماذا لم ي ...
- المصالحة الوطنية هدف الشعب, ولكن وفق أي أسس؟
- لكي لا تتشظى وحدتكم ولكي لا تخسروا قضيتكم أيها الأخوة الكرد ...
- مشاعر القلق والخشية من المساومة سيدة الموقف والإشاعات في الس ...
- هل حكومة الجعفري المؤقتة تؤدي مهماتها بشكل معقول؟
- هل بدأ موعد قطف ثمار -الفوز الساحق!-, هل بدأ الشعب يعيش عواق ...
- مشروع للحوار الديمقراطي بين أفراد وجماعات المجتمع المدني الع ...
- حوار هادئ مع سخونة أراء السيد الدكتور الشكر?ي!هل اليساريون ي ...
- هل هناك تغييرات فعلية جارية في فكر وممارسات الأحزاب الشيوعية ...
- رسالة مفتوحة إلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني!
- من هو المسؤول: الضحية أم الجلاد؟
- الجامعة العربية المفتوحة في الدانمرك: واقع متطور وآفاق واعدة
- من أجل مواجهة إرهاب الإسلاميين المتطرفين في العالم في ضوء أح ...
- هل الأخوة الكرد بحاجة إلى صدمة لينتبهوا إلى ما يجري في وسطهم ...
- لا وألف لا للتعذيب, سواء أكان لي أم لأعدائي!
- هل طرأت تغيير ات فعلية على فكر وممارسات القوى القومية العربي ...
- العراق والتعذيب الجاري في المعتقلات العراقية الراهنة!
- هل من بديل عن شعار -الدين لله والوطن للجميع- في العراق؟
- القوى القومية والموقف من قضايا الشعب الأساسية في العراق
- !صرخة لمن في أذنه صمم


المزيد.....




- بآخر تحديث للجيش العراقي.. هذه نتائج انفجارات قاعدة الحشد ال ...
- شاهد اللحظات الأولى لانفجارات ضخمة داخل قاعدة للحشد الشعبي ف ...
- فيدان: زيارة السيسي لتركيا ضمن جدول أعمالنا
- الميكروبات قد تحل ألغاز جرائم قتل غامضة!
- صحة غزة: 4 مجازر خلال 24 ساعة وإجمالي ضحايا الحرب تجاوز 34 أ ...
- الحرمان من النوم قد يقودنا إلى الإصابة بـ-قاتل صامت-
- مكمّل غذائي شائع يمنع الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا
- العثور على -بكتيريا مصاصة للدماء- قاتلة متعطشة لدم الإنسان
- -واتس آب- يحصل على ميزات شبيهة بتلك الموجودة في -تليغرام-
- لجنة التحقيق الروسية تعمل على تحديد هوية جميع المتورطين في م ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كاظم حبيب - حوار مع ملاحظات السيد طلال شاكر في مقاله رأي وتساؤلات