أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الحاجة نفيسة – قصة قصيرة















المزيد.....

الحاجة نفيسة – قصة قصيرة


موريس رمسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


‘نفيسة‘ شابة ريفية قام والدها بتزويجها بعد ان اكملت التعليم الاساسى لكن الزواج لم يدم معها كثرا فبعد طلاقها انتقلت إلى منزل الوالد مصطحبه معها ابنتها ‘حليمة‘ و لكى لا تكن عبئ مادى أضافى على والدها قد قامت بالعمل فى مصنع قريب منها متخصص فى تعبئة و تغليف الخضروات لعدة سنوات قليلة .. بسبب ظروف اقتصادية سيئة مرت بالمصنع فاضطرته لاستغناء عن جميع العمالة المؤقتة لديه فتوقفت ‘نفيسة‘ عن العمل .. ذاد العبء على الوالد الذى اضطر ان يعمل طوال اليوم لكى يكفف بعض من مصاريف أسرته المتكونة من ثمانية عشر نفس و زوجتين يعيشون فى منزل ريفى متواضع

ارادت ‘نفيسة‘ الخروج من منزل الوالد بأسرع ما يمكن لتوفر بعض التكاليف عن كاهل والدها لكنها تعلم جيدا صعوبة الزواج لمرة ثانية لكى تنتقل الى منزل اخر كما تعلم صعوبة الحصول على عمل قريب فى الناحية فلم يتبقى أمامها غير البحث عن مستقبل أخر خارج البلاد كما يفعل الشباب أبناء الجيران المهاجرون إلى اوربا و يتقاضون مرتبات كبيرة فى اوربا كما يشترون البيوت جوارهم و يمتلكون اشياء اخرى كثيرة و اسرهم تعيش حالة من الرغد و البحبوحة لم يعاهدوها من قبل

يقع مسكن الأسرة فى أحدى ضواحى مدينة سياحية شهيرة بشاطئها الرملى الخلاب الذى يرتاده الآلاف سنويا من الأوربيين خلال الصيف و فترة العطلات .. اخذت ‘نفيسة‘ تذهب يوميا إلى منطقة الشاطئ فكانت تذهب مبكرا و تعد ثانية اخر النهار بحجة البحث عن عمل فى المدية لكنها فى حقيقة الأمر كانت تبحث عن الزوج الأجنبى الذى ينتشلها من الفقر و الوضع المعيشى الصعب عندما يصطحبها معه إلى أحدى الدول الأوربية .. مرت الأسابيع و الشهور ثم صادف الحظ ‘نفيسة‘و تقابلت فى اخر المطاف مع ‘كلود‘ البلجيكى الذى يكبرها بخمسة و عشرين عام و يبحث ايضا عن زوجة يصطحبها عند عودته .. تلاقيا الاثنان اكثر من مرة على الشاطئ و فى الحانات و المطاعم و فى غرفته بالفندق و لم يستغرقا الكثير من الوقت حتى توافقا على الزواج و العيش سويا فى هولندا على ان يستبقيان ‘حليمة‘ مؤقتا عند اسرة والدها

حصل ‘كلود‘ سريعا على شهادة تغير ديانة إلى الإسلام من القاضى و أتفق مع والدها على مبلغ المهر المدفوع و على نوعية الهدايا الأخرى و لباقية افراد الأسرة لذا تم الزواج بيسر و سهولة .. بعد احتفال متواضع مع الأهل و ابناء الحى اصطحب ‘كلود‘ عروسته إلى غرفته بالفندق و بدأ فى شراء الاحتياجات و اعداد الحقائب .. سافرا العروسان و هما فى حالة من النشوة و الفرح يملئهما الأمل فى حياة رغدة سعيدة

اقامة ‘نفيسة‘ فى شقة ‘كلود‘ الصغيرة و هى تقع فى احدى الضواحى الريفية على ينتقلا فيما بعد إلى شقة أكبر فى المدينة و اعتادت على الذهاب لمركز المدينة مرة على الأقل اسبوعيا لكى تتسوق من المتاجر العربية و لتبحث عن ابناء وطنها فى المركز الاسلامى .. تعرفت على البعض و بمرور الوقت تعلمت الكثير عن الأمور الإدارية التى تخص الخدمات الاجتماعية و الصحية و كيفية التعامل مع جهات البلدية .. تتلقى ‘نفيسة‘ معونة اعاشة شهرية كما هو الحال لـ ‘كلود‘ العاطل عن العمل بالإضافة الى بعض المعونات الأخرى كالمسكن و التأمين الصحى و غيرهما لكن بمرور الوقت بدأت نفيسة تشعر بالقلق من ضيق اليد و عدم الادخار فالدخل يكفيهما بالكاد كما ان ‘كلود‘ لا يريد التوفير من احتياجات المعيشة .. فهى تريد ارسال مبلغ شهريا لمساعدة والدها كما احضار ابنتها ‘حليمة‘ لتعيش معها و هى تحلم اقتناء منزل بوطنها مستقبلا لذا بدأ الملل و التذمر يدب و المشاكل بدأت فى التصاعد يوميا بينهما

انتقلت ‘نفيسة‘ لتعيش مع ‘زهرة‘التى تسكن المدينة و انفصلت عن ‘كلود‘ و عند صديقتها تعرفت علي ‘رشيد‘ ابن بلادها و توثقت العلاقة بينهما و انتقلت لتعيش معه فى منزله فهو يعيش لوحده بعدما تركته زوجته مع ابنته و لا يعرف عنهما شيئا من سنوات .. استمرت ‘نفيسة‘ تسكن لدى ‘رشيد‘ حتى حصلت على شقة من قبل إدارة البلدية لكونها حامل و تنتظر ابنها ‘كريم‘ من ‘رشيد‘ الذى لم يعدها بالزواج فهو لا يزال متزوج رسمى .. انجبت ‘نفيسة‘ ‘كريم‘ و حصلت على معونة شهرية اضافية لرعايته و تكررت المعونة مع ابنتها ‘حليمة‘ التى استطاعت استقدامها لتعيش معها فى السكن الجديد و تغيرت الأحوال المادية قليلا لكنها لا تكفى لتحقيق الطموح و الرغبات و الطريق مازال طويل

وجدت ‘نفيسة‘ عمل غير رسمى فى النظافة حتى تضمن الحصول على المعونات الشهرية كما اتفقت على ترك الاولاد مع ‘زهرة‘ اثناء فترة العمل .. استمرت على هذا الحال لعدة أشهر ثم توقفت عن العمل فعائده المادى ضئيل و لا يرضى الطموح فهى لا تزال شابة و تستطيع فعل الكثير

عرض ‘رشيد‘ و هو الأب الشرعى لـ ‘كريم‘ عليها لتعمل لديه فى الحانة التى يمتلكها و يديرها فلم تتردد و وافقت على الفور فقد كانت على علم مسبق من ‘رشيد‘ و تعرف طبيعة العمل و اسراره .. الحانة لا تختلف كثيرا عن مثيلتها فهناك تُقدم المشروبات الكحولية و غيرها على نغمات الموسيقى الهادئة و تعتبر كنقطة تلاقى و تعارف لزبائن لكن ‘رشيد‘ حولها سرا بدون ترخيص إلى ملتقى لباحثين عن المتع الجسدية و اصبحت الحانة معروفة بذلك لدى روادها

كانت ‘نفيسة‘ تصطحب اولادها يوميا بعد المدرسة الى وسط المدنية حيث المركز الإسلامى فتتركهم لديه ثلاثة ساعات على الأقل يوميا ليتعلما اللغة العربية و الصلاة و ليحفظا بعض الآيات القرآنية مع الأولاد الأخريين ثم تذهب أثناء ذلك الى الحانة التى لا تبتعد بالسيارة كثيرا فاذا لم يكن هناك زبائن معروفين لديها تبدأ فى الالتفاف حول الزبون الجديد كما يقوم ‘رشيد‘ احيانا بتسهيل المهمة لها فتصطحبه الى الفندق المجاور و تتغيب عشرين دقيقة على الأكثر ثم تعاود الفعل مرة ثانية .. الحانة و الفندق يقعان فى شارع جانبى بالتالى يصعب افتضاح أمرها امام المارة .. استمرت ‘نفيسة‘ على هذا المنوال سنوات عدة و استطاعت تكوين ثروة لا بأس بها و اشرت اكثر من منزل فى موطنها و اغدقت بالأموال على والديها و أخواتها بالإضافة إلى امتلاكها منزل كبير بالمدينة

واجه ‘رشيد‘ ضائقة مالية كبيرة مع البنك و تعثر فى سداد ديون بسبب ادمانه لقمار و المخدرات و أضطر ان يبيع الحانة لـ ‘نفيسة‘ ليسدد جزء من ديونه لبنك و عمل لديها فى نفس الوقت فى الحانة .. فبدونه يصعب التحكم فى الزبائن و النساء العاملات ثم فترة ليست بالقليلة تركت ‘نفيسة‘ ادارة الحانة لـ ‘رشيد‘ نظير مبلغ محدد يدفعه لها يوميا بعدما ارتأت انه قد حان الوقت لابتعادها نهائيا عن الزبائن و عدم الظهور ثانيا فى العلن

الأولاد قد كبروا و اصبحا فى عمر الشباب بالغين و انهيا التعليم المتوسط و تعلما حرف فى المعهد المهني .. ‘حليمة‘ و ‘كريم‘ يتغيبان عادة عن المنزل و هى لا تعلم شيئا عن تحركاتهما لانشغالها الدائم فى الحانة لكنها تعلم فى نفس الوقت انهما متدينان يصليان الفروض و يتابعان المركز الإسلامى .. فضلت ‘نفيسه‘ الذهاب إلى الحانة اثناء الصباح فقط و قبل بداية وصول الزبائن لكى تقوم بتحصيل الدخل و متابعة الحالة العامة و حجز و شراء المشتريات اليومية و خلافه

قامت ‘نفيسة‘ بعمل فريضة الحج لكى تغتسل من ذنوبها و تكفر عما فعلت لكنها فى نفس الوقت لم تستطع بيع الحانة أو تأجيرها على الرغم من الأقسام الغليظة فى البيت الحرام بعدم رجوعها إلى ممارسة البغاء .. لكن ‘رشيد‘ استطاع اقناعها بتولى الحانة بمفرده على ان يرسل لها الريع الصافى اليومي فلا تشارك بنفسها بفعل أى ذنب و استمر ‘رشيد‘ على هذا الاتفاق .. ارتديت ‘نفيسة‘ الحجاب على رأسها امعانا فى التخفى و لإبعاد الشبهه عنها حتى اصبح اهالى الناحية فى موطنها يحلفون بحياتها و رأسها بسبب الصدقات و الهبات التى تقدمها لهم اثناء زيارتها لأسرتها

فى أحدى الأيام و اثناء جلوس الحاجة ‘نفيسة‘ تتناول فطورها فى حديقة منزلها الكبير و هى تتذكر شريط حياتها بداية من خروجها الى مسكن والدها و معها أبنتها ‘حليمة‘ تحملها على كتفها اذا بالخادمة تأتى إليها ببعض الرسائل البريدية و بدون سابق انذار آتت الكوارث إليها تباعا من صندوق البريد .. رسالة من إدارة البلدية تخبرها بغلق الحانة اداريا و بسبب استغلالها فى أعمال اخرى غير النشاط المصرح بيه و قامت الإدارة برفع قضايا جنائية بسبب التسهيل و الاكتساب من ممارسة البغاء و إغواء القاصرات فى ممارسة البغاء بالحانة .. تضامن مدير و مالك الحانة فى الاتهامات و فى العقوبة التى قد تصل الى سبعة سنوات سجن منفذ و اما الرسالة الثانية فكانت من إدارة الضرائب تطالبها بدفع مبلغ افتراضى يتعدى المليون يوروه مستحق كضرائب عن أعوام عدة سابقة و كانت الرسالة الأخيرة الأصعب بالفعل فقد طالبها مدير الأمن العام بالمدينة ان تراجع الإدارة فى حالة تواصلها أو معرفة أى شيء يخص ‘حليمة‘ أو ‘كريم‘ فقد ذهبا الاثنان يجاهدان مع تنظيمات إرهابية مختلفة فى الشرق الأوسط



#موريس_رمسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغو جنان
- رمضان كريم شبعان
- سماره – قصة قصيرة
- كلام كريم
- قطر و الخلافة الإسلامية
- صو صوو عليه و صو
- قوم خان
- الأغو خان
- ده حالك يا بلد
- إيلوهيم أكبر
- الثقافة البدوية العربية و تخلف الشرق
- تلاشى قوة مصر الناعمة
- حُماري بينَهَق
- مفهوم الصليب من وجهة نظر فلسفية
- غطاء العفة – قصة قصيرة
- الشرق و انعدام مفهوم الانتماء و الولاء
- دستور بلا هوية لشعب فاقدا للهوية يقوده لهاوية
- رسائل الغرب لا تُفهم في الشرق
- الإسلام ثقافة غير إنسانية
- الكلب هاو هاو


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الحاجة نفيسة – قصة قصيرة