|
مصير الأسرى في الإسلام
عمر البحرة
الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 5 - 06:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد أن سيطرت جماعات الإسلام الجهادي السياسي على الوضع العسكري في سوريا. استطاعت هذه الجماعات تحويل الثورة السورية من ثورة الحرية والدفاع عن الكرامة الإنسانية إلى جهاد للدفاع عن الله ودينه، وقد لجأت إلى إعدام الأسرى بدون محاكمة بالسلاح الناري أو بالذبح ومن ثم صلب هذه الجثث أو التمثيل بها ورفع الرؤوس المقطوعة فوق أسوار الحدائق. وهذا التصرف لم يكن مقتصراً فقط على جماعة الدولة الإسلامية (داعش) بل مارسته معظم التنظيمات المنطوية تحت تصنيف التنظيمات الجهادية. وقد اختلفت ردود الأفعال على عمليات قتل الأسرى ما بين ما بين مندد ومؤيد. وبما أن هذه الجماعات ترفع راية الإسلام. فقد انبرى البعض إلى نفى انتساب هذه الجماعات إلى الإسلام ونعتهم البعض الأخر بالخوارج، أو بفهم الإسلام بشكل خاطئ أو بتأويل الآيات والأحاديث بشكل خاطئ أو أنها قد نزلت في حادثة معينة ولا يصلح سحبها على الأحداث المعاصرة.بينما حاججهم البعض الأخر بأن الدين والآيات صالحة لكل زمان ومكان وقال آخرون أن هدف هذه الجماعات الجهادية هو تشويه وجه الإسلام بينما يردد آخرون أن هذا هو الإسلام الصحيح وأنهم يفعلون ما أمروا به في القرآن والسنة النبوية. تناولت وسائل الإعلام بالنقد التجاوزات على حقوق الإنسان الممارسة من قبل الأنظمة الديكتاتورية وحتى بعض الأنظمة الديمقراطية مثل أمريكا في سجون غوانتامو وأبو غريب، كما سعت وسائل الإعلام والقنوات الفضائية ومنتجي الأفلام والمسلسلات وكتاب الروايات والقصص ومقدمي البرامج الحوارية إلى نشر قيم ومفاهيم حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية بخصوص حقوق الإنسان . ولهذا فقد تشكل لدى الإنسان المسلم الذي يعيش في القرن الواحد والعشرون مفاهيم وسلوكيات أخلاقية ذات علاقة وثيقة بحقوق الإنسان تستنكر قتل الأسير وترفض العبودية وقد ترفض بشكل أو بأخر تطبيق الحدود الإسلامية مثل قطع اليد ورجم الزناة على الرغم من أن البعض يصاب بالانفصام فهو تارة يقبل بتطبيق هذه الحدود كونها من صلب الشريعة وتارة يرفضها باستنكار شديد وذلك حين يرى فيديوهات القتل والجلد وتقطيع الأطراف والإعدامات الميدانية للأسرى. والإنسان المؤمن العادي لا يفقه كثيرا في تفاصيل دينه ولا في التشريع وهو يترك كل شيء لرجال الدين ويتفرغ لحياته الخاصة ومباريات كرة القدم ومشاهدة المسلسلات والأفلام التلفزيونية وما بينها بعض نشرات الأخبار أو البرامج السياسية أو الفكرية والتي تساهم في تشكل وعيه الإنساني ويستمر بالقيام بواجباته الدينية مثل الصلاة والصيام والحج وهو بالتالي يتوقع أن دينه يتوافق بشكل كامل مع المفاهيم التي سمعها مرارا وتكرارا عبر وسائل الإعلام وفي المدرسة لا بل وحتى في المسجد من أن الدين الإسلامي متوافق بشكل كامل مع تشريعات حقوق الإنسان. وبالتالي حين يسمع أو يشاهد أحد الجماعات الإسلامية تقوم بإعدام الأسرى فهو يستنكر ذلك لا بل ويستنكر أيضا أن تكون تعاليم الإسلام تنص على إعدام الأسرى وكم ناقشت أشخاصا أنكروا أن إعدام الأسرى هو عمل شرعي ومنصوص عليه في التشريع الإسلامي. اذا ما هو الحكم الشرعي لمصير الأسرى في الإسلام.
مصير الأسرى في الإسلام
اختلف الفقهاء في مصير الأسرى في الإسلام فبينما أفتى غالبيتهم بقتلهم أفتى البعض منهم بالمن عليهم وإطلاق سراحهم بدون مقابل ومنهم من أفتى بمبادلتهم في مقابل مالي أو مبادلتهم بأسرى مسلمين ويعود سبب الخلاف بين الفقهاء في تحديد مصير الأسرى إلى تعدُّد الأحاديث التي تبيِّن لنا مصيرَ الأسرى، وبسبب تعدُّد الوقائع التي وقعتْ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمرة قَتل الأسرى، ومرة منَّ عليهم، ومرة أطلق سراحَهم مقابل مال، ومرة مقابل فكِّ أسرى مسلمين كانوا قد وقعوا في أسرِ الأعداء. فكل فريقٍ من الفقهاء استدل لمذهبه بحادثة أو بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حادثةٍ ما، ولكن من خلال النظر إلى تعدُّد هذه الوقائع المختلفة النتائج، نستنتج أن مصير الأَسرى مرتبطٌ بواقعهم الذي حدثت فيه تلك الوقائع. وأيضًا من خلال النظر إلى واقع المسلمين من حيث القوة والضعف، أو من خلال تقديم الأولويات من قِبَل ولي أمر المسلمين، فهو الذي يقرر إما أن يقتلَ الأسرى، وإما أن يمنَّ عليهم، وإما أن يبادلَهم بمال، أو أسرى مسلمين وقعوا في قبضة الأعداء.
أقوال فقهاء الإسلام:
اختلف الفقهاء في تقرير مصيرهم واختلفت الحلول المتَّخَذة في حق الأسرى، مستندين إلى أدلة شرعيةٍ، ووقائعَ نبوية، أصدروا أحكامَهم ومنهم من جعل الخيارَ للإمام، فهو الذي يقرِّر المصير، وبعضهم قال بعدم جواز قتل الأسرى. وهنا أَعرض آراءهم: 1- مذهب الحنفية: أن الإمام أو نائبَه في الجهاد مخيَّر بين أمرين: إما القتل وإما الاسترقاق، وليس له أن يمنَّ عليهم بدون مقابل أو بمقابل. 2- مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل: أن الإمامَ مخيَّرٌ في الأسرى بين أحد أربعة أمور: إما القتل، وإما الاسترقاق، وإما الفداء بمال أو أسرى، وإما أن يمنَّ عليهم. 3- مذهب المالكية: ذهب المالكية إلى أن الإمام مخيَّر فيهم بخمسة أمور: القتل، أو الفداء، أو الاسترقاق، أو الجزية، أو المن. 4- مذهب بعض التابعين - كالحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير -: عدم جواز القتل، وأن الإمام مخيَّر بين المنِّ والفداء.
الأدلة على جواز القتل : • من القرآن: 1- ﴿-;- فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ﴾-;- سورة الأنفال. 2- ﴿-;- فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ﴾-;-سورة التوبة. 3- ﴿-;-مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ-;- حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ-;-تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ-;- وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾-;- سورة الأنفال 4- ﴿-;-فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ ﴾-;- سورة محمد • من السنة والسيرة النبوية: 1. أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل عقبةَ بن أبي مُعَيْط، والنضر بن الحارث وهما من أسرى بدر. 2. أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهود بني قريظة بعد أن أسرهم، فاستدلوا على هذا بفعل النبي. • دليل عقلي: ذكره محمد بن الحسن الشيباني في شرح السير، قال: إن الأمنَ من القتل إنما يثبت بالأمان أو الإيمان، وبالأسر لا يثبت شيءٌ من ذلك، فحرمةُ الأسير منتهَكة إلا إذا آمن بالإسلام أو بالأمان، وهذا الأسير خرج لقتال المسلمين، وواجبٌ قتلُه؛ لأنه خرج مقاتلاً.
الأدلة على جواز المنِّ بدون مقابل أو المفاداة بمالٍ أو بأسرى مسلمين: 1. قالوا بعدم جواز قتل الأسير؛ وإنما يخيَّر الإمام بين المنِّ والفداء فقط، ولم يجيزوا القتلَ والأمور الأخرى التي قالها الفقهاء الآخرون. استدلوا بقوله تعالى : ﴿-;- فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ ﴾-;- 2. ما رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلاً من أهل مكَّةَ هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر، فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم سلمًا فأعتقهم؛ فأنزل الله عز وجل : ﴿-;--;- وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ﴾-;- [الفتح. 3. واستدلوا على المنِّ بفعل الرسول في أسارى فتح مكة، والأدلة السابقة الذكر التي فيها المنُّ على الأسري كقوله تعالى: ﴿-;- فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾-;-، والفداء بالأسرى كما فعل عندما استبدل سعدُ بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان بأسير قريشٍ؛ وذلك في سرية عبدالله بن جحش، فقالوا: بأن في الآية تقديمًا وتأخيرًا، والمعنى: فضرْبَ الرقابِ حتى تضع الحربُ أوزارها فإذا أثخنتموهم، فشدُّوا الوثاق، وليس للإمام أن يقتل الأسيرَ، وقالوا: بأن هذه الآيةَ فقط هي التي تبيِّن حُكم الأسرى، وهو المنُّ أو الفداء، أما الاسترقاق فلم يرِد فيه دليلٌ، وعلَّلوا فعل الرسول بقتْل الأسرى أنه كان لأسباب. 4. استدلوا بِما أخرجه أبو داود فيما رواه ابن عباس أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم : "جعل فداءَ أهل الجاهلية يومَ بدر أربعمائة درهم"؛ رواه أبو داود، 5. ويجوز عندهم الفداءُ بمال، واستدلوا على ذلك بأنَّ الرسول أخذ من رجلٍ يُكنى بأبي عزيز أربعةَ آلاف درهم فداءً له في بدر. 6. استدلوا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه مسلم عن عمران بن حصينٍ أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم : (فدى رجلينِ من المسلمين برجلٍ من المشركين من بني عَقيل). الأدلة على جواز الاسترقاق: 1- من قوله تعالى: ﴿-;- فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ﴾-;- ، ففهموا من هذا دلالةً على الاسترقاق 2- كما استدلوا على جواز الاسترقاق بأن هؤلاء الأسرى يُعتبرون غنيمة حصل عليها المسلمون عَنوة وقهرًا بإيجاف الخيلِ والرِّكاب. 3- من باب المعاملة بالمثل، أما الجزية فمن باب أنه سيتركهم أحرارًا في بلد المسلمين، وأن الذمةَ ستنعقد لهم، واستدلوا على ذلك بفعل عمرَ في أهل السواد.
مراجع: 1- مصير الأسرى في الإسلام محمد فقهاء http://www.alukah.net/sharia/0/42449/#ixzz34zD591Ub 2- فيديو يظهر احكام الأسرى في الإسلام للعلامة الشيخ محمد بكار زكريا http://www.youtube.com/watch?v=pMtALfPnFMM 3- فيديو للشيخ عثمان الخميس في حكم قتل الأسير http://www.youtube.com/watch?v=sX-5dKIegTw
#عمر_البحرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة الإسلام في العراق والشام وإيران
-
معك رغم كل الدم المسفوك
-
ثارات النظام السوري
-
هذا الشبل من ذاك الأسد
-
قتلى في الحرم الجامعي
-
عقدة فصام أدونيس
-
سيدي وسيد الوطن
-
تمثال السيد الرئيس وولده المصون
-
أوباما أطلق حميدان
-
الاغتصاب في المجتمعات الإسلامية المعاصرة
-
ما وراء تصريحات عبد الحليم خدام
-
إعلان دمشق وبزور الحرب الطائفية
-
زعران البعث
-
عقلية القمامة
-
القبيسيات - الأمهات المؤمنات ومجمع أبو النور
-
العشوائيات السكنية
المزيد.....
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
-
ماما جابت بيبي..أقوى أشارة تردد قناة طيور الجنة بيبي على ناي
...
-
عراقجي: ندعم سوريا بحزم وهناك تنسيق كامل بين تل أبيب وواشنطن
...
-
” علموا اولادكم العادات الدينية ” تردد قناة طيور الجنة الجدي
...
-
-مبعوث يسوع-.. هل سيُدخل ترامب أميركا عصر الهيمنة المسيحية؟
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تنفذ ردا تحذيريا اوليا للاحتلال
...
-
العثور على موريتاني متهم بإطلاق النار على يهودي بشيكاغو ميتا
...
-
عودة الإسلام السياسي.. بين مخاوف التمدد وفرص الاحتواء
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|