العرب بين البحث عن الهوية وهموم المستقبل ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 14:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

العرب بين البحث عن الهوية وهموم المستقبل

منذ أن بدأ الفكر القومي بالتجلي على الواقع وظهور الحركات السياسية التي تؤمن بحق العرب بالانتماء لهوية مميزة تستند تأريخا علة الدم العربي واللفة باعتبارها الجامع الثقافي الذي يؤطر الانتماء ويساهم في بلورة الحس الوحدوي , نجد أن هذا المسعى الذي أشتد في فترات الأربعينات والخمسينات وصولا إلى حزيران 1967 , حيث أثبتت وقائع الهزيمة المرة أن هذا الفكر يعاني من خلل بنيوي حقيقي يطال المصاديق التي أعتمد عليها وأنه لا بد من مراجعة نقدية وتاريخية للأسس والركائز التي نشأ وقام عليها , لكن القائمون على المشروع وقادة الفكر القومي العربي تجاهلوا هذا النداء ومارسوا معها منهج يعتمد على تبرير منسوب لفكرة الخيانة والمؤامرة والتناقضات التي زرعها بالمقابل الفكر الأممي والفكر الديني في حملة منسقة لتغريب العرب عن واقعهم .
لقد أثبتت كل الوقائع التي تابعت الهزيمة وبالرغم من سيطرة الفكر القومي على مساحات واسعة من الشارع العربي إلا أن كل المؤشرات توضح فكرة التناقض وتدعمها بقوة بل أن التحولات السياسية الكبرى التي جرت بعد أحداث حرب الخليج الأولى ليس على مستوى الساحة العربية أثبتت أن النظرة الأحادية في إسقاطاتها الشمولية لا يمكن أن تنجح في بناء هوية حقيقية اعتمادا على حقائق التاريخ وحده دون أن يكون للجغرافية والثقافة والشعور الإنساني دور في متلازمة لا بد من الإقرار بها سويا , فتعرض الفكر القومي لعشرات الهزات الوجودية وتضعضعت فرضياته بين الإخفاق والتضاؤل دون أن يقدم القوميون العرب حلا مناسبا .
تتركز إشكالية القوميون العرب بنقطتين مهمتين تمثلان تناقض فكري أيديولوجي لا يمكن أن تترسخ قاعدة الفكر القومي بدون الجمع بين حقائق المجتمع وضرورات القيام وتتمثل في :.
• أن الدعوة القومية العربية تمثل روح المجتمع العربي المنتسب للعنصر العربي في واقع مكاني لا يمكن أن يكون في جميع أجزاءه ينتسب حقيقيا لهذه القاعدة , فلا العرب اليوم يمثلون هذه الروح ولا المكان الجغرافي يصدق هذه المقولة , العرب تاريخيا أمة قديمة تفاعلت مع الأمم الأخرى وأنتشسرت معها وتداخلت وأصبح من الصعب تميز الحدود الفاصلة بين ما هو عربي وبين ما هو مشترك أو متفرد , الإصرار القومي على أن مجرد هذا التفاعل يمكنه أن يلغي الفواصل البينية والاجتماعية أوقعه بتناقض مع الأمم الأخرى ,
• إصرار القوميون العرب أن حدود الكيان العربي يمثل ويتمثل بوجود اللغة وهذا شعور يتناقض مع الأمم المتعايشة أو التي تقبلت الوجود العربي في أراضيها وأصبحت مسألة الرفض حتى للثقافة العربية التي تمثل في جوهرها الحقيقي خليط متناغم من نتاج معرفي إسلامي ديني وعربي قومي مع جذور واضحة وجهود بارزة لقوميات ومكونات وثقافات تعاونت وأسست لرؤية حضارية تم تسميتها بالحضارة العربية والحقيقة أنها حضارة إنسانية التكوين وليست قومية المنشأ , هذا الرفض تحول إلى حالة عداء كامنة تتخذ من التاريخ والجغرافية والإنسانية شعار يدعم سعيها للتفرد وربما الانفصال والمعاداة العلنية لاحقا كما حدث في أماكن عدة.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات