أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق أبو شومر - أربع قصص من غزة














المزيد.....

أربع قصص من غزة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 22:32
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم أكن أتخيل أن أرى ما رأيتُ هذا اليوم في مستشفى الشفاء في غزة، صباح يوم الجمعة 25/7/2014
بعد وقوفي دقائق أمام الكاميرا للتعليق على ما يجري من أحداث، أحاط بي عدد كبير من أهلنا المهجرين من الشجاعية، ومن المناطق المُدمَّرة يسألونني عن موعد إعلان وقف إطلاق النار!
كانتْ وجوههم مملوءة بالإصرار على الحياة، على الرغم من مأساتهم المادية والعاطفية الكبيرة، أفاق بعضُهم من الصدمة، وأصبح أكثر هدوءا، أما الآخرون فما يزالون واقعين في قلب الصدمة، يحتاجون إلى مَن ينصرهم، ويُعزز صمودهم، ويقويهم بالاعتناء بهم!
اقترب مني شابٌ في العشرينيات من عمره قال: أرجوك أريد أن أعرف متى يمكنني العودة إلى بيتنا؟
ومتى ستكونُ الهدنة؟
حاولت أن أجيبه بكلمة:
قريبا.
ولكنه أصرَّ على معرفة الوقت والزمن! ولما قلتُ له إننا نحن المحللين نتوقع فقط، ويمكن أن يحدث العكس بعد دقائق من حديثنا، لأن السياسة ليست قانونا، بل لعبةٌ من الألعاب يفرضُ شروطها الأقوياء. رأيتُ دمعةً تدور في مقلتيه، وتلون عينيه بحمرة الأرق والسهاد، فقلت له أين تسكن؟ قال: شرق الشجاعية، بجوار مستوطنة نحال عوز، أنا أعرف أن جيش المجازر قد تجاوز بيتنا، ووصل إلى مسافة أقرب من غزة. قلتُ:
ألستَ سليما معافى ، أنتَ وعائلتُك؟
فاضت عيناه بسيل من دموعٍ حاول أن يُخفيها بالنظر إلى قدمية، ثم قال:
أنا الوحيد الذي تمكنتُ من الوصول إلى مستشفى الشفاء، لم يبقَ لي أحدٌ!!!
القصة الثانية، في اليوم نفسه، اقتربَتْ مني مجموعة من أطفالِ المُهجَّرين، ممن يقطنون مدارس الوكالة المجاورة، وهم يسألون:
متى ستنتهي الحرب؟
سألتُ أصغرهم سنا، وهو في الصف الثاني الابتدائي:
ماذا ترغب أن تكون عندما تكبر؟ قال:
أودُّ أن أصبح مسعفا طبيا!!
لم أكن اتوقع هذه الإجابة، لأن معظم الأطفال دائما يتراوحون في أمنياتهم، بين الطبيب والمهندس والمعلم.
وقال معلِّلا: لقد أنقذ المسعفون أختي وأخي من بيتنا المهدوم، ونقلوهما إلى المستشفى ، وهما هناك منذ خمسة أيام، والمسعفون هم الوحيدون القادرون على إنقاذ الناس!!
أما القصة الثالثة فهي لعجوز من منطقة جُحر الديك، لم تبكِ على ضحايا أهلها وجيرانها فحسب، بل بكت أيضا على بقرتها التي كانت توشك أن تضع مولودها أثناء العدوان، والتي تمثل لها كل ثروتها، وبكتْ أيضا على ثلاث أشجار التين الضخمة التي تُنعش ميزانية الأسرة بما تبيعه من ثمارها، وبخاصة في شهر رمضان، فهي كما تقول جارتها التي تسكن معها في مدرسة وكالة الأمم المتحدة، تستيقظ من النوم فزعة، وهي تقول:
ولدتْ البقرة!!
أما القصة الرابعة، فهي من أقاصيص عملية (إبادة الأُسر) التي يمارسها المحتلون، والتي وقعتْ أيضا في اليوم نفسه، ففي الثالثة من صباح اليوم نفسه، جرى نقل عروسٍ جديدة إلى المستشفى وهي في حالة الخطر، بعد أن دمَّرتْ الطائراتُ منزلها ، وهي نائمة، وكانت تحمل في بطنها جنينها الأول ، ولكنها فارقتْ الحياة بمجرد وصولها إلى المستشفى، وأجرى الأطباءُ لها عملية ولادة قيصرية، فولد الطفلُ سليما معافىً، ولد من رَحِمِ الموتِ، كرمز للحياة التي لا تموت!!
استعدتُ بيتَ شاعرنا محمود درويش، من قصيدته" عن إنسان":
وحبوب سنبلةٍ تَجِفُّ.... ستملأُ الوادي سنابل!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب الألفية السهلة
- لماذا يتحول شهداؤنا إلى أرقام؟
- ليلة وسط أربعة قنابل
- الفلسطينيون يقفون على الأطلال
- غزة مدينة العماليق الصلعاء
- الفلسطيني سلحفاة هذا العصر
- كيف تصبح معلقا وخبيرا؟
- شكرا لكنيسة برس بتيرينز
- غزة مدينة المن والسلوى
- 150 دبابة لإسرائيل بنكتة واحدة
- أبقار بيرس الصهيونية
- ما سبب نكبة العرب الفكرية والثقافية؟
- كراسي توفيق وكرسي الحاخام
- مرض عسر النقد الحزبي في غزة
- إلى سفرائنا في دول العالم
- لا يحدث إلا في غزة
- نوابغ ومجانين العرب
- من أسرار زيارة البابا
- إسرائيل الوريث الوحيد للجنس السامي!
- أين نحن من إفريقيا؟


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق أبو شومر - أربع قصص من غزة