أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ماجد رشيد العويد - حديث إلى الشريك في الوطن















المزيد.....

حديث إلى الشريك في الوطن


ماجد رشيد العويد

الحوار المتمدن-العدد: 1277 - 2005 / 8 / 5 - 09:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لم تنطلق من فراغ فكرة تسجيل هذه المشاعر، وإنما من الحاجة الماسة إلى بسطها في ظل انخراط البلد في المزيد من التخبط. الأخ البعثي يصرّ على الإهمال لما يستجد وبشكل يومي على الساحة السورية من ضغوط، في نوع من الأبهة الكاذبة تذكّرني بالشق البعثي العراقي، وشعاراته الرنانة و"أم المعارك"، و"جيش القدس" وبأنهم سوف يعملون على دحر العدو. هذه اللغة بعثية بامتياز سخّرت العواطف النبيلة لغايات دنيئة. على مرّ التاريخ كانت العاطفة شيئاً مقدساً، غير أن الأخ البعثي لعب على المقدس وأحاله بمصالحه إلى شيء معروض للبيع. وهنا تداعى إلى ذهني أن الأرض شيء مقدس، وتُروى بالدم، ولعل جزءاً من هذه القداسة جاء من كوننا منها انبعثنا، وإليها سوف نعود، وهذه الأرض المقدسة تعاملوا معها بتسفيه واحتقار شديدين. ولقد أشيع عن مسؤول سابق أنه دَفن مع أبنائه نفايات نووية في قلب الأرض السورية، ولو لم تكن هذه الأرض معدة للبيع والشراء بعرفه ومنطقه لما أحال جوفها إلى حالة مشعّة بموت آخر مؤجل للسوري الذي يسكن عليها. وعن الأرض أيضاً استرعى انتباهي مثال آخر، فجبهة الجولان باردة لم تُطلق فيها رصاصة، والرصاص كثير، فلو لم يَسحب رخصة القداسة من تراب هذه الأرض لرواها بالدم، وهذا ما يجب أن يكون، وفي حالة أننا غير جاهزين للحرب فلا بأس بالإعداد لها على أن نكون في الوقت ذاته مستعدين للاحتمالات كافة. لم يكن شريكي في الوطن لو عرضت عليه أفكاري ليكترث بها. يبدو هذا واضحاً وجلياً من الإرث الهائل لديه من السخرية، ليست على كل حال سخرية النبيه الفطن وأين هو منها وقد ضيّع العمر في شعارات كاذبة، ومن التخويف والتخوين اللذين وضع في قلبيهما السوري على مدى حكمه. ولسان حاله: لا أدري لماذا أنتم على هذا القدر من الحقد، لقد علونا بالعروبة بعد أن أظهرناها وجلوناها ونفضنا عنها غبار مستعمر ومتآمر، ودفعنا بها إلى آفاق أخرى متألقة بذاتها فجعلنا من العربية لغة أولى في الديار الممتدة من المحيط إلى الخليج، وكنا الوجه الآخر للإسلام السمح الذي وصل بروحه إلى كل بقعة من الأرض. ما " يميز " البعثي والكلام لي أنه يدّعي امتلاك كل شيء، ويعلن دائماً عن شرعية هذا الامتلاك، فما دامت لغة القرآن الكريم عربية وهم كما يزعمون عروبيون فهم والإسلام واحد، وينسون بتعمّد مفضوح أن الإسلام دين للناس جميعاً. هذا الخلط بينهم وبين الإسلام لا أدري له سبباً، ولعلهم يظنون في أنفسهم أنهم النخبة على طريقة " شعب الله المختار" يتفاخرون بالعروبة على الجميع وهم أول من ضيّع مفهومها، بوقوفهم إلى جانب الفرس في حرب الخليج الأولى، ومع الأمريكان في حرب الخليج الثانية. لن نناقش هنا شرعية حروب صدام ويتفق الجميع على طغيان هذا الرجل وإن لم يكن وحده الذي طغى في الساحة العربية، بل إن إخوانه في هذا المجال كثيرون كثرة هائلة. وهم أول من نزع حسّ العروبة عن ذاته، نحن لم ننزعه عنهم، ولهم مواقف كثيرة لا يحار العقل فيها بقدر ما هو مستهجِن لما يصدرونه من مواقف لا تتسم بالنبل ولا بغيره، وإنما تتسم بحُبّهم لمكاسبهم، ولأجل هذه حطّموا كل إمكانية بانتقال البلاد إلى الحدّ الأدنى.. إلى الحالة الإنسانية التي نزعوها عن إنسانهم الذي أفقروه وضعّفوه وسوّوا بكرامته الأرض ومرّغوا أنفه بالتراب، وكسروا عبر حكمهم كل جارحة سورية تريد أن تكسب كرامتها على أرضها، وأن تتحرر من رجس سيطرتهم المطلقة على كل شيء. بدا هذا واضحاً في مؤتمرهم الأخير. لم يلتفتوا إلى الداخل برغم وهنهم وعجزهم.
وهنا يبدو لي الشريك في الوطن وقد أصابه الحنق من شبكة الانترنيت. بدا هذا واضحاً على لسان وزير الإعلام السوري في محاضرته التي ألقاها في الرقة على جمهور عريض عندما قال ما في معناه أن مواقع الانترنت خاصة، ولا سيطرة لنا عليها. كانوا يتمنون لو باستطاعتهم إغلاق هذا المنفذ الرهيب الذي عرّاهم. ولأنهم عاجزون وصفوا الآخر ب"الحاقد" ذلك أن مؤتمرهم الأخير، كما زعموا، وضع الأسس لإلغاء قانون الطوارئ، وفي طريقه إلى تشريع قانون للأحزاب يصبح بموجبه الجميع مشاركاً في صنع القرار، وهو أيضاً في طريقه إلى حلّ بعض المسائل العالقة مثل تجنيس الأكراد. إلى جانب هذا كله، بنوا المدارس والمستشفيات وشقوا السبل في سوريا كلها، وأناروا البلاد حتى لم يتركوا قرية من دون كهرباء. وأما بخصوص دفن مواد مشعّة فهي محض افتراءات من مغرض، وأما جبهة الجولان فكيف يطلقون الرصاص ولم يحققوا بعد توازناً في القدرة!!!؟
ليس من تشفٍّ في هذه اللغة، بل إن هذه الأخيرة تنطق مرغمة بعشرات من صور القهر والإحباط وبعشرات أخرى من صور التغييب والإذلال. فأينما وليت وجهك في سوريا تجد أثراً من " اشتراكية " ممسوخة. تنظر فترى يافطات تدلّك على مكاتب لحزب البعث وفروعه في المحافظات وأخرى تدلك على الجمعيات الفلاحية والعمالية، وثالثة تدلك على فروع حماية " الثورة " ورابعة تشير إليك ببنان القهر أنهم باقون فوق صدرك كالجحيم. وإذا ما قررت أن تمعن النظر فسوف يصيبك العمى من الإمبراطوريات المالية التي تكونت في سوريا في ظل البعث " الاشتراكي " ويملؤك الغضب على حال الثقافة التي نُوِّمت في الحضن البعثي لتفيق منه على حال من البؤس، مشرّب "بعطر" ماسخ يشبه ذاك الذي تسكبه الداعرات على صدورهن ووجوههن.
شريكي في الوطن، وبرغم أنه عاث فيه فساداً، يصرّ على أن الحمق منا وفينا، وأننا مجرد أصوات تغيب في الفراغ، فور خروجها من الحلوق، التي أضيف لها من عندي أنها حلوق مجروحة أطاح بها البعثي فجعلها لا تقوى على غير الهمس. ولسان حالنا: إننا لسنا كذلك، وأما همسنا فلأننا لم نقوَ من قبل على رفع الصوت في ظل السيطرة العمياء من المخابرات على البلاد، وعلى المواطنين في كل بلدة وفي كل ناحية وقرية، وعلى كل شارع وزقاق. ولو أنهم استمعوا إلينا نحن "الآخر" لأدركوا حجم نفورنا منهم.
أما بخصوص نظرتهم إلى الإنسان عامة وإلى السوري بخاصة، فهي مرصودة بعيني من يمشي في الشوارع. تجد الناس "سكارى وما هم بسكارى" عيون في الأرض لا تعرف لوناً للسماء، تراقب الدبابات من كل نوع من الحشرات. وفي نوع من التنفيس عن غضبة تملؤهم، تراهم يسحقونها بأحذيتهم، وكأنما هم يريدون سحق شيء آخر.
هؤلاء الناس فقدوا البوصلة فتاهت كرامتهم بين الخوف من السجن والجلاد، وبين صمت عميق يمتد على ما يزيد على أربعين سنة من الحكم الفاشي. لقد تدهور السوري فتحول في أغلبه إلى راش ومرتش وإلى منافق غمّاز لمّاز نهّاز للفرص. ليس هذا قدراً ولكنه يشبهه إذا ما قيس بعمر الإنسان.
ما زلت أحفظ بعض أبيات الشعر، من تلك التي ترسم صورة البعثي في أذهان الناس وفي أعينهم وقلوبهم. إنها أشعار لخّصت الصورة القاتمة التي تركها عند " الآخر" المسحوق والمغيب، والمنتزعة حقوقه. من هذه الأشعار بعض أبيات أحفظها للشاعر المرحوم فيصل البليبل. من قصيدة ـ الله وشعراء وحزب البعث، آخذ هذين البيتين
يقول الله في الشعـراء قـولاً ويستثني الكرام المؤمنينا
ولو أصغى لحزب البعث ربي لقال فيهم كذبتم أجمعينا
ومن قصيدة كيمياء البعث
إن للبعـث كيميـاء عجـاباً تجعل الجوهر الكريم تراباً
كيمياء ترضى الشياطين عنها تطمس المكرمات والألبابا
لو أصابت سيوف خالـد منها قطرات أحلنـها أخشابـاً
ولعل ذروة النظر إلى حزب البعث تتمثل في هذا البيت
يا حزب البعث كرهناك شلّت يسراك ويمناك



#ماجد_رشيد_العويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنبدد معاً سوء الفهم
- مع وزير الإعلام مرة أخرى
- مع وزير الإعلام في الرقة
- شيء من الروح
- مع وزيرة المغتربين بثينة شعبان
- مواطن فرنسي من أصل سوري
- كلمة حب في سمير قصير
- العلاقة الخاطئة بين الحكام العرب وشعوبهم
- البعثيون السوريون في مؤتمرهم القادم
- البعث مفرخة للشعارات وفقط
- ماذا عن الخيار الثالث


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ماجد رشيد العويد - حديث إلى الشريك في الوطن