أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - بين سبيلك و ميركه سور ..18















المزيد.....

بين سبيلك و ميركه سور ..18


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4516 - 2014 / 7 / 18 - 10:37
المحور: الادب والفن
    


بين سبيلك و ميركه سور 18

احسست أني لا اريد مفارقة الفوج!! كان بديلي قد وصل ..كان كتاب تتسببه الفوج يتضمن أيضاً طلب اعادتي الى وحدة الميدان الطبية 25 ..أقام السيد امر الفوج دعوة عشاء لي في فندق خانزاد في شقلاوه .. في اليوم التالي ودعت الجميع وعدت الى وحدة الميدان الطبية ... بعد الظهر طلب مني الصيدلي عامر مرافقته الى قرية باطاس في دشت حرير لشراء الديك الرومي والذي سوف نلعب من اجله الورق وسوف يدفع الفريق الخاسر ثمن الطيور التي سوف نشتريها !!.. كان عامر ضابطا مطوعا ويحمل رتبة ملازم اول ...كنت اعرفه مذ كان طالبا في الكلية التي كانت بجوار كليتنا .. كان ضمن مجموعة يسارية أعرفهم جيدا حيث كانت تربطني معهم علاقة وثيقة حيث يسكن معظمهم معي في القسم الداخلي .. هناك كان القسم يضم طلابا معظمهم من المحافظات الجنوبية .. كان عامر يمتلك درجة عالية من الثقافة والصلابة الفكرية والشخصية .. كيف قبل انتسابه للجيش ؟! ذلك هو السؤال المحير ..!! في وحدة الميدان كان يزوره الكثير من ضباط اللواء الكبار وكان محط احترام وتقدير من قبل الجميع ، بل أحيانا يحذر البعض جانبه ويخشونه ..!! اختليت به يوما لوحده وبادرته بالسؤال وأنا أتلفت يمينا وشمالا : عامر !! قل لي بحق السماء ما الأمر ؟! كأنه قرأ أفكاري وفحوى تساؤلي.. أجاب بسخريته المعهوده .. لقد تزوجت تكريتية !!! ومن عائلة قريبة من الفوق !!! ولا تسأل بعد ... !!أضاف .. لست مطالبا بالانتماء للحزب !! هويتي زوجتي .. أحببتها مذ كنا طلابا في الكلية وتزوجنا بعد التخرج ...!! .. ثم قال وكأنه يصر على برائته مما قد يغير من نظرتي له ولتاريخه ؛ وقد تفاجأ اذا أخبرتك انها من عائلة تكريتية يسارية .!! ضحت وانا أعلق قائلا : أكيد من عائلة سعدون التكريتي الذي اغتاله صدام بامر من خاله عام 59 !!!... اطلق ضحكة عالية وهو يقول مقسما .. والله هي كذلك ..!!! 
حين وصلنا قرية باطاس استقبلنا أحد الفلاحين الكرد .. يبدوا ان عامر قد اعتاد على الشراء منه ..كان الأكراد يقومون بتربية الديك الرومي كما يربي ابناء الجنوب أسرابا من طيور البط ..! وكانوا يسرحون بها في الحقول كما يسرح الرعاة بقطعان الماشية ..
رحب بنا كاكا حمه وأصر على أن نشرب الشاي في بيته المبني من الحجر ... كان يسكن في أطراف القرية .. حين دخلنا الدار كانت باحتها تعج بعشرات من الديكة الرومية ذات اللون والشكل المرقط تتخللها هنا وهناك اعداد من الديكة الغريبة البيضاء !! دب فيها الذعر وراحت ذكورها تنعق بالصوت المميز للديكة الرومية وهي تنظر باتجاهنا وكأنها تحتج !! ...  قال وهو يسبقنا الى الدار ضاحكا .. ارجو المعذرة كاكا ... الدار ليست على ما يرام ، نحن مشغولون جدا ففي النهار جيش شعبي وفي الليل بيش مركه !!! وراح يضحك بصوت عال ويصفق بيديه ساخرا ...!!! كانت غرفة الضيوف نظيفة ومرتبة  تصطف ملتصقة بالحائط  آرائك من الحجر وهي مفروشة بالسجاد الصوفي اليدوي المغطى بدوره بأغطية منسوجة من شعر الماعز المقلم الأنيق والذي يطلق عليه ( المرعز) ..
احسست حينها بالفرق بين بيوت فلاحينا الجنوبيين وبيوت هؤلاء الأكراد البسطاء ..!! كلاهما فقراء ويعيشون نفس الظروف ولكن هنا تجد مسحة من التحضر اكثر ...!! مع بساطة ذلك الفلاح الكردي لكنه لم يخلو من الشطارة في تعامله .. الفلاح هو هو أينما كان !! قال ان الديكة ليست له وانما لاخيه وقد أبلغه بأن سعر الديك الواحد خمسة دنانير ، لكنه باعها لنا بثلاثة دنانير وادعى انه سوف يتحمل غضب أخيه من أجلنا ...!! ضحكنا يرا وتناولنا الشاي واستطاع ان يقنعنا بشراء علبتي عسل منه بعد ان اقسم بأغلظ الايمان واستعمل القلم القوبيا بفحص العسل ليؤكد لنا نقاوته وخلوه من الشيرة والغش !! 
عدنا ونحن نحمل ثلاث ديكة رومية من اجل السهرة وكانت تلك الليلة هي ليلة المولد النبوي ..
جلسنا فريقين نلعب الورق ( كونكان) وكان الرهان هو ان يدفع الفريق الخاسر ثمن الثلاث ديكة .. اثنان للاطباء والثالث للحاشية من جنود البهو والقلم والخفراء ..! كان احد اللاعبين ضابط التوجيه السياسي ،والذي كان يحمل رتبة ن ض تلميذ حربي !! تلك الرتبة التي يطلق عليها ( ملازم موس) وتعطى للرفاق الحزبيين.... كنا اربعة وخامسنا كانت قنينة العرق التي توسطت طاولة اللعب ... كان التلفاز يبث لنا نقلا حيا للاحتفال بعيد المولد النبوي الذي يقام في الأعظمية ...كانت فرق الدرباش تتوافد من كل صوب يرافقها قرع الدفوف والرقص بالسيوف ..!!! كان ن ض تلميذ ح ( ملازم صلال) رجلا بدويا .. علق وهو يتناول كأسه ويشير الى الدراويش بحسرة: كنت اذهب في كل عام مع تلك الوفود .. سألته وهل كنت تمارس الضرب بالدرباش؟! أجاب : نعم وكثيرا ما فعلت .. عدت وسألته بلهفة .. وهل لا زلت تستطيع ؟! أجاب وهو ينزل كأسه بعد ان أفرغه في جوفه مرة واحدة ويشير الى القنينة : وهل تبقي نجاسة هذه القابلية على فعل ذلك ؟! ... اطلق الجميع ضحكاتهم ورفعوا كؤوسهم قائلين: بصحتك ...!!
استمر فريقنا يخسر .. وراحت طبول المحتفلين تدق عاليا من شاشة التلفاز ...الله حي .. الله حي ... لفت انتباهي ملازم صلال يمسك اوراقه وهو في حالة ذهول .. كان يتمايل يمينا وشمالا بشكل خفيف .. تصورت انه منسجم فقط مع أنغام الطبل وغناء المحتفلين .. كان بعض المحتفلين قد نزلوا الى الساحة وراحوا يطعنون انفسهم والبعض يطعن آخراً اصابته رعشة ... راح صلال يتمايل بصورة اعنف !! وفجأة سقطت من كفيه اوراقه ونهض وهو يتمايل ويحرك رأسه يمينا وشمالا ...تصورنا انه كان يمزح ورحنا تصفق وتردد مع الايقاع ... الله حي .. الله حي ..راح يسير بلا وعي وكأنه منوم مغناطيسيا وازداد ايقاع تمايله وصار عنيفا ، وفجأة أمسك بمنظم الكهرباء فاقتلعه ثم امسك بالأسلاك بكلتا يديه فحدث تماس كهربائي وانطلقت النار وهي تصدر انفجارا رهيبا .. بدت عيناه على ضوء الانفجار وكأنها تكاد ان تنطلق من محجريها وراح يهتز اهتزازا عنيفا ثم ساد ظلام كثيف في البهو بينما لا زالت هناك شعلة صغيرة متبقية في مكان لوح المنظم .. رحنا نبحث عن علب الثقاب ، وعلى ضوء اعوادها ركظنا نبحث عن صلال .. كان جالسا على الأريكة والعرق يتصبب من وجهه وذراعيه الملوثتان بالسخام ... كان ينظر إلينا ببلادة وكأنه قد صحى للتو  من نوم عميق ...

يتبع 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين سبيلك و ميركه سور ...17
- بين سبيلك و ميركه سور مرة اخرى ..15
- جمار..
- يفلانه ...2
- يفلانه..
- حيرة كلب عراقي..
- حدث في الموصل...
- صرخة عراقي ...
- مزنة صيف ...
- مكاتيب....
- إليك ...
- بين سبيلك و ميركه سور 15 ب
- بين سبيلك و ميركه سور 14
- بين سبيلك و ميركه سور 13
- بين سبيلك وميركه سور مرة اخرى 12..
- من لي سواك
- انت...
- قسم
- اه يا وطني
- يا..كمر


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - بين سبيلك و ميركه سور ..18