أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثالث القسم الأول















المزيد.....


ماكبث المِصراع الثالث القسم الأول


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4514 - 2014 / 7 / 16 - 15:00
المحور: الادب والفن
    



في علبة الليل "الكلب اليقظ"، أحاط بماكبث أبناء مافيا الجيل الرابع، لاكي لوتشيانو وفرانك كوستيللو وجو أدونيس، كانوا يحتسون الكوكتيل تي جي في، الشبان الثلاثة باعتدال، وماك كالحوت القادر على ابتلاع البحر، وكأنه بفعله الصغير يسعى إلى التخفيف من عبء الماء ليمكنه القيام بفعله الكبير: مواجهة الحكم المطلق. على طريقته. بعد أن خبا خبو الشُّهُبِ، وعنت به الأمور، فنعى حياته، كما تنبأت أمه، في عالم السياسة.
- ماك، كفى، طلب لاكي لوتشيانو، نحن لم نزل في أول المساء.
- هذا أيضًا جزء من الحكم المطلق، لوتشيانو، طن ماكبث.
- أردت فقط أن...
- أنت تخريني بنبرتك المتعالية، لوتشيانو!
- دعه ينفذ إلى كل مطلق، ويفجره، يا لوتشيانو، قال كوستيللو.
- نعم دعني كالخازوق أنفذ، فأفجر خراء السياسة، عاد ماكبث يطن.
- كل مطلق، يا ماك، عاد كوستيللو يقول.
- وخراء أخلاق الغرينويتش فيلاج، أضاف ماك، أخلاق كل نيويورك، وخراء الهللويا، وخراء الله يحمي أمريكا، وخراء السبب الأول، وباقي الأسباب الخرائية، الجحيمية، العاهرية، طبيعتي ابنة القحبة هي هذه، خراء هوليودي.
- كل طبيعة ابنة قحبة، أيد أدونيس.
- أنا وأنت أبناء قحبة، أدونيس، ألقى ماك، لهذا ستصبح قريبًا كما أصبحت رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية. ستكون إلهًا ملعونًا لا كما كنت، عارفًا كما لم أعرف، لهذا السبب سقطت أنا في الخراء، ولن تسقط أنت، ستنقذك فلسفة الخراء، وسترشدك في أفعالك من أجل استرداد حرية هذا البلد المهيض الجناح، ورفع أعلامه من جديد على مسارح البرودوي.
- ماك، تدخل لوتشيانو، الأعلام الصينية ترفرف اليوم على كل سطوح نيويورك.
- يا دين الرب! لعن ماكبث.
- ليس إلى زمن طويل، أكد كوستيللو.
- الاغتيالات إلى أين وصل بها رجالكم، أدونيس؟ سأل ماك.
- الاغتيالات لا تكفي، ماك، أجاب هذا، الأثرياء التحقوا بالحاكم الصيني، ومن واجبنا العودة إلى أيام زمان، أيام كان الصراع الطبقي هو المحرك لكل شيء.
- مارسوا الإرهاب على الفقراء إذن، واجعلوا كل واحد منهم ثوريًا، اقترح ماكبث.
انفتح الباب، ودخل غريغوري رامزي وزوجته كيلي.
- أنت ثمل، يا ماك، همست كيلي في أذنه، وهي تقبله من وجنتيه.
- إنه خرائي الميتافيزيقي، همهم ماك.
- ستغادر كيلي الليلة إلى باريس، أعلن غريغوري.
- الكوكتيل تي جي في؟ عادت كيلي تهمس.
- البيت الأبيض.
- سنستعيده.
- ليس الأمر سهلاً.
- لم يكن الأمر أبدًا سهلاً.
- كالخراء الميتافيزيقي.
- كما تقول، كالخراء الميتافيزيقي.
- كيلي، ماك، هلا أصغيتما إليّ؟ طلب غريغوري، لا أريد تي جي في، رفض الكوكتيل المقدمه أحد رجال المافيا، أعطني واحد سكوتش ناشف، ولكيلي...
- واحد سكوتش مع ثلج، كثير من الثلج، طلبت كيلي.
- تي جي في هذا هاته، أمر ماك، وأنهى القدح الذي في يده.
- ماك! رجت كيلي.
- لا تخافي على خرائي الميتافيزيقي.
- قلت الليلة ستغادر كيلي إلى باريس، أعاد غريغوري القول.
- الحديث عن إنزال القوات الفرنسية اليوم سابق لأوانه، علق لوتشيانو.
- بكل بساطة يجب الاستعداد لكل التوقعات، برر غريغوري.
- يجب اغتيال مروحة الورق الأبيض، فينتهي كل شيء، ولن يكون بنا حاجة إلى أي إنزال، قال ماكبث، ولاغتيال الرئيس الأمريكي الأصفر يجب الإصغاء إلى عواء الذئاب.
- أنا لا أسمع أي عواء، قال غريغوري.
- هذا لأنك لا تصغي!
- ماك!
- تمثال الحرية يعوي، يا دين الرب!
- تمثال الحرية ذئاب؟
- نهر الهدسون يعوي، الشارع الخامس يعوي، البرودوي يعوي، كل نيويورك تعوي.
- أفهم ما تعني، ماك، قال أدونيس.
- أنا لا أفهم، قال كوستيللو.
- شكرًا، قال غريغوري بعد أن تناول قدحه ودون أن تنبس كيلي ببنت شفة وهي سارحة تفكر فيما يقوله ماكبث.
- ليس لأنها ترفض الاحتلال، لأنها ترفض قيمنا، حقائقنا، خراءاتنا.
وأخذ يعوي، يرفع عنقه، ويعوي، يمد بوزه، ويعوي، يضرب بمخلبه، ويعوي، وجميع الحاضرين يتبادلون نظرات حائرة.
- لم أفكر يومًا كإيطالي، قال أدونيس، كأمريكي نعم لأجل حرية الأمريكيين، وكبشري لأجل حرية البشر.
- على عكسك، أنا لا أشعر بكوني أمريكيّ الكون، أشعر بكوني كوني، ذئبًا ملقى على هامش الكون، همهم ماكبث.
- حال وصول كيلي إلى باريس ستذهب لمقابلة الرئيس الفرنسي، أوضح غريغوري.
- بعد ذلك، مُرّي على برج إيفل، كيلي، وضاجعيه، تهكم ماك، أنا في شبابي ضاجعت قوس النصر، والنتيجة تعرفينها.
- ماك، رجا غريغوري، لقد كنتّ رئيسًا عظيمًا.
- كنتُ رئيسًا عظيمًا من قفاي الميتافيزيقي! هل تعرف أي قفا؟ قفا النعامة، أيها الغبي! لوتشيانو، يا لوتشيانو! ماذا فعلت؟ ما هي أخبارك مع ميراندا ماكماهيليان؟
- جيدة.
- جيدة من قفاي!
- لم تتمكن بعد من تعييني نائبًا لها، ولكن هذا لن يتأخر كثيرًا.
- نريد اغتيال ابن القحبة في عقر داره، في مكتبه البيضوي.
- إياك والحماقات، يا ماك، نبه غريغوري، لننتظر عودة كيلي من باريس.
- ثم... لا تنسي المرور على الكريزي هورس، وضاجعيه، بالأحرى ضاجعيها، إلهاته، عاد ماك إلى القول.
- أنا لا أحب البنات كما تحبهن الآنسة ستون والآنسة مارتن، ماك، ابتسمت كيلي.
- خذي قضيبي معك.
قهقهت كيلي.
- كوستيللو أنت، أشار ماكبث إلى زعيم المافيا الشاب، سيضع رجالك السيارات المفخخة في البرونكس، في كل مكان في البرونكس، فالبرونكس لا يعوي، نريده أن يعوي كما لم يعو ذئب.
- البرونكس سيعوي كما لم يعو ذئب، أكد كوستيللو.
- أولاد القحبة علينا أن نقتلهم لنجعل منهم ثوارًا.
- في سبيل حرية أمريكا نقتلهم.
- وشبكة المخدرات التي لنا هناك؟
- تستعصي على كل علاج.
- ولكنها ليست مرضًا، يا ماخور الخراء!
- في الظروف الحالية أرباحنا تضاعفت، قال لوتشيانو.
- وزعوا المخدرات مجانًا على كل من يلتحق بصفوفنا، أمر ماك، ولتكن روح التعاون روحكم، كالإخوة كونوا الذين لم يولدوا من بطن واحد.
دخلت الآنستان ستون ومارتن، والواحدة تلتف بذراع الأخرى، قبلتا الجميع من الفم بمن فيهم كيلي.
- أعطني كوكتيل خراء آخر، صاح ماكبث برجل المافيا.
- الرواد هذا المساء معظمهم صيني، قالت مارتن.
- اطرديهم! طن ماك.
- ليس من العقل طردهم، تدخل غريغوري.
- سأطردهم أنا.
نهض ماكبث، وهو يترنح. كاد يسقط، لولا كوستيللو.
- مشكل الشر مشكلي، يا دين الرب! أم أنك تراني شيطانًا في ثوب نعامة؟ أنا النداء الحيواني للعقل، وإلا ما كنت أنا، عواء تمثال الحرية، ونكران خرائي.
خرج إلى الاحتلال، وراح يدفع الصينيين واحدًا واحدًا، جنديًا وقائدًا وقوادًا. تحداه ضابط، وهو يصرخ صراخ المعتوهين، وَقَلَبَهُ، فسقط على الأرض. صوّب سلاحه إليه، فوقفت ستون ومارتن بين الضابط الصيني وماك.
- اقتلنا نحن أولاً، لهثت الآنستان.
- لا تجلب المشاكل لنا، حذر ضابط ثان.
بعد لحظة من التردد، أعاد الضابط الأول تعليق سلاحه على خاصرته، وسارع إلى الخروج خلف الضابط الثاني.

* * *

حطت الطائرة بكيلي في مطار رواسي، وقلادة ذهبية تتعلق على صدر السماء. عُنيت بالأمريكية خلية الأمن في الإليزيه، فوضعتها في سيارة رونو مصفحة لا يُرى شيء من وراء زجاجها القاتم، وفتح رجال الدرك لها الطريق حتى لفتها حدائق القصر الرئاسي بأغصانها. حدائقٌ الطيور فيها لا تغني، والأشجار لا تتحرك.
- مدام رامزي، هذا شرف عظيم لي أن أستقبلك في هذه الظروف الصعبة، قال الرئيس، وهو يطبع شفتيه على ظاهر يدها.
- أنت تقبّل يد كل الأمريكيين، يا سيادة الرئيس، مالت كيلي.
- يا ليتني ظفر لواحد من أصابعها!
- سيدي الرئيس!
- هل أُدخل قائد الجيش، يا سيادة الرئيس؟ طلب رئيس التشريفات.
- ليس بعد، أمر الرئيس الفرنسي بصوت خشن، واخرج أنت، اتركني وحدي مع مدام رامزي.
- تحت أمرك، يا سيادة الرئيس!
- بعد أن تركنا هذا القذر، فلنتصرف بحرية، قال الرئيس بصوت ناعم.
- إلى هذه الدرجة لا تشعر بالحرية، يا سيادة الرئيس؟ احتارت كيلي.
- كل هؤلاء رموز للبيروقراطية، وأنا لم أعد أحتمل.
- لن تستقيل، يا سيادة الرئيس.
- لن أستقيل إلا بعد أن أحرر أمريكا.
- كنت أعرف، يا سيادة الرئيس، أنك ستحررنا، صفقت كيلي وطبعت قبلة سريعة على ثغر الرئيس أداخته.
جذبته إلى كنبة حمراء، وأجلسته لصق فخذها.
- أريد أن أجعلكِ تذوقين شمبانيانا.
- فيما بعد.
انقضت على ثغره، ومن عنف العناق، سقطت على الأرض معه، لكنهما لم ينفصلا إلا بعد أن مارسا فعل العشق على السجادة.
- ها أنت ترى كيف أخون غريغوري زوجي لأجل أمريكا.
- هل خيانةٌ الإخلاصُ لبلدك؟
- سيدي الرئيس، أقل شبابًا كنت في فرنسا، وأنا أعرف عقليتكم.
- أنت تعرفينها جيدًا جدًا، يا مدام رامزي.
- كيلي.
- يا مدام كيلي.
- كيلي وفقط.
- كيلي وفقط. وأنا أنطوان.
- سأدعوك طوني.
- طوني وكيلي.
- كيلي وطوني.
- إنزالنا لتحريركم مقابل إنزالكم لتحريرنا، لا شيء في هذا من خراء ميتافيزيقي سيقول لك ماك.
- ماكبث يريد أن يكون الفرنسيون على أهبة فيما لو لم يكن اغتيال الرئيس الأمريكي الأصفر كافيًا كما يتوقع، وأن ينتظروا منه أول إشارة.
- قولي له سأصدر أمر توجه أسطولي إلى جزيرة الزهور البيض، المارتينيك، هذا المساء، أقرب الشواطئ منكم، بعد أن نتعشى معًا في إحدى العَبّارات-المطاعم التي تمخر نهر السين.
- لا، يا طوني، أنا لا أريد إزعاجك، ثم عليّ الرجوع إلى نيويورك، هم يحتاجون إليّ هناك.
- كيلي، أريد أن أثبت لك أني فرنسي بالفعل.
- أنت فرنسي بالفعل، أقسم لك، أسعدتني أكثر من زوجي، ولأول مرة في حياتي أشعر بذروة النشوة الجنسية عدة مرات متتالية.
- هذا شرف لي، يا كيلي.
- إذن إلى يوم آخر، يبقى على قيام طائرتي بضع ساعات أقضيها في حضن ذكرياتي الباريسية.
- كما تريدين، يا عزيزتي.
- لن أنساك، يا عزيزي.
وطبعت كيلي قبلة أخيرة على ثغر الرئيس.

* * *

كما قال لها ماكبث، ذهبت كيلي خِفية إلى برج إيفل. وقفت تحت قدمه الميتافيزيقية، واستعادت ذكرى حبها المشئوم. كان سِدْرِك قد التقطها في الحي اللاتيني، وبعد ليلة حمراء، ساقها إلى حجرته المعلقة على أكف عمارة قديمة في حي شاتليه. تركته يفعل في جسدها ما يشاء، فهي في باريس، وككل أمريكية كانت تحلو بالحب الفرنسي: حب بربري في ثوب من الحرير. مزقها، وكانت أسعد لحظات حياتها. لكنها تفاجأت بعد أن انتهيا بالباب وهو ينفتح، ويدخل منه شخصان آخران، أعطيا لسِدْرِك حزمة من النقود، فتركهما وحدهما معها.
في ذلك الوقت البعيد، جاءت لتقف تحت هذه القدم الميتافيزيقية كما تفعل اليوم. أمس ودت لو تسحقها القدم، واليوم لو تسحق القدم هي. ضربتها بقدمها، فأوجعتها قدمها. ضربتها أيضًا، أيضًا وأيضًا، والناس ينظرون إليها، ويقولون لأنفسهم "أي جنون!" بكت كيلي، وألقت بجسدها على القدم، وعانقتها. قبلت أصابعها، واهتاجت. وضعت أصابعها فيها، واختنقت. وهي ترى الناس ينظرون إليها، خجلت من نفسها، ونهضت. ذهبت إلى قوس النصر، وفي ظله وقفت، وبكت. هنا اغتصبها صيني كان عابرًا، ولم يعد عابرًا. عبرها بأعلامه الحمراء، بماو، بثورته الثقافية، ومزقها تمزيقًا. كان بإمكانها أن تصرخ، فلم تصرخ، أن تطلب نجدة أحدهم، فلم تطلب نجدة أحد. كانت تريد أن تقطف الزهور الحمر التي زرعها آخر أباطرة الصين، فجرحت أصابعها الأشواك.
في الكريزي هورس، كانت الراقصات يتدربن لأجل عرض المساء، لم يكنّ ينتمين إلى البشر لجمالهن، وكانت الأضواء خلابة بسببهن، والألوان، والزهور المستعارة. سحبتها إحدى الراقصات إلى مقصورتها، كانت شبه عارية، فقالت لها كيلي إنها أرادت الانتحار من فوق برج أيفل، وهي كانت أقل شبابًا، فجعلتها الراقصة تلمس نهدها، وجعلتها تلمس بطنها، وجعلتها تلمس فرجها. سحبتها إلى سرير، ومددتها. همست الراقصة في أذنها "سأعلمك الانتحار!" تمددت إلى جانبها، وتركتها تسقط عليها بجسدها من سماء برج إيفل.

* * *

- خذي واحد تي جي في معي، يا ميراندا، اقترح ماكبث بلسان ثقيل، وهو يحتسي كوكتيله المفضل.
- لا أريد أن أعود إلى واشنطن على نقالة، قالت ميراندا، وهي تقبله من كل وجهه.
- أنا سآخذ معك، قال لوتشيانو.
- ولا أنت، أصرت ميراندا، أنت اليوم نائب سكرتيرة الدولة، غير ما تتوقف عن تقبيل ماك هذه المرة من كل صدره.
- بفضل صعودك على قضيبي، قهقه ماك.
- ليس كما أتمنى، نفت ميراندا، وهي تواصل تقبيله من كل بطنه.
- تتمنين كيف؟
- أن أصعد عليه كل ليلة، وإلى ما لا نهاية.
أرادت أن تفك سرواله، وهي كالكلبة لسانها يتدلى متناسيةً أمر عجزه، فرفعها.
- لهذا السبب طغياني طغيان الفاقد الشخصية.
- لهذا السبب كل الضغط الذي أنا فيه.
- خذي لك قدحًا مثل هذا يزول ضغطك، إنه سائل سحري، لا أعرف ما فيه، لكنه سحري بالفعل، كل ما يأتينا من بلاد الحب سحري، وما سيأتينا سيكون الأكثر سحرية.
- نحن ننتظر كيلي على أحر من جمر الغَضى، همهمت ميراندا.
- أنتَ لا تعرف ما في الكوكتيل تي جي في، قال لوتشيانو.
- خراء.
- تيكيلا وجن وفودكا.
- إذن خراءات.
- لهذا هو سحري.
- سحري بحق. أحضر ثلاثة تي جي في، واحدًا لي بعد واحد واثنان للسيدة الوزيرة ولنائب السيدة الخراء، أمر ماك رجل المافيا، فكل هذا ينهار، كل هذا ماضٍ للماضي، كل هذا صيني قديم.
- سيتم اغتيال مروحة الورق الأبيض على يد لوتشيانو في مكتبه البيضوي تمامًا كما تريد ومتى تريد.
- كل هذا الوجود لا يستحق الوجود، تهته ماكبث. لهذا لا معنى لكل هذا، وبلا جدوى، الضغط، الطغيان، الأماني، لا معنى لكل هذا، وكل المعنى للتشاؤم، والتشاؤم يدفعنا إلى التصرف، لهذا سنغتال وسنفجر وسندمر لنحرر أمريكا، بدافع التشاؤم.
- أنت لست حانقًا على الحياة، ماك؟ ارتعشت ميراندا.
- رجل سياسي محنك مثله حانق على الحياة؟ سخر لوتشيانو.
- لم أعد بين خيارين، جمجم ماكبث.
- أنتَ خير الناس، أكدت سكرتيرة الدولة.
- أنتِ خير النساء، أكد رئيس الولايات المتحدة السابق.
- وصل الكوكتيل تي جي في، أعلن نائب سكرتيرة الدولة.
- هاتِ قدحي، عجل، يا دين الرب! هتف ماك.
- تقول تي جي في؟ تلعثمت ميراندا، وهي تأخذ جرعة.
- تي جي في، همهم ماك.
- كالقطار عندهم، الفرنسيون، شرح لوتشيانو.
- كالخراء عندنا، ألقى ماكبث.
- إنه أكثر من سحري، كركرت ميراندا.
- كالقضيب، كركر ماكبث.
- كالذئاب، كركر لوتشيانو.
- هناك ذئاب في علب الليل، أوضح ماك بلسانه الثقيل، تحمل الأرصفة لتنام معها في المواخير.
- لا تحمل الأرصفة، يا ماك، رجت ميراندا.
- كل تلك الذئاب جنودي.
- هل تسمعني، يا ماك؟ لا تحمل الأرصفة.
- بدافع العجز.
- هل تسمعني؟
- بدافع العجز سنحرر أمريكا.
- لم تجب.
- بدافع المضاجعة. تحمل الأرصفة لتنام معها في المواخير. إنسان أدنى. سيحرر أمريكا الإنسان الأدنى.
تتفجر السيارات المفخخة في عشرات الأحياء، وتصلهم بعض الصرخات.
- يجب أن نعود إلى واشنطن في الحال، ارتعشت ميراندا، في الوقت الذي دخلت فيه الآنستان ستون ومارتن.
- كارل روجرز يريد رؤيتك، ماك، قالت الأولى.
- قال لأمر عاجل، قالت الثانية.
- خذ حذرك، ماك، حذرت ميراندا، وهي تلف رأسها بالتل الأسود لئلا يراها روجرز، ولوتشيانو يُغرق رأسه في قبعته، كارل تبدل، وهو مستعد للموت من أجل رئيسه الصيني.
- لتغادر ميراندا ولوتشيانو من الباب الخلفي، أمر ماكبث ستون، وأنتِ، مارتن، اتركي كارل روجرز يدخل.
وميراندا في الممر، التقت عينها بعين نائب الرئيس الأمريكي، تعثرت قدمها، ثم عجلت الذهاب.
- أليست ميراندا؟ سأل روجرز أول ما دخل على ماكبث.
- قفاي، أعطى ماك كجواب.
- قفاك يُخفي وجهه تحت التل الأسود ويسارع إلى الاختفاء في الممر؟
- هكذا هو قفاي، غريب السلوك.
- لا بد أنه شرب العديد من أقداح تي جي في.
- فليأخذ قفاك واحدًا.
- لا، هذا قوي على قفاي.
- واحد سكوتش إذن.
- بالصودا.
- واحد سكوتش بالصودا لقفا روجرز وواحد تي جي في لقفاي، أمر ماك رجل المافيا.
- لما يعتاد المرء على عدم التحضر، ألقى كارل روجرز، يشرب كوكتيل الفرنسيين هذا، ويفجر السيارات المفخخة تفجير الأعمى.
- ما أغرب عدم التحضر عن التحضر، رد ماكبث.
- لأن كل هذه العدمية تحضر؟
- خراء، كل هذه العدمية خراء!
- عدم.
- خراء.
- لهذا السبب نحن نشم رائحة خرائك من واشنطن ويكاد يغمى علينا.
- يبدو أنني نجحت في حمايتكم.
- حمايتنا رائحة خرائك!
- من رائحة خرائكم.
- شكرًا، قال كارل روجرز لرجل المافيا، وهو يتناول قدحه.
- في المرة القادمة ضاعف لي هذا الخراء، أمر ماك رجل المافيا.
- أنا لن أحملك على كتفي، يا دين الكلب، همهم روجرز عابسًا.
- على قضيبك.
- على قضيبي أقل.
- روجرز، ماذا لديك؟ اخرأ!
- مروحة الورق الأبيض يهددك، يقول لك توقف، أمريكا صينية، وإلى الأبد.
- يهددني هذا الخرع؟
- يهددك.
- لم يعد يهددني أحد، لم يعد يهددني شيء. كل ما قالته أمي في رؤاي وقع، ولم أعد أرى أمي. أنا لا أُقهر، عدم يولد من عدم. معجزة الموت أنا، فلم أعد أنتظر الموت، لم يعد الموت ينتظرني. حضوري غياب، فراغي امتلاء، سكوني عواصف. اللذات قدحي، الرغبات عجزي، الانتماء خرائي الإنساني. أنا جيش لا يُقهر، أنا حجة قاطعة، أنا عقبة كأداء. خالد. كالآلهة الوثنية. يقرع الآلهة والشياطين كؤوسهم بكأسي، ونشرب نخب موت البشر ونهايتهم على الأرض، نهايتهم الأبدية، فلا شيء في السماء يدهش، وعلى الأرض لم يعد الانحطاط مُلكًا لأحد غيري. ليس هناك أحد غيرى من سيخلد في ضمير البشر، ليس هناك أحد غيري من سيعيش بعد كل الشرور.
- فلنر إذا ما كنت لا تُقهر، نبر كارل مخرجًا مسدسه، وفي نفس اللحظة أحاطت صدغه عشرات الفوهات الفضية.
- يا ابن القحبة! يا ابن القحبة! ردد ماكبث ضاربًا بسلاحه بعد أن خلصه إياه.
رماه أرضًا تحت أقدام رجاله، ولولا وصول جين لأنهوا عليه.
- أنت لن تفعل هذا في كارل، ماك، صاحت جين، وهي تأخذ روجرز بين ذراعيها، كفاك منه غيرة، هو اليوم في واشنطن، وأنا لا أراه إلا مرة أو مرتين في الشهر.
- غيرتي من عدم غيرتي في هذا العدم.
- كيف لا تكون ماكبث وأنت ماكبث؟
- لا تسألي ماكبث عن ماكبث، اسألي ماكبث عن جين.
- تركت جين ماكبث.
- كل الرجال ماكبث.
- كل الرجال كارل.
- أكرهكما! صاح ماكبث، وهو يستشيط غضبًا، ليبتلعكما الجحيم، أنتما الاثنان! روحا إلى ما لا يروح المرء إليه! ابتعدا عن نظري! ألعنكما! بَرّه!


يتبع المِصراع الثالث القسم الثاني



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الرابع
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الثالث
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الثاني
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الأول
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثالث
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثاني
- ماكبث المِصراع الأول القسم الأول
- شهادات (15) دكتورة ندى طوميش
- شهادات (14) دكتور بركات زلوم
- شهادات (13) دكتور حسام الخطيب
- شهادات (12) دكتور سهيل إدريس
- شهادات (11) دكتور إحسان عباس
- شهادات (10) دكتور جان-فرانسوا فوركاد
- شهادات (9) دكتور محمد بلحلفاوي
- شهادات (8) دكتور جمال الدين بن الشيخ
- شهادات (7) دكتور أوليفييه كاريه
- شهادات (6) دكتور الأخضر سوامي
- شهادات (5) دكتور دافيد كوهن
- شهادات (4) دكتور جاك بيرك
- شهادات (3) دكتور دانيال ريج


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثالث القسم الأول