أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثاني القسم الثاني















المزيد.....



ماكبث المِصراع الثاني القسم الثاني


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 12:39
المحور: الادب والفن
    



نهضنا من نومنا أنا والآنسة ستيوارت على الساعة الثالثة بعد الظهر، أخذنا حمامًا معًا، ونحن نرتدي ملابسنا طلبت لنا الجميلة ستيوارت "بغ بريكفاست"، فطورًا وفيرًا على الطريقة الأمريكية مع الهوتكيكس. كنا قد انتهينا من ارتداء ملابسنا عندما طرق خادم الطابق الباب، ودفع عربة ملأى بالطعام والشراب. أرادت الآنسة ستيوارت الاتصال بماك، فسألتها أن تتركه نائمًا، قلت لها طالما لم يتصل هو، فهو لم يزل ينام. لم توقظه العواصف، لم تقذفه الأمواج، لم تغمره الثلوج. ونحن منهمكون في التهام الأكل اللذيذ والحديث المرح، لست أدري أي نداء داخلي دفعني إلى إشعال جهاز التلفزيون. وإذا بماك يطلع علينا بوجه ماكن يعبر عن جسامة الكارثة، ثم ما لبثنا أن رأيناه مكبل اليدين، وأفراد من الإف بي آي يقودونه في سيارتهم إلى سجن ريكرز آيلاند، كما قالت المذيعة. لم ننتظر لماذا، ذهبنا نركض، أنا والآنسة ستيوارت، بإملاء عقلنا الباطني، إلى جناحه، فلم نجده. وجدنا كل شيء في الجناح مرتبًا كما كان ما عدا السرير، فالسرير معركة من معارك الغاب، ورائحة المني تزكم المنخار. عدنا نركض إلى جناحنا، وبدّلنا القناة لنتأكد من صحة ما رأينا، ثم أخرى، ثم أخرى، كانت كل القنوات تعيد عرض الصور نفسها، وتقول الشيء نفسه: اتهام الرئيس المدير العام للبنك العالمي باعتداء جنسي على إحدى عليمات الفندق من خادماته، احتجاز، واغتصاب، وطين أحمر، وتين أسود، وجحيم من الأوراق الخضراء.
لم يكن الاعتداء الجنسي من طبيعة صديقي، ولم يكن الاغتصاب ليخطر على بالي كتهمة. كانت لماك كل النساء، وكل النساء كن عالمه، عالمه الذي له، والذي كان يفعله، كان يتصرف في عالمه، كان كل ما يفعله أن يتصرف في عالمه، أن يتصرف بعالمه. ليس لأنه زير نساء، ولا لأن لديه الجاه والمال، ولكن بدافع ميل فطري لديه، والفطرة صفة من صفات الإنسان الطبيعية. ماك بسلوكه تجاه المرأة على هذا النحو الفطري يعيد لإنسان القرن الحادي والعشرين، هذا الإنسان الغريب عن إنسانيته، يعيد لهذا الإنسان إنسانيته، يعيده إلى إنسانيته. إذن ماك لم يكن مريضًا، كان يحب المرأة، بكل بساطة، كان يحب المرأة، وكان يسلك معها على نحو فطري، هذا كل ما في الأمر. لماذا إذن رمته عليمة الفندق بكل التهم؟ هذا شيء آخر، وفي هذا يكمن كل الاغتصاب لروح ماك، المطامع واضحة، وهي مطامع ما في شك لغايات شريرة، لا يُجبل المرء عليها، بمعنى ليست من فطرته، وإنما يكتسبها، ونيويورك كمكان، أفظع وأنسب مكان لاكتسابها. الحذاء الأحمر، الفستان الأسود، الحلق الأخضر. أعادت وأعادت وأعادت كل قنوات التلفزيون في العالم عرض صورته، وهو مقيد اليدين كالقاتل، وهو يُدفع دفعًا في سيارة رجال الإف بي آي كالمجرم. كحدث، هذا شيء آخر في الواقع، غير الخراء الذي تحشوه في أدمغتنا كل يوم. كانت صدمتي عنيفة، كنت على مقربة قليلة من صديقي، ولم أستطع فعل شيء. أول شيء فكرت في القيام به أن أذهب لأرى جين، وأخفف القليل من مصابها. لكن الآنسة ستيوارت قالت لنذهب إلى ريكرز آيلاند، فربما تركونا نراه. لن يتركونا نراه، كل العالم غدا ريكرز آيلاند، فضاق بنا العالم. في الأخير، قررنا الاتصال بمحامي، فاتصلت بمحاميّ ومحامي ماك الأستاذ جوزيف ماكدويل. أخبرني أن ماك قد وقع عليه اختياره، مدعي عام نيويورك هو من أعلمه بهذا الاختيار. كانت الماكينة الجنائية عندنا تعمل بسرعة، وعلى أكمل وجه، ككل الآلات في مصانعنا الحديدية. كانت من النوع الحديدي، وأنا كلما فكرت أن صديقي قد سقط بين فكيها يدقني الرعب عليه. قالت القنوات التلفزيونية عن الضحية إفريقية، وهي تحت حماية العدالة، بمعنى أنها تسقط هي الأخرى بين فكي الماكينة الجنائية، نعم، حتى الضحية. وُضعت الضحية أيضًا في القفص، وأمسكوها بخناقها، حتى صورة واحدة لها لم نرّ.
أخذتُ جين بين ذراعيّ، وهي تذرف الدموع الحرى:
- أحسن الفعل، صديقك، أحسن الفعل! وفيمن؟ فيّ أنا! لماذا؟ ماذا عملت له؟ دومًا ما كنت الزوجة المتفهمة على أكمل وجه. أرادني أن أكون هذه الزوجة المتفهمة على أكمل وجه، فكنتها، على الرغم مني كنتها، وإلا لم تكن لتجدني هنا. إذن لماذا؟ ماذا عملت له؟ ربما عملت له شيئًا لا أدريه، شيئًا تعمله أية زوجة مثلي دون أن تدري، لكني دومًا ما كنت الزوجة المتفهمة على أكمل وجه، الزوجة البلهاء.
رجوتها:
- جين، اهدأي، بالله عليك أن تهدأي.
تَرَكَتْ ذراعيّ، وهي تنشق، وتمسح دموعها.
قلت لها:
- هذا ليس من طبيعة ماك.
عادت إلى ذراعيّ، وعادت إلى البكاء:
- لا تدافع عنه لأنه صديقك، صديقك قادر على كل شيء.
- بماذا أقسم لك؟
- قادر بقدرة ما ورائية تسيره على هواها.
- قدرة ما ورائية؟
- هذا ما قرأته له أمه في كوابيسه.
لم أفهم، ووجدتني أصل إلى تفسير آخر كوابيس ماك على طريقتي.
- في الجو الكثير من الغيوم، قلت، وهذه المرأة التي شكت به، وأودعته السجن، لا تريد سوى نقوده، فهي سوداء من طبقة متواضعة.
وما أن سمعتني أقول سوداء حتى ضاعفت من نواحها:
- أترى ما هو ذوقه الآن؟ وكل هذا كي يهزأ بي، وينغص عيشي. ماذا عَمَلْ...
أبعدتها عن ذراعيّ شادًا إياها من ذراعيها:
- كل هذا ما هو سوى صدفة خالصة أن تكون من طبقة متواضعة وسوداء.
توقفت عن البكاء تمامًا، وجهرت:
- تقول صدفة خالصة؟ أود أن يكون كل هذا صدفة خالصة. لماك العالم كله أعداء.
- لا، ليس لماك. لماك العالم كله أصدقاء، ولكن يحصل أن يلعب الظرف في غير صالحه، فيتحول الأصدقاء إلى أعداء.
- في غير صالحه، في غير صالحه، لم يكن ساذجًا ماك، أبدًا لم يكن في حياته ساذجًا.
- الكثير من الثقة تؤدي أحيانًا إلى هذا.
- كما تقول، وأكثر ما كانت ثقته بنفسه تجاه المرأة، وها هي النتيجة. أنذرته أمه، فاعتبر إنذارها أمرًا لا مفر منه ليبرر جنونه، فقط ليبرر جنونه، في العلو أو في الدنو أو في الانطفاء، ليبرر جنونه، لأن ماك لا بد أنه فاعل ما يجري في رأسه، ولا شيء يستطيع أن يمنعه أو يعيقه عن طريقه.
وعادت إلى البكاء، وإلى ذراعيّ:
- ماذا عملت له؟ ماذا عملت له؟
أحضرت الآنسة ستيوارت كوب ماء لها:
- اشربي هذا، يا سيدة ماكبث.
كانت فرصتي لأنسحب بعيدًا عن المنتحبة، ولأكلم الأستاذ جوزيف ماكدويل، فيعمل على ألا ينام ماك ليلته في السجن الرهيب. قال لي إنه سينام فيه هذه الليلة لا محالة، وفي الغد عند امتثاله أمام القاضي، سيطلب إخلاء سراحه مقابل كفالة، وربما وصلت الكفالة إلى عدة ملايين من الدولارات. قلت لا بأس، أنا هنا.
توجهت إلى جين:
- سينام هذه الليلة في ريكرز آيلاند.
أبدت جين ساخرة:
- هكذا يكون قد جرب كل فنادق نيويورك.
- وأمر الكفالة؟
- إذا كانت هناك كفالة ستُدفع، يا غريغوري، فلن نتأخر عن الدفع.
- أنا هنا إذا كنت بحاجة إلى أي شيء.
- أعرف أنك هنا، يا غريغوري، فأنت صديقه الوحيد.
- هذا إطراء منك، يا جين، بل شرف لي.
أشرت إلى الآنسة ستيوارت بالذهاب، فخرجنا تاركين جين إلى حزنها، ليس على زوجها، بل على ما فعله زوجها فيها كما كانت تتصور. ليبرر جنونه. كانت جين جزءًا من هذا الجنون، منه تنهل سنيها، ودونه لن تكون لها سنون. أخذت سيارتي، المصفوفة منذ البارحة قرب البناية التي يسكن فيها ماك، إلى مقر البنك العالمي في ويليام ستريت. كان السنترال بارك على غير عادته فارغًا، لم يكن العشاق هناك، ولا عملاء الإف بي آي، ولا الغربان ذات المناقير الصفر. كان التين الأسود يرزح تحت وطأة الوحدة، ومرايا البرك لا حياة فيها. لسعني القلق بسوطه، فمدت الآنسة ستيوارت يدها، ولمستني من عنقي. نظرت إليها، كانت كالتين الأسود ترزح تحت وطأة الوحدة. فكرت في نهديها، فتضاعف قلقي.
اخترقنا أنا والآنسة ستيوارت ناطحة السحاب وسط عشرات الكاميرات والصحفيين، كان أقسى عوالم الميديا، التلفزيون، أقسى الأوهام، وتنانير الأضواء، وقضبان المعلومات. صعدنا إلى الطابق السابع والعشرين بصحبة أحد حراس ماك الخاصين، وبين جحيم القائمين القاعدين من الموظفين في القاعة الكبرى سرنا إلى مكتب السيدة ماكماهيليان التي صرخت بالآنسة ستيوارت أول ما وقعت عليها عابسة:
- بعد كل الذي وقع مكانك هنا، يا آنسة ستيوارت، إذا كنت تريدين دومًا الاحتفاظ بوظيفتك.
- ولكني، يا سيدة ماكماهيليان، كنت قرب السيدة ماكبث.
- قربي، عليك أن تكوني قربي، وكل هذا العالم الذي لا يرحم أحدًا.
كانت هناك فتاة في العشرين تتصفح مجلة وتعلك غير مبالية بما يقع، أو هكذا بدا لي.
- أقدم لك ابنتي ميراندا، يا سيد غريغوري.
- كيف حالك؟
- جيدة، أجابت الفتاة، وهي تفقع علكتها.
تدخلت السيدة ماكماهيليان دون أن يزول عبوسها:
- بل ليست جيدة على الإطلاق.
- ليست جيدة على الإطلاق، لماذا؟
- ميراندا حالها ليست جيدة على الإطلاق، أليس كذلك، يا حبيبتي؟
- حالي جيدة، يا أمي.
- ليست جيدة على الإطلاق.
- بل جيدة، حالي جيدة، لماذا لا تكون جيدة على الإطلاق؟
- لأنها ليست جيدة على الإطلاق.
- لماذا هي ليست جيدة على الإطلاق؟ عدت أسأل.
- لأنكِ قلتِ لي، يعني، أنها قالت لي، ليست جيدة على الإطلاق.
- ماذا هنالك، يا سيدة ماكماهيليان؟ لماذا حال ميراندا ليست جيدة على الإطلاق؟
- قولي له، يا ميراندا، لماذا حالك ليست جيدة على الإطلاق.
ضحكت ميراندا وهي تفقع علكتها من جديد:
- هل أقول له لماذا حالي ليست جيدة على الإطلاق؟
تدخلت الآنسة ستيوارت مشجعة:
- نعم، قولي للسيد غريغوري، لماذا حالك ليست جيدة على الإطلاق؟
طلبت السيدة ماكماهيليان من ابنتها بعد أن أعادت "ليست جيدة على الإطلاق":
- السيد غريغوري صديق ماك الحميم، قولي له لماذا حالك ليست جيدة على الإطلاق؟
صاحت ميراندا غاضبة:
- ولكن حالي ليست "ليست جيدة على الإطلاق"، حالي جيدة جدًا، ليس لأن ماك حاول اغتصابي لما كنت في الخامسة عشرة، أي منذ خمس سنوات، ستكون حالي ليست جيدة على الإطلاق.
سألتُ بتنبه:
- ماك حاول اغتصابك منذ خمس سنوات؟
أضافت الآنسة ستيوارت:
- منذ خمس سنوات، والآن فقط تقولين هذا، يا آنسة ميراندا؟
- إنها فكرة أمي، أليس كذلك، يا أمي؟ وأنا أؤكد لكم أنني في حال جيدة جدًا، جيدة جدًا جدًا.
رمت السيدة ماكماهيليان:
- ستذهب ابنتي إلى المحاكم.
صحت:
- كيف؟
- سترفع قضية على ماك لمحاولة اغتصاب، فحالها ليست جيدة على الإطلاق. منذ ذلك الوقت، وهي تعاني من صدمة نفسية.
صاحت ميراندا:
- ماذا؟ أعاني من صدمة نفسية!
- وحالك ليست جيدة على الإطلاق.
رددت ميراندا، وهي تطلق قهقهاتها الهازئة:
- مريضة هذه المرأة! مريضة هذه المرأة!
ثم فقعت علكتها فقعات متواصلة وعلى وجهها تبدو أمارات القرف:
توجهتُ للسيدة ماكماهيليان:
- سنتحدث في الأمر، يا سيدة ماكماهيليان، عديني ألا تفعلي شيئًا قبل أن نعود إلى التحدث في الأمر.
- ميراندا حالها ليست جيدة على الإطلاق.
- مريضة هذه المرأة! مريضة هذه المرأة!
- عديني، أوكي؟ عديني!
- ليست جيدة على الإطلاق.
قذفت ميراندا المجلة على طول يدها، ونهضت بغضب خارجة.
- أوكي؟ أوكي؟
تضاعفت القيامة في الخارج مع خروج أعضاء مجلس الإدارة، وتحلُّق كافة الموظفين بهم. لا بد أن يحدث هذا في جهنم، والبشر يلقون بأنفسهم في نارها. أخذ بانكو، نائب الرئيس المدير العام، الكلام:
- البنك العالمي هو عالمي بفضل جهدنا جميعًا وليس بفضل شخص واحد فقط منا مهما أوتي هذا الشخص من عبقرية، وإن كنتَ ريحًا فصادفتَ إعصارًا همك الأوحد هو حفظ هذا البنك والاستمرار في خدماته التي يقدمها للعالم، لهذا على الرغم من افتراض براءة السيد ماكبث، قررنا إقالته من منصبه كرئيس مدير عام ونزع كافة صلاحياته مقابل تشكيل لجنة تدير مؤسستنا حتى انتخاب رئيس مدير عام جديد.
تركتُ الآنسة ستيوارت إلى جانب السيدة ماكماهيليان، وانسحبت وسط صراخ البشر في الجحيم. كانت السيدة ماكماهليان في أسوأ حالاتها، لم تكن سعيدة بما تفعل. حقًا عندما يسقط المرء، يترك نفسه فريسة لأعدائه، حتى الأصدقاء يصبحون أعداء، يريدون منه حصة. ذهبت في الحال إلى أحد البارات، وطلبت كأس ويسكي دوبل ناشف، وكل الرواد يتابعون "مسلسل" ماك من تلفزيون معلق على جدار. كأن حفلة للأطفال كانت في البار، فالزبائن كلهم، المع والضد بخصوص قضية ماك، كانوا سعداء. كان شاب أشقر يرتعش من شدة إعجابه بماكبث، وكان يتخيل نفسه مكانه:
- لو كنت ماك لفعلت أكثر، لاغتصبت كل نساء نيويورك، ولجعلت من نيويورك ماخورًا مفتوحًا للكوزا نوسترا.
قال ثان أسود، وهو يبتسم ما وسعه الابتسام:
- ولكنه مريض، يا هذا، يهلوس بفرج المرأة ليل نهار، وهي مريضة أكثر منه، تلك القحبة، تظن أن رجلها مغارة علي بابا، ومع ذلك، بفضل رجلك سنقيم العدالة بين السود والبيض، كما تُغتصب نساؤنا تُغتصب نساؤكم.
قال ثالث أسود، وهو يدور حول نفسه بسرعة الضوء كمن يرقص الهيب هوب في الهواء:
- ولكنها مرغته في الوحل هو واسمه وشهرته وعائلته، في الوحل، هذا شيء لا يجوز، هذا شيء يلطخ أفريقيا، يلطخنا كلنا.
قال رابع أسمر، وهو يقهقه قهقهة الرابح لمليون دولار:
- يلطخ أم لا يلطخ، رب المال يتصور أنه سيفلت من كل عقاب.
عاد الأول يقول:
- رب المال يفلت من كل عقاب، وسترى، لن ينام أكثر من ليلة في ريكرز آيلاند.
عاد الثاني يقول:
- سَتُنْفَقُ الأموال، الأموال الكثيرة، الملايين من الأموال.
عاد الثالث يقول:
- وهي لماذا فعلت ما فعلت تلك القحبة؟ من أجل أن تُنفق الملايين من الأموال.
عاد الرابع يقول:
- كلها تمثيلية، تمثيلية تلفزيونية، تمثيلية تلفزيونية لتسليتنا.
سكت الكل على رئيس البلدية:
- ماك بفعلته هذه، بالطبع مع افتراض البراءة، أضاع فرصته التي لن تتكرر ثانية للذهاب إلى البيت الأبيض، أرقام التحقيق في الرأي العام في سقوط حر، 70 بالمائة أمس و25 بالمائة اليوم...
قاطعه الأشقر المتحمس لماك:
- كومة خراء! كذاب! أكبر كذاب! ماكبث سيكون أعظم رئيس للولايات المتحدة، أيها المغفل!
- بفعلته هذه، تابع عمدة نيويورك، ماك حطم أسطورة البنك العالمي الذي أقيل من منصبه كرئيس مدير عام له، وأثبت أن الأزمة لا توجد في الرؤوس، وإنما في كل أنحاء العالم، ورئيسنا الحالي وحده القوي المهاب عالميًا المحنك محليًا الخبير القدير القادر على تسديد الديون إذا ما أعطاه الشعب الأمريكي الثقة لعهدة ثانية.
هذه المرة، أثار رئيس بلدية نيويورك احتجاج كل من في البار، فراح كل منهم يشتم من طرف. جرعت كأسي، ورميت عددًا من الدولارات قبل أن آخذ طريقي إلى بيتي.

* * *

كانت مجموعة من الحراس وكلابهم على رأسهم الرقيب أول ماكنامارا يبحثون في ضباب الغروب عن الخمسة الفارين من السجناء، عصابة الفهود السود، كما كانوا يطلقون على أنفسهم. والحقيقة أن الرقيب أول كانون جونيور هو من ساعدهم على الهرب، وهو من أرسل أحد أعوانه للإخبار عنهم. كان الكل يعلم في ريكرز آيلاند بالصراع الدائم بين الرقيبين أولين من أجل الهيمنة على نزلاء السجن الرهيب واستغلالهم، ولأن عصابة الفهود السود عرفت الكثير من ألاعيب الرقيب أول كانون جونيور، وأصبحت تشكل خطرًا عليه، فبرك عملية الفرار للتخلص من أفرادها، وعلى الخصوص من زعيمها الأسود المدعو بُواء، ذلك الثعبان الرهيب. كانت أسهل طريقة للخروج من الأبواب الحديدية المتعددة تعدد أبواب الجحيم الواحد بعد الآخر والتي تصل في عددها أحيانًا إلى العشرة، أن يتم هربهم في شاحنات الغسيل. طريقة سهلة إذا كانت محروسة من طرف أعوان الرقيب أول كانون جونيور. وكيلا يقع الفارون بأيدي حراس بوابة الجزيرة، كان على الفهود السود أن يتدبروا أمرهم، قبل وصول شاحنات الغسيل إلى البوابة، بتواطؤ السائقين طبعًا. وأن يتدبروا أمرهم يعني أن يقطعوا نهر الإيست ريفر عومًا حتى البرونكس، ومن جهةٍ لم تكن محاطةً ببرك التماسيح، أقربها كانت قرب بوابة الخروج. كانت العصابة تعلم بسوء نية الرقيب أول كانون جونيور، فهي لخبراتها الجرائمية تحدس هذا النوع من الوقيعة، لكنها كانت تراهن على عشر دقائق بين الانطلاق وبداية المطاردة تكون فيها قد اجتازت بسكاكينها النهر من إحدى برك التماسيح. نعم، من إحدى برك التماسيح، فالتماسيح أقل خطرًا من حراس ريكرز آيلاند الفظيعين، والمخاطرة بالحياة، بحياة أقرب إلى حياة المسخ من الحيوان في السجن الرهيب، لم تعد أمرًا بذي بال. ولكن ما لم يعلمه الفهود السود أن الرقيب أول ماكنامارا كان بانتظارهم قبل هذا الوقت بكثير، وأنه لن يكون هناك انطلاق، وأن المطاردة ستبدأ أول ما يطأون أرض الجزيرة بأقدامهم.
لم تمض أكثر من ساعة على المطاردة حتى تم للرقيب أول ماكنامارا القضاء على أعدائه، كانوا خمسة، الأول انقضّت عليه الكلاب الشرسة، ومزقته بأسنانها، والثاني خردقته رشاشات الحراس عدة مرات من قمة رأسه إلى أخمص قدمه، والثالث الذي سقط بسكينه من شجرة على أحد الحراس وذبحه، ذبحوه كما ذبح زميلهم، والرابع حاصروه، ليجد نفسه مضطرًا إلى أن يرمي بنفسه بين أسنان التماسيح، فكان لها أمتع وليمة، والخامس، بُواء زعيمهم، تسلى الرقيب أول ماكنامارا بقتله تدريجيًا: هذه الرصاصة في كتفك اليمنى لأنك قذر، وهذه الرصاصة في كتفك اليسرى لأن أباك قذر، وهذه الرصاصة في ساقك اليمنى لأن أمك قذرة، وهذه الرصاصة في ساقك اليسرى لأن أختك قحبة، وهذه الرصاصة في قدمك اليمنى لأنك فضلت التعاون مع الرقيب أول كانون جونيور الذي باعك ببلاش، قذر مثلك ومثل أبيك وأمك وأختك، وهذه الرصاصة في قدمك اليسرى، لأني أطرب على صراخك القذر، ويدفعني صراخك القدر هذا أيها القذر إلى ارتكاب كل الموبقات، وهذه الرصاصة في مخك كي أبعث بك إلى الجحيم دون عودة، يا ابن القحبة! بصق عليه، وأخذ يضرب جثته بقدمه الضربات تلو الضربات، وهو يردد: بُواء! كان يسمي نفسه بُواء هذا القذر ابن القذر! عضني، يا ابن القحبة! هيا، عضني كما كنت تفعل في الماضي! عضني أيها الثعبان القذر! عضني! عضني! عضني! إلى أن فتك به التعب. جاء أعوانه، وضربوا الجثة بأقدامهم كما ضربها، في دمها، في بصاقها، في غائطها، وفي كل مرة كانوا يدفعونها قليلاً إلى أن وصلوا بها إلى أفواه التماسيح المفتوحة على سعتها، وألقوها بين أسنانها.
حقًا كان الرقيبان أوّلان من أشد الأعداء لبعضهما، لكن عندما يشعران بالخطر يهددهما كانا يتحالفان، ويغدو الواحد للآخر من أكثر الناس إخلاصًا.
- لقد خلصتك من بُواء، ذاك القذر ابن القذر، والآن يأتي دورك، قال الرقيب أول ماكنامارا للرقيب أول كانون جونيور.
- أنت أيضًا تغرق في الخراء؟
- إلى قمة رأسي.
- ولكنه مدللك، القرن الكبير.
- كما كان بُواء مدللك.
- ولكنه مجرم المجرمين، القرن الكبير.
- لديه نقطة ضعف يمكن التسلل منها.
- سأرى ما يمكنني فعله من أجلك.
- الحرب ما بيننا انتهت، رقيب أول كانون جونيور.
- أتظن ذلك، رقيب أول ماكنامارا؟ في هذا المعتقل الذي لا يمشي إلا بالحرب.
- الحرب ما بيننا انتهت، وما بيننا وبين غيرنا بدأت.
- هكذا أفهمك.
- وماذا تقول عن ذاك القذر الآخر ابن القذر؟
- القرن الكبير؟ لم يعد الأمر بذي بال طالما تركته يسقط.
في المساء نفسه، بعد تحقيق طال مع ماك في مكاتب الإف بي آي، أحضروه إلى السجن الرهيب، فقال الرقيب أول كانون جونيور لا تحيز لأبناء المليارديرات المتبهرجين، وخاصة في تهمة اغتصاب أكساس واحتجاز منظفات خراء، ورمى بماك في زنزانة القرن الكبير وعصابته.
استقبل أفراد العصابة السبعة ماك بلامبالاة، وباحتقارٍ كانوا يرمونه بنظراتهم. كان رئيسهم الأسود العملاق المدعو بالقرن الكبير ينشر قضيبًا من عشرات القضبان المزروعة في كوة الزنزانة على مرأى الحراس دون أدنى قلق، حتى أن بعضهم أطل من بين قضبان الباب الحديدي، وراحوا به ساخرين: كم سيحتاجك من الوقت لنشر كل هذا؟ إلى قرن من الزمان؟ كل هذا لتسليتك؟ قل إنك تتسلى! قل إن هذا يدغدغك! يدغدغك من بيضاتك الثقيلة! أو من كهفك المفغور ككهف أمك! انفجروا ضاحكين، وذهبوا، بينما استمر القرن الكبير في نشر القضيب عابسًا. كان ماك قد صعد على سريره، واستلقى في ثياب السجن. وبعد قليل، سمع القرن الكبير يقول لأحدهم أن يأخذ مكانه، ولم يتحرك أحد في الزنزانة. تلفت ماكبث من حوله، فعرف أنه المقصود.
- أنا؟
- أنت! وهل يوجد أحد غيرك في الزنزانة؟ كل هؤلاء نساء لا تُعتبر.
نظر ماك إلى نزلاء الزنزانة بسحنهم الإجرامية الخشنة، وتحرك ليأخذ مكان القرن الكبير. بدأ بنشر القضيب لكن المنشار سقط من يده، وجرحه جرحًا طفيفًا، فانفجر الموجودون في ضحكة واحدة، بينما بقي القرن الكبير عابسًا.
قال القرن الكبير، وهو يقبض على ماك من عنقه ويثنيه:
- امسك هكذا، وانشر هكذا، وكن رجلاً لا ابنًا للماما!
أطاع ماك، وبعد قليل من التعثر، راح المنشار يعمل بين أصابعه عمل قوس الكمان.
- أنتم تحذقون في كل شيء، يا أبناء الماما، حتى في قص القضيب الذي سأحشوه في قفاك!
جمدت أصابع ماك على سماعه لما قاله القرن الكبير، استرق النظر إليه، فوجد لا أكثر منه جدية. في قفاي! فكر ماك مرتعبًا. وفجأة، رمى المنشار، وابتعد عن الطاقة، وهو يقول للقرن الكبير:
- أنت لست جادًا، يا مالكولم، وأنا يمكنني أن أنفعك، لدي من المال ما يجعلك تقضي الباقي من حياتك في نعيم الدنيا.
انفجر القرن الكبير مقهقهًا:
- الباقي من حياتي؟
وانفجر كل من هم في الزنزانة مقهقهين.
- أقضي الباقي من حياتي؟
وقهقه من جديد والكل في آنٍ معه.
- في نعيم الدنيا؟
وصلت قهقهات أفراد العصابة الأوج، فخنقها القرن الكبير بحركة جافة من يده، وقال لماك عابسًا:
- نعيمي هنا وجحيمي هنا حتى آخر يوم من حياتي، يا ابن الماما!
تلعثم ماك:
- انتظر، يا مالكولم! سأفعل كل ما بوسعى من أجلك.
قهقه الأسود العملاق نصف قهقهة:
- افعل بالأحرى كل ما بوسعك من أجلك أنت، يا ابن الماما، فلن تخرج من هذا النعيم سالمًا.
- لا، يا مالكولم، رجاء!
- يا مالكولم قفاي!
عاد ماك بسرعة إلى أخذ مكانه على الطاقة، وراح يعزف على الكمان محاولاً أن يتجاهل كل ما يدور في رأس هذا المجرم.
- قالوا في التلفزيون إنك ملأت فمها بقذارتك، أُخَيتي الصغيرة، وكنت سريعًا وأهوج ككلِّ ابنٍ للماما. ربما كنت تفضل أن نعلمك أحسن الطرق، فنحن كثيرون، ويسعدنا أن نعلمك أحسن الطرق، حتى ابتلاع الجحيم والاختناق، حتى قيء الخراء الذي في أمعائك، أن نعلمك أحسن الطرق.
انكسر القضيب في يد ماك، فقهقه كل الموجودين.
- اختار القضيب عنك، يا ابن الماما!
نهض أربعة من أكثر الموجودين جرمًا ودمامة، وتقدموا من ماك ببطء، فقذف القضيب من كوة الزنزانة ليمنعه السياج من السقوط. جذبه المجرمون الأربعة، وجردوه من ثيابه، وماك يصرخ مستنجدًا ولا أحد من الحراس يجيء لنجدته. جاء شبح دانكان، وجاء شبح مالكولم، فحاول ماكبث طردهما دون فائدة، بينما هما يقهقهان. قلبوه على بطنه، فتناول مخدة أخفى رأسه تحتها، بينما أخذ كل واحد من أفراد العصابة يقضي حاجته. كان ماك في البداية يصرخ، وبعد ذلك أخذ يئن، ثم صمت تمامًا، وتركهم يعبثون بجسده كما طاب لهم. تمكن أحدهم من سحب القضيب بأصابع قدمه، وجاء به إلى القرن الكبير، فدفعه في ماك، بينما عاد إلى التفجر صياحًا والدم يتفجر منه أنهارًا. عندما جاء الحراس، وجدوه غائبًا عن الوعي.
رموهم كلهم في زنازين ريكرز آيلاند التحت الأرضية، وأخذوا بهم ضربًا حتى أوصلوهم إلى حافة قبورهم، ثم بإشارة من رأس الرقيب أول كانون جونيور، تم قصم أعناقهم، كلهم، الواحد بعد الآخر، وأولهم القرن الكبير.
* * *

وضعتنا الليموزينة، أنا وجين والآنسة ستيوارت، على باب محكمة نيويورك. وعلى باب محكمة نيويورك، كان العشرات بل المئات من الصحفيين وأجهزة التصوير والكاميرات التي لا تخفى عنها خافية. كانت جين ترتدي طقمًا أسود، وتخفي عينيها الحمراوين المنتفختين لكثرة ما بكت بنظارات سوداء، وفي الواقع لتخفي عارها، وبنا أحاط الحراس الخاصون كالدروع من كل جانب. ونحن نصعد درجات المحكمة، تحت صيحات معادية لنساء من كل لون يمثلن الجمعيات النسوية، التفتُّ إليهن، ووقفت وجهًا لوجه معهن، كما لو كنا طيورًا من نوعين مختلفين، ومن شدة الحنق رميت في وجوههن:
- ماك دومًا ما عامل المرأة كشريك وكنِدّ، وكل هذه القضية لأن هناك حسابات للمرأة دنيئة!
كان نصيبي كجواب أن رشقنني بالبندورة الفاسدة والبيض المَذِر، ولولا الدروع للوثني "قذف" النساء. عجلنا الدخول إلى قاعة المحكمة، كان ماك هناك مع محاميه الأستاذ جوزيف ماكدويل، وكان هناك النائب العام ووكيلة النائب العام، وكان هناك الحضور، الذين بعضهم كان واقفًا. دلف القاضي إلى منصته، فأمرنا الحاجب بالنهوض، فنهضنا، ثم أمرنا بالجلوس، فجلسنا. وفي الحال، في نظام قضائي اتهامي، بدأ النائب العام يعدد الأعباء ضد ماك، واحدًا واحدًا: اغتصاب واعتداء واحتجاز و... و... و... وطلب في الأخير إعادة المتهم إلى ريكرز آيلاند على ذمة التحقيق. خلال كل ذلك، كنت أنظر إلى صديقي، فأرى أنه تغير بين يوم وليلة. بدا لي مريضًا، وقسمات وجهه التي عهدي بها متفجرة بالحياة والتحدي، بدت لي ميتة. كنت أخشى عليه من شحنة انفعالية، بمعنى ما تولده فكرة من ارتكاسات في المرء، فكرة سوداء جهنمية، فكرة من أفكار ريكرز آيلاند تغير الحياة. وردًا على النائب العام، قال الأستاذ جوزيف ماكدويل إن موكله لا يعترف بكل هذه التهم، وهو يرافع عنه بوصفه غير مذنب. أضاف أن موكله على استعداد لدفع كفالة بالمبلغ الذي يقرره السيد القاضي مقابل ألا يعود إلى ريكرز آيلاند.
- مائة مليون دولار! طن القاضي تحت صرخات الحضور المشدوهة.
ثم...
- سكوت! صاح القاضي، وهو يضرب بقدومه الخشبي. القضية فاحشة العظمة، وأنا شخصيًا، طوال حياتي المهنية، لم أر مثلها اثنتين، ومن تدور حوله أعظم، إنه واحد من أعظم العظماء، من هنا تأتي ضخامة المبلغ، إلى جانب سحب كل جوازات سفر المتهم، الأمريكي، والإيطالي، والصيني، والفرنسي، والسعودي. أضف إلى ذلك، وضعه تحت الحراسة الأمنية والفيديوية ليل نهار، وعدم مغادرة شقته. سيبقى محتجزًا إلى أن يتم دفع الكفالة نقدًا. الجلسة القادمة خلال أسبوع لإتمام التحقيق. رفعت الجلسة.
وماك يغادر قاعة المحكمة مع رجال الأمن والإف بي آي، ألقى علينا نظرة الخجول كما لو كان يريد أن يقول: حتى الآلهة يقومون بحماقات مثلي! ابتسم لجين ابتسامة خاطفة، ابتسامة ميتة، ابتسامة لميت. هذا الرجل العظيم الذي فضل فرج المرأة على البيت الأبيض، وضرب كل شيء عُرْضَ الحائط، شيء لا يفعله سوى مجنون أو إله. انفجرت جين باكية، فأخذتها الآنسة ستيوارت بين ذراعيها بعد أن سجلت كل شيء في مذكرتها، وخرجنا كما دخلنا تحت الصرخات العدائية للجمعيات النسوية والبندورة الفاسدة والبيض المَذِر. تركنا الصحافيين للأستاذ جوزيف ماكدويل، وما أن وجدنا أنفسنا في السيارة وحدنا، نحن الثلاثة، حتى رفعت جين نظارتها السوداء عن عينيها الحمراوين المنتفختين، وقالت لم يكن لزوجها البنك العالمي من أجل دفع الكفالة، كان الرئيس المدير العام، بمرتب أكثر من جيد هذا صحيح، لكن المليار اليومي لم يكن يضعه في جيبه، لهذا سوف تبيع بعض اللوحات أو ترهن الشقة، فهي مكتوبة باسمها.
- لن تبيعي أو ترهني أي شيء، سأتدبر الأمر، قلت.
أعادتنا الليموزينة إلى الشارع 65، ومن هناك أخذت والآنسة ستيوارت سيارتي إلى الملاك الأصفر.
تفاجأنا بياما نصف عارية، وهي تدخن الغليون مع العود الأحمر في ثياب رأس التنين، وتشرب كحول الرز. قالت لنا بجلافة، أن لا مكان لنا هنا، فالعود الأحمر حل محل ماك على رأس الثالوث.
- قل لهم، يا 489.
- كما قالت 438.
- وأموال ماك، أينها؟ سألت. يجب دفع الكفالة، مائة مليون دولار، لتجنب عودته إلى ريكرز آيلاند.
- فليعد إلى الشيطان، يبقى الأمر أمره!
وانفجرت تقهقه ورأس التنين الجديد، بينما هذا يردد بلكنته الصينية:
- فليعد إلى الشيطان! فليعد إلى الشيطان!
وكأني بياما تقول: عندما يسقط الرأس نأتي بآخر بدله، ونتصرف بالجسد كما نشاء. حضرت ثلاث مدلكات شبه عاريات، وهن يضعن الأموال في صينية نحاسية، فشتمتهن ياما بالصينية، والآنسة ستيوارت تترجم لي، قالت لهن كل هذه الأموال لا تكفي، وعليهن أن يعملن على مضاعفتها ضعفين بل ثلاثة أربعة خمسة عشرة مائة ألف. ذهبنا أنا والآنسة ستيوارت من حيث ذهبن، فشاهدنا عناقات من جهنم بين الزبائن والمدلكات. كانت بعضهن يفعلن هذا، وهن يذرفن الدموع الحرى.
ومن الملاك الأصفر ذهبنا أنا والآنسة ستيوارت إلى الكلب اليقظ، كانت علبة الليل ملأى بمن هب ودب من المخمورين ولما يسقط الليل بعد. لم تشأ كلوديا استقبالنا، قالت عنها مشغولة، لكننا اقتحمنا المكتب عليها لنجدها تشرب وتنكح مع رؤساء المافيا الثلاثة، لاكي لوتشيانو جيل ثالث وفرانك كوستيللو جيل ثالث وجو أدونيس جيل ثالث. حدثناهم عن الملايين المائة كفالة، فقالت كلوديا:
- دون دييغو ورط نفسه بنفسه، وأنا لست مسئولة عن شيء، لست مسئولة عن لا شيء، وعلبة الليل غدت تحت إمرة لوتشيانو جيل ثالث وكاستيللو جيل ثالث وأدونيس جيل ثالث.
- اشتريناها بعرق إليات نادلاتنا، قال أدونيس جيل ثالث، وانفجر ضاحكًا.
- قليل من الذوق، بصحبتنا عذراء، قال كوستيللو جيل ثالث، وهو يشير إلى الآنسة ستيوارت، وانفجر ضاحكًا.
- تعالي بين ذراعيّ، قال لوتشيانو جيل ثالث، وهو يجذب الآنسة ستيوارت، فضربته بحذائها على رأسه، وهو يقهقه.
- لا مكان لكما هنا! نبرت كلوديا، وصفقت مرتين، ليدخل الحراس المدججون بالسلاح، ويضعونا على الباب.
أجريت بعض اتصالات هاتفية بأصدقائي، وتدبرت أمر جمع المبلغ المطلوب. بعد ساعة، كنت في مكاتب قاضي نيويورك. سلمتهم المائة مليون دولار عدًا ونقدًا، وأخذت بها وصلاً تمكنت بواسطته إخراج صديقي المحتجز.

* * *

الأسبوع السابق للجلسة الثانية في المحكمة كان لا يصدق مع كل الكاميرات هذه وكل أفراد الأمن هؤلاء، كاميرات في كل مكان، في كل مكان، وأفراد أمن في كل مكان، في كل مكان، حتى في الحمام، حتى في بيت الماء. لم يكن يمكننا فعل أي شيء بحرية، وكانت حياتنا الخاصة معتدى عليها. في أحد المساءات، تسللت إلى حجرة الآنسة ستيوارت، أخذتني بين ذراعيها تحت اللحاف، فإذا بحارسة تدخل علينا، وترفع الغطاء عنا. كانت المرأة الحمراء تريدني أن أعوم معها على الرغم من كل شيء، لكني أشرت إلى الحارسة، واعتذرت. كيف ستكون لديك رغبة في شيء بعد ذلك؟ لم يكن يمكننا الحديث كما نريد، لم يكن يمكننا الحديث بلغة مشفرة، لم يكن يمكننا الحديث بالإشارة، لم يكن يمكننا الحديث بالكتابة. وعندما كانت الأفكار تفلت من رؤوسنا، كنا نقول ما نقول، ولا نهتم بالنتائج.
- ميراندا، هل حاولت اغتصابها، يا ماكبث؟
- لا، كل ما هنالك أنني أخذت منها قبلة.
- أنت متأكد، يا ماكبث؟
- لا أدري ما الذي دفعني إلى ذلك. كان الأمر طبيعيًا لدي، كنت أنام مع الأم، وأردت النوم مع الابنة.
- والبنت، ميراندا، ماذا كان رد فعلها؟
- البنت بنهديها العظيمين وإليتيها العُظميين لم تكن بنتًا، كانت بين ذراعيّ كبالغ، كامرأة بأتم معنى الكلمة، وكانت تريد مني أكثر من قبلة، كانت تريد مني أن أغتصبها بالفعل، لكني أبعدتها بلطف، وذهبت.
- أنا على أي حال سأدفع، عشرين، خمسين، مائة ألف، مائتين، نصف مليون، مليون، سأدفع. أمها عازمة على الذهاب إلى المحاكم.
- لا تدفع. أمها مجنونة، فقط لا غير. منذ خمس سنين لم تنطق بكلمة، واليوم، مع كل ما يجري اليوم وجدتها فرصة للاغتناء على ظهر فرج ابنتها الذي لم أمسسه أبدًا، بماذا أحلف لك؟ لا تدفع.
- بل سأدفع.
- قلت لك لا تدفع.
- القُبَل القديمة غالية جدًا، كما ترى، قبلة الخمس سنوات تصبح أغلى، كالنبيذ القديم، من قبلة ساعة أو يومين أو شهرين.
- لا تدفع. قلت لك لا تدفع.
- بل سأدفع.
كان ماك يقضي نهاره نائمًا، يرمي رأسه فوق مسند الكنبة أو يدفنه بين يديه، تحت أعين الحراس والكاميرات، وينام. كان ينام طول الوقت، وكنت أراه يسمن بسرعة، ويكبر، فأقول لنفسي لقد تغير ماك، ارتكاسات ما يجري عليه عظيمة ورهيبة. كان يعرف نقطة ضعفه، ويتجاهلها، وكل أعدائه كانوا هناك، بانتظار أن تزل به القدم، لعجزهم أمام الجبل الذي لا تهزه الرياح، وكانوا من كل الأكوان، الكون السياسي، والكون المالي، والكون الجنسي، والكون المافيوي، والكون الشيطاني، والكون الغائطي، من كل الأكوان، من كل الأكوان، ولم يطل بهم الانتظار كثيرًا. لم يتآمروا عليه، وتآمروا كلهم عليه. نقطة ضعفه كانت مؤامرتهم عليه، كانت مؤامرته على نفسه، وبعد ذلك، ترك لهم نفسه كلها كمن يترك المرء جسده للطعنات، وتم كل شيء على حسابه. لم يعد هو، لم تعد طبائعه هي ذاتها، كانت على الخصوص فطرته الدافعة إياه إلى حب النساء قد زالت، قد ماتت. في الليل، حسب الحراس والكاميرات، كانت جين هي من تطلبه، من تنط عليه، وتمارس ما تمارس، وهو ساكن سكون الموتى، يفتح عينيه، وينظر في البهيم، يبتسم للشيء الغامض، يجمجم: أنا أعتذر، يا دانكان! أنا أعتذر، يا مالكولم! بعد كل ما حصل، أنا أعتذر لكليكما! أعرف أنكما لن تقبلا اعتذاري، لأنكما لن ترضيا بندمي، وأنا على كل حال لست نادمًا على ما فعلت، أنا نادم على ما لم أفعل. إنها رؤاي، جنوني، كما تقول جين، وأنا بيد جنوني مجرد أداة، وإلا ما كنت قادرًا على مواجهة الذات، مواجهة العالم. قدري يصنعه الجنون، وما يتبع أتركه للغير. على الغير أن يتحمل التبعيات، أن يشاركني على الأقل فيها. داناوي، طعم قبلاتك، آه ما أزكاه! بعد موتك، لقبلاتك مذاق التين الأسود! سأريحك مني بقتلك من جديد، سأريح مالكولم. كان ماك ينهض، وبسكين يطعن الشبحين اللذين يكلمهما، إلى أن يوقفه رجال الإف بي آي، وهم يظنون أن ماك قد فقد عقله.
تابعنا على الشاشة الصغيرة كل وقائع جلسة غريمة ماك، قال لي صديقي كل هذا كذب، لأنها كانت راضية. وبالفعل، بعد عدة أيام، تسربت الأخبار من مكتب النائب العام عن تناقضات هذه السيدة في أقوالها وأفعالها، وبدأ الحديث عن تسجيل لمكالمة هاتفية بينها وبين عشيق لها تقول فيها إنها تعرف جيدًا ما تفعل. خلال ذلك، كانت التحريات سارية على قدم وساق بتكليف من محامي ماكبث الأستاذ جوزيف ماكدويل. ذهب رجال التحري حتى قريتها الإفريقية البعيدة، ونبشوا كل ماضيها، لم يكن كل ماضيها بريئًا. أنا لا أدين هذه المرأة، أدانها شرطها الإفريقي. وحتى من هذه الناحية، أنا لا أدينها. شرطها الأمريكي شيء آخر، شيء أقرب إلى الكابوس. بالنسبة لمنظفة فندق، شرطها الأمريكي كابوس، لا شيء غير كابوس. في أفريقيا يحزون النساء، ألا يكفي هذا ثمنًا لكل شيء؟ ألا يكفي هذا للمطالبة بأكبر ثمن "لغلطة صغيرة"؟ الكابوس الأمريكي هذا هو، غلطة صغيرة ذات أكثر ثمن. إنه أجمل كابوس. لامرأة إفريقية محزوزة إنه أروع كابوس، إنه الصراخ المبحوح لكل نسائنا. نساء لم يقطعهن مشرط وحشيّ. الصراخ المسعور في الفراش. الخدش البربري بأظافر مدللة. العض الهمجي بأسنان لا تحتاج إلى الذهاب عند طبيب الأسنان لبياضها الناصع. العض، فقط العض، وليكون الوجع أكثر ما يكون. العض من المهبل. فقط العض. لتقول نساؤنا لرجالهن أنتم تحسنون العض، وهذا هو كل شرطنا لنكون نساء غير إفريقيات، غير محزوزات.
توقعت أن تبدو على وجه صديقي بوادر الأمل والعودة إلى ما دأب عليه من فطرة، ما دأب عليه من فطرة في كل شيء، لكنه داوم على رمي رأسه فوق مسند الكنبة أو دفنه بين يديه، والذهاب غافيًا. لم يكن يهرب من الخطر، فكل الخطر تركه من ورائه. كان فقط يدفن رأسه بين يديه أو يرميه فوق مسند الكنبة، وكأنه يبحث عن شيء، وكأنه يتأهب لفعل شيء. كان يركض في رأسه، كما لو كان يريد التدرب على الركض من جديد، من أجل سباق قادم ليس فيه من الهرب شيء، ربما الهرب من حياته الماضية، علاقاته، ثقته الكبيرة بنفسه، أوهامه، أوهامه النسائية، أوهامه المالية، أوهامه الشيطانية، الخلاقة الهدامة في آن، أوهامه، على أن يُبقي بعضها كي يظل إنسانًا مثلنا، نحن الذين تطاردنا الأوهام منذ زمن آدم. كنت أراه يلهث، وهو يغلق عينيه، فأقول لنفسي إنه يركض كثيرًا في رأسه، فأتركه يفعل، ولا أوقظه. لكن ذلك لم يخفف من انطوائه على نفسه، بل على العكس. لم يكن يتكلم كثيرًا، ليس بسبب الكاميرات المزروعة في كل مكان، فلم يعد لديه ما يقوله، والحق يقال ماذا يقول وكل هذا الخراء الذي غدا شرط حياته. كان يركض في رأسه، يركض، يركض، ولا ينظر إلى الخلف، يركض، فقط يركض، بأقصى سرعة، ويأخذ باللهاث، وهو مغمض العينين، وأحيانًا بقول بضع كلمات ليست مفهومة. الأولاد؟ هناك من يلعب تحت المطر.
ونحن نصعد درجات محكمة نيويورك بين الهتافات النسائية المعادية وتحت آلاف الفلاشات، التفت ماك إلى كل تلك النساء الشريرات، ورسم على شفتيه ابتسامة صغيرة، ابتسامة مهولة، جعلتهن كلهن يخرسن، ثم وضع يده في يد جين، ودخل المحكمة، ونحن، أنا والآنسة ستيوارت والحراس الخاصون وغير الخاصين، نتبع كلنا من ورائه. ابتسامة أقرب إلى ابتسامة الموناليزا، ابتسامة غريبة ليست لرجل ولا لامرأة، ابتسامة، لا لشيء غامض أو لغيره، فقط ابتسامة، لكنها مهولة.
اعترفت وكيلة النائب العام بعدم مصداقية أقوال الشاكية، وأبدى الأستاذ جوزيف ماكدويل عن رغبته في الكشف للقاضي عما يملكه من معلومات دامغة ليست في صالح الشاكية، فرفع القاضي الإقامة الجبرية عن ماكبث، تحت شرط أن يبلّغ مسبقًا عن مكان تواجده خارج المنزل. حدد موعد الجلسة القادمة بعد أسبوعين، فهمس ماكدويل في إذن موكله:
- فلتنم منذ الآن خالي البال، يا ماكبث، حتى أنك في المرة القادمة لست بحاجة إلى الحضور، سأتكفل دونك بكل شيء.
ومن المحكمة، ذهبنا مباشرة إلى أفخم مطاعم نيويورك، تماسيح ريكرز آيلاند، ووضعت في يد النادل البخشيش مثل كل مرة.
ونحن على باب تماسيح ريكرز آيلاند، تنفس ماك الصعداء، وقال:
- في عالم منحط، كي نعيد بناء كل شيء، علينا أن نهدم كل شيء، وأول ما نهدم المخابئ التي تغيب فيها الرؤوس عن الأبصار.



يتبع المِصراع الثاني القسم الثالث



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الأول
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثالث
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثاني
- ماكبث المِصراع الأول القسم الأول
- شهادات (15) دكتورة ندى طوميش
- شهادات (14) دكتور بركات زلوم
- شهادات (13) دكتور حسام الخطيب
- شهادات (12) دكتور سهيل إدريس
- شهادات (11) دكتور إحسان عباس
- شهادات (10) دكتور جان-فرانسوا فوركاد
- شهادات (9) دكتور محمد بلحلفاوي
- شهادات (8) دكتور جمال الدين بن الشيخ
- شهادات (7) دكتور أوليفييه كاريه
- شهادات (6) دكتور الأخضر سوامي
- شهادات (5) دكتور دافيد كوهن
- شهادات (4) دكتور جاك بيرك
- شهادات (3) دكتور دانيال ريج
- شهادات (2) دكتور أندريه ميكيل
- شهادات (1) دكتور محمد أركون
- ساد ستوكهولم النص الكامل نسخة مزيدة ومنقحة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثاني القسم الثاني