أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - ملاحظات تقدية حول التنظيم















المزيد.....

ملاحظات تقدية حول التنظيم


محمد المثلوثي

الحوار المتمدن-العدد: 4503 - 2014 / 7 / 5 - 17:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ان الناس لا ينتظمون بهذا الشكل أو ذاك إلا استجابة لحاجات مباشرة تواجههم، وفي إطار الشروط التاريخية لتطور القوى الإنتاجية ولتقسيم العمل الاجتماعي الذي يجدون أنفسهم خاضعين له. وحتى انتظامهم الثوري فانه هو نفسه لا يجد مقدماته المادية إلا في القوى الإنتاجية التي أصبحت، بطبيعة تطورها، قوة هدامة بالنسبة لعلاقات الإنتاج التي تتطور في إطارها.
فأما بالنسبة للطبقة السائدة فإنها تنظم نفسها في إطار إدارة سيادتها، لذلك فإنها تجد في الدولة والأحزاب ومجمل الأطر السياسية الشكل الملائم لمواجهة المتطلبات المباشرة لإنتاج وإعادة إنتاج نفسها كطبقة سائدة.
وأما بالنسبة للطبقة الثورية فإن وجودها نفسه مثلما يستبعدها كطبقة من الملكية فإنه يستبعدها من النظام السياسي برمته. وإن مشاركتها في نظام الملكية وبالتالي في النظام السياسي لا يعني سوى أنها، نتيجة ظروف تطورها التاريخي، لا تظهر كفعالية طبقية ثورية، بل كمجرد المواطن الحامل الحقوقي للملكية، وبالتالي الفرد المنافس. وهكذا فان الانتظام الطبقي الثوري المتضامن ليس سوى مواجهة التفريد (صناعة الفرد المنافس) الذي يفرضه نظام الملكية البورجوازي والذي يدفع الى نقيضه في نفس الوقت.
ويظهر النهوض الثوري كمجرد مصادفة تاريخية، ذلك أن النظام البورجوازي نفسه يظهر بصفته نظاما قائما على المصادفة. فالآليات التي يسير وفقها النظام الرأسمالي لا تجد تحققها إلا في فوضى المزاحمة والأزمات والإختلالات، بما يجعلها تظهر للأفراد وكأنها مجرد مصادفات، ذلك أن هذه الآليات تأخذ طابع القوانين الطبيعية المستقلة عن إرادة الأفراد، والقوى المادية للمجتمع تظهر كقوة غريبة وغاشمة غير قابلة للضبط والسيطرة.
ونتيجة هذا المظهر الصدفوي للانفلات الثوري، فإن الحاجة للتنظيم الثوري لا تظهر إلا بصفتها حاجة مباشرة في مواجهة عناصر مادية حينية (التنظم في مواجهة إجراءات حكومية، التنظم في مواجهة عمليات طرد أو إغلاق مصانع...)، وهي بذلك تأخذ لا محالة طابعا تلقائيا، أي طابع التمرد العفوي على نظام الملكية والنظام السياسي (الدولة، الأحزاب..).
والتمرد الثوري على نظام الملكية هو حركة طبقية لكسر التفريد البورجوازي، أي الانتقال من الفرد السياسي (أي الجماعية السياسية) الى العضو في الجماعية الحقيقية التي تكسر المنافسة وتبسط طابعها الاجتماعي وفق حاجات تطورها الجماعي، أي وفق تطور الأفراد بصفتهم أعضاء تلك الجماعية. وبذلك فإن هذه الحركة الثورية هي بطبيعتها مناهضة، ليس لهذا الشكل أو ذاك من النظام السياسي، بل للإدارة السياسية الفوقانية نفسها، والتي هي جماعية وهمية مهما كان رداؤها الخارجي (الوطن، القومية، الطائفة...)، بما أن الفرد هنا لا يصادف الأفراد الآخرين إلا في ميدان المنافسة وليس في إطار تحقق وجود جماعي متضامن.
والتمثيلية بصفة عامة، والتمثيلية السياسية (الأحزاب السياسية، البرلمانات...)، أو بتعبير آخر: الديمقراطية، بغض النظر عن أشكالها الخاصة، هي في الواقع الشكل التاريخي الملائم لدرجة متطورة من القوى الإنتاجية في إطار نظام الملكية الخاصة، وحيث يأخذ هذا الأخير طابعا غير مشخصن، أي أن الملكية لا تظهر بصفتها ملكية مشخصنة مرتبطة بتراتبية شخصية ثابتة (الأمير، النبلاء...)، بل بصفتها شيئا عموميا لا يحتكم إلا لآليات تطوره الخاص (الرأسمال هو قيمة تزداد ذاتيا)، هذه الآليات تظهر، مثلما أسلفنا، في صورة قوانين طبيعية مستقلة عن الأفراد. لذلك فالانفلات الثوري هو انفلات من قبضة تلك التمثيلية وضدها، ولا يمكن لهذا الانفلات أن يتطور الى حالة ثورية بدون المرور الى الاستعاضة عن هذا الشكل المغترب من الإدارة، حيث تحتكر فئة قليلة من المحترفين أمور "الشأن العام"، نحو شكل جديد يباشر فيه كل فرد شؤون الإدارة الاجتماعية بصفته عضوا في كمونية اجتماعية، وحيث يتم إنهاء التعارض بين "الشأن العام" و"الشأن الخاص"، بما أن هذا "الشأن العام" سيكون شأنا خاصا بكل فرد، بينما لا يواجه الفرد "شأنه الخاص" بصفته مصلحة خاصة معارضة للمصالح الخاصة للأفراد الآخرين (المنافسة)، بل بصفته جزء عضويا من الحياة الكمونية.
ولا شك أن الوصول الى هذه الأهداف التاريخية للحركة الثورية المعاصرة يستوجب وسائل تعبر بذاتها عن تلك الأهداف نفسها.
فالحزب مهما كان موقعه في النظام السياسي، فانه لا يمثل إلا جزء من التمثيلية السياسية (حتى وان كان ذلك بإدعاء تمثيلية العمال أو المسحوقين عموما). وبالتالي فانه إما أن يكون عنصرا رسميا في الإدارة السياسية للنظام (الأحزاب الحاكمة)، أو هو وسيلة لإعادة إدماج العناصر الاجتماعية المنفلتة في إطار تلك الإدارة السياسية (أحزاب المعارضة)، أو هو شكل احتياطي جاهز للإدارة السياسية (الأحزاب الراديكالية) في حالة الأزمات العميقة وعندما تستوجب الظروف من الطبقة السائدة لا التغيير الشامل للإدارة السياسية فحسب، بل حتى التضحية بعناصر ورموز من الطبقة السائدة نفسها.
أما النقابة، وفي الواقع هي لا تكسر التمثيلية السياسية بل تظهرها في شكل اجتماعي مموه، فإن أساس وجودها إنما هو وجود العمال الأجراء، لا بصفتهم الأفراد السياسيين هذه المرة، بل بصفتهم صنفا مهنيا، أي أن توحدهم في إطار النقابة هو توحد من أجل شروط أفضل في المنافسة. فالنقابة لا يصادف وجودها إلا حيث لا تمثل الشغيلة فعالية طبقية ثورية، وميدان نشاطها هو بالضبط ميدان إدارة المنافسة لا النشاط الثوري المناهض لنظام المنافسة. ومع تشكل فئة من محترفي "العمل النقابي"، كما هو الشأن بالنسبة لمحترفي "العمل السياسي"، (حيث تصبح لهم مصالح خاصة متميزة عن المصالح العامة أو حتى المباشرة للأجراء) فان هذه النقابة تسير شيئا فشيئا، وفق الظروف الخاصة بكل بلد وبكل فترة تاريخية، الى أن تندمج في الإطار الرسمي للنظام البورجوازي (تقنين العمل النقابي، في مقابل قمع كل محاولة تنظيم مستقلة، تقنين الإضراب، في مقابل قمع "الإضرابات الوحشية"....). وهذا في الواقع ما يجعل كل انفلات ثوري، مهما كان جزئيا، هو في نفس الوقت انفلات من قبضة الإدارة النقابية.
لا شك وأن هناك العديد من مؤسسات الضبط (جمعيات، نوادي...) التي تستهدف، تحت يافطة "النشاط التنظيمي"، لجم حركة الأفراد والمجموعات وتثبيتها في إطار النظام الاجتماعي السائد، وذلك لمحاولة منع كل تشكل طبقي ثوري فعلي، وبالتالي تعويم الشغيلة وعموم المسحوقين في المحيط الهلامي للشعب، المواطن، الصنف السوسيولوجي والقطاعي والمهني...الخ. ولا شك أن كل تشكل تنظيمي طبقي فعلي لا يمكن إلا أن يكون قطعا مع هذه الأشكال السلطوية في جوهرها وتجاوزا لأطرها وقيودها، ولا شك أيضا أن الشغيلة وعموم المسحوقين عندما يغيبون كفعالية طبقية ثورية، فإنهم لا يتمثلون وجودهم ومصالحهم وأساليب تنظيمهم إلا في التمثيلية السياسية أو النقابية....الخ، وحتى انفلاتهم الثوري، إذا لم تدفعه الشروط المادية الى أطوار أخرى، فانه سيتمثل نفسه ضمن التمثيلية، أي ضمن النزاعات السياسية حول من هي "النخبة السياسية" التي ستأخذ نصيبها في إدارة النظام السائد. وهذا في الواقع تعبير عن نقص في تكامل الشروط التاريخية للثورة نفسها. وبطبيعة الحال لا يمكن بأي حال من الأحوال القفز على هذا التأخر في الشروط المادية بإرادة الفرد أو تلك المجموعة.

نصل هنا الى خلاصات سنعرضها في شكل نقاط مختصرة:
* إن التنظيم الثوري هو تنظيم طبقي بالضرورة أو لا يكون، أي أن نشوء مثل هذا التنظيم ليس مهمة خاصة موكولة لفئة خاصة من "الثوريين المحترفين" أو "الطليعة" أو "النخبة المثقفة"...الخ، بل هو نتاج طبيعي لمرور الشغيلة وعموم المسحوقين من طور يكونون فيه مجرد أفراد متنافسين الى طور جديد يتحولون فيه الى فعالية طبقية ثورية. وهذا التحول ليس عملية إرادية أو نتيجة حقن هذه الطبقة "بالوعي الثوري"، بل هو استجابة لشروط واقعية ينتجها النظام الاجتماعي السائد نفسه.
* إن التنظيم الثوري ينشأ بطريقة تلقائية عفوية استجابة لحاجات مباشرة وعملية وليس انطلاقا من مذهب إيديولوجي ولا من تجمع حول أفكار نظرية أو عقائدية. وأن الجماهير المنتفضة تجد في وضعها الطبقي المادة الواقعية لتطوير نشاطها وإيجاد الوسائل الملائمة لتحقيق أهدافها. وكل انتكاسة أو تأخر لا يعبر عن "نقص في الوعي الثوري"، يستوجب تدخلا من خارج هذه الطبقة، بل هو نتيجة لنقص في تلك المادة الواقعية نفسها.
* إن التنظيم الثوري لا ينشأ إلا بصفته نشاطا معارضا (ومن خارج) النظام السياسي برمته. فهو لا يستهدف تغيير هذا الشكل أو ذاك من الإدارة السياسية، بل هو يستهدف إنهاء الإدارة السياسية الفوقانية نفسها. وهذا بالطبع غير ممكن بدون استهداف أسلوب الإنتاج وتقسيم العمل السائد من أجل الاستعاضة عنه بأسلوب إنتاج كموني تعاوني جديد. وهذا الأخير ليس ابتداعا خاصا ستبتدعه الطبقة الثورية من العدم، بل هو يجد عناصره المادية في الأسلوب الإنتاجي السائد وتناقضاته المستعصية والمتفاقمة.
* إن الطبقة الثورية لا تملك برنامجا سياسيا لتطبقه على المجتمع، أي أنها لا تملك وصفة جديدة للإدارة السياسية، لأنها، مثلما أسلفنا، لا تنهض كطبقة ثورية إلا بصفتها تجسيدا لتعارضها مع الإدارة السياسية نفسها. وهي في ذلك لا تحقق سوى وجودها الفعلي بصفتها طبقة مستبعدة من النظام السياسي بمثل ما هي مستبعدة من الملكية.
* إن نظام الملكية الخاصة في شكله البورجوازي المعاصر هو نظام انتزاع الملكية بامتياز. والطبقة المسحوقة (ونستعمل هنا مصطلح "الطبقة المسحوقة" حتى نميز خطابنا عن الخطابات العمالوية) هي التجسيد العملي لهذا الانتزاع المعمم للملكية، لذلك فان وجودها الاجتماعي نفسه يملي عليها، في لحظات نهوضها الثوري، ليس إعلاء نفسها كطبقة (ولا وجود للطبقات إلا في ظل الملكية الخاصة) بل إنهاء الطبقية ذاتها، وبالتالي إنهاء كل الأجهزة والوسائل وأشكال التنظيم الاجتماعي التي يستوجبها وجود الطبقات. وهذا يعني أن الطبقة الثورية لا تستهدف، بطبيعة وجودها نفسه، الوصول الى الدولة (الإدارة السياسية الفوقانية بكل أشكالها)، بل الى إنهاء هذا الشكل التاريخي الذي لا يجد أساسه المادي إلا في وجود الطبقات (وبالتحديد في استغلال طبقة لأخرى. ولا نعرف هنا كيف لطبقة الشغيلة أن تصبح الجانب السائد في المجتمع والحال أنها تنهض بالضبط ضد السيادة الطبقية التي هي في جوهرها استغلال طبقي). والتنظيم الطبقي الثوري، بنفس ما هو الوسيلة لتحقيق هذا الهدف التاريخي، فإنه يمثل "البديل" العملي الذي من خلاله، وبتحوله الى تنظيم اجتماعي شامل، تستعيض هذه الطبقة الثورية عن الدولة وجهازها البيروقراطي الذي أصبح سلفا زائدة دودية تمتص قدرات المجتمع وتخنقه بإدارة اجتماعية كمونية.
* لا وجود لتنظيم ثوري بدون وجود مسبق لنشاط ثوري طبقي. بل إننا في الواقع لا نستطيع أن نفصل هذا عن ذاك، لأنهما ببساطة يمثلان الشيء نفسه. وأن كل رغبة في "صناعة" تنظيم ثوري من خارج النشاط الثوري للطبقة المسحوقة نفسها لا يطابق في الواقع إلا نزعة إرادوية هي التعبير عن نظرة تأملية للتاريخ تستعيض وهميا عن الشروط المادية والواقعية برغبات الأفراد أو أفكارهم التي لا تتوصل لفهم أساس وجودها المادي نفسه.
* إن كل الهبات الثورية التي بادرت بها الطبقة المسحوقة على امتداد تاريخ صراعها المرير ضد النظام الذي يستعبدها، والهزائم العظيمة التي منيت بها، قد خلفت من ناحية دروسا تاريخية هي كل المادة الواقعية التي بحوزتنا لبحث موضوعة التنظيم وللتطوير النقدي لطبيعة فهمنا وتمثلنا لهذه الموضوعة سواء من الناحية "النظرية" أو من الناحية العملية. وإن الاستخلاص النقدي لهذه الدروس وتعميم ونشر خلاصاتها، أي الاستعادة النقدية للتقاليد الثورية التي عبرت من خلالها الطبقة الثورية في المجتمع عن نفسها، كفعالية طبقية، وعن أهدافها التاريخية، يمكن أن تمثل "نشاطا خاصا" للأفراد والمجموعات التي تجد نفسها في وضع "ما قبل ثوري"، أو في "وضع خاص" بصفتها مرحلة من مراحل نشوء وتطور الحركة الثورية وبالتالي التنظيم الطبقي الثوري. لكن من ناحية أخرى، فان تلك التجارب التاريخية تخلق أيضا، وبنفس القدر، كل الأوهام التي صاحبتها، وحتى تلك التي كانت سببا من أسباب هزيمتها. وفي الغالب فإن كل تلك الأوهام المرتبطة بدرجة محددة من التطور التاريخي تصبح المادة المفضلة لنشوء المذاهب الإيديولوجية والعقائدية والشيع والطوائف "الثورية". ولعل التعلق العاطفي بتلك التجارب، وتحويلها الى أيقونات خرساء لا تصلح إلا للتغني الشاعري في أكثر مظاهره فجاجة، والذي يقابله غياب أي تفحص نقدي حقيقي وأي نشاط عملي لنشر دروسها التاريخية، يمثل أهم مظهر من مظاهر انحطاط تلك الشيع والمجموعات، حتى وإن سمت نفسها "ثورية".
* وفي مقابل هذا التحنيط الإيديولوجي والمذهبي للتجارب الثورية، نجد تلك المحاولات التي تتوهم أنه يمكنها أن تنقطع عن التاريخ لتبدأه من نقطة الصفر، وتزعم أنها تكتشف أشياء لم يسبقها إليها أحد، أو أنها تبتدع نظرية جديدة من وحي لحظة حينية منفصلة عن تاريخ الحركة الثورية ومنقطعة عنه. وكأن النظام الرأسمالي قد ولد اليوم، وكأن الشغيلة وعموم الكادحين قد نهضوا لأنهم اكتشفوا شيئا جديدا لم يسبق أن واجهته أجيال متعاقبة من الشغيلة، أو كأن الأهداف التاريخية للطبقة المسحوقة هي ليست الأهداف التاريخية التي نهضت من أجلها في تاريخها الطويل من التجارب الثورية المتلاحقة. فنجدهم يتحدثون مثلا عن "خصوصية الثورة التونسية"، "الأهداف الجديدة للثورة"، "الطبقات الثورية الجديدة"...الخ. ولو تفحصنا ما ينشره هؤلاء أو ما يروجونه من أفكار، فإننا سنجد أنها ليست في حقيقة الأمر سوى استعادة، غير واعية في الغالب، لنظريات ومذاهب قديمة كانت قد تفسخت بمفعول التطور التاريخي نفسه، وأن بهرجهم اللغوي وصيحاتهم "ذات النية الطيبة" لا تنم إلا عن انقطاعهم هم أنفسهم عن تاريخ الحركة الثورية. وحتى "اكتشافاتهم النظرية" التي دفعتهم إليها الموجة الثورية الراهنة تظهر في أكثر الأشكال تشويها وتشويشا حالما تعتقد أنها "منتج نظري جديد" خال من كل "تشوهات الماضي" والحال أنها تمثل بالضبط تشوهات الماضي وأوهامه وتقاليده البالية.
* وحتى المناضلون الذين دفعهم انخراطهم العملي في النشاط الثوري في الهبة التي عرفتها بلادنا وعديد البلدان الأخرى الى القطع جزئيا أو كليا مع المذاهب الإيديولوجية القديمة ومع التقاليد البالية للاشتراكية الديمقراطية بيمينها ويسارها فإنهم إما نسبوا خلاصاتهم النقدية الإيجابية الى تيار إيديولوجي محدد (الأناركية، التروتسكية، الماوية، الناصرية.....) وهو ما قادهم للعودة إما الى حظيرة التمترس العقائدي والمذهبي أو الى استعادة التقاليد القديمة بدون أي تفحص نقدي، بما جعلهم لا يمسكون إلا بجانبها الوهمي من نوع وهم خلق جزر لا سلطوية مستقلة عن النظام السائد ومنفصلة عن النشاط الطبقي، أو من نوع كل محاولات التمرد الفردية، وصولا الى التعلق بالمظاهر الشكلية التي استوعبها النظام الرأسمالي وحولها الى موضة بائسة، هذا إذا لم نتحدث عن أولائك الذين حشروا أفكارهم الايجابية ضمن دائرة راديكالية مشوشة بصفتها الوجه "اليساري" للتيارات الإيديولوجية التي بقدر قطعهم معها على مستوى الخطاب فقد حافظوا على تعلقهم العاطفي نحوها، أو أنهم نسبوا أفكارهم تلك الى أنفسهم بصفتهم الفرسان الجدد للحركة الثورية، بادعاء لا يخلو من الدونكيشوتية حول "نقدهم العميق" لكل الأبحاث النظرية التي أنجزها "القدماء" (وعلى رأسهم ماركس الذي نشك في أنهم وجدوا الوقت الكافي لمجرد الاطلاع على أعماله). ولا ننسى ذلك التأثر العجائبي بكل ما هو مستورد، وخاصة من الغرب، حتى وإن كان مجرد بضاعة قد تجاوزت مدة صلاحيتها أو هي فاسدة من الأصل.



#محمد_المثلوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهات الداخلية فقيرة أم مفقرة؟
- نضالنا ضد البطالة
- عاش عاش الاتحاد....أكبر قوة في البلاد أو -من مغامرات عم حسين ...
- حمة الهمامي يشهر إسلامه
- أسطورة دستة الأذكياء
- الأفكار الاشتراكية في الشرق
- أسطورة الاقتصاد الاسلامي
- لغط حول البروليتاريا
- محاولة في نقد الايديولوجيا
- هل أنتم شيوعيون؟
- الديناصورات لم تمت بعد، -إدفع إنّ ولادة الجديد تتعثر- أو -كي ...
- الكل يريد أصواتنا....لا أحد يسمع أصواتنا
- دستور بلوشي
- انه 1 ماي....تمرد
- سندان السلفية ومطرقة دعاة تطبيق القانون
- ديكتاتورية الاقتصاد الوطني
- نداء لوحدة المجموعات الثورية في تونس
- لماذا يناهض اليسار الانتفاضة السورية؟
- أنتم -فوضويين-...نعم نحن -لاسلطويين-
- التنظيم الذاتي: دروس تاريخية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - ملاحظات تقدية حول التنظيم