أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عباس - اللبرالية والشيوعية وما بينهما















المزيد.....


اللبرالية والشيوعية وما بينهما


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يوجد مصطلح في تاريخ البشرية حتى الآن أثار حوله هذا القدر من الاختلاف والزوابع والضجة مثل مصطلح الديمراطية . والديمقراطية كلمة يونانية الأصل على الغالب وترجمتها الحرفية – حكم الشعب - أي أن ذلك المصطلح عنى في البداية أسلوب او طريقة الحكم , وكان يقصد به نظام للحكم تتولاه جمعيات نيابية منتخبة تشرف وتراقب اداء مسؤولي الدولة المباشرين او المنفذين والمطبقين للخطط المرسومة من فبل الهيئات النيابية المنتخبة من الشعب . أي ان الديمقراطية عكس الديكتاتورية والتي يقصد بها نظام حكم لايخضع لقوانين وانظمة سنتها البرلمانات ويستمد شرعيه من ارادة قلة قليلة متنفذة في الحكم يقف على راسها عادة ديكتاتور لاحدود لصلاحياته , وكان يعتقد بداهة ان اسلوب الحكم الديمقراطي هو لمصلحة الشعب وعامة الناس أكثر من الحكم الديكتاتوري . ولكن تجربة التجمعات البشرية في التاريخ بينت بالملموس أن كثيرا من انظمة الحكم الديمقراطية لم تكن دائما تعمل لمصلحة الشعب بل عمل العديد منها لخدمة اقلية في المجتمع . في حين عملت انظمة ديكتاتورية معينة لمصلحة شعوبها وهي الظاهرة التي يطلق عليها في التاريخ – المستبد العادل- لابل ذهب بعض الفلاسفة الى ابعد من هذا فرأوا ان الانتخابات النيابية الشرعية عادة ما توصل الى الحكم اغلبية تضطهد الأقلية , كما انها في احيان كثيرة تعطي الشرعية لمن يعملون ضد مصلحة الشعب . فالجموع او الحشد غاليا ما تكون غير واعية وتحركها العواطف واللغة والخطب الرنانة قبل الانتخابات . أبعد من ذلك , كثيرا من عظماء التاريخ , علماء وفلاسفة وقادة وانبياء كان همهم خدمة شعوبهم لقوا مصرعهم من قبل الجمهور الذين يعملون من اجله
- المسيح تم صلبه اما م الجموع الذي وهب حياته من اجلها , بعد أن طالبت الحاكم الروماني بصلبه .
- غاليلوا حكم عليه بالاعدام لأنه خالف الراي السائد حول مركزية الأرض
- سقراط تجرع الموت سما تنفيذا لحكم صدر عن الشعب
حتى ان كثيرا من المحكوم عيهم بالموت باسم الشعب رددوا في سرهم المقولة التالية - لعن الله شعبا اردت له الحياة فأراد لي الموت –
بناء على تلك التجارب التاريخية انتقل مركز ثقل المفهوم السياسي ودلالته في مصطلح الديمقراطية الى الجانب الاقتصادي , جانب العدل والمساواة بين الناس , جانب توزيع الثروة ,الخ , ولم يعد يقتصر على الجانب السياسي لابل عرفنا في التاريخ اصطلاحات مشتقة من الديمقراطية , دلالة الجانب الاجتماعي واضح فيها مثل
- الديمقراطية المسيحية
- الديمقراطية الاسلامية
- الديمقراطية الاشتراكية
- الديمقراطية الاجتماعية ,
مصطلح الديمقراطية اشكالية حقيقية حتى الآن بين الأفراد والأحزاب والمؤسسات والأديان والدول , بعضهم يرى ان الديمقراطية مرادفة للحرية وحكم القانون . آخرون يقولون ما فائدة الحرية للمرء اذا كان ينام ومعدته خاوية وليس له بيت يقيه حر الصيف وبرد الشتاء .
سأستعمل كلمة الديمقراطية في هذا المقال وكأنها مرادف لكلمة الحضارة بالمعنى الفردي والجماعي بالمعنى الخاص والعام . فنحن نعرف الشخص بانه ديمقراطي او حضاري بمقدار ما يحترم رأي الاخر وينبذ العنف ويتعامل مع اسرته وابنائه واهل حيه باحترام وجهة نظرهم ولو اختلف معها , بينما نقول عن شخص انه غير حضاري ومتخلف اذا كان يود فرض رأيه على اسرته أو زملائه بالقوة او بنفوذه الشخصي او السلطوي او العائلي . ونقول ايضا ان الشخص الحضاري الديمقراطي يلعب في تكوينه عوامل عديدة منها التربية البيتية والاسرية والمدرسة وحتى البيئة التي نشا بها .
اما بالمعنى الجماعي , فنحن نصنف الدول الى دول حضارية ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة وتحترم حقوق الانسان عندها وتحل مشاكلها داخلها عبر الحوار وتنبذ العنف
ودول غير حضارية متخلفة يتفشى فيها الجهل والعنف وتحل مشاكلها عبر القوة وفرض


الحل من اعلى . وقد ساهمت في الوصول الى هذا المستوى الحضاري فلسفتين
كل منهما تدعي انها ديمقراطية اكثر من الأخرى وهي التي تعمل من اجل الشعب
الأولى تنطلق من الفرد الى الجماعة وترى ان المصلحة العامة للمجتمع تقتضي بان يكون كل فرد فيه حر قي الطريقة التي يسعى اليها لتامين مصلحته الخاصة بالتالي يجب ان تصاغ كل القوانين والدساتير بما يضمن حرية وازدهار وتفتح شخصية الفرد
الثانية تنطلق من الجماعة الى الفرد من العام الى الخاص . الحرية هي وعي الضرورة . تنتهي حريتك عندما تبدا حرية الآخرين, وقد تبلورت تلك الفلسفتين سياسيا في تيارين عريضين عرفا باسم الليبرالية والشيوعية .
وقبل ان أبدأ بعرض مبادئ تلك الفلسفتين وتجلي نظامهما السياسي في الممارسة العملية رغبت ان اقول لقرائي الأعزاء أننا في الشرق عموما مسكونين في الماضي ومشدودين اليه اكثر من المستقبل ودليلي على ذلك هنا مثالين
الأول مستوحى من حياة فئة عريضة داخل مجتمعات الشرق الاسلامية وهي طائفة الشيعة , ففي العاشر من محرم كل عام يقوم ابناؤها بلطم خدودهم وشق صدورهم واسالة دمائهم حزنا وغضبا على مقتل الحسين بن علي , حتى ان الأطفال الذين يحضرون تلك التجمعات او يشاهدونها على الشاشة يظنون ان الشهيد اغتيل قبل يوم او يومين وليس فبل ألف وخمسمائة عام .
والثاني من حياة الخاصة . النخبة , المثقفون , الأنتلجنسيا وتحديدا من يمتهن الكتابة , هؤلاء جميعا يجهدون لتدعيم وجهات نظرهم في مخطوطاتهم بالاستشهادات والنصوص والمراجع والتوثيق عبر العنعنة . وكلما اتسعت قائمة المراجع والاستشهادات لاقت مخطوطاتهم رواجا عند الناشرين .
وبامكاني لو اردت ان ادبج كتابا من آلاف الصفحات حول بحثي ولكنني لن افعل ولن احشوه باي استشهاد , وساعتمد على ذاكرتي فقط وكيفية تخزين النص كما فهمه عقلي وليس كما ورد حرفيا
رائدي في ذلك العمل من اجل التغيير لا التفسير وهو ما يتطلب توصيل وجهة نظر الكاتب باقل الكلمات ليقراها اكبر عدد ممكن . وساكون شاكرا لكل من يصوب او يبدي رايه حيال طريقتي
المتبعة .
اللبرالية :
تدعو اللبرالية كتيار فلسفي الى حرية للفرد بأوسع أشكالها ضمن المجتمع كي تتفتح كل ما في داخله من مواهب وامكانيات وقابليات ويصبح شخصية قوية وحرة ومبادرة , وقد تبلورت تعبيراتها السياسة الاولى في اوروبا بدءا من القرن السادس عشر ابان معركة البورجوازية مع الاقطاع وحاولت تغيير المعايير والقيم السائدة آنذاك لتحل جهد الانسان وعمله محل حسبه ونسبه وقد دعت في المجال السياسي الى حرية الرأي والمعئقد واحترام الملكية الخاصة , وحق الأفراد في التظاهر والتنظيم داخل اتحادات او نقابات او احزاب او تجمعات , كل فرد كما يناسب ميوله وبدون ضغط او اكراه ليصل المجتمع الى عقد فيما بينه عبر انتخابات حرة ينتج عنها دولة تعاقدية وتداولية . أما في المجال الاقتصادي فدعت الى ان يكون القانون المنظم لاقتصاد الدولة هو السوق وآلياته عبر العرض والطلب بعيدا عن أي تدخل للدولة حيث تسود في السوق قوانين المنافسة الشريفة بين الأفراد او الشركات المساهمة , ودعت الى رفع القيود عن التجارة الخارجية وتعليق الحواجز بين البلدان وفتح الباب أمام الخبرات والاختراعات الأجنبية العلمية ليستفيد منها من يرغب وفي كل مكان وكان شعارها - دعه يعمل دعه يمر .
بفضل تلك الفلسفة انتصرت البورجوازية على الاقطاع في اوروبا في دولها المتعدة كل بطريقته الخاصة كان ابرزها الطريق الفرنسي والطريق البريطاني . ولكن ما ان امتلكت البورجوازية سوقها وسلطتها ووصل التراكم الأولي للراسمال في دولها الى حد لم تعد تكفيه استثماراته الداخلية حتى انقلبت البورجوازية على الحريات التي استفادت منها الطبقات الشعبية , أي انها أحلت التجار والصناعيين وارباب المال والأعمال محل رجال الاقطاع والاكليروس والكنيسة والارستقراطيين السابقين , الأسوأ من ذلك كان انقلابها في المجال الاقتصادي حيث دعت الى تدخل الدولة في الاقتصاد وتوجيهه بما يخدم مشاريعها الداخلية والخارجية وزيادة استغلالها للمنتجين عموما وتحقيق اكبر حد ممكن من الربح , وقد بدات بالتفتيش عن اسواق خارجية تكون فيها اليد العاملة رخيصة وتصلح لاستثمارات رؤوس اموالها . فاصطدمت تلك الدول ببعضها من جراء محاولاتها احتكار الأسواق الخارجية , وادى ذلك الى حربين عالميتين انتهت الثانية باتفاقية مالطا التي رسمت ونظمت حدود كل معسكر على حدة طبقا لقوته العسكرية لتبدأ الحرب الباردة من اجل النفوذ والسيطرة على تلك الأسواق بدلا من الحرب الساخنة .
قامت اللبرالية كفلسفة على التوافق والانسجام ما بين المصلحة الفردية ومصلحة المجتمع ككل انطلاقا من الحريات الفردية , ولكهنا في الممارسة السياسية خدمت فئة قليلة جدا في المجتمع على حساب باقي الفئات . هذا السبب بالذات ادى الى ظهو تيارين
داخل اليبرالية نفسها في الدول الأوروبية والراسمالية التي تدعي انها ديمقراطية وتحكم عبر الانتخابات النيابية
- ليبرالية رسمية همها الربح الفاحش وهي مستعدة لدعم أي ديكتاتورية وفي أي مكان اذا كان في ذلك خدمة لحرية واستثمار رؤوس اموالها . أما في الداخل فهي تسعى لفرض نظام ضريبي يقع عبئه الأكبر على الطبقات المنتجة . وتحاول تكييف الدولة بما يلائم مصالحها .
- ليبرالية شعبية اذا صحت التسمية هي استمرار لانطلاقة اللبرالية الأولى وتعميقا لها فلم يعد يكفي ان ان تركز اللبرالية على الجانب السياسي ’ لابد من ضمان صحي واجتماعي وتوفير فرص العمل لكل مواطن . وقد رفدت تلك اللبرالية بمنظمات حقوق الانسان وأحزاب البيئة والاتحادات والتجمعات المدنية التي تسعى لأن تكون الدولة دولة المجتمع باسره وليس دولة فئة قليلة منه .
الشيوعية :
ربما نشأت الشيوعية كتيار فلسفي قبل الليبرالية , وذلك لأن تجمعات النوع البشري الأولى جميعها عرفت حياة شيوعية كمونية بدائية ساد فيها قدر كبير من التضامن داخل كل تجمع على حده بوجه اخطار الطبيعة وقلة الخيرات المادية , وبعد تجربة الانسان وتراكم خبراته وتشكل فائض من المواد عن حاجاته تحللت تلك التجمعات وقامت تجمعات جديدة قائمة على الملكية الخاصة تراجع فيها الصراع بين الانسان والطبيعة الى المرحلة الثانية ليحل محله الصراع بين الانسان واخيه الانسان من اجل امتلاك ذلك الفائض وتوريثه لذريته من بعده . الشيوعية اذن هي حنين للمشاعية الأولى ورغبة في ان تسود التضامن والتعاضد في شيوعية ارقى قائمة على الوفرة . والشيوعية ترى ان كل شرور الانسان بدأت منذ ان ساد بين البشر مبدأ هذا لي وهذا لك, وهي شرور لابد منها في مسيرة الجنس البشري على هذا الكوكب .
تبلورت الشيوعية الحديثة في أوروبا ايضا وعلى يد ماركس ورفيق دربه أنجلز وقدمت تفسها بأن فلسفتها جزء من العلم والمعرفة تعمل وفق قوانين موضوعية وقد عكف ماركس ورفاقه على تحليل نمط الانتاج الراسمالي بشكل خاص اقتصايا وسياسيا واجتماعيا وكان اعمق ما في تلك الفلسفة مفهومها عن قانون الراسمال وسعيه الدائم الى الربح وفق خفض قيمة قوة العمل . البضاعة الوحيدة صانعة فضل القيمة . تحدث ماركس عن وثنية السلعة في المجتمع الراسمالي بعبقرية قل نظيرها وكيف تصبح العلاقة في السوق بين الأشياء وليس بين الناس الذين صنعوها لكن النتائج السياسية التي توصل اليها لم تكن بقيمة بحثه القيم عن الرأسمال . رأى ماركس ان السعي الدائم لزيادة معدل الربح سيفضي الى الغنى المطلق والفقر المطلق وسيؤدي بالنهاية الى الثورة من اجل ان يكمل التاريخ دورته ويزدهر الانتاج تلك الثورة التي ستقود في البداية الى ديكتاتورية البروليتاريا التي لن تخسر بها سوى أغلالها . ولكن الحياة بينت أن هذا غير صحيح . وان الطبقة العاملة ليست نهاية التاريخ . وأن ديكتاتورتها على الآرض كانت مثل كل الدكتاتوريات وافظع أيضا
من نافل القول ان شيوعية من جاء بعد ماركس كانت خطوة الى الوراء وكان ابرزها شيوعية لينين وضرب اللامبريالية في الحلقة الأضعف والتحدث عن الديمقراطية السياسية الصبيانية . ان فلسفة البلاشفة جميعا وعلى رأسهم لينين وتروتسكي سنوا قانون الرهائن للضغط على المطلوبين لتسليم ابناءهم الذين يعرقلون مسيرة الثورة وسارت كل الانظمة الاشتراكية وقوادها الملهمين على هذا الطريق واهتدى بهم قواد حركة التحرر . انتهت الشيوعية الرسمية كما هو معروف في كل بلدانها الى تعميق الراسمالية تحت يافطة شيوعية .
بالمقابل بدأت تتبلور شيوعية جديدة كان مركزها اوروبا ايضا ورائدها الأول غرامشي والذي عارض شيوعية لينين بشيوعية تغزو المجتمع من اسفل الى اعلى عبر ما سماه حرب القلاع والحصون التي لايطلق فيها رصاصة واحدة ويتم فيها محاصرة القلاع القديمة بعمل دؤوب نشد اليه الجماهير صاحبة المصلحة باي تغيير اجتماعي , ومن بعده جاءت الشيوعية الآوربية ومطالبتها بالاستقلالية . وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي بدأت تتبرعم حركات شيوعية في اغلب انحاء العالم بمواجهة الشيوعية الكلا سيكية التي تنظر الى سقوط الاتحاد السوفياتي بوصفه مؤامرة امبريالية . تعيد هذه التيارات الاعتبار لليبرالية والحقوق الفردية وترى بالديمقراطية السياسية ممرا اجباريا نحو الديمقراطية الاجتماعية. ويلاحظ ان الكثير منها يرغب في تغيير اسم حزبه كون الاسم عنوان وهوية , ويود العودة الى ربط الاشتراكية بالديمقراطية ويفضل تسمية اشتراكي ديمقراطي على تسمية شيوعي . ما تزال ترى تلك التيارات ان حل مشاكل هذا الكوكب هي بالاشتراكية . فهي كنظام ارقى من النظام الراسمالي ولكن الوصول اليه وارد كامكانية وليس كحتمية تاريخية . لا يمكن براي هذه التيارات العودة الى توازن بيئي صحيح مثلا الا عبر نظام ينطلق من المصلحة العامة وليس الخاصة . مثلا عندما يمنع ملكية السيارات الخاصة وتصبح ملكية عامة والمواصلات بيد الدولة وهناك موظفون بقومون بتوصيل من يشاء الى أي جهة . ولا وجود لسيارة خاصة فيها شخص واحد , وسيارة اخرى تتسع لعشرة اشخاص يحشر فيها مائة شخص , نحل مشكلة المواصلات والطاقة والبيئة معا .
ولكن الوصول الى هذه الجنة الموعودة يتم عبر الوعي ونبذ العنف وليس عبر العنف الثوري .
..........................................................................................
مشكلة التاريخ كونه لا يمشي كما تريد النظرية اما اسود واما أبيض . علاوة على ذلك فقد نجد في النظرية المادية نزعات مثالية وقد نجد في النظرية المثالية نزعات مادية . الدين مثلا خدم في بعض وجوهه قضية الاشتراكية أكثر من العلمانية . في فرنسا مثلا ياخذ العاطل عن العمل راتب او اعانة وهذا قانون شيوعي مع ان فرنسا ام الراسمالية . في السويد والنمسا هناك ضمان صحي واجتماعي للعمال يفوق كل الضمانات التي قدمتها الدول الاشتراكية للعمال الذي حكمت باسمهم .
لايجادل أحدا بان النموذج الرأسمالي معمم على هذا الكون الآن بشرقه وغربه وشماله وجنوبه واذا احتاجت الراسمالية الى خمسة قرون كي تتعمم فقد تحتاج الاشتراكية الى عشرة وهي المدعوة لاجراء تحولات في تاريخ النوع البشري اعمق من الرأسمالية
لايجادل احد ايضا في ان الدول المتخلفة ومنها بلداننا العربية تعاني من النقص في الراسمالية أكثر مما تعاني من الزيادة فيها , ولم يعد خافيا على احد ان كل انظمتنا العربية تريد ان تاخذ باللبرالية وآلية السوق لكي تركب القطار ولكنها تريد من الليبرالية جانبها الاقتصادي وتتفلسف بانها تريد توجيهه لمصلحة الطبقات الاجتماعية تحت اسم السوق الاجتماعي كما جرى مؤخرا في بلدنا الحبيب سوريا حيث تتجه نحو قوانين السوق بقيادة حزب البعث قائد الدولة والمجتمع ولا باس من ان يسنده تيار لبرالي يعمل بوحي منه ومن اجهزته , والأمر ليس احسن حالا في مصر واليمن والجزائر وتونس وليبيا فجميعها تريد التمديد والتوريث من اجل اقتصاد السوق الاجتماعي وخدمة الطبقات الكادحة وليس من اجل استمرارها في السلطة !
بالمقابل تتبرعم لبرالية جديدة في واقعنا العربي مركزها الانسان وحقوقه الفردية السياسة والاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها توفير فرص العمل للمواطن وضمان صحي واجتماعي له , يقف حجر عثرة بوجهها قوى اصولية اسلامية وقومية وشيوعية تريد ان تبقي اتجاه الضربة الرئيسية ضد الغرب كما خرج علينا حزب يوسف فيصل في برنامجه المقدم الى مؤتمره القادم حيث التناقض الرئيسي بين حركة التحرر العربية والأمبريالية والصهيونية , اسوامن هؤلاء جميعا مثقفون عرب يساريون اذهانهم محشوة بقياس الشاهد على الغائب وسلطة النص التي هي اقوى من سلطة العقل عندهم . هؤلاء لديهم مخطط ابدي عن الطبقات الاجتماعية يرون فيه ان حامل اللبرالية هو البورجوازية الوطنية . والتي لم تتوفر شروط تكونها في مجتمعاتنا وبالتالي أي لبرالية ستخدم الراسمالية المتوحشة في بلداننا . من جهة اخرى يجادل هؤلاء بان اقتصاد السوق سيقود حتما الى زيادة الآغنياء غنى والفقراء فقرا وسيحرم الفقراء من أي تدخل للدولة يخدمهم على وجه الخصوص . غريب عجيب امر هؤلاء , كأن ليس بالامكان انشاء تحالف شعبي عريض يشمل عموم المنتجين بوجه مصاصي الدماء من البورجوازية المتوحشة , ان خير معبر عنه هو لبرالية شعبية منفتحة على كل من له مصلحة بتطوير المجتمع تخلق قطبها على الأرض ضمن دولة تعاقدية وتعددية تجعل تدخل الدولة في الاقتصاد مرغوبا ومطلوبا لمصلحة عموم المجتمع . هذه الكتلة بمقدار ما توجد نفسها على الارض بمقدار ماتفرض على البرلمان سن مشروع ضريبي يراعي مصلحة الأغلبية ولا يكون لمصلحة الأقلية فيه ,
ما هو مطلوب في بلداننا اسلوب ديمقراطي في الحكم يربط الديمقراطية بالفلسفة اللبرالية ويكون همه دفع مجتمعاتنا من مجتمع الرعايا الى مجتمع المواطنين . هذه اللبرالية المنفتحة على كل التيارات الديمقراطية التي تقبل الأخر وتنبذ العنف اسلامية او قومية او شيوعية . وفي تاريخنا العربي الاسلامي الكثير من تلك اللبرالية المنفتحة , الاسلام قد سبق الغرب بقرون في محاولته تشجيع الروح الفردية الايجابية , قبل الاسلام كانت شخصية الفرد غير واضحة ومندمجة بالقبيلة لا تجعل له من الحقوق الا النذر اليسير , جاء الاسلام ودعا الى نبذ رباط الدم واستبدله برباط العقيدة والاخوة وصار الفرد في النظام الاسلامي مسؤولا عن اعماله وله حقوق وعليه واجبات .
كل نفس بما كسبت رهينه
من يعمل مثقال ذرة شرا يره ومن يعمل مثقال ذرة خير يره
لاتذر وازرة وزر أخرى
وعلم الكلام والمعتزلة اول من حض على حرية الانسان
واذا كان الكثيرون يطالبون باستبدال كلمة اللبرالية لأن لها مدلول غربي . ويجدون الأفضل تحرير الديمقراطية من الفلسفة اللبرالية , فهذا حقهم ويجب احترام رأيهم . فالمطلوب عنب الكرم ولبس قتل الناطور . المطلوب ايجاد كتلة عريضة وشعبية ومتنوعة تفرض الاسلوب الديمقراطي في الحكم وتنهي الى غير رجعة مهزلة التمديد والتوريث واسطورة القائد الخالد , وتساهم في صياغة عقد اجتماعي يرسي اسس دول تداولية وتعاقدية تكون قادرة على دفع مجتمعاتنا الى الأمام من اسفل الى أعلى
هذه حزيرة رودوس فاقفذ هنا
كامل ابراهيم عباس – اللاذقية



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهما سينتصر على الآخر , الارهاب ام حقوق الانسان ؟
- أسئلة تنتظر الاجابة من د . برهان غليون
- حزب البعث السوري يعمق فلسفة الشرعية الثورية
- ربط الديمقراطية بفلسفة الليبرالية شرط تعميمها رد على د . بره ...
- مهمات اليسار الراهنة في العراق الجريح
- تحالف الوطنيين الأحرار والتاسيس الليبرالي في سوريا
- ملاحظات على مشروع الوثيقة التاسيسية للتجمع الليبرالي الديمقر ...
- رسالةمفتوحة الى مؤتمر حزب البعث
- السعودية من منظور مختلف حوار مع د . يوسف سلامة
- القضاة المصريون يفتحون باب المل على العالم العربي
- حزب الشعب الديمقراطي السوري - خطوة الى الأمام
- من التجمع الليبرالي الى التجمع الليبرالي الديمقراطي مرورا با ...
- من غازي الياور الى جلال الطالباني
- الطبقة العاملة والقرن الواحد والعشرون
- المشروع الحضاري الاسلامي لجماعة الاخوان المسلمين في سوريا - ...
- إشكاليات المؤتمر الوطني السوري المنشود
- حقوق الانسان تجارة جديدة رابحة
- رسالة مفتوحة الى السيد الرئيس بشار الأسد
- حزب الله اللبناني على مفترق طرق
- من قتل رفيق الحريري, من يقتل عارف دليلة !؟


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عباس - اللبرالية والشيوعية وما بينهما