أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد بكراوي - القيم في التراث الشعبي بين الماضي والحاضر والمستقبل : أية قيم موجهة؟















المزيد.....



القيم في التراث الشعبي بين الماضي والحاضر والمستقبل : أية قيم موجهة؟


محمد بكراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 00:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


القيم في التراث الشعبي بين الماضي والحاضر والمستقبل :
أية قيم موجهة؟
الاطار المنهجي للورقة:
أهمية الورقة: انطلاقا مما يعيشه المغرب من تغيرات اجتماعية عميقة؛ ومن الأسئلة الوجودية الكبرى حول الهوية واستمراريتها على جميع المستويات؛ ومن السعي الى حماية المجتمع بالمعرفة عوض المراقبة والمعاقبة، وتعميم الجهل والفوضوية من عولمة شرسة مدمرة ، هادفة الى تحويل الانسان وما لديه بضاعة للاستهلاك محدودة الصلاحية؛ فإن النقيض يرمي الى تحقيق مغربي له كلمة في التاريخ، وليس رقما، ولا جسدا، مجردا من زمانه وشخصيته .
عنوان الورقة: من شعار الندوة ومن الهدف منها الذي يتلخص في كيفية توظيف القيم من أجل مجتمع انساني فاضل؛ كان اقتراح: القيم في التراث الشعبي بين الماضي والحاضر أية قيم موجهة؟ الا أن الصرامة العلمية فرضت استحضار :
1- مجالات رصد القيم من الطقوس والعادات والتقاليد التي تشتغل في الحاضر، مما يمكننا من استشراف المستقبل .
2- مؤشر مادي متداول، يكون في نفس اللحظة وسيلة قياس وأداة منهجية، ومرجعية: إنه المعمار.
وهكذا أصبحت القضية تهم: القيم في التراث الشعبي قراءة أنثروبولوجية في السكن :من حيث المكونات والآفاق. والمبتغى من المحاولة، يتضح في رصد التغير الذي يحصل في القيم من حيث المصدر وكيفية الاشتغال والآثار ، وعلاقته بالسكن وهندسة الانسان، وبرمجته في الحاضر والمستقبل. نعم للسكن امتدادات رمزية تسكن المكونات المعمارية ، وهي اليات بنائية لشخصية الانسان النوعي .
تحديد بعض المفاهم:
1- : السكن: - جدر (س- ك- ن): بالعودة الى المعاجم وسياقات لاستعمال ، يدل على :
1.1-الفضاء:
1 ) الزمان كالليل من الآية الكريمة:" هو الذي جعل الله الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ان في ذلك آيات لقوم يسمعون " ومن قول الله تعالى : " وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم"
2) المكان: المنزل والبيت، قال تعالى :"والله جعل لكم من بيوتكم سكنا، وجعل لكم من جلود الأنعام سكنا، تستخفونها يوم ظعنكم ويوم اقامتكم، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا ال حين" . فهو فضاء، والدار قبر الدنيا.
3) الحمى مربط الشرف من دار ووطن. 4) الموت :القبر فالقبر سكن صاحبه وهو حبوس عليه الى يوم الدين. والله قادر أن يعطي عدوك قبرا
2.1- كينونة وجودية والمقصود كائنات مرئية أو غير مرئية :
1) المرأة - " والله جعل لكم من أنفسكم ازواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون."
.2 ) أهل الدار: - سكنه من البشر على وجه العموم من مختلف الأعمار والجنس.
3.1- غير الأدميين :
1.3.1- الجن ،فالمعتقد أن سكن البيت الخرب والأعتاب هم: العفاريت؛ وسكن الكنيف: الشياطين والأقران.
2.3.1- الملائكة : ولو بصفة مؤقتة، فمكان الذكر تحفه الملائكة.
4.1- فعل: هدأ ضد اهتز واضطرب وهاج، نحو سكن البحر والوجدان، والانتفاضة، والجماهير.
5.1 - قيمة: الخضوع و الذل: ومنه سكن الثائر والغاضب بعد التمرد، واستكان القوم أي خضعوا، والوضع أي استتب، وثبت الهدوء كرها أو طوعا.
6.1- آلة: السكين: صيغة مبالغة، بمعنى الساكن الذي يسكن موقعا من الجسم لحظة المقاتلة، فيجعل الكائن يخلد نحو السكون الأبدي .
هكذا يتضح أن الصراع بين المتناقضات يسكن هذا الجدر اللغوي و منها: الخفي/الظاهر – المكان/ الزمان –الرفعة/ الذل. فإذا وظف السلب على طرفي التناقض، نجد أن السكن ليس أي واحد منها بل ما يضفيه الانسان على الموجودات المادية والمعنوية والنفسية؛ من الأسماء والرموز، والدلالات، التي تتحول الى قوة فاعلة في دواخل نفسه وإرادته . وإذا كان السكن قيمة ثقافية ، فإن مكوناته وحمولاتها تتفاعل بقوة مع الانسان نفسه وعبرها تتم صناعة نوعيته.
2- القيم: تشكل موضوع علم خاص الإكسمولوجيا، وهي عبارة عن أطر ثقافية تتحكم في توجيه السلوك والارادة، ولذلك لا تخرج عن أن تكون: 1.2- من حيث النوع: لن يتم التعرض لها على أنها فردية أو جماعية، ولا من حيث مضمونها، وانما كأطر ثقافية تخطط السلوك الفردي وتوجهه لتحقيق عدة وظائف، فهي:
1.1.2- معان قائمة بالعقل: توصف بها الاشياء والأفعال باعتبار الغاية منها، وأذاة قياس مقبوليتها.
2.1.2- جوهر الأشياء في ذاتها: وبكيفية أو أخرى مقابلها لمادي.
3.1.2- صور ذهنية: تمس مخيال الفرد والجماعة، بما تحمله من: تصورات وتمثلات وأحلام؛ موضوعها الرغبات والحاجات والغرائز. ولذلك هي حقل خصب لكثير من الدراسات والعلوم، منها علم النفس وعلم النفس الاجتماعي ؛ مما يجعل منها مثار غموض في التحديد ووضوح في الوظائف.
وللقيم شروط تاريخية معينة مرتبطة بالمستوى الحضاري. وهي خاصة بكل مجتمع على حدى، رغم وجود المشترك الانساني، وقوة الانتشار. فهي متداخلة مع عدة انساق تعتبر من مصادرها وفي نفس اللحظة من اقوى اليات حركتيها وانتاجيتها ، ومن هذه الأنساق المجالات:
1- المعتقدات : وعلى رأسها الدين كظاهرة سوسيولوجية حيث الطقوس والعادات والتقاليد.
2- الواقع الاجتماعي: حيث تنشط التمثلات والتصورات .
3- الاقتصاد: حيث القيمة تعني التثمين المادي للأشياء والخدمات.
2- من حيث المصدر: من أهم مصادر القيم:
1.2- الحرب : بامتياز المتعددة الأوجه والمظاهر والأسماء( غزو - تمدين- جهاد- حرب خلاص وعتق – تحرير- مقاومة- ردع ...) ابانها وبعدها تصنع القواعد، التي تهيمن على كل مناحي الحياة من خلال المنع والحضر. وبذلك تبرز العادات والطقوس . فالقوة تجلب الشعور بالهيبة ، وتفرض نظاما خاصا بكل مناحي الحياة عبر المصالح، انها ما يحقق الرغبة، و ينتج المجد ، ويجعل السعي الى تكراره متواليا مستحسنا.
2.2- الاستحسان: وهو من أهم نتائج المقبولية والرضى مما يفرض التكرار للسلوك ثم استخلاص اسم معنى يصلح اتخاذه عنوانا كالجود والتسامح والعدل والعفو.
3.2- الفن والابداع: حيث مسكن الأحلام والرغبات من سينما ورواية وشعر ونحت... القيم مضمون الفن: كالجمال، والحب.
4.2- العلم والمعرفة: المنهج ، الطريقة ، ومن القيم المهيمنة: الانضباط، الصدق، الالتزام، الصرامة.
5.2- الدين: وما يستلزمه من طقوس؛ ومن القيم الثابتة بالدين وفيه : الترتيب والنظام.
6.2- المحظور: LE TABOU فهو أهم منبع للتحريم والتحليل. وهو ناتج فعل قوة تجعل الأشياء تنتمي الى المقدس أو المدنس، الى الحلال أو الحرام .والمرور من عتبة الى أخرى يستدعي طقوسا خاصة، وقواعد تتحول الى عادات وتقاليد، فتتبلور كقيم. الحظر يحدث الشعور بالهيبة. فيصير التحبيب ليس للقوة فحسب، إنما لبواعثها و لآثارها. فتتعدد القيم كأطر ثقافية متجلية على مستوى الأفكار والعواطف والسلوك.
3- من حيث الوظيفة: القيم تؤدي وظائفها انطلاقا من مجالين:
- المجال النفسي بإثارة الرعب مما ينتظر بعد التهديد والوعيد؛ أو الرغبة وطلب اللذة مما ينظر كنتيجة موعودة.
- مجال القوى العقلية : كمبادئ وقناعات واعتقادات مهما لم تكن عارية من الصدق.
- 4- الطقوس: من جدر (ط-ق-س) LE RITE
1.4- الطريقة : وهي جد خاصة في انجاز السلوك .يقول ميشيل فوكو" الطقوس تعين الحركات والسلوكيات .) .
2.4- عادات وتقاليد :RITUS " تعني عادات وتقاليد مجتمع معين كما تدل على كل أنواع الاحتفالات التي تستدعي معتقدات مجتمع معين وتكون خارج الاطار التجريبي"
3.4- سلوك:" أساسه التكرار بهدف استمرارية نظام مهما تكن طبيعته، والحافز له هو الاتصال بالقدسي." فهو "تحيين تجربة قدسية مقدسة " 1940 VAN Der Lew
4.4- حوار: يتم بين فاعل ومتلقي أساسه الانتظام والنظام، وتعبير رمزي عن المشاعر والأفكار بواسطة الفعل. FROOM .E1968.138
5.4 - مجال الطقوس: لكل مجال طقوس خاصة من صنع الانسان، للتعبير عن الاحترام، ولتلقين الانضباط ؛ولإعطاء هالة للمناسبة نحو: استقبال رئاسي، أو إنجاز مباره في فنون الحرب، أو مناقشة أطروحة، أو توقيع شراكة...والسائد من المجالات ما يلي:
- المجال العقائدي الديني: ومن الطقوس المنجزة باستمرار الوضوء، الصلاة، الدعاء بكيفية خاصة...
- المجال الاجتماعي: وهو متعدد المناسبات كالقران ، الجنازة، الختان، حيث يبرز التفاخر او المكابرة .
- المجال الأسطوري: وساحته نفسية اجتماعية فيما يخص طقوس القربان، من تقديم الأضاحي وطرق وشروط انجازها .
6.4- وظائف الطقوس: رغم كثرتها ،يمكن القول أنها جمعها تؤدي وظائف مشتركة قبل الخاصة بالمناسبة ، ومن ذلك:
- التذكير: التعبير الطقسي يجر مناسبة أولى من الماضي السحيق المفعم بالقدسية والأسطورية كحكاية مؤسسة إلى الدنيوي المعيش من لدن الجماعة. والطقوس تجعل هذه الجماعة، تحيى الحالة التأسيسية من جديد على المستوى النفسي الاجتماعي، بكل طهر وهالة وتعظيم مبالغ فيه؛ وبذلك يحدث الاحتفاء والتذكير بالمناسبة كعيد المولد ، عيد الأضحى، واقعة عشوراء.
- التقرب: تتم مجموعة من الطقوس التسلسلية قصد تحقيق الشعور بالتقرب من القوة المعتبرة عظمى، سعيا وراء تجنب خطرها المدمر، والمتوقع أنه يتربص بيقظة تامة بالفرد والجماعة؛ وطلبا للاستفادة منها بتيسير الخير والبركة والنماء مما يدل على الحظوة والعناية. ومنها طقوس تقديم الهدايا عند الاحتفاء بولي، واداء بعض المناسك والشعائر باحترام ترتيب فرائضها من أضاحي وحج ...
- التطهير: فلا يتم التطهير مما يعتقد أنه دنس إلا بطقوس خاصة كالاغتسال من الجنابة وغسل الميت من عرق الموت بالماء الطهور، ومن الخطيئة من يمين غليظة كاذبة بالصيام المعدود والتصدق. ومن هذا طقوس التطهير من المحرم والانتقال من وضع وحال الى آخر نحو من الحيض الى الطهر، من الكفر الى الدخول في دين ما .
ومن الوظائف النوعية للطقوس:
- الدفاع عن الخصوصية : اي ما يعبر عن تميز الجماعة أو الفرد نحو طقوس: اللباس الأصيل، و الطهو، واحياء المناسبات.
- تثبيت الهوية: حيث يكون التعبير عنها بالطقوس الخاصة ولو كانت المناسبة واحدة ومشتركة بين عدة شعوب، فإحياؤها يختلف على مستوى الانجاز.
- تحقيق وحدة الجماعة: فإنجاز طقس بنفس الكيفية والشروط واللحظة، يجعل الفرد ينصهر بالجماعة، ويتقوى ارتباطه بها؛ ويشعر بأنه مكون اساسي لها وعضو منها بنوع من المساواة، وانه معبر عنها بمسؤولية .
- فرض الاعتراف والاحترام: المقصود طقوس الانتقال من وضعية اجتماعية الى أخرى، كطقوس الخطوبة والعرس، والتنصيب في وظيفة، وتحميل المسؤولية.
ويرى جزانوف أن الطقوس الخاصة بالمحرم، الانتقال، التطهير هي ردود أفعال ضد التهديدات.P:143 -1971- GAZENEUVE.J
وعليه نخلص ان الطقوس تكرار منظم هادف بمثابة حوار بين المنفذ الفاعل والمتلقي المشارك او المقصود به .
5 - العادات: الجدر (ع – ا – د) ومنه العودة والإعادة والاستعادة وكلها تفيد الاكتساب، مما يجعل الامر يستقر في النفس والاعضاء في بعض الأحيان : الأفعال، من غير علاقة عقلية ، فتنجز بعفوية وكأنها من طباع النفس.
و" لا يمكن الكلام عن العادة من الناحية السوسيولوجية دون البحث في نظام القيم الذي ينتظم مجتمعا ما" وهي إما:
1- فردية: نمط سلوك خاص بالفرد و من المشهور "أن الانسان بن عوائده ولسلطان العادة أهمية كبرى في تطور المجتمعات. وهي من العوامل المؤثرة في العمران البشري"
2- اجتماعية: هي "نمط من السلوك تعده الجماعة الاجتماعية صحيحا وطيبا وذلك بمطابقته للتراث الثقافي القائم، وهي مصدر توقعات السلوك المقبول." و"العادات ماهي الا استجابة لحاجات اجتماعية. فهي استجابات متغيرة بالضرورة لحاجات ثابتة." ؛ وهي بذلك تكون شبكة من السلوك بوعي من الفرد وجماعته أو من غيره، تتحكم في التصرفات والعلاقات في اطار اليومي.
3- شعبية: وهي أساليب الشعب وعاداته، أي القواعد المستمرة في انجاز السلوك، والتي يؤدي خرقها الى الصدام مع ما تتوقعه الجماعة، ويمكن عدها من بين الاجراءات الاخلاقية.
والملاحظ أن العادات مدخل أساسي لتغيير سلوك الأفراد والجماعات، بفعل التشبه والتكرار، والتربية وتجدد الحاجات، أو بالرغبة الناتجة عن الانسلاخ والاستلاب. قد تفرض بشكل تختلف وتيرة سرعته، حسب ارادة القوي صاحب السلطة ، فتصير مقبولة كرها أو طوعا. فعن طريق الاكتساب هي أهم منفد لإحداث التغيير في القيم، ومن ثمة في الحياة الاجتماعية برمتها. و"يعتبر المجتمع الخروج عليها (أي العادات) يشكل سابقات تهدد نظام القيم، هذا مما يؤدي إما الى خلل في هذا النظام (...) فتتم عملية الدفاع بالتأكيد على ممارسة العادات،... وبمعاقبة المخالف، وإما بالتساهل (...) فيتم بذلك الانتقال الى ممارسة عادات بديلة"
فالعادات ترمي دائما الى انتاج، أو استعادة أفكار ومبادئ عملية سلوكية. تتحرك في اليومي المادي انطلاقا من النفسي الاجتماعي، في تفاعل مستمر مع الظروف والحيتيات التاريخية من جهة، ومع الحاجات الفردية والاجتماعية من جهة أخرى. هذا ما يخلق لكل مرحلة مفاهيم جديدة، ويجعل العادات المعبرة عن: التمثلات والتصورات لكيفية اشباع هذه الحاجات في تواؤم مع اللحظة والجماعة. فهي الية من آليات الحس الاجتماعي المشترك الذي يسمح بمقبولية السلوك أو رفضه.
6- التقاليد: (ق - ل- د) قلده ( بوضع الشدة على حرف اللام) : جعل له قلادة على صدره، أو نصبه وأظهره في منصب مسؤولية جديرة اجتماعيا بالاحترام. وفي كل احالات، التقليد يفيد المحافظة بما في ذلك في المجال الديني فالمسكوك هو: التقليد على الرقبة بمعنى جعل الأمر امانة الى يوم القيامة.
التقاليد في الحياة الاجتماعية:
- شكل ثقافي: من الرواسب الحضارية، لها سلطان على الأفراد والجماعات، تمارس حسب المناسبات، لتؤمن التواصل بين الماضي والحاضر، و لتشكل تراث المستقبل. اذن التقليد ممارسة ثقافية جماعية كرمز ربما لا مضمون له.
- تعبير: عن عادات سابقة فقدت مضمونها، وعن ثبات المجتمع. واذا كانت العادات قابلة للتغير بمرونتها، فإن التقاليد ثابتة صلبة رغم انها لا تختلف عن السابقة في طبيعة التكرار والارتباط بالسلوك. فالعادات غالبا ما يكون الوعي بوظيفتها حاصلا عكس التقاليد؛ والأولى تتكون وحدة واضحة البداية والنهاية، مرتبطة بقوة بالحاضر؛ أما الثانية فتتكون من سلسلة مرتبة ومتباينة ومرتبطة بالماضي الواجب الاخلاص له، مع نوع من الاستقلال على الإيمان الديني، كتقاليد عيد الأضحى في المغرب. وهي تاريخية، تتم بشكل جماعي موحد راسخ، مهما تجددت الأديان واللحظات. إنها تعبير على الاستمرارية والهوية. وأهميتها كامنة في ابتعادها عن الديني الذي تلتمس منه الشرعية وفي ارتباطها بالاجتماعي الخاص.
سلوك: يأخذه جيل عن جيل آخر بحذافيره وجزئياته الدقيقة ، .يسمح بالانتماء الى الماضي مهما توغل في القدم، والى التواصل معه كتراث وعناصر ثقافية تمييزية متناقلة فوق رؤوس الحقب.
التقاليد تتضمن نوعا من العادات والطقوس وتشملها من غير أن تتحد بها.
بعد هذا الفرش النظري لجزء من المفاهيم، تجب الاشارة الى أن العلامة عبد الرحمان بن خلدون في مقدمته المشهورة "وضع معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه من أخبار" أنه العمران. والحق انه ليس المقصود بهذه الاشارة التاريخ ولا السوسيولوجيا السياسية في ذاتهما، وانما الاستفادة من مبادئ العلمين.
والآن الى سؤال القيم والانسان الى أين؟
اشكالية معبرة عن القلق ا لوجودي، والمعاناة والحيرة ، تتناسل وتصبح شبكة من الأسئلة المتكاملة منها:
ما دور القيم في السكن؟ بدءا من الهندسة المعمارية؟ من حيث الاستغلال؟ كيف أن القيم تتفاعل مع السكن لبناء شخصية الانسان؟ كيف ان السكن يعبر عن القيم الموجهة للسلوك؟ كيف ان السكن انطلاقا من القيم يتحول الى آلية من آليات الضبط الاجتماعي؟ والى آلية منظمة للسلطة؟
كيف يمكن رصد التغير الذي يحصل في القيم بارتباط مع التغير في نمط السكن؟ ما عناصر السكن الشعبي التقليدي؟ و ما مكونات الشقة العصرية ؟ علما أنهما سكن السواد الأعظم من الشعب المغربي، كيف أن كلا منهما يكون مجالا لاشتغال نوع من القيم في صناعة انسان المغربي الحالي والمستقبلي ؟
فالرهان على تتبع، ورصد تفاعل أثر العمران من خلال مكونات السكن مع القيم في انتاج انسان ، معقود. وحري التساؤل ما الانسان المراد انتاجه؟ من لدن من؟ أجسد بضاعة مشيأ مصدر اغتناء؟ أم انسان حضاري فاعل، يعد منتجا للثروات بشكل متجدد، وفي نفس اللحظة يعد أغلى الثروات وأهمها؟
لن يكون الوقوف عند التطور التاريخي للسكنيات في المغرب من حيث اختيار الموقع أو الوظيفة وامتداداتهما، وانما عند وصف مكونات ما يعرف بالدار المغربية التقليدية، والمنتشرة في البوادي والحواضر، والمتشابهة في شمال افريقيا؛ وما يقابلها في التجمعات السكنية العصرية، والتي ترتفع حاليا وتيرة غزوها للأراضي الزراعية. فالسكن مجال انتاج انسان مع تحديد صفاته.
فما القيم المتحكمة في هندسة السكن؟
كيف تشتغل القيم انطلاقا من لسكن في برمجة الانسان وصناعة شخصيته؟
اسئلة تجد مشروعيتها انطلاقا من لحظتين: لحظة التأسيس ثم لحظة الاقامة والحلول والاعمار.
7 مكونات المنزل من الخارج الى الداخل:
1.7- الدار المغربية التقليدية : تتكون من: عتبة (تضم كل اطار الباب والمقصود على الخصوص الأعلى والأسفل وغالبا ما يكونا من خشب ) ، سقيفة فضاء مستطيل الشكل (يضم قوسا في اتجاه العمق وآخر منفتح على وسط الدار الذي تنفتح عليه الغرف ومن بينها يوجد المخزن بابه في اتجاه القبلة، والمطبخ القادر على التنقل بينها حسب الرغبة. وقد يكون وسط الدار غير ذي سقف والا احتفظ في وسطه بطاقة نافدة . وقبل القوس الأول مدخل الدويرية : وهي عبارة عن فضاء، غلبا ما يكون مربع الشكل، منمق ما أمكن. وتبقى الاشارة انه في آخر السقيفة يوجد الدرج والكنيف. والطابق العلوي، يحتوي على المطبخ والغرف ومصرية. و هذه العناصر أبوابها دون أقفال، وان وجدت فلتزيين، إلا المخزن وحده له مفتاح واحد ووحيد، يستعمل بطقوس واعتبارات خاصة.
2.7 – الشقة العصرية :تتكون من مدخل، مجاز، قاعة ضيوف، مطبخ ، كنيف وحمام ، غرفة أو اثنين. قد تكون ذات نافذتين على الواجهة، وفي أحسن الأحوال على حلقة مشتركة مع الغير.
والآن الى سؤال القيم: الانسان الى أين ؟ للتمكن من تحديد المسار والمصير انطلاقا من القيم، وبارتباط بالعمران، من الضرورة بمكان انجاز مقارنة على هذا المستوى بين حكايات التأسيس، والطقوس، والعادات، والتقاليد في دورة الحياة اليومية بالمنزل الشعبي ومكوناته.
8 - لحظة تأسيس المنزل:
1.8- الدار المغربية التقليدية: باعتبارها مرقدا ومصدرا للسكون والراحة، ورحما لدوي الأرحام، فيها يتواصلون ، واليها ينتهون. هي مركز الواجبات، والعزة والمناعة والتوقير، والشعور بالاحترام، وأهميته وأسالبه؛ لذلك نجد:
1.1.8- حكاية تأسيس : لكل دار كالمدينة والقصر والمدشر أسطورة، تجعل الحدث مقدسا، وتضفي علية مهابة لا تزايله مهما توالت الحقب والأجيال. حكاية تروى شفويا بحرارة وصدق ، وفد يكون مصدرها رؤيا ، أو وصية من جد وقور، أو امام مشهور أو ولي طهور. فبعد اتخاد قرار التأسيس والجهر به، تنطلق متواليات خاصة مناسبة. وأهم القيم الراسخة والمرتبطة بالحكي المقدس: الاحترام، الالتحام، الايمان بالحوار والاختلاف.
2.1.8- طقوس التأسيس: ترتبط بالذبيحة أو البيض أو الحليب والحناء والزيت والملح ، وغالبا ما يكون الاكتفاء بواحد من الثلاثة الأولى حسب الوسع. وتؤدى بمثابة قربان على الموضع المتخذ عتبة أي مدخلا للسكن، بطقوس وخطابات مضبوطة تستجيب لشروط الانجاز والكفاءة.
- خاصة بالمنفذ: ليس من هب ودب ينصب نفسه مندوبا لهذا الأمر؛ لابد أن يكون: طهورا، من اقتراح رب الأسرة ومتفق عليه، كبير السن، ذكرا وإلا أنثى إن كان القربان غير ذبيحة، ملما بالاستعادة والبسملة والحمدلة والمعوذتين بعد الصمد على الأقل؛ ملما بكيفية الدعاء وتراتبية من يجب ذكره والدعاء له (كافة المسلمين، الجماعة، الأسرة، الأموات والأحياء، الأبناء والحفدة )، وأن تكون بؤرة الدعاء الدار مصدر النماء و ومحط القرار والاستقرار، بالإضافة إلى التماس حسن الاقامة واليمن وحسن الجوار مع كل الكائنات والمخلوقات. و من القيم المتصلة بهذا الشأن :اعتماد الكفاءة، والكيف .
- خاصة بأفعال المنفذ الطقسية: ينجز الطقوس باحترام تام لترتيب الأفعال، وما يسايرها من اشارات واقوال. بعد تجمع الأهل والأقارب والمحبين، يتقدم المنفذ الحضور، يتيمن في كل أفعاله، غالبا ما يتوجه نحو القبلة وهو يدعو رافعا أكفه وبصره الى السماء ويستطلع وقع سلوكه في وجوه القوم بين الحين والاخر، ويؤدي وصلة ذكر بين موضوعات الدعاء. ومن القيم المنبثقة: النظام، الانضباط .
- القربان / الأضحية: تذكى على يمين العتبة. وقد يكون القربان خروفا، تيسا، ديكا، بيضا؛ ويوضع من الزيت والحناء والملح على الأركان. والقيم التي تتضح من القربان: التضحية، الطهر، الاندماج.
- الفاتحة : والمقصود بها الدعاء، فاتحة الخير والبركة ، من غير "كارة" (المقصود التفاف الجماعة في شكل نصف دائرة غالبا وان كثر القوم صنعوا حلقة مستديرة)، أو بها، وتختم بالتصلية على الأنبياء والمرسلين وخاصة النبي الخاتم جماعيا أو بشكل فردي. وقد لخص ميشيل فوكو دور الطقوس بقوله:" الطقوس تعين المواصفات التي يجب ان يمتلكها الأفراد الذين يتكلمون(والذين يمكن ان يحتلوا هذا الموقع أو ذاك ، ويمكن ان يصوغوا هذا النوع او ذاك من المنطوقات ضمن لعبة الحوار والتساؤل والسرد) إن الطقوس تعين الحركات والسلوكات والظروف وكل مجموع العلامات التي يجب ان ترافق الخطاب ؛إنها تعين أخيرا الفعالية المفترضة أو المفروضة للقوال ومفعولها على أولئك الذين توجه اليهم وحدود قيمتها الإرغامية."
وهذا الأمر، غير خاص في المغرب بطائفة دون اخرى، بل المتغير يكون حسب الديانة . و المسالة الآن تتعلق بالمسلم فهو كغيره انسان ديني، و" الفضاء بالنسبة للإنسان الديني غير متجانس تحكمه عدة تقاطعات وتكسرات ، تتوزعه جغرافية المقدس والمدنس ،الجماعي والفردي ، الرباني والشيطاني، الظاهر والخفي." ولهذه الأسباب كان القربان والطقوس الخاصة بالتدشين، وكان من المهم السعي الى التساكن والعمل على التواجد داخل فضاء المقدس مع ما يعتقد أنه ملاذ للخير أو الشر من القوى الخفية؛ مما يمنح السكن أهمية قصوى، تجعل كل خطا في الطقوس يجلب كارثة قد تصيب الجميع.
والطقوس تتكرر بتجدد الأعتاب ولو الداخلية منها، وكذلك بمناسبة الترميم. غالبا ما تكون في اتجاه القبلة رمزا لطلب النور، دلالة على قيمة الصدق. ووجود الجماعة في طقوس الأعتاب حضور للبركة وهو مفعم بقيمة الاعتراف.
والقيم المتصلة بها:الوضوح، المسؤولية وكلها قيم إيجابية جادبة.
3.1.8 - العادات: تتجلى في هذه المرحلة التأسيسية في الوليمة؛ التي قال في حقها الرسول الكريم " لو دعيت لكراع لأجبت". ومن العادات الحميدة في نظر القوم : دعوة حفظة القرآن، والاطفال، فالمقربون، ثم التصدق منها، مما يفرض مد يد العون والتآزر طيلة فترة الانجاز، فمد "يد الله" واجب وتقليد ملزم للجميع . فالمستفيد من هذه العادات والتقاليد يصبح وذويه ملزمين بما تمليه قيم التكافل بين الساكنة، مهما كان وضعه وفي اية مرحلة وصل انجازه الخاص، و حسب قدرته ثم بمقدار ما تنتظر منه الجماعة.
الخلاصة: لحظة التأسيس متجددة، وكذلك الأعتاب كفضاء للقيم على مستوى الفكر والوجدان، حيث تتمكن من توجيه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومنها صبر وتضحية و تعاون.
3.1.9 - التقاليد: يجب على صاحب الدار العمل على الحضور يوميا الى عين المكان، محملا بتغذية العمال وقت الضحى والزوال والعشي؛ وعلى المارة ان يحيوهم، ويدعوا لهم بالعون وثبات الأجر، ويتسامحوا معهم. ويشاركوهم المأكل والمشرب، ولو بشكل رمزي؛ مما يجعل الفضاء مطعما، ويلزم البعض بواجب الاكرام. فالقيم المنظمة للتفاعل ابان البناء هي: التشاركية والمقبولية، والتجاور والتكافل.
9- لحظة الإقامة والاعمار بالدار المغربية: لحظة السكن ، الذي يكون بعد التصميم المتماثل في جل شمال افريقيا؛ تحل مرحلة الاعمار والحلول، وذلك بعد انجاز الشطر الأكبر من البناء. وان كانت الاشارة سابقا لمكونات الدار المغربية، فمن الضرورة الوقوف على أن لكل منها طقوس وعادات وتقاليد. وقد يكون موضوع أمثال شعبية، واغاني، تستحق مبحثا خاصا مع احترام تام للنوع .
- العتبة: تكون مفضلة كلما كانت نحو القبلة اثناء الدخول. وذلك لأهمية "الكعبة والاتجاه نحوها، وأثر هذا على سلوك المسلم والعمران خاصة" . فهي تستقبل التساقطات والوافدين، والكل يرمز للكثرة والبركة والنماء. وأهم القيم على هذا المستوى: الاعتقاد.
- السقيفة: مكان استقبال الهدايا، والثمار والمحاصيل قبل تصنيفها وتعشيرها وترتيبها بالمخزن. وتعمها قيم القبول، الرضى، التشجيع.
- الدويرية: مكان الضيوف العابرين والتجمعات النوعية الحميمية لإنجاز "سلكة" اي تلاوة قرآنية جماعية، درس ديني أو حوار دنيوي يخص ثلة من القوم فقط . والقيم الخاصة بها: الكرم، الاعتبار.
- الحلقة وتعرف بتافيلالت بوسط الدار: مجال مفتوح على السماء متصل به ولو عبر نافدة كبيرة تتوسط المكان؛ فيعمه الضوء رمز الرحمة والأمل والتبرك والتضرع. وهو خاص بتجمعات الكثرة بمناسبة إقامة: عرس، ختان، مأثم، منسج، جدبة، وليمة. والقيم البارزة والمسؤولة على تصرف الانسان هي: المسؤولية، الالتزام بالدور، الاعتراف بالقيمة الاعتبارية (للصداق والنفاس حيث كل ما يحضر من هدايا للعريسين أو النفساء يعرض بهذا الفضاء على العامة.) ، للمنفذ لفعل بطولي.
ولكل مناسبة عادات وطقوس وتقاليد خاصة، ليس بها وبالمجال المكاني ايضا. وبإنجازها في ذات الموقع يعلم كل صغير وكبير من الذكر والأنثى: ما عليه ليحقق الاندماج، أو الانصهار في الجماعة. و يتعلم أداء الدور والواجب المنوط به؛ مما يبرز شخصيته، ويمنحه قيمة اعتبارية تجعله محط تقدير واحترام واعجاب واقتداء.
تنفتح الغرف على وسط الدار من كل جهة. وليس بها اقفال، وان وجدت فهي عاطلة إلا الخاصة بالمخزن. ويمكن النظر الى هدا الفضاء: المخزن، من حيث الاسم ، والانغلاق، واشتراط الظلمة، وشروط من يدخله .أي الذي يتحكم في تدبير الاستهلاك. فهو رمز التحكم السلطة.
وكل الساكنة سواء في ولوج الفضاءات حسب الحاجة والمهمة. ويتم استغلالها بشكل محدد لغرض خاص، علما أن ما في الدار أمانة في عنق الجميع. وكل فضاء بشكل مستقل يفرض نوعا من الطقوس والعادات والتقاليد، والقواعد الواجب الانضباط لها وتنفيذها ؛ فلا يحق اللعب والركض الا في السقيفة متى غاب الكبار، ولا التحرك المزعج أو المثير وقت القيلولة أو سكون الليل. فالاحترام يجب ان يكون مبالغا فيه، والا حاقت بالمخترق أنواع من المؤاخذات والتوجيهات، والتلميحات والمعاتبات. و لكل شبر ساكن و ليس مالكا له، ولكل رقعة قواعد وآداب سلوك ملزمة، لكن ليس لفرد واحد، بل لفئة حسب الموسم والمناسبة. قواعد وقيم اجبارية بقوة التكرار، والتسلسل في الهرم الأسري.
- الدرج: بإحدى الزوايا في المنعرج، يوجد شيخ الدار( الكنيف) . وسمي شيخا لقلة وقاره، ولطول عمره، ولاطلاعه على عورات الكل. فهو بمثابة الشيخ بالنسبة للمخزن المغربي كجهاز دولة يعتمد المراقبة والمتابعة. والسلم يربط الدور السفلي بالعلوي، الذي يتكون من مصرية وغرف النوم، ومطبخ ثابت.
و القيم المدبرة للسلوك الفردي والجماعي ترتكز على التراتبية، السلطة، الالزام، التوقير، التعاون، المشاركة، الولاء، الشهامة، الوفاء. إنها مبادئ واطر مرجعية ، انطلاقا منها: يوجه السلوك اولا، ثم يقوم ويتم تأطيره؛ الا انها لم تساير متطلبات الحداثة، فشوهت وأصبحت دلالة تخلف.
10- لحظة تأسيس حياة جديدة بالدار المغربية التقليدية:
العتبة أول ما يقف عنده الوافد، سواء كان فردا أو جماعة، راحلا من مكان أخر اومن طور اجتماعي نحو من العزوبة كعريس أو عروس. فهو ملزم بواجبات اتجاه العتبة، منها:
1.10- الطقوس: تقديم القربان بعد البسملة، والتصلية، يختم بالدعاء.
2.10- القربان: ان كان الوافد في حلة عرس ذكرا كان ام انثى، فمن الضرورة بمكان ان ينفد القول والفعل، فيضع الحليب وبعده الحناء على أعلى العتبة، ويلتزم بشروط انجاز كما ذكر؛ وقد يقوم مقامة في الأداء الشفوي والذكي غيره، ولكنه لا يعفى من الحضور وتقدم الجمع ، والتبرك من العتبة. وان كان صاحبا جديدا للسكن على وجه الاقامة مستأجرا أو مشتريا، فهو ملزم بها كالمعهود لدى أهل البلد. فالقربان يؤدي وظائفه دائما والتي منها :الوساطة بين الدنيوي والمقدس، ابداء الرغبة والالتماس خاصة، تحقيق وحدة الجماعة بتقوية روابط الانتماء. وتحصل دائما نفس النتائج الخاصة بالفرد والجماعة، على المستوى النفسي يتم الشعور بالطمأنينة والرضا على النفس، وعلى المستوى الجماعي يتحقق الاندماج والاعتراف بالتجاور والاختلاف.
3.10- التقاليد: الوليمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم" أولموا ولو بشاة"، فهو القدوة وصاحب السنة الحميدة ول يحق للمدعو لها الا ان يستجيب .وتلطخ العتبة من لدن الوافد بالدم وترش بالحليب خاصة وكذلك الباب والخوخة على التوالي. وقد تضاف لها الكف من الحناء وبعض الرموز مما يجعلها نصا قابلا للقراءة والتأويل والمقاربة السيمولوجية.
فالعتبة شخصية غامضة خفية، تدعو للجمع، للاحتفال، وتحتم الاحترام والتطهر قبل القرب منها، كما تفرض التجدد في انسجام تام مع الطبيعة، والتغيرات حسب متطلبات حياة الانسان و تقلب ظروفه من يمن ونمو وبركة، او عسر وسوء حظ وعوائد دهر. فإن كبر ورشد تزوج، وإن كثر عدد افراد الأسرة زادوا الأعتاب الجديدة، وإن أفلس وكثرت مصائبه اعتقد ان للأعتاب أثر على سوء حاله وطالعه. و لنتأمل خزان الثقافة الشعبية ومكثفها كيف يعبر عن ذلك.
. 3.11- المثل الشعبي: يقول: "الساس ولا كصاص ولا تبدال لعتاب" و " ما يستر عارنا غير دارنا والا عريناها" .ادن اذا كانت المصيبة مالية أو أخلاقية وجب تغيير السكن. العتبة جالبة للخير ورمز للبركة: نحو"عتبة داري عتبة الخير والدراري".وقد تكون العتبة موسومة لقوى خفية شريرة ،أصابتها بلعنة ما، وكل من سكنها يعاني من الآفات.
بما يوضع على العتبة من كفوف وحناء ورموز وفي بعض الحالات طلاسم ، تصبح بالإضافة الى كونها شخصية، لغة تقول وتعبر وتفعل في خيال القوم ووجدانهم وعلاقاتهم ، تسكن المخيال الجمعي والفردي، وتكون متخيلا يتحرك على مستوى الشعور واللاشعور بفعالية. "إن كل ثقافة تحمل تراثها واللغة بحد ذاتها هي المحتوي لهذه الثقافة، وهي أيضا المحتوى( بضم الميم) في الوقت عينه إذ لا يمكن أن نفصل اللغة عن التراث". والعتبة لغة تواصل مع كل القوى، ونص في ذات الآن، تخاطب جماعة غير متجانسة، منها المقبل، المخفي، الضيف المتيمن، الحسود الشرير.
النتيجة تبين أن أغلب قيم العتبة لا تخرج عن الصدق، التعاون، الاعتراف، التضحية، الكرم، الشهامة؛ فهي ايجابية جاذبة ولو انها تثير الخوف والرغبة.

11- لحظة التأسيس بالنسبة للشقة:

1.11-الحكاية: عند اقتناء كل شقة، لابد من قصة تأسيسية الا أنها غير مقدسة؛ موضوعها التمويل ومصدره. وهو غالبا ما يكون قرضا ، ثم سرد تكوين ملف الملكية والتحفيض، والحصول على الموافقة بصعوبات، وعسر شديد. و من القيم العامة المتصلة بهذا المضمار: التهويل.
2.11 - طقوس البدء في المشروع: الاتكال على متعاونين غير رسميين وسطاء، مع السخاء فالمقاهي والاستعطاف الى حد الاستجداء واثارة الشفقة المزعومة . وكل طرف يدعي رعاية مصلحة الاخر، والعمل على طمأنته، وهو يدرك ان ما يسعى اليه نوعا من النصب والرفع من قيمة الاستفادة. والاكتفاء بالبسملة سرا في أحسن الحالات، مع الوعود بالكرم للأهل وغيرهم بعد الاقتناء.
لذلك تكون القيم المحركة للإرادة: الإتكال، الكذب.
3.11 – الطقوس الخاصة بالمنفذ: ان يكون مثيرا، كثير الكلام ، قادرا على التواصل واثارة الرغبة مع التهديد بأهمية الوقت وشدة الحاجة، التي قد تتجاوز رغبته في جعل المتفقد للشقة على رأس قائمة المنتقين وأحسنهم، بارعا في في تسويق خدماته الوهمية للتمكين من الشقة. والقيم الرابضة وراء السلوك والمحفزة له تتجلى في البطولة "المزيفة" إذن التزييف و النفاق.
4.11- خاصة بأفعال المنفذ الطقسية: يتقدم المتفحصين ، يركز على اقناع من حظر معهما على اعتبار أن من يريد الاقتناء قد اقتنع ولا يعرف أكثر منه كدليل، يظهر خبرته وفعالية معارفه ، يؤكد تضامنه واهتمامه بالموضوع أكثر من البائع لصالح المستفيد. خدمات مرتبطة بقيم الادعاء والغش و التدليس غالبا.
5.11 – القربان بالرغم: مدنس، يقدم كرها وامتثالا لطقوس الفساد، لتدليل الصعوبات، وهو عبارة عن رشوة، قهوة، مكرمة مقابل تسريع الخدمة واعترافا بالجميل. فالقيم المتحكمة في سلوك الأطراف الابتزاز، المحسوبية، الرشوة. وهذا القربان الدنس ينجز وظائفه الرمزية، يحقق الوساطة بين المستفيد و خدمة البنك والتسجيل، وقبول كل ما يتعلق بالوثائق، واندماج، بحيث يرى نفسه من أصدقاء أطراف التعامل، وهو راض على نفسه وهم راضون عما قدم لهم.
6.11 – العادات: زيارة الشقة ودخولها والرحيل اليها أمور، يستحسن ان تحاط ما امكن بالسرية سواء ابان التعرف عليها أو تفحصها وإطلاع الأهل على مكوناتها. إن الخوف و المنافسة واقتناص الفرصة واجب، والحذر ضروري؛ فالقيم الموجهة هي: التكتم، والتحفظ و الانتهازية، والفرصة أي المقامرة وما تعج به من مغامرة مغلوطة الحساب كالمعتاد في هذه الحالة، ثم التهور.
بما أن السكن نشاط تجاري، فهو قابل للإفلاس بفعل قوة خفية للسماسرة والبنوك ولعب السوق العقارية؛ وبذلك يعود الانسان الى الضياع والتيه فردا كما دخلها مجهولا؛ ولن يثير رحمة، ولا تعاونا، بل في احسن الأحوال يكون محط شفقة وتضامن شفوي لا غير، فقانون السوق صارم ضاربات الصفقات وصفعاتها لا ترد .
ومن المعلوم ان الشقة ليس لها الا مدخل يعد مشتركا مع الغير في واجهته ، ويتجه كيفما اتفق و في الغالب الى حيث يخفت الضوء أو ينعدم، فلا يحق نقشه ، ولا السعي نحو جعله واعتباره مركز بركة، ولا ممارسة اي طقس مما سبق مهما كانت محتشمة. فالمدخل يدعو الى الدخول تسللا طلبا لعدم افساد الهدوء، والى الفردية والتفكير في سرعة التخلص.
الخلاصة المتعلقة بالقيم تؤكد أنها نابذة ، تثير الرعب والشهوة غير المحسوبة العواقب. ولا تخرج من المجال المظلم مما يفرض الكذب، الغش، الخيانة، التستر، الأنانية.
12- لحظة تأسيس حياة جديدة بالشقة:
1.12- طقوس وقت الالتحاق: البسملة في أحسن الحوال، من دون تجاوز التعبير عن الاعجاب بالصباغة، الموقع من العمارة والحي، إنها قيم اغتنام الفرصة.
2.12 - العادات: مهما كانت المناسبة خاصة الرحيل اليها العادة هي التستر والاختفاء الى حين التصرف حسب اليومي. وهي تلفظ الكل الى الخارج ولو بمناسبة أحوال الطقس صيفا، فبالأحرى بمناسبة فرح أو عزاء ، حيث يصبح من المفروض أحد النقيضين الاختفاء التام الى حين، أو الابتعاد المؤقت الى الشارع العام، حيث تضرب الخيام، أوالى قاعة كبرى خاصة. وتكون القيمة العكسية التظـــاهر و التفاخر. ملحوظة: أية علاقة تاريخية بين ساكني الشقة والخيام إن لم تكن البداوة؟ واية دلالة اجتماعية تاريخية لخيام المناسبات ان لم تكن أجواء الحرب والاحتفالات بالانتصار؟
فالعادة اذن لا تخرج عن التستر، وذلك من قيم: التكتم، الانغلاق، وعدم الثقة والتوجس، مع استمرار القيم البدوية خاصة الاختفاء ساعة الافلاس والتفاخر.
3.12- التقاليد: لا وليمة الا ناذرا وفي محل عام، و لا بهرجة ، ولا حركة ولا سكون، بل محاولة مزاولة اليومي الفردي . فالشقة تحمل دعوة الى فنجان قهوة بالمقهى؛ ومهما كانت المودة والمصلحة؛ لن يتم تجاوز هذا ولو بداخلها مع احترام القلة في العدد والوقت، بدعوى احترام الخصوصية أولا، ولضيق المجال ثانيا. إذن قيم الخصوصية وما تحمله من أنانية .
4.12- المثل الشعبي:
- " ياجورة في الحيط خير من جوهرة في الخيط"؛ البؤرة القيمية لهذا المثل - المقصود به التشجيع على اقتناء الشقق وعدم التزين بعد ان تم الاستلاء على ما لدى الرجل. – قيم مفعمة بحمولة الاستهتار و المجازفة بما يمكن ان يكون احتياطي الأسرة لوقت الشدة. بالإضافة الى التثمين التفاضلي الذي لا يعكس القيمة النقدية الحقيقية.
- " وراء الباب راحة من نباح الكلاب" قيمة: الانطواء، والانغلاق، وسوء الظن.
- "في العقار اذبح وإلا تذبح" فالأمر مكشوف ،إنها قيمة العنف والعمل على الغاء الآخر ومحقه دون هوادة.
- "الكرى والراحة اولى من الفلاحة، مرة فراحة ومرات قراحة." هذا المثل يشجع على بيع الأراضي الزراعية، واقتناء الشقق طلبا لدخل أعلى، مع التمتع بالراحة والاستغناء على المشقة. انها قيمة الكسل.
. هذا زيادة على القيم التجارية المتداولة كثيرا بأشكال خاطئة كالقيمة الحقيقية، القيمة الإضافية، القيمة المضافة، التثمين، المجانية، الربح الأكيد بعد مدة وجيزة افتراضية. علما أن جل القرويين لا يفقهون هذا المعجم. وحق التساؤل:
ألم يدخل الناس التجمعات السكنية، فامتلأت الهوامش بالذين لم يتخلصوا من سلبيات البداوة؟ والى أي مدى تهيأت الحواضر لإدماجهم؟ كيف حدث هذا النزوع الى التجمعات ؟ وكيف ستكون آثار هجوم الاسمنت على الأراضي الزراعية؟ كيف انتشر التصحر والتلوث بشتى انواعهما؟
أيحق الادعاء أن هذا الوضع سبب في انتشار قيم : الفردانية، التثمين، التنصل من الواجب، الفوضوية؟ ولماذا لم يكن مصدرا لقيم المدنية نحو: الحرية؟ الديمقراطية؟ المساواة؟ القيمة الاعتبارية للشخص في ذاته؟ العمل ؟ الوقت؟
نعم ترك المغربي أعتابه، وتوجه الى مداخل التجمعات طمعا في الخدمات والامتيازات وهو مغرر به. نعم كان من بين أطماعه أن يصير متمدنا مدنيا؛ لكنه أصبح رقما واذاة استهلاك. انسلخ ثقافيا، وشارك عن جهل وبمحض ارادته في تعميق مأساته وتخلفه ومضاعفة أرصدة فقره المتنوع .
فما حال المرأة بين العتبة و المدخل؟ كيف أصبحت علاقتها بالشقة وبالمقـدس ؟ الم تصبح بضـاعة؟ الم تعد علاقـاتها الزوجية محط تثمين بخس؟ الم تلفظها الشقة الى سوق الشغل حيث الاهانة والذي لا هي تحبه ولا يمكنها الاستغناء عنه والا طحنت؟
أيحق الان الزعم أن كل سكان الشقق في المغرب أصبحوا مدنيين؟
الملاحظ بقوة فاضحة: أن ترك الأعتاب التقليدية مع الاستمرار في نفس الأحقاب التاريخية، لا يغير شيئا على المستـــوى الحضـــاري. هذا الوضع ينتج الفوضوية والغربة في الداخل الخارج، يسبب الهوة السحيقة القائمة بين الحاجات الفردية، التي تثيرها الحياة اليومية في التجمعات السكنية، والأنشطة الفردية التي تفوق الإمكانيات الفعلية. فيصبح الفرد مدفوعا للسلبية وتخريب كل انواع الأمن: الغذائي الفردي، النفسي، الاجتماعي؛ مما يثمر التلوث البيئي والقيمي والأخلاقـي والسياسي. وضع يدعم بمساعدات مصدرها السوق المتوحشة. فينتشر العنف على مستوى أهم المؤسسات الاجتماعية: الأسرة، المدرسة، الحي. هذا الانسان، مهما تظاهر بالتمدن، مجرد فرد يعيش القلق والحرمان. منهزم رغم شدة محاولته ان يكون مثاليا، مقهور لأنه لا يتعلم من هزائمه، ولا يدرك نواحي ومجـــالات فشلـه. ينحو ان تهور الى الكـارثة. هذا القـروي المجــد الضحيـة - بانهزامه المستمر على مستوى جميع أنواع أسره :الدموية، الفكرية، السياسية - لا يتمكن من تلبية حاجات الأولاد المتواجدين في الشارع باستمرار. يركن الى وضعه. ويشتد خوفه، فيتنحى جانبا ويتحمل العواقب. وفي بعض اللحظات يتحول الى جسد، تتحكم السلطة في حيويته؛ لأن القيم المدعمة، التي تصنعه وتوجهه باستمرار الى حدود الساعة سلبية ، منها :
- الفرصة من القمار الذي خطابه يغطي كل المجالات كدعوى للربح المجاني وللقضاء الماحق على الأزمات.
- الانتهازية من الفردانية وحب الذات .
- التثمين من السوق، مقابل مادي لأمر أو حاجة ، والثمن يلغي التطوع والايثار .
- قيم الحداثة من علم وعمل واهمية للوقت وتدبيره تمتلكها أقلية من المغاربة.
وبما أنه لا يمكن وجود مدنية بروح قروية متخلفة قرسطوية ، فما يلاحظ من عمران، واستهلاك للمنتجات العصرية من غير المساهمة في ابداعها وتطويرها، لا يمكن وصفه بالمدينة بل بالتجمعات السكنية. تتعدد هذه البنايات، وتتوحد أحوالها بعدم الانسجام. و لا مجال فيها لقيم الاعتــراف، ولا الكفــاءة، ولا الحــب و لا الجمال. المدينة تفرض وجود هذه القيم، الناتجة عن التخطيط، واحترام الشخص لإنسانيته، واعتماد المؤسسات، وليس العصبية والامتيازات والظرفية. تجمعاتنا شيء آخر لا هو بالمدينة ولا بالقرية .
بعد الوقوف على مكونات الاقامتين الشعبيتين بنوعيهما، وعلى الأطر الثقافية المتحكمة في كل منهما، وبهما في الساكنة ؛ يمكن القول :أن هندسة السكن تتم انطلاقا من قيم اعتقادية أو تجارية. وأن مكوناتها تشغل عبر مقولات الزمن آليات في صناعة الانسان نفسه. و تتفاعل فيما بينها بحيوية. والآن هل تم ادراك القيم الواجب استثمارها أو استنباتها أو المحافظة عليها في صناعة مغربي ناجح؟
13 – القيم والعمران بين الماضي والحاضر: القيم اليات، والسكن مجال، يتكاملان مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى في صناعة الانسان. بالمقارنة والمقاربة يكون التلخيص كالتالي.
1.13 – القيم الموجهة في الماضي وفي الدار التقليدية: تتلخص في: التكافل - " إنما المؤمنون اخوة" ، وفي الجود "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون " ، الانتماء، الولاء، الوفاء، التضحية ، الحرية في شكلها البدائي، المساواة مع شدة الاعتقاد انها لا تتم الا امام الله، الفردانية، " فكل نفس بما كسبت رهينة" التسامح" خد العفو وامر بالمعروف واعرض عن الجاهلين" . فمبعثها الواضح ديني بالإضافة الى الطبيعة، وتنتج دائما انسانا صادقا غيورا ، معتزا بانتماءاته الضيقة و ربما ساذجا.
2.13 – القيم الموجهة في الشقة و في الحاضر: انها المبادئ الموجهة للإرادة والفكر ومن ثمة السلوك تتلخص- بالنسبة للمغرب – في: الفردية ، الشك، الانتهازية، المسايرة، المطاوعة، الحسد، الانتقام، وتنتج انسانا متعصبا متطرفا في كل مواقفه، غير قادر على التقدم الشمولي، مغامرا رغم خجله، منهزما بامتياز كلما تحمل مسؤولية أسرة، أو منظمة، أو مؤسسة وطال الامد رغم الصرامة البادية عليه .
- الخلاصة: قيمنا التقليدية رغم جماليتها وأهميتها في حاجة الى اعادة تثمين واعتبار، وتلقيح بلقاح الحداثة ومستلزمات العصر. والقيم الموجهة للأفراد في التجمعات السكنية كلها كارثية ملوثة، والأكيد وجوب الغاؤها وتجاوزها لفظاعتها، رغم انتشارها وضغوطها القوية كفعل الوباء والسرطان بالمنهوك.
ففي كلتي الحالتين يعيش المغربي على العموم التخلف. والجهل المستبد بالجميع، يرسخ بطرق علمية، وبالانتقاء والركون الى تجارب الغير من غير روية حضارية. ترى، ما مصدر هذا الوضع المفلس؟ ليس الا قيم الاستهلاك المرتكزة على:
- السلبي في الذوات؛ فالمنهزم حضاريا، يستمر في حروب خاسرة صغيرة تستهلكه. ويميل نحو الكسل. يحلم بالجنة من غير تعب، يتهرب من الالتزام. يحتمي بالماضي المجيد دون مصادره وأوجهه. فان سعى الى غاية، تحرك فرديا من غير ان يحدث رجة وتيارا، وطلب تغيير اوضاعه بأقل تكلفة وبمهادنة .
- اثارة الرغبة، وطلب الشهوة بالإتباعية في جميع المجالات من غير روية. وخير دليل على هذا الزعم، توظيفه في الإشهار: "حتى انت دير بحالي". فما هي هذه القيم الفاعلة بقوة بدراية من القوم وبعجز عن مواجهتها كأنها نابعة من الذات؟
يمكن رصد بعضها كما يلي: المنافسة غير الشريفة، الحرية الفوضوية، الشفقة الملمعة، الحظوة التجارية. و مصدرها القوى الغاشمة كدول استعمارية، وشركات قوية عابرة للقارات، نافذة في صنع القرارات المتحكمة في مصائر الشعوب. فالمنافسة الشرسة فرضت حرية الأسواق بما فيها الخاصة بالسكن و الأجهزة. وبذلك يتم استنزاف الفرد و الجماعة. انها تملك رؤوس أموال قوية، مصدرها ثروات الشعوب، البترول، الامتيازات، والمقدرة القوية على رفع الانتاج وتسويقه. مما جعل الأوطان وسكانها اسواق استهلاك، ومطارح نفايات مادية ومعنوية وبشرية. ومسارح تناقضات صارخة: الخيرات للشركات، والمعاناة والقروض للمستضعفين دولا واشخاصا.
واستشراف المستقبل المشرق الممكن، يفرض استحضار القيم العصرية الحداثية، الموجهة لتقدم الانسانية . وذلك للتمكن من تدبير دورها كأليات؛ اشتغالها يحقق الهدف المنشود منها باحترام تام للخصوصية الحضارية، و لدور السكن كمجال لإنتاج انسان نوعي.
14 – قيم المدينة الحقة والمدنية: انها نتاج تطور المجتمع الانساني وانتصاراته عبر التاريخ بنوع من التراكم . وقد تحقق لها بذلك نوع من الاجماع من لدن كل التيارات الفكرية والفلسفية والدينية. وهي:
1.14- الوقت : أغلى قيمة في الوجود، ولذلك يعمل الانسان على حسن استثماره الى أقصى الحدود. ويعتبره: أهم مؤشر في دفاتر التحملات، وأهم عامل في الانتاج، وثروة تحقق السعادة، ودورة حياة افتراضية للأشياء والخدمات.
2.14- العلم: فالدراية والتمكن والمهارة من مكونات المعرفة العالمة، وهي أساس كل تواصل مع: الانسان، والمادة الخام، والمنتوجات والرغبات؛ و مصدر تحديد كيفية التعامل معها جميعا.
3.14- العمل: وهو الجهد المطلوب عقليا ونفسانيا وجسديا للرفع من مصادر القوة والثروة، انه ما يعطي للإنسان كالموجودات والمصنوعات قيمة اعتبارية..
.4.14 – الانضباط : انه احترام القواعد والنظام في كل المجالات والجزئيات، بصرامة وطواعية، تجعل غير هذا السلوك مرفوضا.
5.14 - الديمقراطية: وهي التشاركية الفعلية في اتخاد القرارات ، والمسؤولية على جميع الأصعدة والمستويات، سواء بسواء من غير أي اعتبار للون والنوع والعرق والمعتقد، وكل مصادر الميز.
6.14 -الكرامة: وهي ناتج احترام : الذات وقيمتها الاعتبارية ، الواجب وأثاره على الذات ، المساواة ، تقدير الكفاءة.
أطر مرجعية لا يمكن التعامل معها بانتقاء، لأنها مصدر قيم أخرى تتطور حسب الظروف والتخصصات والمجالات ومنها: الثقة، النزاهة، العدل.
والآن تحق أسئلة جديرة بالاهتمام منها:
- ما القيم التي يمكن توظيفها، لتحقيق انسان نوعي، تتوفر فيه موصفات الحضارة المعاصرة ؟
- بما أن القيم من أهم أدوات قياس وتحقيق التغير الاجتماعي، كيف يمكن توظيفها لتحديد معالم الإنسان المقصود في الحاضر والمستقبل ؟ ومن ثمة، كيف يمكن تشغيلها انطلاقا من كل ما يعتبر سكنا لهذا الانسان : الجسد؟ المنزل؟ المعمل؟ المؤسسة؟ وكل فضاء عمومي واقعـي او افتراضــي ، مادي أو خيالي متخيــل كفــن؟ اي المجالات التي يقضي فيها جزءا ملفتا من غلافه الزمني ؟ وقبل هذا وذاك ما حدود إمكان ذلك؟
بما أن الهدف، يكمن في تقديم عناصر معرفية قادرة على توضيح أية مقولة، ستصبح معتمدة كخلفية ثقافية أساسية للوجود الحضاري الخاص . فلابد ان ينصب الاهتمام على الانسان ككينونة وليس كجسد، وان يتم اعتبار الفرق بين هاجس السلطة على الأجساد وتعزيز سلطة السيادة، فيحل مكان هاجس الضبط والمحافظة الانضباط الذاتي للمعيار. ومن اللازم وضع حد للخلط المقصود بين الممنوع والمحرم ، فالأول انساني قابل للتغيير حسب الحاجة، أما الثاني فمصدره جواني ذاتي، يأتي من مكان بعيد في اعماق النفس، من الممكن أن يكون أسطوريا أو دينيا، فرديا أو جماعيا. والتحريم انساني لا يأتي إلا بعد الحضر الذي يكون أصلا للإباحة والمنع بفعل القوة والشراسة ابان البحث على المشروعية وكيفية اثباتها باستمرار. فكيف يصبح الانسان يعيش فعلا عصر القرن الواحد والعشرين؟ أيكفيه ان يتبنى قيم المعاصرة؟
قبل البحث في الامكانية هناك عدة ضروريات، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار دفعة واحدة منها:
- اعادة القيمة الاعتبارية للذات في مجالها الحيوي وفضائها الحضاري، بكسر حلقة التخلف بالتربية أولا واخيرا. والهدف استرجاع السلطة على مقدرات هذه الذات، وعلى امكانياتها، وخيراتها، لإنتاج: السادة الأقوياء وليس الأجساد المحدودة الصلاحية والاستهلاك.
- الحاجة أكيدة الى الاعتراف: بهزائمنا التاريخية للتمكن من تقدير نتائجها. إن اثارها تتفاقم باستمرار وتترسخ أكثر؛ فيمعن الأخر في تفتيتنا واضعافنا، مع مد يد المساعدة الخادمة لمصالحه الكبرى .وبالعود على البدء وقضية الاحتمالات والإمكان، الواقع العيني والتاريخي يبين:
أولا : امكانيات هذا الوطن، و مصادر غناه، و أهمها الانسان تبشر بحتمية اقتحام الانسان المغربي لعصره. والأمر ممكن بتجاوز الضعف أمام أخطار الحياة؛ وذلك من دون انتظار مساعدة من خرافات وأساطير مطمئنة، أو من فوائد الخضوع لضروريات سياسية متهالكة، قوامها العقاب والامتيازات والنعرات القبلية المختلفة الأشكال .وهو ممكن بكسر حلقة الانهزام ، وبتجاوز المحرمات الوافدة من خارج الذات عند مواجهة مشاكل الحياة ، دون الخضوع لطمع الاستفادة من سلطة عبارة عن وهم، قوتها في الانتقاء والضبط والعقاب بالآخر.
ثانيا: إن الحل ممكن بحماية الذات والمجتمع، بإعادة الاعتبار لهما. وبعدم الخوف من الحداثة والتقوقع دونها،. وبعدم والركون الى الماضوية كأسلوب دفاع متخلف، نتيجته الارتماء في الاستلاب والتنكر للقيم والهوية. فالقيم الخاصة تثبت الهوية والحداثة تمكن من المقدرة الحضارية، وقد اثبت التاريخ ان التطور لا يلغي الكيان المتميز.
ثالثا : ان الكون فسيح بعقائده ولغاته ومقدراته وثرواته. وهو كفيل بان يسعد الكل بالاعتراف المتبادل واعتماد الكفاءة والتكامل. ولن يكون دخوله الا عبر بوابة وحيدة وواحدة هي المعرفة وما تفرضه من علم وكفاءة، وتقانة، وتقدير للاختلاف وحسن التدبير الجماعي. مما ينتج القوة.
رابعا: حياة الأمم والشعوب، ما هي الا حياة حروب متوالية. تتغير أساليبها وتتطور مجالاتها وألاتها ، وبالتالي مظاهرها. طبيعتها الفتك واستعباد الضعيف حضاريا. فالعبودية والاسترقاق، وان تغيرت أشكالهما و أحوالهما، يحطان من قيمة الانسان . والحروب مندلعة على جبهات داخلية و خارجية، وهي تتكون من معارك تنتهي كل واحدة باتفاقيات ومعاهدات ومواثيق وعهود، مضمونها تقسيم القوة ومجالاتها وحدودها، مما ينتج عنه تقسيم الخيرات والثروات والمنافع. وفي هذا العصر ميدان الحرب اكتسح مجال القيم لضمان ابدية الخضوع والخنوع. وفي هذا الاطار اشتدت المعرك من غير توازن القوى ضد التربية بكل الوسائل المتطورة :الأعلام، الاشهار، السوق، عدم المحاسبة، انعدام الضمير، التجهيل، كل انواع العنف ، وصناعة الولاء الانتهازي المخادع .
خامسا: اهمية الاعلام في صناعة الرأي العام، والحقيقة المزعومة، ودوره في اثبات الولاء الذي يستهدف المقدس، هذا الذي يثير الرهبة والرغبة في أقوى صورهما؛ وكان الأصل أن يتوفر على شرطين، الأول: أن تكون هناك طقوس خاصة به كتصرفات عملية قابلة للمعاينة. والثاني: ان يتضمن ميزة تتجلى في سموه على المحظور والممنوع والمحرم، مما يجعلها مجرد آليات له، يشتغل عبرها، فينظم حياة الناس المعنيين بواسطتها. وهذا ما يفتقده الولاء المخادع، صنيع الاعلام والاستهلاك. وهو لا يسعى الى السلطة المستندة الى المشروعية القابعة في زمن سابق، لأنه يوظفها لتبرير غايته في الحاضر والمستقبل، وعبرها يستخدم العنف بتبرير باهت عار من الصحة أو بدونه. والمعركة كعنف مضاد مشروع في اطار الدفاع عن النفس، تهم استرجاع مقدرات الذات والسلطة عليها، بعد الوعي بها .
وقد صدق ميشيل فوكو في قوله وكانه يخاطب القوم ضحايا الحروب "لن تسترجعوا السلطة ما لم تسترجعوا نظام المعارف الذي انتزع منكم ، لن تسترجعوا السلطة ما لم تعملوا وتبحثوا وتسعوا الى امتلاك المعارف؛ لأنكم قاتلتم دائما من دون ان تضعوا في الحسيان أنه ابتداء من لحظة معينة أن المعركة الحقيقية داخل المجتمع لا تتم بالسلاح ولكن بالمعرفة."
والخلاصات :
- إن الحرب تاريخيا سواء كانت مقدسة، أو غزوا، هي مصدر القيم وفرضها.
- ان الوعي بالذات، والسعي من جديد الى الكشف عن منابع الذاكرة والمعرفة؛ سلاحان كفيلان بالإبقاء على قيمنا مهما اختلفت مصادرها، وتنوعت أهدافها.
- إن تحقيق لانتظام في نظام المعرفة الكوني ، رهين بحسن تقبل قيم العصر وبجعلها ملكا ذاتيا اسوة بالغير.
- إن القيم لا تعيش مضمرة في الأعماق، بل تتحرك في فضاءات فيزيقية، يتخدها الإنسان سكنا باعتبار ما يقضيه فيها وينفقه من غلافه الزمني الخاص بدورة حياته الافتراضية. فهو من ينجز هندسة الفضاءات، ولكن القيم عبرها تصنعه.
- إن أهم القيم الممكن التحلي بها عن قوة وامتلاك، كما تمت الإشارة هي: العلم، الوقت، العمل، المسؤولية، الكرمة، التشاركية.
- إن فرض الذات في التاريخ، كقوة تحمي المصالح والتميز، وتحقق المساوة في الاحترام لن يتم الا بالقيم العصرية والمعرفة. وبهما لن يعود الانسان مستعبدا ولا مقهورا مهدورا. قوة تجعل السلام ممكن عن جدارة واحترام، وتشارك في معرك الابداع والإنتاج، ووضع القيم الانسانية.
- اشارة: الورقة نص مداخلة د. محمد بكراوي ، شارك بها في الندوة التي نظمها منتدى الوحدة للدراسات والأبحاث في العلوم الانسانية بتاونات في موضوع :سؤال القيم :الانسان الى اين؟ وذلك يوم السبت 26 ابريل 2014 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- سورة : يونس - الآية: 67
- سورة :الأنعام - الآية: 96
- سورة: النحل - الآية. 103
- سورة : النحل - الآية : 72
- ميشيل فوكو - نظام الخطاب - ترجمة محمد سبيلا_ النشر الالكتروني التنوير د.ت. ولا دار الطبع ص:21
- د..نور الدين طوالبي الدين والطقوس والتغيرات -منشورات عويدات بيروت ط.1 -1988 ص:34
- د. عاطف عطية – المجتمع - الدين والتقاليد / منشورات: جروس برس – طرابلس لبنان ط.:1 – 1992 ص: 25
- عبد الرحمان بن خلدون- المقدمة- - دار الاحياء للتراث الشعبي د.ت.ط.4ص:125
- إيكه هولنكراس، قاموس مصطلحات الإثنولوجيا والفلكلور تر. د. محمد الجوهري ود. حسن الشامي – دار المعارف بمصر- ط.21973 ص:246
- د. عاطف عطية – المجتمع - الدين والتقاليد / منشورات: جروس برس – طرابلس لبنان ط.:1 – 1992 ص: 48
- د.عاطف عطية _ المجتمع الدين والتقاليد- طرابلس لبنان منشورات جروس برس ط :1 - 1992 ص:25
- مد محمد عابد الجابري – ما تبقى من الخلدونية – قراءة نقدية لفكر ابن خلدون والفكر العربي المعاصر - تونس - الدار العربية للكتاب ط 1 1980 ص:287
- ميشيل فوكو _ نظام الخطاب- ترجمة د. محمد سبيلا – التنوير- ص:21
- ميرسيا الياد LE SQCRE ET LE PROFQNE p 21 :
- وزيري يحيى – العمارة الاسلامية والبيئة –سلسلة عالم المعرفة –الكويت- عدد د.304- 2004 -ص : 149
-مصطفى صفوان – عدنان حب الله - اشكاليات المجتمع العربي قراءة من منظور تحليل نفسي قدم اه أدونيس – الناشر: المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء – بيروت الطبعة الأولى2008 ص:56
- الحجرات الآية: 10
- آل عمران الآية: 104
النجم الآية: 39.
الأعراف الآية: 199
- ميشيل فوكو – يجب الدفاع عن المجتمع –دروس ألقيت في الكوليج دو فرانس لسنة 1976 - ترجمة وتقديم وتعليق د. الزواوي بغورة – دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت لبنان 1997 – ص : 162


بقلم: د.محمد بكراوي




#محمد_بكراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول سؤال التعليم في الغرب
- الغيد والوردة
- ماذا فضح المسار؟
- حول التعليم في المغرب
- علمتني كرامتي
- أسطورة العين الزرقاء -مسكي-


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد بكراوي - القيم في التراث الشعبي بين الماضي والحاضر والمستقبل : أية قيم موجهة؟