أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام سحمراني - مايكل جاكسون - قصة قصيرة














المزيد.....

مايكل جاكسون - قصة قصيرة


عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)


الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


يمسح سلام العرق عن نظارتيه بقميص صديقه ويهمس بتردد انه يشعر بالإختناق، ليطلب من الأستاذ الخروج من الفصل إلى أي مكان يتمكن فيه من التنفس. يخرج ويترك الباب وراءه بين المغلق والمفتوح ويختفي خلف جدران الممر المؤدي إلى الدرج نازلا أدوار المبنى الأربعة.

يتابع الأستاذ ساعة ساديته وهو يقرأ للفصل بانفعال مسرحي مفتعل قصيدة صمويل تايلور كولردج "the rime of the ancient mariner" ويبدي امتعاضه من سلام بحركة من فمه اهتزت لها رقبته.

أصوات الطلاب الخمسين ومعها "موتورات" المياه المجاورة للثانوية، والأذان والصلاة وخطبة يوم الجمعة، تخترق الحر الشديد وتختلط بأنشودة بحار كولردج. يصل الأستاذ إلى القسم الرابع ولا يكاد يتابع الكلمات، تخرج من مصلّ يائس بقلبه المنقلب غبارا، حتى يجلس على كرسيه ويقع رأسه ساكنا فوق طاولته.

الفصل فئات مختلفة؛ هنالك الذين "يؤرنبون" آذانهم و"ينيشنون" أبصارهم ناحية الأستاذ في الزاوية الأمامية اليمنى والأمامية الوسطى، يبدون دوما انزعاجهم من الباقين مع كل حركة لهم أو جلبة، لكنهم لا يتورعون عن استخدام دفاترهم لتحريك الهواء على وجوههم. والباقون كل منهم يتخذ مجموعة متناغمة في ما بينها تتوزع على نواحي القاعة؛ في الزاوية الخلفية اليسرى يلعبون الورق. وفي الزاوية الخلفية اليمنى يمشطن شعورهن ويسرق أحد الفتية مشطا منهن ليمشط به شعر رجليه الكثيف فيبدين قرفهن وانزعاجهن. وفي الوسط -حيث الإختلاط الجنسي- توزع فتاة بدينة على رفاقها مؤونة شهر كامل من "الشوكولا" و"الويفرز" و"الهولز". وأمام فرقة الآكلين يتمركز ثلاثة شبان آخرون يجذبون الفتيات أمامهم بنكات جنسية تطلق ضحكاتهن، أما في الجهة الأمامية اليسرى فهنالك فتى يمارس كمال الأجسام ويجلس متمددا كما النائم، ورقبة زميل له ضئيل الجسم تحت يده على مدار النهار يضربها كلما استطاب ذلك وينظر ناحية فتاة من سكان الجهة اليمنى يغمزها ويشير إليها بحركات من يديه وسواهما، وهي تحاول أن تبدي عدم اهتمامها فتنظر ناحية الأستاذ للحظة تعود بعدها إلى غمزاته. وبين الجميع يبقى شاب وفتاة يتنقلان بين المجموعات دون انتماء محدد إلى إحداهن.

أمام ذلك المزيج يغمى على الأستاذ وترتفع حرارته وقبل استيعاب أنه بحاجة لمساعدة تتعالى الضحكات من كل الجوانب مع أصوات "الفورمولا 1" والطوافات وسيارات الإسعاف من إحدى المجموعات. ويهرع الناظر والمدير بعدها لينقلاه بمساعدة أحد الطلاب "العمالقة" إلى السيارة وهو يهذي بكلمات كولردج:
alone, alone, all, all alone
alone on a wide wide sea

ولا تتمكن أي كلمات له أو نظرة لؤم وتهديد من المدير أن تكبح فلتان الفصل بأكمله أو تبعث فيهم الرحمة على أستاذهم. أما من كانوا من حزب الأستاذ فقد حاولوا تهدئة البقية وترداد كلمات "العيب" و"الحرام"، لكنهم لم ينتبهوا أنهم يقومون بضجة تساوي ما للآخرين أو تعلو فوقها.

إنسحب "المؤدَّبون" وبات الفصل مقهى شبابيا وشعبيا أيضا. بدأ الدخان بالتصاعد من سجائر بعض الشبان، واستبدلت الكراسي بالطاولات للجلوس. ولم تعد النظرة موحدة تجاه الجهة الأمامية، فلم ينتبهوا لسلام حين دخل عليهم وهو يحمل "ستيريو" صغيرا يردد: "تشن شن.. تشاتشا شن شن.. تشاتشا شن شن.. تشاتشا شن شن"، ويرقص الشاب على وقع أغنية "smooth criminal" لمايكل جاكسون فيهدأ الفصل بأكمله وينتظم ويردد النغمة بهمس.



#عصام_سحمراني (هاشتاغ)       Essam_Sahmarani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساندرا.. أغرب قصص النضال ضد العنصرية
- تقرير: هل تشكل الأسلحة النووية خطراً فعليا أم لا؟
- فقراء العالم الرأسمالي... 99 %
- أميركيون يبتكرون أديانهم الخاصة
- كيف يصنف الفيفا منتخبات العالم؟ وهل هو تصنيف واقعي؟
- تقرير: بلوشستان... حرب لا أضواء عليها
- قراءة في كتاب ماكس بوت -جيوش خفية-
- تقرير: هكذا قسم البريطانيون العالم العربي
- في سبيل الله
- أنت متأمرك... بل أنت
- استهلاك
- عودة سعد الحريري إلى حضن بشار الأسد
- خالو مروان
- اختبارات جماعية على جماعة الإخوان المسلمين
- تقرير: خرافة معدلات الخصوبة المرتفعة لدى المسلمين
- دقة مفقودة في بي بي سي
- قانا.. مجزرة منسية من جنوب لبنان
- ثورة عليهن... ولهن
- لا قانون في ليبيا للحدّ من تعدد الزوجات
- ترويض الجمهور بين السياسي ورجل الدين


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام سحمراني - مايكل جاكسون - قصة قصيرة