أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - دموع البابا فرانسيس














المزيد.....

دموع البابا فرانسيس


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 13:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ربما لن ينسى السوريين، ولأمد بعيد، حزن البابا فرانسيس الأول، وهو يتحدث في عظة الجمعة الثاني من مايو، عن عينيه المباركتين بنور الإيمان، وقد غشتا بالدمع الذي ترقرق في محجريهما، وكانتا عصيتان عن الطفر لهول المشهد الإجرامي الذي رآه على وسائل الإعلام التي نقلت صور ومشاهد إعدام شبان سوريين، على الصليب. دمعت عينيه لأنهم مسيحيون يصلبون في بلد غير مسيحي !
رأيت صورته في السانتا مارتا ذي وجه حزين كسير القلب، على أولئك الشبان الذين نفذت فيهم دولة العراق والشام الإسلامية " داعش " حكم الإعدام صلباً،في كل من الرقة وتل أبيض ومسكنه.
لاشك أن ماتقوم به داعش هو جريمة بكل المعايير الانسانية والقانونية، ويذكرنا بجرائم الإعدام في القرون الوسطى، ولكنه اليوم في الحقيقة لايختلف سوى في الأسلوب عمّا يرتكبه نظامالأسد بحق السوريين، من حيث درجة الجريمة وبشاعتها. البابا فرانسيس أدمعت عيناه لمشهدٍ نُمي إليه أن هؤلاء المصلوبين هم مسيحيين، وأن البلاد التي اقترفت ذلك غير مسيحية!
يثير هذا التفكير مسألة أخلاقية وفكرية على مستويين، الأول يتصل بأن مصدر الحزن كون الرعايا مسيحيين، وفي هذا مخالفة لواقع الحدث فجميع من صلبتهم داعش هم مسلمون، ولم يكن الأمر متصلاً بحمل الصليب. ثمة خلطٍ بين ماقامت به داعش من اجراءات تمثلت بالاستيلاء على كنيسة الشهداء وسط الرقة، وتحويلها الى مكتب دعوي، وكسر الصليب، وفرض الجزاية على مسيحيي المناطق التي تحتلّها، من جهة، وبين جرائم الإعدام الأخيرة. كان هؤلاء الشباب قد أدانتهم داعش بالخروج على التعاليم الإسلامية كقتل مسلمين بالقاء متفجرات، أو التدخين، وغير ذلك مما لا علاقة له بمسألة العقيدة.
المستوى الثاني يتصل بما رآه قداسة البابا أن الحدث/ الجريمة قد تمّ في بلاد غير مسيحية، وهذا بدوره مناف للحقيقة التاريخية، بأن سورية هي مهد المسيحية، ويحيلنا قوله الى النفخ بمسألة تعرّض الأقليات من خطر على وجودهم وحياتهم. وكأنه بذلك يمنح النظام ذريعة جديدة، للإستمرار في نهجه ودعاوته السياسية كحامٍ للأقليات.
قد تكون المعلومات التي نقلت الى البابا مضللّة، بهذا الشأن، أو أنها كانت فرصة ملائمة للإشارة الى الخطر الإرهابي الداهم على المسيحيين في الشرق العربي. وبكل الأحوال فإن البابوية حتى اليوم يبدو موقفها، على مسافة بعيدة من إرادة السوريين في الحرية والكرامة، وهذا يعطي غطاءً واسعاً للكنائس التي تشكل عصباً أساسياً داعماً لنظام الأسد، وهو مانراه حقيقة في المؤسسات الرعوية المسيحية والاسلامية الرسمية على حدّ سواء في سوريا. فلم تتجاوز مواقف الكرسي الرسولي الصلوات والدعاء، ولم يصل الى درجة إدانة مرتكبي الجرائم والنظام.
يستطيع الحبر الأعظم، بما عرف عنه - إن شاء - تكوين رأي عام ضاغط على حكومات الدول الغربية الكبرى، لحملها على إجبار نظام الأسد على وقف إراقة الدماء، وتدمير المدن والبلدات والأحياء، بصورة همجية غير مسبوقة!
نجد أنفسنا مضطرون للمقارنة بما قام به الأب فرانسيس في حمص، وتفانيه حتى حدود التضحية بروحه ودمه من أجل حياة المعذبين في حمص المحاصرة، وما يصدر عن رئيس أعلى مؤسسة دينية مسيحية كونية، ومايكتفي به سيّد البابوية اليوم، وهما يتسميان باسم الراهب فرنسيس الأسيزي، الذي عرف عنه مدافعته عن الفقراء، وسعيه من أجل السلام..هذا ماجسده الأب فرانسيس حتى اغتياله. فيما يتقاعس عنه البابا وهو قادر على فعل الكثير من أجل خلاص السوريين.
لانريد من الحبر الأعظم ماليس بقادر على تقديمه، لقد ترك العالم المدني المتحضر بكل إنسانيته، السوريين لقدر الموت والتهجير، على مذبح الحرية، وكان على المؤسسات الكونية القادرة على التغيير في العالم، عبر التأثير الأخلاقي وإحداث اصلاح للروح الإنسانية، أن تكون منسجمة مع الأفكار التي تشيع الإيمان بها عبر العالم.
كان يمكن للبابا فرانسيس أن يرفض الجريمة، واستخدام الصليب، وأن يعتبر ذلك إهانة للأنسانية ومحاولة لاستغلال رموز دينية في جرائم نكراء، لانقبل أن يقتل أحد في سوريا او أي مكان في العالم، وبأية وسيلة، لكن داعش ماكان لها أن تتكون دون دعم من طغاة دمشق وحلفائه، وماكان لها أن تتمدد أفقياً وشاقولياً في ارتكاب المجازر وانتهاك الحقوق العامة والفردية، لولا السكوت الدولي العام عمّا يحدث في سوريا منذ ثلاث سنوات ومائتي ألف ضحية، ودمار اكثر من مليون منزل، وتشريد ثلث الشعب السوري.
الأسد كمجرم دولي، يستعد لتطويب نفسه حبراً أعظم للطغاة على كرسي القتل فوق نهر من دماء المعذبين السوريين في البيوت والمعتقلات وأماكن العبادة والتشرّد، في عتمة الفقدان والحرمان، والضغينة التي ينسج خيوطها كل وقت. ولا نريد لدموع البابا الرهيف أن تكون داعمة للديكتاتور، الذي يستلهم في أفعاله العظيمة بعض أساليب محاكم التفتيش صعوداً الى الجحيم.
نريد أن يحثّه حزنه على القيام بعملٍ جديّ من أجل السوريين، من كل الأديان والطوائف والانتماءات.
____________
كاتب سوري



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيمياوي الأسد :الطريق الى الجحيم !
- سوريا والغرب وإعادة التكوين
- الرقة تذبح بصمت
- الرقة على أعتاب كارثة انسانية
- اتحاد الديمقراطيين السوريين / أفكار أولى حول التجربة
- دعوات مشبوهة لدور اسرائيلي في الأزمة السورية
- سمات العمل السياسي للمعارضة السورية
- خليل صويلح في ” سيأتيك الغزال ” : سيرة العطش،وشغف الأحلام وا ...
- سُحب الغواية
- دمشق
- اجتماع اتحاد الديمقراطيين السوريين / نتائج وتوصيات
- حوار مع د.أحمد طعمة رئيس الحكومة المؤقتة
- شحّاذ التدخل
- الكأسُ الأُخرى
- أيُّ امرأةٍ أنتِ !
- الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية : تحديات وإشكا ...
- الرقة : انتفاضة المستقبل - نداء الى الرأي العام
- حصارٌ و صمتْ !
- شريد
- سطوة السلاح


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - دموع البابا فرانسيس