أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - ماذا تفعل الدبابة تحت نافذة صديقي














المزيد.....

ماذا تفعل الدبابة تحت نافذة صديقي


زياد خداش

الحوار المتمدن-العدد: 1260 - 2005 / 7 / 19 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


ليل الأربعاء، الواحدة ليلا، هاتفت صديقي الشاعر مهيب البرغوثي، قال لي هامسا لاترفع صوتك فصالح مشارقة نائم والدبابة تحت نافذتي، كدت أضحك.. وأضحك.. أهز العالم ضحكا ذكيا وغبيا، كهلا وطفلا، مدنسا ومقدسا، يشبه ذلك الذي يصدر عن ميناء قديم حين تغادره السفن ويتخلي عنه البحارة وتخنقه مخلفات العصور البعيدة، ويبقي وحده يقاتل العزلة ويحلم بحانات وسكاري.
قلت لمهيب: تري بماذا يحلم صالح الآن والدبابة تقف تحت حلمه، يخيل لي أن الدبابة تطلق الآن قذائفها علي حلم صالح يهرب حلم صالح ويختبيء خلف جدار، تطلق الدبابة قذيفتها علي الجدار، يسقط الحلم والجدار، ويتعرق قلب صالح لماذا تخيفهم أحلامنا؟ لماذا يطاردونها في القصائد والمتاحف والمدارس؟ وتسقط أحيانا مضرجة بالتوبة.. يا لأحلامنا الشهيدة!
بقليل من الخبز والشاي والسجائر يعيش صديقاي الجميلان صالح ومهيب عزلتهما القصوي الحافية في الطابق التاسع من عمارة تقع وسط رام الله المحتلة من جديد.. مهيب كائن الليل المجنون الذي يسعل في رأسه بائع بطيخ وحيد، يستلقي مريضا علي أريكة مهترئة في الطرف الشمالي من المدينة، وستة شوارع خالية من العربات والسكان، فقط حفنة من جنود متعبين، يقفون كالتماثيل في انتظار رغيف ساخن ورائحة امرأة عابرة، عشرون بحارا مبتورو الأذرع، سمكة قرش تائبة، سيدة مساء لطيف توزع الساندويتشات علي المقاتلين وتبكي وحدها في المكتب.
يسقط رأس مهيب علي الطاولة، نعاساأو يأسا أو احتيالا لا فرق، فيما تواصل الدبابة نهش حلم صالح مع سقوط الرأس تموء فكرة، ينهض مهيب فاتحا عينيه علي آخرهما، مصنما يهبط درج العمارة، عند الدرجة الأخيرة يسقط ضحكة بلهاء، تعقبها ابتسامة كريستالية، تتحرك الدبابة مذعورة من هذا الغريب الذي يقف فجأة أمامها في الوقت الذي تختفي فيه كل الكائنات من المدينة. يتقدم مهيب من فوهة مدفع الدبابة، يدخل يده، يضع شيئا ويدير ظهره عائدا إلي غرفته وصديقه النائم وسجائره القليلة يستغرب الجنود يقفزون من الدبابة، يتفقدون الفوهة، لايجدون شيئا لكنهم يسمعون اصواتا غريبة تصدر عن الفوهة، في ذهن جندي منهم ذي أصول يسارية يتكثف سؤال، إنه صراع بين الكريستال والحديد. ياويلنا، ياويلنا.
يدخل مهيب الغرفة، يفاجأ بصالح يحدق في لوحة الرجل الطائر يسأل صالح: أين كنت أيها المجنون؟ إنه ليل غريب يا مهيب، لم يعد ليلنا، لقد سرقوا ليلنا، احتجزوه كما احتجزوا نهارنا من قبل. يهز مهيب رأسه ولايدري بما يجيب هل سيصدقه صالح أو أخبره انه نزل إلي الدبابة ووضع في فوهتها.. لا.. لا.. لن يصدقه صالح.. لن يصدقه أحد.. لن يصدقه أحد.
ما الذي يحدث تحت نافذة صديقي بالضبط، أهي حرب بين النجوم والمستنقعات؟ بين مقاعد الصف الرابع (ج) الخشبية وبين فولاذ الاباتشي، بين رسومات الصف السادس (ب) وبين دوي ال F16 بين ضحكة الشهيد الطفل محمد ابوكويك الصغيرة وبين جوف دبابة مليئة بالاساطير والجنود ما الذي يحدث تحت نافذة صديقي بالضبط يغسل والد الشهيد ابي دراج قبر ابنه المترب فيرتبك مدرس اللغة العربية، يهدأ المتشرد، يذرف الصحفي نجمتين بينما تهرب عينا فنان تشكيلي بعيدا.
ليلة الخميس، الثانية بعد منتصف الليل، اتصل بالمجنون مرة اخري، اقول له: قبل قليل تخيلت مشهدا مروعا، مضحكا في آن ان يقتحم جندي غرفتك ويصوب بندقيته نحو رأسك صارخا:
معك ستون ثانية لتقرأ كل هذه الاكوام من الكتب قبل ان افجر دماغك عندها ستقول له يا مهيب انك لن تستطيع ايها الجندي لان كازانتزاكي سيتصدي له ويهيل منجم الكلمات فوق رأسك كما ان تحديقة صغيرة من عيني ايتاليو كالفينو النسريتين ستخرس انفاسك، أما دويستفسكي فسيحرك قاتل المرأة العجوز باتجاهك معيدا بذلك خارطة الجريمة والعقاب.



#زياد_خداش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانوثة حين تغادر عتمتها
- ما يشبه الشهادة على الجمال والالم
- جسد المراة - غابة من الاسئلة- عاصفة من الحنين
- غريبات واقفات على حافة العالم
- مينودراما _امراة سعيدة - على مسرح القصبة برام الله - جماليات ...
- حين روى عطش توفيق عطشي
- صورة المراة في منهاج اللغة العربية للصف الثامن في فلسطين
- الشعر في غزة ، الموت في غزة
- دوائر اختي الناقصة
- ملامح جديدة في صورة المراة العربية
- قصة قصيرة : حشرة عمياء يقودها طفل
- نساء فلسطينيات مكللات بالتعب والبياض
- في مديح المراة الطفلة


المزيد.....




- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد خداش - ماذا تفعل الدبابة تحت نافذة صديقي