أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - أحزان شجرة البرقوق














المزيد.....

أحزان شجرة البرقوق


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 10:46
المحور: الادب والفن
    




قصة
بعد قيلولة لم تتجاوز نصف الساعة عصر ذلك النهار المريب ؛
استيقظ مثقل الجفون وقد أحس أنه لابد نام منذ أسابيع.
ظل مغمض العينين يحس وهناً في بدنه ..رأسه كبيرة ولسانه ملتصق بسقف حلقه .. تنبه إلى مواء القطة التعسة التي لا يدري من أين جاءت ولا تكف عن المواء الحزين كأنها فقدت عزيزا.
تبرم من عمق أساها . منع نفسه من أن يسبها وتسلل إليه اعتقاد أن شخصا انتزع منها صغارها.
امتدت يده المعروقة ودارت في الفراش البارد .. لم تكن زوجته إلى جواره .. لعلها خرجت لشأن من شئون البيت .صدمه شحوب الضوء وتأهب المساء للقدوم .
نهض وتوجه صوب باب البيت متوكئا على وحدته ، يدعو الله أن يجعل يومه قبل يوم فريدة .
جلس على عتبة الدار يرنو للطريق الخالية ..لاحظ النوافذ المغلقة .
كيف تغادر البيت دون كلمة أو إشارة إلى سبب الغياب المباغت
ناداها : أين أنت يا فريدة ؟
لم يبلغه رد ولا حتى صدي صوته اليتيم ..
تحامل على ركبتيه المتداعيتين وظهره المفكك ليبحث عنها ولو في الجوار والأنحاء القريبة .. الشوارع المتواطئة تتداخل وتتلوى .
اختلطت في عينيه المعالم .. كان الظلام يسبقه ويخفى ملامح كل شيء. . مضي يتنقل بين الأسباب ..يلوم نفسه
أيكون قد اقترف بحقها ذنبا ؟.. هل أهمل لها طلبا ؟.. ليست لها مطالب .. ترضي دائما بالموجود .. ربما يكون قد تجاوز الحدود في حقها .. أسمعها كلمة جرحت مشاعرها .. أكد أنه طوال خمسين سنة لم يفعل ولن يفعل .. هل يكون قد عاتبها بغلظة على سهو .. توقف إذ تذكر حادثة غرق أحد الكتاكيت في وعاء السقاية . عندما أخبرته بأسف شديد قصة مصرع الكتكوت الحبيب منحول الرقبة . ابتسم ولم يعاتبها ، وفي كل الأحوال كان يخفف عنها غياب الأولاد الذين استمرؤا البعاد وأقبلت بدلا منهم الأمراض . تذكر فجأة أنها تمنت عليه أن يزرع من أجلها شجرة برقوق ولم يفعل .. تعلل طويلا بمبررات واهية .. لام نفسه بشدة .
خطر بباله أن يكون الحنين قد عصف بها نحو أخيها .. استبعد أن تذهب إليه فهو بعيد والحركة في الشوارع قاسية ولم تذهب يوما إليه دونه . وهكذا تلاشي من رأسه مطلبها الوحيد .
عندما أدرك أن الدموع تتجمع قرر ألا يسمح لها أن تسيل في الطرقات ..استدار وعاد إلى البيت وحيدا ومحملا بتعاسة زائدة.
كافح دموعه التي ضغطت بشدة علي شيخوخته وعواطفه تجاه الرفيقة الغالية . الانهيار هو الأقرب إذا حُم الفراق لحظات .
امتلاء ينابيع الدمع قوّاها فغلبت وسالت ثم فاضت ,
استشعر أن الجدران تتحرك ثم تدور . أوشك أن يتداعي فاستند على طرف السرير .. لحظات واستقرت الجدران وعاد كل شيء إلى موضعه.
أشعل مصباحا صغيرا فوقعت عيناه مباشرة على صورتها المعلقة ..ابتسم لما اجتذبت عينيه ابتسامتها . بادلها الابتسام وسألها : أين أنت ؟
تسللت الذكريات الجميلة فسقت روحه بنسمات رقيقة .
ربتت على غرفات قلبه .. تنهد بعمق وقد نسى السؤال.. انحط جسمه دون إرادته على مقعد قريب . عاد يحدق في الصورة .. تنبه أخيرا إلى الشريط الأسود المعلق على الطرف الأيسر العالي للصورة. كافح حتى صعد فوق المقعد كي ينزع الشريط .. فوجئ بأن الشريط لا يتجاوب مع أصابعه ولا حتى الأظافر . حاول حتى يئس فهبط وهو يواسي نفسه .. كل واحد منا له شريط .
حاول أن يكبح دموعه التي تفجرت فجأة ، كيف لم يتذكر أنها صعدت إلى السماء وأنه بدونها منذ سنوات ؟!.
انطلقت عيناه المحمرتان تتجولان في البيت الحزين بينما الصمت المعتم يحيط بكل شيء .. مضي إلى السرير وتمدد وشعر بقدر من الراحة .. تنهد .. قال : هنا أفضل ..إذا جاء .. سوف يجدني في المكان المناسب.بعد لحظات تذكر أنه نسي تماما أن فريدة كانت تحب البرقوق و قد طلبت منه أن يزرع لها شجرة برقوق .. ابتسم وظلت الابتسامة مبسوطة على ملامحه لحظات بل أحس بها تنتشر على كل جسمه حتى أصابع قدميه .. عزم أن يذهب مبكرا إلى صاحب المشتل ويشتري شتلة البرقوق .. اتسعت الابتسامة لأنه رأى فريدة وهي تنظر إلى الشجرة بفرح وأمسكت يده بقوة تعبيرا عن شكرها لأنه تذكر ما طلبت .. شمل وجهها هدوء لطيف فتنفست من قلبها من فرط الرضا .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال ضد الإنسانية - أبو حمزة المصري
- الكتابة .. زوجتى الحقيقية
- ملامح المشهد الثقافي في مصر الواقع والمأمول
- وقائع موت معلن - لرجل عجوز جدا بجناحين عظيمين - بعد أن عاش ط ...
- سقطة فادحة لتشومسكى أهم مثقفي العالم
- الفكرة المدهشة والنص البديع رواية- حُسن الختام - نموذجا
- رصاصات قليلة تمنع كوارث كثيرة
- الحدأة ابتلعت سحابة
- قوس قزح يغازل أماني فؤاد
- المثقف المصري .. طموحات وأشواك
- شذوذ قطر (2)
- شذوذ قطر (1)
- سد الفراغ
- جراتسي
- الناصرية ضد الهزيمة
- حميدة ولدت ولد
- ما الذي يهدد حياتنا ؟
- 25 يناير ليست ثورة
- عبد الناصر واليوسفي
- كيف نقضى على التتار؟


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - أحزان شجرة البرقوق