أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - محمد أبو شلباية: فارسٌ ترجَّلَ.. فبقي صَهيلُ مؤلفاته















المزيد.....

محمد أبو شلباية: فارسٌ ترجَّلَ.. فبقي صَهيلُ مؤلفاته


عزيز العصا

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 01:12
المحور: الادب والفن
    


قبل تسعة عشر عاماً بالتمام والكمال، وبالتحديد في 24/3/1995، غادرنا "محمد أبو شلباية" إلى حيث الدار المستقر، وقد حظي بأن دُفِنَ في مقبرة "باب الأسباط"؛ الملاصقة للمسجد الأقصى الذي شهدت باحاته على آخر كتبه وكتاباته..
فلاحٌ فلسطيني، تفتحت عيناه في قرية العباسية قضاء يافا، التي كان يُطلق عليها "نوارة يافا".. عاش "النكبة" وهو شاب يافع ابن الـ "22" عاماً؛ طالبٌ في السنة الرابعة في جامعة القاهرة (كانت تسمى جامعة الملك فؤاد الأول آنذاك). فعندما عاد لأهله، في العام 1948، وجدهم في العراء؛ تحت شجرة زيتون في قرية "عطارة" بجانب مخيم الجيش العراقي؛ الذي كان يرعاهم ويوفر لهم الطعام اليومي..
بقيت (نوارة يافا) الحضن المفقود لمحمد أبو شلباية؛ فبكاها كما تبكي الأم وليدها الذي فقدته للتو.. وعندما سنحت له الفرصة لكي تكتحل عيناه بها، أصيب بالذهول عندما وجد "جامعها" وقد تحول إلى مطعم؛ ولم يعرفه إلا من خلال جميزتين بجانبه.. وبعد أن أنهكه الوجع، على أرض ضاعت، وشعب شُرِّد، قشّر برتقالة "يافاوية الأصل والفصل" واحتفظ بقشرها في بيته في القدس؛ ليبقى عبقها يفوح في مكان القدس وزمانها..
هكذا؛ نشأت كينونة " محمد أبو شلباية" بأبعادها الفكرية، والسياسية، والأدبية، والثقافية.. إنها كينونة معذبة، بكل المعايير، انبثق عنها شخصية متعددة الأبعاد، ويتجلى ذلك في كتاباته وإصداراته المتنوعة التي تتوزع على عدد من شئون الحياة وشجونها.
فله عدد، يصعب حصره، من الأنشطة الصحفية والأدبية، بالإضافة إلى الإصدارات التي تزيد عن الـ "16" كتاباً؛ تتوزع على: 1) السياسة والتأريخ، منها: مسلسل التقصير والخيانة (ثلاثة أجزاء)، لا سلام بغير دولة فلسطينية حرة، طريق الخلاص، واحسرتاه يا قدس، فلسطيني يرد على خريف هيكل، قتلوه، فقط بتقطيع الرؤوس. 2) ، العلوم والجغرافيا، منها: تاريخ الأرض، وكوبر نيكوس وعالمه وكتاب مترجم بعنوان: نجم أحمر فوق الصين. 3) الشعر: فله العديد من القصائد الموزعة على عناوين مختلفة.
وإذا قدر لك تصفح النتاج الثقافي-المعرفي-العلمي لمجمد أبو شلباية فإنك ستجد نفسك أمام شخص يتمتع بخصائص، قلما تجتمع في نفس الشخص في آنٍ معاً، منها:
أولاً: سياسياً-مؤرخاً طموحاً.. يسعى للتغيير ويؤيد "المُغَيِّرين"؛ إذ يتبين من المراجعة السريعة لمؤلفات "أبو شلباية" أنه كان صِداميّاً و"يمتاز" بالسير بعكس اتجاه الرأي العام النخبوي؛ مما أدى إلى أن يختلف معه العديد من الكتاب والمفكرين؛ إذ أن لكل منهم "هوى" لا يروق له رأي "أبو شلباية"، الذي كان يطمح دوماً إلى التغيير. وأكاد أجزم بأن جميع كتبه، ذات النكهة السياسية، كانت مثار جدل ونقاش حاد، منها:
1) كتاب "لا سلام بغير دولة فلسطينية حرة" في العام 1970؛ الذي جاء كدعوة للقبول بدولة فلسطينية في أجواء كانت منظمة التحرير الفلسطينية تتبنى شعارات "التحرير" الكامل من البحر إلى النهر، وعدم الاعتراف بإسرائيل. مما حشد أصحاب تلك الشعارات ضد "أبو شلباية" وأفكاره التي احتواها الكتاب.
2) كتاب "فقط بتقطيع الرؤوس" في العام 1980؛ ذلك المؤلف الذي أنجزه في أجواء الثورة الإيرانية ضد الشاه، التي أبهرت العقول، في حينه، ولمعت شعاراتها البراقة لتخطف أبصار الكثيرين من الكتاب والمفكرين. أما "أبو شلباية" فقد رأى، في كتابه ذاك (ص 10)، أن خلاص الفرد لن يكون بغير خلاص المجموع، وخلاص شعب لن يتحقق بغير خلاص الشعوب، والخلاص نفسه يتم فقط بتقطيع الرؤوس، ضمن ثورات حقيقية.
3) كتاب "فلسطيني يرد على خريف هيكل" في العام 1983؛ وهو مجلد يتكون من 735 صفحة من القطع الكبير، الذي يدافع فيه عن الملك السعودي "فيصل" والرئيس المصري "أنور السادات" والزعيم الفلسطيني "ياسر عرفات" باعتبارهم "قُتِلوا أو حوصروا بأيدٍ عربية صغيرة جاهلة" (ص 5). وقد جاء هذ الكتاب رداً على كتاب "خريف الغضب" للصحفي المصري المخضرم "محمد حسنين هيكل".
4) كتاب "التنمية تطيل عمر الاحتلال" في العام 1987؛ طالب فيه بـ "وضع مخطط لاتفاق اموال الصمود والتنمية, والاهتمام في الدرجة الاولى ببناء وحدات سكن لعشرات الالاف من الاسر التي ليس لها بيوت سكن, ومساعدة الفقراء في دفع اجور سكناهم وتعليم ابنائهم وامور من هذا القبيل (ص 198).
5) كتاب "صدام حسين" في العام 1990؛ دافع فيه عن القائد العربي الذي واجه أساطيل الغرب وقوتهم وعنجهيتهم، وهاجم ما أسماهم "الانبطاحيون".
6) ثلاثة أجزاء من "مسلسل التقصير والخيانة" في العام 1990؛ تعتبر وثيقة "متماسكة" لكيفية ضياع فلسطين، وطبيعة المؤامرات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.
ولعل ما يثبت "اندفاعه" نحو التغيير؛ تلك الطرفة التي جرت بيني وبينه، أثناء حوار معه في مكتب المرحوم نهاد أبو غربية، وعندما كان يروج "للخميني"، حيث قلت له (مازحاً): إن جاء الخميني ليحكمنا فستختلف معه عقائدياً؛ لدرجة أنه سوف "يقطع رأسك"، في إشارة مني إلى كتابه "فقط بتقطيع الرؤوس"، فضحك ضحكة مجلجلة وقال: فليقطع رأسي؛ المهم أن يأتي ليغير.
من جانبٍ آخر؛ كان لأبي شلباية رأي في مستقبل المنطقة؛ إذ قال لي، أثناء حوار مباشر معه، بأن "إسرائيل" بشكلها الحالي لن تدوم إلى الأبد، وأنها لن تأخذ من التاريخ أكثر من سطرين.
ثانياً: كان شاعراً؛ يغني للوطن وللقضية، يدافع عن الأمة وقضاياها المصيرية.. وقد اعتبره "معجم البابطين" واحداً من شعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويُعَرِّفه بأنه: شاعر قومي، رومانسي في حسه الوطني وفي تحسس قضيته، كما في وصف طبيعته، يمزج ذلك بالتذكر والحنين والتحسر على ما أصاب الوطن من دمار وضياع، دعا إلى نهضة الشرق واستعادة أمجاده، وحرّض على الثورة من أجل الخلاص الذي لا يأتي –من وجهة نظر أبو شلباية- إلا بالعمل وبذل الجهد بعد أن ولّى زمان المعجزات، اتسمت لغته بالتدفق واليسر، وتميز بخيال فسيح.
ومن أجمل ما قرأت له في وصفه لأحوال الأمة، وكأنني به يجلس الآن على شرفة يراقب ما يجري على الأرض العربية من أحداث، فيقول:
يـا شـرقُ قـد سَمَتِ الشعـــــــــــــــــو ــــــــــــــــــبُ إلى العُلا إلاّكَ
يـا شـرق حُطِّمَتِ القـيـــــــــــــــــــو دُ متى تحطِّمُ أنـتَ قـيـــــــــــــــــدك
وفي حواره مع العصفور، في قصيدة، بعنوان: في الشتاء، يقول:
مأسـاتُنـا يـا طـــــــــــــــــــيرُ وا حدةٌ وهـمُّك مـثل هـــــــــــــــــــــمّي
بـيـتـي كبـيــــــــــــــــــــتك دمّرو هُ عـلى أبـي وأخـي وعـــــــــــــــــمّي
مـا عـدتُ أمـلكِ يـا أخـــــــــــــــــي حتى ولا لـحـمـي وعـظـمــــــــــــــــي
إلا أنه، كان يكتب الشعر الحر، ومن الطريف أنه كتب قصيدة بعنوان: آه يا صدام؛ في العام 1987، يدعو فيها إلى مصالحة عراقية-إيرانية تنتهي بأن يصبحا، معاً:
إعصاراً يعصفْ.. طوفاناً يجرفْ.. زوبعة تقصفْ.
ثالثاً: صحفياً؛ وقد كانت مقالاته مشبعة بوعيه الوطني وطابعه القومي وثورته على الظلم الواقع على شعبه. ولم يأل جهداً في التعبير عما يجول في خاطره من هموم وقضايا، حتى أنه أصدر صحيفة «صوت الجماهير»، في القدس التي توقفت بعد ثمانية أعداد.
وفي حدود معرفتي؛ كما استقيتها منه مباشرة، فقد كان المرحوم محمد أبو شلباية على صلة وثيقة مع المرحوم "محمود أبو الزلف"؛ مؤسس صحيفة القدس المقدسية، وكان ممن يكتبون افتتاحية الصحيفة تعبيراً عن رأيها في شئون الساعة وانعكاساً لسياستها واستراتيجيتها الإعلامية.
من أطرف ما سمعته منه، في هذا مجال الصحافة والكتابة، ما قاله ذات مرة من أنه توجه إلى المرحوم "أبو الزلف" فسلمه افتتاحية الصحيفة، فلم تنل إعجابه، فسلمه أخرى فرفضها، فسلمه الثالثة فوافق عليها وذهبت للتحرير والنشر. بهذا؛ نجد أنفسنا أمام صحفي متيقظ؛ صاحب نظرة ثاقبة لما يدور حوله من أحداث.
كما لا يفوتنا ذكر علاقته (شبه اليومية) الطيبة والوطيدة مع المرحوم "نهاد أبو غربية"/ مؤسس الكلية الإبراهيمية بالقدس ورئيسها، وقد كان للمرحوم "أبو شلباية" دور بارز في وجود الكلية الإبراهيمية كصرح علمي-أكاديمي مقدسي في المكان الذي تشغله مبانيها الآن؛ بجوار الجامعة العبرية، بعد أن كادت الجامعة العبرية تنقض على ذلك الموقع؛ لولا حكمة المقدسيين وحنكتهم وشجاعتهم، بإدارة المرحوم "نهاد أبو غربية" الذي حافظ على عروبة ذلك الموقع وأحاله إلى منارة للعلم والمعرفة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وعليه؛ فإننا أمام مقدسي-موسوعي؛ يتمتع بسعة اطلاع، وثقافة عالية المستوى، صاحب رأي قادر على توظيف إمكاناته وقدراته في الربط المتين بين السياسة، والشعر، والأدب، والعلم والطبيعة.. ثم يوظف هذا كله في الدفاع عن قضية شعبه المشرد الذي تآمرت عليه قوى باغية فأردته شريداً، طريداً.. كما وظف ثقافته التاريخية والجغرافية في تشخيص الواقع وقراءته، قراءة متمعنة، ورسم ملامح المستقبل الكفيل بحل المشكلة وعودة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين.
بقي القول: إن في شخصية "محمد أبو شلباية" ومؤلفاته من الذخيرة الفكرية والمعلوماتية التي تؤهله ليكون شاهداً على النكبة: ما قبلها وما بعدها، مما يتطلب قراءته قراءة تحليلية-متمعنة بهدف وضع الأجيال في صورة رحلة العذاب والتشرد التي عايشها شعبهم عبر العقود الماضية. كما أن في أشعاره وقصائده ما يجب تحويله إلى أغانٍ وأناشيد وطنية توثق لأطفال غادروا أسرة نومهم تم رميهم على أشواك الغربة ليذوقوا مرارة التشرد بل عَلْقَمه.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية



#عزيز_العصا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية لمؤلِّفه د. فيصل درّاج: أف ...
- -أوراق متطايرة- (1)-الفلسطينيون في المنفى لكاتبها د. محمد فر ...
- جماعة الباب الادبية تعقد لقاءً أدبياً-تربوياً في مقر -جامعة ...
- رواية -البيت الثالث- لكاتبها صالح أبو لبن: وثيقةٌ تؤرخ للصرا ...
- قراءة -مختلفة- ل -عزيز العصا- في رواية: امرأة عائدة من الموت ...
- التاريخ السري لفارس الغبار للشاعر إياد شماسنة: ديوانٌ.. لا ي ...
- مَلحَمةُ -كَفْر توُتْ-: وَثيقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ.. بِنَكْهَةٍ ...
- مراوغة الجدران.. للكاتبة -نَسَب حُسَيْن- صورٌ حيّة لحبٍ -لا ...


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العصا - محمد أبو شلباية: فارسٌ ترجَّلَ.. فبقي صَهيلُ مؤلفاته