-الربيع السوفييتي- نسخة معدلة عن الربيع العربي.. مع نكهة روسية!

زرواطي اليمين

الحوار المتمدن-العدد: 4423 - 2014 / 4 / 13 - 22:45
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

قبل أشهر توقعنا أن يعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الزمن إلى الوراء ويستنزف طاقة الغرب في أتون حرب باردة جديدة، قد يكون أولها في سورية وآخرها في دولة أخرى ربما، يختار الوقوف إلى جانب نظام ليس حبا فيه بل لحاجة في نفس بوتين هذا الزعيم الغامض!
كان هذا أيضا موقف رئيسة ليتوانيا داليا غريبوسكايتي التي اتهمت مؤخرا بوتين بإشعال حرب باردة جديدة، وحذرت من زعزعة استقرار دول البلطيق وتحديدا الأقاليم الناطقة بالروسية، داعية الاتحاد الأوروبي إلى رد قوي ضد فلاديمير بوتين، هذا الرد وعدت به ألمانيا والدانمارك لكنه لا يبدو كافيا أو ضروريا، لماذا؟ لأن بوتين ببساطة قد انتقل من مرحلة الحرب الباردة إلى مرحلة أخرى "الربيع السوفييتي" فماذا نعني بهذا المصطلح الذي يبدو واقعيا نظرا لتغير الاستراتيجية الروسية بشكل درامي؟
بينما حمل عديد السياسيين الأوروبيين ليتوانيا ودول أوروبا الشرقية والتي دعت رئيستها إلى التدخل العاجل لحماية المنطقة من مخالب الدب الروسي، جزء من المسؤولية بالنسبة لما يحدث، من ذلك عدم السعي الجاد في الانتقال إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والأقليات الروسية في تلك المناطق، وتحديدا ما قاله النائب البريطاني عن حزب الشعب الأوروبي غراهام واتسون، والذي اتهم ليتوانيا صراحة بعدم احترام الفصل بين السلطات وتطبيق كافة المبادئ الأوروبية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وبالتالي تحمل جزء من المسؤولية عن الأصوات التي بدأت تعلو من الناطقين بالروسية للحاق بالقرم وروسيا.
من جهته، زعيم حزب الاستقلال في بريطانيا نيغل فاراج قال أن "اليد الأوروبية ملطخة بالدم الأوكراني" وأضاف "يجب علينا أن نشنق أنفسنا من العار" واتهم ناجل الاتحاد الأوروبي يالعمل على إطاحة رئيس منتخب في أوكرانيا مسميا التطورات التي شتهدتها كييف بالإمبريالية التي أعطت الأوكرانيين آمالا كاذبة.
يبدو أن بوتين لم ينشر قوات بلاده على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا للغزو العسكري كما أراد أن يوحي به، بل لمجرد صرف الانتباه عن حقيقة المخطط الذي يجهزه هذا الداهية الذي نشئ في أحضان جهاز الكي جي بي، والمتمثل في تسليح الأقلية الروسية أو أقله دعمها سياسيا والسعي لتدويل مطالبها دوليا على شاكلة ما حدث بالنسبة لمطلب سكان القرم الانفصالية، كما يبدو أنه طمأنة للأقليات الروسية في دول شرقي أوروبا من أن روسيا الأم لا يمكن أن تتخلى في عهده عن كل من ينطق بالروسية أينما كان، ثم أنه أيضا ترهيب لكافة أنظمة المنطقة من مغبة التصدي لمطالب الانفصال للسكان الروس، الذي اعتبره بمثابة إعلان حرب على روسيا.
وحتى نفهم المعضلة التي أوقع بوتين العالم وأنظمة أوروبا الشرقية فيها، يجب أن نطلع أولا على كرونولوجيا الأحداث الأخيرة منذ إعلان استقلال القرم عن أوكرانيا، منها أحداث سياسية، عسكرية وأمنية، ولكن أيضا اقتصادية، الأخيرة أكثر ما يرعب القارة العجوز والغرب الغارق في أزمته المالية.
11 مارس 2014
القرم تعلن استقلالها عن أوكرانيا إثر استفتاء مثير للجدل تحت رعاية موسكو، ويبدو أن رسالة فلاديمير بوتين بعد استقلال القرم إلى جانب الأنباء عن سقوط محتمل لأوكرانيا بين مخالب الدب السوفييتي، عززت المخاوف لدى كافة دول المنطقة : كازاخستان، بيلاروسيا، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، من ظهور أي حركة مناوئة للروس أو تحركات باتجاه الغرب الأوروبي، فالاتحاد الأوراسي الجمركي قد ينتهي إلى تكامل سياسي بعد هذه الضربة الموجعة في القرم، فلقد اتجته الأنظار منذ الـ 4 مارس نحو حركة "انتهى الاتحاد الأوراسي" المناهضة للنفوذ الروسي في المنطقة، التي أسسها نشطاء من المجتمع المدني في كازاخستان، بالمحصلة، فإن الحرب الباردة دشنها بوتين في سورية، وأعلنها في القرم، وقد يختمها بالعودة إلى حدود ما قبل سقوط جدار برلين، ودول العالم قاطبة تتفرج عاجزة عن مقاومة هذا الدب الهائج.
20 مارس 2014
صوتت "جمعية تتار القرم" لصالح الحكم الذاتي للأقلية والعرق التتاري في شبه جزيرة القرم، وتحصي القرم حوالي 300 ألف تتاري مسلم يشكلون 15 في المائة من السكان، وكان موقف التتار معارضا للوجود الروسي في القرم، حيث يخشون من القمع الروسي للأقلية المسلمة، ويمكن أن تشكل إرادة التتار في التمتع بالحكم الذاتي، ممهدا لتوافق روسي-تتاري لإخماذ أي معارضة تتارية لضم القرم إلى روسيا.
25 مارس 2014
الأزمة في القرم تربك الاقتصاد الألماني الذي لم تربكه الأزمة المالية، خبراء توقعوا ستة أشهر مظلمة بعد انخفاض لأول مرة المؤشر العام منذ أكتوبر 2013، ميركل تبحث عن حل دبلوماسي سريع لكنها لن تتوانى عن معاقبة الروس مع الحلفاء.
27 مارس 2014
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تبليسي ليست في الطريق لتصبح عضوا في الحلف العسكري الغربي "الناتو" الخبر الذي وقع كالصدمة على الجورجيين، كان متوقعا خصوصا وأن معلومات ترجح تراجع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي عن الحلم الأوروبي، استعاضا من الدرس الروسي للعالم في القرم، وبذلك، تجد الولايات المتحدة نفسها بدون حليف تقريبا في منطقة جنوب القوقاز وتحديدا ممر جورجيا أذربيجان الإستراتيجي الذي يربط بين بحر قزوين والبحر الأسود وأوروبا، أين تنام الإحتياطات النفطية
28 مارس 2014
وصول مزيد من التعزيزات العسكرية الروسية إلى الحدود الشرقية لأوكرانيا، ليبلغ بذلك إجمالي عدد القوات المرابطة هناك حوالي 50 ألف جندي، وفقا لتقديرات استخباراتية غربية، هذه الأخيرة أضافت، أن القوات الروسية تدعمت بمستشفيات ميدانية ودعم لوجستي غير مسبوق، وقد وضعت أربع سيناريوهات لهذا الحشد العسكري الروسي الهائل:
1. قطع كافة الطرق في أوركرانيا للوصول إلى تلاحم مع الجيب الموالي للروس في دولة مولدوفا وهو ترانسدنيستر.
2. احتلال العاصمة الأوكرانية كييف.
3. احتلال كافة المناطق التي يتكلم سكانها باللغة الروسية جنوب شرقي أوكرانيا.
4. احتلال المدن الأوكرانية التي تؤدي طرقها نحو شبه جزيرة القرم.

وإثر هذا التحرك العسكري الهائل الروسي في المنطقة، ناشد لوري ليانكا رئيس وزراء مولدوفا الجار الجنوبي الغربي لأوكرانيا، دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة، التدخل لمنع تقسيم بلاده، وتحديدا الإقليم الذي يطالب بالانفصال "دنيستر" وذلك في تصريح لنظيره البولندي الذي زار مولدوفا للتأكيد على مساعي ضمها إلى الاتحاد الأوروبي، التخوف المولدوفي يأتي في أعقاب ضم موسكو لإقليم القرم الذي يشترك مع إقليم "دنييستر" في مساعيه الانفصالية وولاءه لروسيا.
في سياق متصل، أرسلت الدنمارك 06 طائرات إلى دول البلطيق للقيام بدوريات في المجال الجوي للبلدان التي تشعر بأنها مهددة من قبل روسيا، ومن المفترض أن تقوم الطائرات المقاتلة الدنماركية بدوريات في المجال الجوي فوق استونيا ولاتفيا وليتوانيا، والتي أعربت سابقا عن قلقها إزاء السياسة العدوانية لروسيا في المنطقة.
30 مارس 2014
كشف فيديو نشر على موقع اليوتيوب، إضافة إلى إفادة لصحافيين غربيين زارو المنطقة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا، تواصل تدفق الإمدادات العسكرية الروسية نحو أوكرانيا، قوافل طويلة من ناقلات الجند المدرعة الروسية على الطريق السريع تتجه نحو أوكرانيا، منها دبابات وقطع المدفعية يتم نقلها عبر خطوط السكك الحديدية، فرق من MI- 24 المقاتلة المروحيات التي تم نشرها على تلة بالقرب من بيلغورود ، 20 ميلا فقط من أوكرانيا.
ومن جهته، قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا قطع زيارته إلى واشنطن للعودة إلى مقره في أوروبا، زيارة كانت مقررة إلى وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن، وذلك بسبب "عدم وضوح" الصورة في أوكرانيا، وكان من المقرر أن يدلي الجنرال بريدلاف أيضا بشهادته أمام مجلسي النواب والشيوخ هذا الأسبوع، بريدلاف عين من قبل الناتو يوم الخميس المنصرم قائدا عاما لقواته.
إلى ذلك، عبر الألمان عن استعدادهم لتوفير الدعم العسكري لدول أوروبا الشرقية في مواجهة التهديد الروسي، ونقلت مجلة دير شبيغل الألمانية، عن وزارة الدفاع الألمانية، استعداد برلين لإرسال 6 طائرات إلى دول أوروبا الشرقية، في إطار حلف الناتو، وذلك للقيام بطلعات جوية عبر أقاليم تلك الدول، والتي تخشى أن لا يتوقف التقدم العسكري الروسي عند حدود شبه جزيرة القرم.
وردا على تقرير المجلة، أكدت الناطقة باسم وزارة الدفاع الالمانية أن القرار بأي دعم عسكري لدول أوروبا الشرقية هو قرار يتخذه السياسيين، وأكدت المجلة ما ذكر سابقا عن إرسال الدانمراك لمقاتلات حربية من نوع F16 إلى دول البلطيق، كما ذكرت أن فرنسا قد ترسل 4 طائرات إلى ليتوانيا إن طلب حلف الناتو ذلك في إطار تعزيز الدفاعات الجوية.
2 أفريل 2014
أعلن القائد الأعلى لقوات حلف الناتو، وقائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا الجنرال فليب بريدلوف، أن بوتين قد يصدر الأمر بغزو أوكرانيا في ظرف الأسبوع المقبل، كما حذر من أن القوات الروسية المرابطة على الحدود الأوكرانية، قد تتحرك في ظرف 3 إلى 5 أيام كأقصى تقدير، وبالنسبة للقوات التي أعلنت موسكو عن سحبها، قال الحلف الأطلسي أنه رصد تحركات صغيرة لقوات روسية لا يرجح أنها سوف ترجع إلى ثكناتها، كما كشف عن وجود إلى جانب قوات عسكرية عالية الإستعداد، طائرات عمودية، مستشفيات ميدانية، وأيضا قوات الحرب الإلكترونية، وعن الأهداف المحتملة للغزو الروسي:
- احتلال ميناء أوديسيا على البحر الأسود.
- احتلال منطقة ترانسدنيستريا التي طالبت بوتين رسميا بضمها للاتحاد الروسي.
- احتلال مولدوفا.

وأصدر الجنرال بريدلوف أوامره للاستعداد لحماية دول أوروبا الشرقية من خطر تقسيم المناطق الانفصالية تحت الرعاية الروسية.
8 أفريل 2014
300 رشاش كلاشنكوف ومتفجرات تكفي لنسف مبنى الحكومة الأوكرانية في مدينة لوغانسك وهو المقر السابق للمخابرات السوفييتية KGB، أعلنت مجموعة مسلحة موالية لموسكو، أنها جاهزة لحصار طويل الأمد، وأن مطالبها هي إجراء استفتاء على تقرير المصير على شاكلة القرم.
9 أفريل 2014
أصدر وزير الداخلية الأوكراني إنذارا للمجموعات المسلحة التي سيطرت على عدة مبان حكومية في مدينتين في شرق البلاد، وحذر من أن الازمة ستحل خلال 48 ساعة القادمة ، سواء عن طريق المفاوضات أو بالقوة، يأتي هذا القرار عقب تصريحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري اتهم فيها موسكو بتنظيم ما أسماه أخدوعة كبرى من خلال نشر عناصر مسلحة لتقسيم أوكرانيا مثلما حدث في القرم، ومن المقرر أن يجتمع كيري مع كبار المسؤولين من روسيا وأوكرانيا و الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل في محاولة لتهدئة الوضع .
11 أفريل 2012
أبلغ دينيس بوشيلين، أحد قادة ما يسمى "جمهورية دونيتسك الشعبية" وهي جمهورية أعلنها المشاركون في المظاهرات الاحتجاجية المناهضة لكييف، عن البدء في بناء "جيش شعبي" للدفاع عن شعب "جمهورية دونيتسك" ووحدة أراضيها، وقد كشف الناتو عن صور تؤكد قدرة موسكو على سحق أي مقاومة أوكرانية خلال ساعات، تم التقاط الصور عبر الأقمار الصناعية مؤخراً، وتظهر حشوداً كثيفة للجيش الروسي على الحدود مع أوكرانيا، مما يزيد المخاوف من إقدام روسيا على غزو الجمهورية السوفيتية السابقة.
13 أفريل 2014
أعلن الرئيس الأوكراني ألكسندر تورشينوف في خطاب متلفز عن إطلاق عملية واسعة لمكافحة الإرهاب، لمقاومة والتصدي للقوات المسلحة الموالية لروسيا، وقال أن السلطات في كييف منحت الجيش التفويض للتحرك لوقف أي تحرك انفصالي مماثل لما وقع في القرم، كما تعهد بالعفو عن كل من ألقى سلاحه بحلول صباح يوم غد الإثنين 14 أفريل ، وأعلن مجلس الأمن الأوكراني الذي انعقد على مضض إثر الأحداث الأخيرة، أنه لن يسمح لموسكو بتكرار سيناريو القرم.
ووصف حلف شمال الأطلسي ظهور مسلحين مرتدين الحلة العسكرية الرسمية للجيش الروسي في مناطق من أوكرانيا بتطور خطير، فيما دان البيت الأبيض الأمريكي الأحداث دونما تحرك ميداني معلن لا من الأميركان ولا الأوروبيين لحد الساعة، حيث اكتفت الخارجية الأميركية بالتعبير عن قلقها من الهجمات الأخيرة في أوكرانيا، وقالت أنه إن لم تتخذ روسيا إجراءات لتهدئة الأوضاع فسيكون هناك عواقب إضافية!
عموما، بينما ينشغل الأوروبيون بأزماتهم المالية وصراع اليسار والمعتدلين مع اليمين المتطرف العائد بقوة، يطالب الروس اليوم بكل صراحة وبقوة القانون، بإعادة الاتحاد السوفييتي، بوتين اختار دق طبول الحرب في الوقت المناسب، ولن تمر أشهر حتى يجد الأوروبي نفسه مجددا من دون حديقة خلفية، ستتحول أوروبا مجددا إلى تلك المنطقة المنهكة، ستتخذ موضعها التقليدي كحديقة خلفية للولايات المتحدة الأمريكية، وستدفع الثمن مباشرة بدلا من تحميل دول أوروبا الشرقية ذلك الثمن والعناء، الأخيرة ستكون منهكة بمحاولة وقف المد السوفييتي دونما جدوى، فالدب الروسي قد كشّر عن أنيابه السوفييتية والسبات الشتوي انتهى، ومكانه حل "الربيع السوفييتي"

#زرواطي_اليمين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات