أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - حكاية من بغداد للروائية ..أثيل ستيفانادرو















المزيد.....

حكاية من بغداد للروائية ..أثيل ستيفانادرو


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 23:22
المحور: الادب والفن
    


حكاية من بغداد للروائية ..أثيل ستيفانادرو
نبيل عبد الأمير الربيعي

الروائية أثيل ستيفانادرو عالمة آثار بريطانية أختصت بالدراسات المندائية واليزيدية , وهي إبنة رجل دين مسيحي , كتبت أثيل مجموعة من الروايات الرومانسية ,فقد صدر عن دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر رواية لها ترجمة الباحث زهير أحمد القيسي , الرواية تحتوي على 363 صفحة من القطع المتوسط وتحتوي على 34 فصلاً , تحكي عن واقع العاصمة بغداد وهموم الأرمن في عهد الوالي العثماني محمد باشا , الرواية تبين زيارة لأحد البريطانيين المدعو ديفيد لعمه البريطاني الثري الذي يعمل في العاصمة بغداد و الذي رحل عن الحياة قبل لقاءه , فيصف حال العاصمة بغداد وطرق التنقل بين البصرة وبغداد عن طريق نهر دجلة بالمراكب التجارية الانكليزية , في تلك الفترة كان الاضطهاد المستمر من لدن الدولة العثمانية للأرمن وخوف هؤلاء في بغداد من انتهاك الجيش العثماني لأبنائهم و من هتك أعراض النساء وسرقة دورهم وأموالهم , الروائية تصف محلات بغداد وأزقتها من (عكد النصارى) وكيفية تنظيف المدينة بوسائل بدائية من نقل القمامة المكدسة في أزقتها ص19" هناك في الانتظار أن يأمر مسؤول في البلدية زبالاً ليحملها بعيداً على حماره الذي لا تتسع له الأزقة إلا بالكاد , أما ما تبقى من القمامة فتتكفل الكلاب السائبه بها" .
تذكر الروائية أثيل واقع حال النسوة المسيحيات في بغداد ففي ص20 تصفهنّ" فأزارهن الحريرية مطرزة تطريز يَدّ بخيوط الذهب والفضة , وتغطيهنّ من رؤوسهنّ إلى أقدامهنَّ , حتى لا تكاد تتبدى معالم أجسادهنَّ سوى بعض العجائز اللواتي أنكشفت وجوهنَّ....فمن السهل جداً تمييز المسلم عن المسيحي وعن اليهودي رجالاً ونساءً بثيابهم ويمكنك أيضاً تمييز الكردي والفارسي عن سواهما , وزد على ذلك فيما يمكنك تمييز التركي الطوراني الشاب عن العثماني من الحزب القديم عن طريق ملاحظة وضع طرابيشهم على رؤوسهم ...وهو مائل على الجبهة أو مائل إلى الخلف!".
الرواية تصف مرحلة مهمة من تأريخ بغداد والعلاقات الاجتماعية بين أبنائها ذات الديانات والمذاهب المتعددة , كما تصف واقع حال العلاقات بين أبناء بغداد عند رحيل أحد أبنائها عن الحياة مهما كانت ديانته ففي ص22 تبين الروائية حالة الحزن والبكاء عند النسوّة وهي تخاطب إبن حماها ديفيد " فثمة بعض النسوّة البائسات القادمات كان عمك رحيماً بهنَّ وها قد جئنَّ إلى هنا لينحبنّ وينتحبنَ , أليس ذلك وحشية ... خذ مثلاً هؤلاء النواحات ...إن عمتك تتحملهنَّ لأن عمك رقيقاً بهنَّ , أما لدى أهل بغداد (البغادة) فهنَّ مألوفات ويسموهنَّ (العدادات) وهنَّ محترفات لطم الصدور والنواح وتعداد مناقب الميت وفضائله...".
تصف الرواية أحياء بغداد وسكنتها من الأثرياء ومنها ص30" وفي الكرادة يسكن الأتراك واليهود والمسيحيين لهم حضورهم الصيفية " ذلك هو حال طبقات بغداد الاجتماعية وحالات أبناء الأحياء الفقيرة مثل عكد النصارى والبتاوين وبين أحيائها الأخرى , كما تصف الرواية محلات بغداد وحوانيتها بما فيها من أنواع الفاكهة والحبوب والبقوليات , لكن بغداد عند الغروب تصفها الروائية أثيل هي الأجمل ص33" في ألوان الغروب كأنها مدينة مصورة في كتاب حكايات خرافية بنباتها ومسطحاتها المواجهة للسماوات المعتمة في حين تتألف البيوت البنية الممتدة على الشط كأنها من معدن مصهور" .
لأبناء بغداد عادات وأعراف الشرق , فقد تأثروا بقوانين أبناء الصحراء ص20" بحيث يقتل المرء أخته أذا أخطأت وهو الآخذ بالثأر بموجب قانون الصحراء وقد يكون الفاعل كارهاً كذلك , ولكن يتوجب عليه أن يفعله" فكانت حالات غسل العار تحدث في هذه المدينة بسبب تملك أبنائها صفات الثأر للسمعة والمكانة الاجتماعية .
هنالك طقوس تمارسها نساء بغداد منها شموع خضر الياس حاملات تمنياتهنَّ بأمل يسعفهن الحظ فيصلها النهر إلى أهدافها... لكن من ضمن هذه العادات الجميلة هنالك عادات ذمية قد أستمرت ولحد الآن وهي إنتشار الرشوة في المؤسسات الحكومية في العهد العثماني , تذكر الرواية ص50" إن القانون بيد الأتراك ... إنها مسألة الرشوة تخص المحامين والقضاة والوالي نفسه " لكن ديفيد القادم من انكلترا لمدينة بغداد يصف من يأخذ الرشوة في انكلترا ص62" إذا قبل قاضي انكليزي رشوة فسينبذ ويحتقر إلى الأبد" فهو سلوك غير طبيعي لمن يحمل المبادئ والمكانة الاجتماعية ", لكن الرشا عندما تصل إلى القضاء فلنقرأ على البلاد السلام.
عبر مراحل التأريخ وفي مدينة السلام بغداد كانت أغلب الحكومات لا يستقر لها رأي واستقرارها إذا لم تضع عين العسس للتجسس على معارضيها , فكان للوالي العثماني المقيم في بغداد عيون على أبنائها ص66" لكن عصبة الاتحاد والترقي تبث جواسيسها كما كان الأمر في الماضي وهم أذكى من أسلافهم" فكان أبناء بغداد يحنوّن للحرية والعدالة والمساواة والاستقلال , فكانوا يتذكرون حكومات أيام عبد الحميد وهي الأسوء لكنها خير من الطغيان والطغاة.
تذكر الرواية واقع التنقل بين جانبي الرصافة والكرخ , كانت التنقلات لأهالي بغداد عبر جسر منصوب على زوارق ومصنوعة من الأخشاب والبعض يتنقل عبرّ واسطة البلم ص76" البلم المستدق الطرفين واسع البطن له مجذافان مصبوغ باللون الأبيض مصنوع من الأخشاب وفيه بعض المقاعد المكسوة بالقماش وتظله قطعة من القماش تحميه من الشمس" , كانت البيوتات البغدادية ذات الشرفات تطل على نهر دجلة بين البساتين الوارفة الملأى بالنخيل , ثم تصف الرواية وصول الصحف الأجنبية إلى بغداد ومنها ص80" الصحيفة العربية الاعتيادية (طنين) لسان عصبة الاتحاد والترقي وبعض الصحف التركية الأخرى" .
كان أبناء وعوائل الطائفة اليهودية يعيشون في بغداد بأمان وسلام , يعتبر اليوم المهم والمقدس لهم هو يوم السبت ص96 " كانوا يتنزهون قرب الشاطئ وأغلبهم من اليهود البغداديين الذين كانوا يتنزهوا على هذا نحو مساء كل سبت دون أن يهتموا بحماية رؤوسهم من الشمس ... غير إن الشباب اليهود كانوا يلبسون الجاكيت والبنطلون الأوربيين دون أن يستطيعوا التوفيق بينهما , كان ثمة الكثير من النسوة اليهوديات تجمعنَّ مع بعضهنَّ في مجموعات يتنشقنَّ هواء الأصيل الندي , ولكن في غالبيتهم بدينات ويرتدينَّ ثياباً بيضاء وخضراء وصفراء وزرقاء من الحرير مطرزة بالفضة ...خير مثل للقومية الحيّة موجودة اليوم ...لقد حافظ اليهود على تقاليدهم ودينهم وإن عاشوا في ظل حكومات أجنبية , إنهم لو عادوا إلى فلسطين وحققوا استقلالهم لن يكونوا أكثر من شعب كما هو حالهم اليوم " .
تصف الرواية حال واقع البيوتات البغدادية من(البادكير) وهي فوهة المدخنة التي يتسرب منها الهواء إلى السرداب وكذلك الجدران العالية ذات النوافذ الصغيرة فيتقسم البيت إلى قسمين كبيرين ص201" أحدهما للنساء (حرم) والثاني للرجال( ديوخانة) ", كما تصف الرواية واقع المذابح للأرمن في ظل الحكم العثماني وخوف عوائل (عكد النصارى) في بغداد من أن تطالهم أيدي المعادين لهم ص208" ظل عكد النصارى أياماً راضخاً تحت وطأة الخوف من المذبحة , وإذ لم يحدث شيء , التقط العكد أنفاسه وعادت الحياة تدريجياً إليه كالمعتاد , في حين ظلت الأحاديث متواصلة بقصص الفظائع الرهيبة".
لنهر دجلة دور كبير في تهديد أبناء بغداد من الفيضان فكانت السدة الترابية التي أقامها البغداديون لحماية مدينتهم في فيضان الربيع , ولقد كانت السدة واطئه خربها الفيضان عدة مرات وكسرها وأغرق المدينة ص230" هنالك أسطورة تروى عن دجلة عندما فاض وتدفق مياهه , ولكن حيّة عجيبة حالت بجسدها بين المياه وبين المدينة فتحول تيارها إلى ناحية أخرى , أما الحيّة فقد ظلت في مكانها متحجرة وصار الناس يشعلون لها المصابيح ويقبلونها" .
بعد دخول التكنلوجيا إلى بغداد من معامل النسيج ووسائط النقل النهري والبري فكانت من عجائب أهل بغداد يتحدثون عنص258" إحدى عجائب بغداد , تلك السيارة التي وصلت إلى الوالي (محمد باشا) ...إنها أول سيارة تراها بغداد فيا لها من أعجوبة" فقد وصف الراحل علي الوردي في المسير والبعض ينظر تحت السيرة ليرى قوائم تلك الخيول. مع ما كتبت الروائية أثيل عن مدينة بغداد في ظل الحكم العثماني, فهي تصف الوصف الدقيق لحياة أهل بغداد أبان الحقبة الماضية وسيطرة الدولة على المجالات السياسية والاقتصادية , لكن تبقى بغداد مركزاً للدولة تتطلع إلى الحرية والديمقراطية والنظام المدني العلماني ضماناً لحقوق الأقليات وحرياتهم للتقدم والازدهار , فمتى تعود بغداد لعهدها الذهبي



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب (العراق ..نبوءات الأمل) للدكتور مهدي الحافظ
- مجالس يهود العراق الثقافية والأدبية والإجتماعية
- رائد القصة العراقية الحديثة ...أنور شاؤل
- الأنظمة الشمولية والهوية الوطنية
- الفنان هادي الخزاعي.. رحلة أربعين عاماً في الفن
- كاظم الجاسم..عاش شيوعياً ومات شهيداً باسلاً
- شعرية الذات بالنيابة للشاعر علي محمود خضير
- قراءة في كتاب أنطقة المحَرّم للكاتب سعد محمد رحيم
- التشكيلي عاصم عبد الأمير :الاطفال هم رسامون كبار , وقد منحون ...
- حكاية من بغداد
- شذرات من تأريخ يهود العراق
- -الحفاظ على الأرشيف اليهودي العراقي-
- الشاعر محمد كاظم .....ذوق وخيال لعالم الطفولة الجميل
- قاعة دار الود في بابل تستضيف الدكتور جواد بشارة في حوار (الص ...
- جماعة الجندول في بابل و أمسية الاحتفال بالروائي حامد الهيتيي
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها (الجزء الثالث)
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها (الجزء الثاني)
- العولمة ..تعريفها..أنواعها..نشأتها..نقدها-1-3 (الجزء الأول)
- الباحث عامر جابر تاج الدين يؤرخ لمدينة الحلة الفيحاء من النا ...
- التحولات الدستورية في العراق بين الأمس واليوم


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - حكاية من بغداد للروائية ..أثيل ستيفانادرو