أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم التوحيد ؟















المزيد.....

كيف نفهم التوحيد ؟


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 4419 - 2014 / 4 / 9 - 10:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا وقلنا:.

يقول القرآن في الاستدلال على التوحيد ونفي الشرك: ( لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا )- الانبياء 22-

اقول: يورد علماء الاسلام هذه الآية كدليل عقلي على التوحيد, وكما هو صريح الآية انها تقرر دليل الخلف, اي الاستشهاد بالنقيض الباطل لاثبات المدعى, فلو كان هناك اكثر من إله خلقوا العالم لحصل بينهم خلاف ونزاع مما يؤدي الى فساد العالم,كما يحصل نزاع بين رئيسين لبلد معين او شركة, وبما ان العالم لم يفسد, اذن فالخالق والمدبر والناظم للعالم واحد لا اكثر..

ونلاحظ على هذا الكلام:
1)في هذا الدليل قياس الالهة مع البشر, وهو قياس مع الفارق, فالبشر انما يتنازعون لوجود اهواء ونوازع نفسانية وخلاف فكري بسبب الجهل احيانا او الخلفية الثقافية والدينية و.. وكل هذه الامور غير متصورة من الله او الالهة المنزهة عن كل ذلك.. والنتيجة انه يمكن تصور آلهة متعددة لتدبير شؤون العالم من غير نزاع وخلاف كأن يهتم احدهم بالروحانيات والآخر بالماديات, او احدهم يتولى شؤون الاحياء والآخر غير الاحياء وهكذا ..

2)الصحيح ان تقول الآية: لو كان فيهما آلهة الا الله لما حصل الخلق لا انه يحصل ثم يفسد, لانه لو فرضنا وجود قوتين مطلقتين ومتخالفتين فلا يمكن ان يحصل الخلق الا بعد اتفاقهما, ولو امكن اتفاقهما في الخلق امكن اتفاقهما بعد ذلك في تدبيره.. وهذا من قبيل سيارتين متقابلتين بنفس القوة وكلا منهما يريد السير بالاتجاه المخالف, فلا تتحقق اي حركة منهما.

3)ان هذا الدليل مصادرة على المطلوب أساسا, لان الآية ذكرت المدعى فقط وهو فساد العالم في حال وجود اكثر من إله ولم تذكر الدليل على ذلك, بمعنى ان النظرية تقول ان العالم يفسد في حال وجود آلهة متعددة ولكن اين الدليل؟ لا يوجد.
4)لو سلمنا بوجود إله واحد فهل منع ذلك من حدوث فساد في العالم؟ وكيف نفسر كل هذه الشرور وتصادم المجرات والزلازل والاوبئة والعوق في الاطفال منذ الولادة وغيرها كثير..
وهكذا نرى اقوى دليل قرآني على التوحيد يتهاوى امام النقد بكل بساطة وكأن ادلة القرآن لا تصلح الا للسذج من الناس.

رؤية العرفاء للتوحيد:
لو عدنا الى رؤية العرفاء عن الله- كما ذكرنا في مقالة كيف نفهم الله- فسوف نرى ان وجود الله كما لا يحتاج لدليل, فتوحيده ايضا لا يحتاج الى دليل لانه مركوز في الانسان ويعرفه بالبداهة وبالعلم الحضوري ولكن يحتاج الى قليل من الالتفات.. وكما هو الثابت في الفلسفة ان لكل موجود وجود وماهية, وتشترك جميع الموجودات في شئ واحد رغم اختلافها, وهو الوجود. وتختلف بماهياتها, والوجود هو الله, ونحن نرى المظاهر والماهيات فقط لا الوجود. فيمكن عقلا انكار وجود العالم والكائنات كما في الفلسفة المثالية لباركلي, ولكن لا يمكن للانسان انكار وجوده نفسه لان كل واحد منا يعلم بالعلم الحضوري انه موجود.. وهذا يعني ان الله يشكل وجود الانسان الحقيقي, ومابقي من احساسات وعواطف وافكار ومدركات حسية كلها عبارة عن النفس البشرية التي تقتبس وجودها من ذلك الوجود الحقيقي في اعماق الانسان.. وكما ان الانسان يحس بان وجوده واحد وان له ذات واحدة فهذا يعني ان الله واحد.. وهذا المعنى للوجود بقي غائبا عن الفلاسفة حتى جاء كير كجارد والفلاسفة الوجوديون وكشفوا عن ان وجود الانسان يختلف كليا عن وجود سائر الموجودات الاخرى, فانت تشعر بوجودك بالعلم الحضوري كما تشعر بالجوع والعطش,اي بحضور المعلوم نفسه في ذاتك لا بصورته الذهنية بينما تدرك وجود سائر الموجودات الاخرى بالعلم الحصولي اي في ذهنك.

وبما ان هذا المعنى عميق وقد لا يستوعبه البعض ممن لم يدرسوا الفلسفة نستعين في توضيحه بمثال وهو جهاز التلفزيون. فانت كجهاز التلفزيون الذي يضئ من داخله على الشاشة فتظهر الصور والافلام عليها, فلولا وجود المصباح في باطن الجهاز لما ظهرت الصور على الشاشة, والله بمثابة هذا المصباح في داخلك وهو الذي يبث نور الحياة الى بدنك وعينك لترى العالم, ولولا وجود هذا النور الداخلي لما نفع النور الخارجي في رؤية الاشياء, اي ان نور الشمس الذي يضئ العالم مشروط بوجود نور الحياة في العين, فلو كانت العين ميتة او كان الشخص مكفوفا لتحول العالم الى ظلمة, وهذا معنى ماورد في الاية( الله نور السماوات والارض) اي الذي ينير لك العالم من داخلك الى الخارج, واول من التفت الى هذه الملاحظة المهمة في عملية الابصار صدر المتألهين في كتابه الشواهد الربوبية..

وهذا يعني انه بموت الانسان يموت وينعدم كل شئ في العالم كما تقرره الفلسفة الوجودية ولكن سائر الناس يتصورون انهم يموتون كما يموت الاخرون. اي ان العالم والكائنات تبقى بعدهم لانهم يرون الاخرين يموتون ويدفنون والعالم باق على حاله ولا يدرك الشخص ان وجوده يختلف كليا عن وجود الأخرين وان العالم باق ببقائه هو فهو عالمه واذا مات زال عالمه من الوجود لأن الله في باطنه قد مات وانتهى كل شئ..
ومن هنا نفهم حقيقة اخرى مهمة, وهي ان الله الشخصي انما يرعانا ويحبنا ويرزقنا لانه موجود بوجودنا فهو يحب نفسه ويريد ان يدير العالم من خلالنا, فيهمه جدا ان نتكامل ونعيش الفضيلة والمحبة والانسانية لأن كل عمل سئ انما يخدم الانا ويقويها ويحجب الانسان عن ذاته الحقيقية والهه الباطني.. وقد قلت سابقا يجب علينا ان نخلص الله من جهنم اولا لكي يخلصنا هو من جهنم, اي ان الله الموجود في اعماقنا مقيد ومحجوب بحجب الانانية والرذيلة كما ان النخلة موجودة بالقوة في النواة تنتظر من يزرعها ويسقيها والا ماتت. فكذلك الانسان مثل هذه النواة.. وكما ان النواة لا يمكن ان تصير نخلة الا بأن تدفن وتموت القشرة الخارجية لها حتى تنبت النخلة فكذلك الروح الالهية في الانسان لا تنمو الا بعد موت الانا القشرية وظهور الانسانية في حياة الانسان.. ولكن المانع الاساسي في تكامل الانسان انه عاش عشرين او ثلاثين سنة مع هذه النفس القشرية الانا حتى اعتاد عليها ويتصور انها ذاته الحقيقية ويدافع عنها ويهتم بها دوما, وهذا الاعتياد والادمان تجعل من الصعب التخلي عنها كمدمن المخدرات حتى لو انكشفت له الحقيقة وان هذه الانا هي عدوه وهي سبب البلاء الذي يعيشه..
ارجو ان اتضحت الفكرة وانا لا أدعي انها هي الحقيقة الكاملة بل هي افكار قابلة للنقاش والتعديل او الرد ولا يوجد انسان بامكانه ان يدعي امتلاك الحقيقة الا الجهلاء................ وشكرا لكم.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين وسعادة الانسان !
- الشريعة والشعور بالذنب !
- كيف نعرف النفس؟
- حماقة الدفاع عن الله !
- كيف نفهم الشعور بالمسؤولية؟
- بين الدين والتدين!
- علاقة الدين بالاخلاق.
- لماذا يجب ان نكون اخلاقيين؟
- كيف نفهم الايمان؟
- ماهو جوهر الدين؟
- كيف نعرف الحق؟
- كيف نفهم العرفان؟
- كيف نفهم الله؟
- كيف نفهم خطوات الشيطان؟
- کيف نفهم الشيطان؟
- كيف نفهم العقلانية؟
- كيف نفهم الوحي؟
- كيف نفهم العقل؟
- كيف نفهم الحب؟
- كيف نفهم موسى وفرعون؟


المزيد.....




- ليبيا.. -التجمع الوطني للأحزاب الليبية- يدين اعتقال رئيس فري ...
- فرنسا تطرد -إماما جزائريا- بسبب التحريض على -كراهية اليهود- ...
- بالفيديو.. فيضانات تغمر كنيسة الروح القدس في كورغان الروسية ...
- السيد الحوثي: عداء اليهود الشديد للمسلمين يأتي للسيطرة على ا ...
- فرنسا: ترحيل إمام جزائري مدان قضائيا بـ-التحريض على الكراهية ...
- الحكومة المصرية تصدر قرارا يتعلق بالكنائس
- فرنسا ترحل إماما جزائريا بحجة -التحريض على كراهية اليهود-
- أحباب الله.. نزل تردد قنةا طيور الجنة الجديد 2024 وفرحي أولا ...
- حدث أقوى أشارة لتردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات وعر ...
- هذا ما ينتظر المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الوشيك


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - كيف نفهم التوحيد ؟