أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - كلمات عن شعر حزين















المزيد.....

كلمات عن شعر حزين


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 19:37
المحور: الادب والفن
    


ألقى عدة قصائد من قصائده أمام جمهور كبير من جامعته التي تخرج منها قبل سنوات طويلة، بمناسبة اصدار مجموعته الشعرية الجديدة التي سماها " لها "... إنها أول مرة يقف فيها أمام مجموعة كبيرة من الطلبة والاساتذة ، تدافعت كلماته وقوافيه في نسيج جمل شعرية متلاحقة نابضة بعاطفة عميقة ، رددها بزخرفة صوتية بثت الحرارة والإثارة في إنثيالاته الإيقاعية .

انتاب الحزن الجميع وهو يردد قصائده الحزينة بدلالات وصفية مباشرة عن ساعة ولادته وبواكير أيامه ، وعن أمه التي ماتت حين جاءها المخاض وهي حامل به فشق بطنها وأخرج منه ، وعن شموع البهجة التي انطفأت لحظة تعرفه على الحياة وتحول فرح اسرته بولادته إلى مـأتم .

امتد احساسه الحزين بيُتمه المبكر إلى كل مظهر من مظاهر الحياة ، عبر بشعره الحزين عن كل شئ حوله ، بما في ذلك الناس وحتى الزهور والنور ومشاهدة انبلاج الفجر في كل يوم جديد ... أشعاره تملأ القلوب بالحزن ، يرددها عن أمه ، معبودته المنقوشة على جدار روحه ، يعبر بها عن أعمق المشاعر الإنسانية تعبيراً قل مثيله ، يندروجوده في شعر غيره من الشعراء .

خُيل له وهو ينظر إلى مستمعيه أن أمه جالسة بينهم ، تسمعه وتصفق له ، تخترق دائرة المكان وتجلس في مقعد مقابل له ، نظر لها بنظرات مشتتة ، أعاد صورتها بعينيه المتعبتين ...أحياها في نفسه في تلك اللحظة ، وأطلق نفسه تتشابك معها في بحر من التخيلات ، بفيض صور خيالية مغموسة بعواطف عالية ، توالت أمام ناظريه الواحدة تلو الأخرى على امتداد مسارب لا نهاية لها .

أسعده تصفيق المستمعين له ، تذوق طعم النجاح لأول مرة ، أعطاه التصفيق سعادة داخلية جارفة ... شعور عميق استقر في داخله بسحره الدافئ .

أفاق مع توقف التصفيق ، عاد بوعي كامل إلى نفسه وواقعه ، ووجد في التصفيق حاجته ورضاه ، توقف عن التخيل ، وارتبط بلحظات شعورية عادية ، ميز فيها وجوها أمامه على حقيقتها ، استطاب له النظر إليها .

بالرغم من أن تكرار التصفيق قد دل على إعجاب الحضور لشعره ، فوجئ عند فتح باب مناقشة الحضور لمجموعته الشعرية ، بتعليقات وجهت له من قبل أربعة من طلبة السنة النهائية في كلية الأداب ، اشتمل مضمون مداخلاتهم على توجيه سهام نقد شديد إلى شعره ... إنصب النقد على أفكار كلماته وتصوراتها وبنية قصائده وومضاتها المباشرة ، وحتى تسكينه لأواخر كلماتها ، كما امتد النقد إلى تموجات أحزانه المبثوثة بكثافة في كلماته المتداخلة ، وانعكاساتها على محمولاته اللفظية ، وتكرار الأنا الحزينة تحت وطأة أجواء قاتمة مظلمة .

واحدة من الحضور ، فتاة جميلة طويلة القامة في مقتبل العمر من طالبات الجامعة عبرت عن شعره وفق رؤى إيجابية ، تعاطفت معه واندفعت تتنقل في التعليق عليها بأفكار منظمة تزينها البسمة ... فاجأت الحضور بعمق تحليلها لقدرة خياله على استنباط صور حسية كثيرة تتناثر في شعره ، نحت منحىّ تفسيرياً لتلك الصور من عدة نواحٍ ، بينت اتساعها بآفاق رحبة شمولا ًوعمقاً وفق عاطفة غنية بالرؤى ، تتجدد في قصائده بمحسنات لفظية ، تزيد من جمالية قوالب منظوم كلامه .

استمع اليها بفرح زائد ، تأثر مما سمعه منها واهتزت مشاعره لمداخلتها ،شده حديثها بنبرات هادئة وترابط صوتها ، نظر في وجهها مطولاً ، وسرعان ما التقت عيناه بعينيها العسليتين الكبيرتين ، أحس بانجذاب نحوها لم يشعر به نحو أي امرأة أخرى من قبل ... واصل النظر في وجهها ... تأمل شعرها الأسمرالمتهدل بنعومة فوق كتفيها ، وازداد انبهاراً بحسنها وصباها .

اتجه نحوها عند خروجها من الصالة ، شعر بشيئ يضغط على قلبه ويدفعه أن يواصل سيره نحوها ، تابع خطواته حتى أصبحت على بعد خطوات قليلة منها ، رفعت رأسها ونظرت إليه ، قدم الشكر لها على نقدها الإيجابي لشعره ، وطلب منها التنزه معا في حديقة الجامعة المليئة بالاشجار والمقاعد الخشبية المريحة .

استجابت لطلبه واتجها نحو الحديقة .

واصلا السير جنباً إلى جنب ، دون أن ينطق احدهما بكلمة واحدة ، اجتازا الطريق المؤدية إلى الحديقة ، تجولا في ارجائها بعض الوقت ، ثم جلسا على مقعد خشبي بين الأشجار ... بعد فترة وجيزة أخذ نفساً عميقاً وأخذ يعبر لها عن إعجابه بها ، ورغبته بالتعرف عليها ، والبدء بعلاقة جادة معها .

التفتت إليه وهي شاردة الذهن ، بينت له بلباقة أنها مشغولة دوما بدراستها وحياتها الخاصة ، واقترحت عليه أن يتخلص من أحزانه وأن يغير جوانب كثيرة مظلمة في نفسه وفي وعيه وشعوره كي يتمكن من اقناع فتاة ما للإرتباط معه بعلاقة جادة ... وبينت له بوضوح كامل أن شعره يتمحور حول احساسه بان الحياة كلها عبث لا معنى لها مليئة بالاحزان والعذاب ، وأنه يعبر عن نفسه في شعره عن حقيقة وجود الانسان العبثي الذي كتب عنه ألبير كامو ، وثمة دلالات حقيقية ظاهرة فيما كتبه تبين بوضوح تام أن الحياة عبث مطلق لا معنى لها ، لا حب فيها ولا سعادة حقيقية ، ولا حتى صداقات و علاقات انسانية بين البشر .

استغرب من كل ما سمعه منها ، وزاد استغرابه عندما قالت له بصراحة ، بان سبب مدحها لشعره يرجع إلى رغبتها في مخالفة من سبقوها في ذم شعره ، معتمدة في ذلك على قاعدة خالف تعرف ،اعترفت له أنها ابتدعت من خيالها السعادة والفرح وعذوبة الحياة في المعاني الإيحائية في شعره ، استبدلتها بفيض المعاني الظاهرية لإحساسه الدائم منذ صباه الأول بصدمة نفسية تخيم على حقيقة الوجود من حوله .

وزاد استغرابه أيضاُ عندما قالت له بغرور كبيرأنها حققت ذاتها على صورة ما ، وأشعرت الحضور بوجودها فيما قالته عن شعره ، لأنها أقنعت كل من سمعها على قدرتها الغوص في أعماق قصائده واستكشاف صور داخلية مُقنعة غير محسوسة ، نابضة بصور وأفكار وأحاسيس تعبر عن جوانب إيجابية لحالته النفسية .

فيما كان ينظر إليها باستغراب ، القت نظرة خاطفة على ساعتها ، وبينت له بنبرة جادة عن رغبتها بالعودة إلى منزلها ... أسرعا إلى خارج الحديقة ، تابعا الطريق بصمت ، لم يتفوه أي منهما بكلمة واحدة ، افترقا و شعر وهي تبتعد عنه أن صدره ينقبض لما سمعه منها ... شعر كأنها من عالم آخر ،








#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخوة بين أبناء الشعب الواحد
- مأساة الهنود الحمر
- قصيدة للرصافي في افتتاح الجامعة العبرية
- قصيدة غير وطنية للشاعر معروف الرصافي
- كتاب : رؤية معاصرة لحياة وأعمال المطران غريغوريوس حجّار
- أيام في جبال الأوراس
- من حيفا أستمد حروفي
- سيدة القصة القصيرة
- القاصة الكندية أليس مونرو
- الموسيقى حلالٌ حلالْ
- حيفا يا عشقي الأزلي
- أيامٌ في حيفا
- لماذا فشل حكم الإخوان في مصر ؟
- في ذكرى رحيل الشاعر محمود درويش
- مريضة الغرفة 72
- رواية دروز بلغراد ... حكاية حنا يعقوب
- على ضفاف البحر الميت
- الإسلام السياسي
- إميل حبيبي باقٍ في حيفا
- شيليا


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - كلمات عن شعر حزين