أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - وعاد الربيع .. وبقينا كما نحن














المزيد.....

وعاد الربيع .. وبقينا كما نحن


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 21:29
المحور: المجتمع المدني
    


ها قد أتى الربيع، وتفجرت عبقرية الطبيعة دفعة واحدة، فبعد أن نفضت الأشجار أوراقها وأسقطت أغصانَها اليابسة، أينعت أغصانا طرية، وأوراقا خضراء جديدة، والسفوح التي كانت قاحلة استحالت إلى روابي خضراء، وتفتحت فيها الأزاهير، فأيقظت الفراشات النائمة على أكتاف الشجر، واستدعت قفير النحل بشذاها الذي أطلقته مع النسيم .. والوديان سالت وتدفقت بعد أن كانت الحجارة قد ملئتها .. البراري التي أسكتها البرد طوال شهور الشتاء دبّت فيها الحياة من جديد، بصخبها ودفئها ودبيبها الحثيث، والعصافير بنت أعشاشها بعد أن خربها المطر ..

وهكذا، في كل عام تجدّد الطبيعة ذاتها، أما الإنسان، فمع كل الذكاء الذي حباه الله به، ورغم كل التطور الظاهري الذي أحرزه، ما زال متقوقعا، متحجرا عند نقطة ثابتة من الزمان .. يقف أمامها مترددا، حائرا، خائفا من التجديد، عازفا عن التغيير ..

لو نظر كل واحد منا أمام مرآته بتجرد، لوجد الكثير من الغبار قد تكدس على قلبه، وبعض الصدأ علق على روحه، ونسيج لعنكبوت أحاط على دماغه .. لكننا لا نعترف بذلك .. نردد بعض الشعارات دون أن نتمعن ولو لمرة واحدة في معناها، نمارس بعض العادات بدون أدنى تفكير، نؤمن بقصص وأساطير دون أن نحكّم فيها العقل لدقيقة واحدة، نصدق بعض الأقاويل ونحن ندرك في أعماقنا أنها كذب، ونبث الإشاعات بكل خفة، نكره أشخاصا معينين لأنهم لا يشبهونا، أو نحب غيرهم لمجرد أننا تعودنا عليهم، ننحاز لمواقف أو لجهات معينة لأن أهالينا منحازين لها، لدى كل واحد منا أحكاما مسبقة، وتصنيفات جاهزة، ومواقف محسومة، لكننا لا نعيد النظر فيها أبدا .. نعادي ونحقد بلا مبررات مقنعة، وبكل سهولة .. ولكنا نتردد كثيرا ونفكر مليا قبل أن نحب وأن نعطي .. كل واحد يرى عيوب الآخرين، ولا يلتمس لهم أي عذر، ويقنع نفسه كل يوم أنه أذكى إنسان في العالم، وأنه وحده من يحق له أن يخطيء ..

ببساطة شديدة .. لدينا عقول ذكية جعلتنا نتفوق على سائر المخلوقات لكننا في الحقيقة لا نستخدمها إلا في المناسبات، وباتجاهات محددة فقط، لا نفكر، لا نتأمل، لا نتوقف للحظة أمام الأشياء التي تعودنا عليها .. لكنا نؤمن أننا على قمة الصواب ..

من لم يصدق ما أقول فلينظر إلى بيته، سيجد في البوفيه طقم صحون لم يستخدمه منذ خمسة عشر سنة، وفوق خزائن المطبخ طناجر عفى عليها الزمن، وعلبة نيدو خزّن فيها ملوخية ناشفة قبل دهر، وأجهزة تعطلت ولا يمكن إصلاحها، وفي الصيدلية أدوية انتهت صلاحيتها قبل أربعة سنوات، وفي الثلاجة علبة مربى أو جبنة عفنت قبل شهرين وهو يحسبها جديدة لأنها مغلقة، في الخزانة بدلة لم يلبسها إلا مرة واحدة، وقد صارت ضيقة ومهترئة، وإذا كان لديه سِدّة أو مخزن سيجد فيه خردوات وأدات مصدية، ومروحة خربانة، وكراكيب لم تكن مفيدة أصلا. أما في علبة الحلويات الفارغة التي يستخدمها لحفظ أوراق ووثائق يظن أنها هامة، ستجد فواتير كهرباء وتلفون تعود لزمن الهاتف الآلي، وبطاقات أعراس وعناوين لأناس لا يذكرهم، وتحاليل طبية مات أصحابها، وكمبيالات للتلفزيون الذي اشتراه بالتقسيط قبل عشرين سنة ..

في بيوتنا أشياء كثيرة يجب أن نتخلص منها، أو نستبدلها، أو نجددها، لكننا لا نفعل، لأننا ننسى، أو نتناسى، أو لأننا تعودنا على وجودها، وكذلك في أنفسنا، وفي قلوبنا وعقولنا .. أشياء كثيرة بحاجة إلى تجديد ..

تعالوا لنستقبل الربيع، بعقلية ونفسية جديدة .. لنجدد حياتنا وأفكارنا .. كما تفعل الطبيعة كل عام ..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي .. المهدي المنتظر
- أسبوع في بلاد قوس قزح
- تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا
- قراءة على جدار فيسبوكي
- صورة على جدار ..
- القارئ رقم مليون
- نظرة من البعيد .. إلى كوكب الأرض
- جنون الاستبداد
- هكذا تُصنع الدكتاتوريات
- القتل باسم الشعارات الجميلة
- تنظيم القاعدة، هل هو صناعة أمريكية ؟!
- جدال على تخوم اليرموك .. من يحاصر المخيم ؟
- إنهم يحرقون الكتب
- معايير نظام العولمة
- حل الدولتين .. وحل الدولة الواحدة .. دراسة من جزئين، ج2 : أي ...
- حل الدولتين .. ماذا حلَّ به ؟ وإلى أين وصل ؟ دراسة من جزئين ...
- تأملات في خريف العمر
- كلاشنكوف
- على مشارف الخمسين
- هل خيارات الشعوب دائما صائبة ؟!


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - وعاد الربيع .. وبقينا كما نحن