أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الغني سلامه - معايير نظام العولمة














المزيد.....

معايير نظام العولمة


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 14:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



اعتبر بعض المفكرين أن العولمة كمنظومة فكرية اقتصادية سياسية شاملة تأتي كمرحلة تكميلية وتتويج لحقبة الرأسمالية، ولكن بِسِمات وقسمات مختلفة، مثّلَت تقنيات الإعلام الحديثة وثورة المعلومات حجر الزاوية فيها، فيما عبرت عن هذه التحولات جملة من المعايير والمقاييس ما انفكت تفرض نفسها على حياتنا وأنماط تفكيرنا بكل قوة، وتعيد قولبتها بما يخدم توجهات أقطاب العولمة، أي التكتلات الاقتصادية والنخب الحاكمة والشركات العابرة للقارات.

ورغم الطبيعة الاقتصادية النفعية للعولمة، كدافع ومحرك، إلا أن الأبعاد السياسية والأيديولوجية (كما هي دوما) لم تكن متوارية في خلفية المسرح؛ بل كانت لاعبا أساسيا، تظهر تجلياتها بكل وضوح. وكالعادة كان للقوى الإمبريالية وحليفتها الصهيونية الدور الأبرز، ولكن بوجه جديد، رغم أنها لم تخجل من إظهار وجهها الاستعماري القبيح.

فمثلا، منذ تأسيسها مُنحت جائزة نوبل لأكثر من ثمانمائة شخص (علماء وأدباء وقادة سياسيين) مثّلَ اليهود الحائزين عليها نحو 20 % منهم، رغم أن عدد اليهود في العالم لا يتجاوز 0.2 %، فإذا سلمنا جدلا بفرضية أن العرب متخلفين وجهلة، فهل اليهود أذكى من الألمان والفرنسيين واليابانيين والكوريين، ومن بقية شعوب الأرض ؟! وهل يُعقل أن يُمنح ثلاثة رؤساء وزراء لإسرائيل (بيغن وبيريس ورابين) جوائز نوبل للسلام !! وفي رقبة كل واحد منهم مذبحة واحدة على الأقل !!

وأيضا هناك معايير تصنيف أفضل جامعات العالم، (تصنيف شنغهاي، وغيره) وهي معايير ما زالت مثار جدل، وتتعرض للكثير من الانتقادات من جانب جهات أكاديمية مرموقة، ونلاحظ أنه لم تم اختيار أفضل مائة جامعة مثلا، أو أفضل خمسمائة أو حتى أفضل عشرة آلاف، فإن الجامعات العربية دائما لا تُذكر، وبالكاد تحصل بضعة جامعات فقط على المراكز الأخيرة !! في حين دائما تحتل الجامعات الإسرائيلية المراتب المتقدمة، بنسب تتفوق فيها أحيانا على الجامعات الأوروبية !!

وفي مجال نظم الإدارة والجودة، ظهر في العقود الأخيرة ما يعرف بنظام الأيزو، بأقسامه المختلفة (يختص في مجالات التوثيق وتنظيم الإدارة)، ونظام الهاسب، (يختص بسلامة الأغذية، ومنع التلوث)، وغيرها العديد من نظم الجودة والإدارة الشاملة، التي صارت شرطا أساسيا لأي مؤسسة أو شركة أو مصنع، حتى يستطيع تسويق نفسه وطرح منتجاته وخدماته في الأسواق العالمية .. ورغم أهمية هذه النظم الحديثة، ودورها الكبير في تحسين الأداء؛ إلا أنها في جوهرها لا تختلف كثيرا عن النظم القديمة التي عرفها الإنسان في كافة المجالات؛ فقد شيَّد المصريون الأهرامات، وأسسوا أهم وأقدم نظام توثيق، لم يغفل عن ذكر شيء في تاريخ مصر القديم، كما بنت شعوب ما بين النهرين أقدم وأعرق الحضارات، وكذلك فعل الفرس والرومان والإغريق، وأيضاً العرب والمسلمون .. دون أن يعرف أيٍ من هؤلاء شيئاً اسمه ISO، TQM، GMP، IEC، وغيرها، ومع ذلك حققوا أهم المنجزات في تاريخ الحضارة الإنسانية.

وحتى في العصر الحديث، اليابان مثلا، زرتها عام 1999 من خلال دورة تدريبية، وحظيتُ بفرصة زيارة أكثر من عشرين مصنعا في مجال الغذاء، وكنتُ كلما أزور مصنعا أسأل المهندسين المختصين: هل تطبقون نظام الهاسب ؟ كان معظمهم يجيب بالنفي، وبعضهم لم يسمع به !! ومع ذلك كانوا يطبقون أنظمة محلية تعطي نفس النتائج والقيمة. ربما اليوم تغير الوضع، وازدادت أعداد المنشآت التي تطبق الأنظمة الحديثة (في اليابان وغيرها)، لأنها صارت متطلبا ضروريا لدخول السوق العالمي.
طبعا أنا لست ضد أنظمة الجودة الحديثة، لكن بيت القصيد هو أن جهات خفية (أو معلومة) تديرها عقول جبارة تخترع أنظمة ومصطلحات وتبتدع معايير ومقاييس ثم تفرضها على العالم، وتجني من ورائها أرباحا خيالية، ونحن لا نملك إزاءها شيئا، سوى التسليم بها ومواكبتها.

في الجانب الظاهر من هذه النظم والمعايير يتم تنظيم المواصفات والمقاييس الفنية ونظم الإدارة على أسس علمية متطورة، ولكن في الجانب الخفي يتم تنظيم وهندسة وضبط التطورات العالمية ومصطلحاتها وقيمها في شتى المجالات على إيقاع نظام العولمة والقائمين عليها، وبالشكل الذي يخدم مصالحها، ويبقيها متفوقة ومسيطرة.

ولكن معايير العولمة لم توظَّف فقط لخدمة الشركات متعددة الجنسية، بل صارت أداةً لتسويق الأفكار والأشخاص والقيادات والأفلام والمدن، وكل شيء .. ولكل مجال معاييره وأرقامه: قائمة top ten هي من يحدد أفضل عشرة أفلام، قائمة فوربس لأغنى الأثرياء، مجلة التايمز الأمريكية هي التي تقرر كل سنة من هي شخصية العالم، ومجلة التايمز للتعليم العالي الإنجليزية هي من يحدد أفضل الجامعات، ومجلة الإيكونومست تحدد أجمل عشرة مدن في العالم، مجلات الأزياء الأمريكية هي من تقرر ملكة جمال الكون، وهكذا .. بحيث أن من لم يُذكر اسمه في تلك القوائم عليه إعادة حساباته والعمل بجدية حتى يدخلها في المرة القادمة !!

فعلى سبيل المثال؛ منذ أن ظهرت موسوعة جينيس للأرقام القياسية، في منتصف خمسينيات القرن الماضي، بيع منها أكثر من مائة مليون نسخة، وإذا كانت في بداياتها تهتم بالقياسات العلمية والجادة، فقد صارت تضم كل ما هو عجيب وغريب ومستهجن: أقصر قزم، أطول شنب، أقوى عطسة، أطول فترة بدون استحمام، أضخم نمرة حذاء، أحلى قرد ... ورغم سطحية وسذاجة الكثير مما تتضمنه؛ إلا أنها صارت علامة تجارية تحرص كل شركة أو منشأة تجارية أو مؤسسة في أي مجال آخر، وكذلك الأفراد على دخول هذه الموسوعة وتسجيل رقم قياسي فيها، لما في ذلك من دعاية تحقق لهم الانتشار والشهرة والأرباح.

قديما قيل: "لكل زمان رجاله"، أما اليوم فلكل زمان مجلاته وقوائمها التي تحدد لنا كيف نأكل، وبماذا نحلم، وأين نسهر هذا المساء ..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل الدولتين .. وحل الدولة الواحدة .. دراسة من جزئين، ج2 : أي ...
- حل الدولتين .. ماذا حلَّ به ؟ وإلى أين وصل ؟ دراسة من جزئين ...
- تأملات في خريف العمر
- كلاشنكوف
- على مشارف الخمسين
- هل خيارات الشعوب دائما صائبة ؟!
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا ..
- البعد الدولي وأثره على إخفاق الثورة الفلسطينية ..
- خواطر ثلجية
- تقلبات الزمن .. وتدافع الأجيال
- وما زالت الأرض تكشف أسرارها
- مواهب عربية
- حصاد ستة أعوام من حكم حماس في غزة - دراسة من جزئين 2/2
- عن التسامح والكراهية - هل نحن مختلفون ؟
- حصاد ستة سنوات من حُكم حماس في غزة .. دراسة من جزئين 1-2
- عن الانتحار في السويد
- على أرض السويد .. تعبتُ من المقارنات
- في الذكرى العشرين لاتفاق أوسلو .. ما له وما عليه
- تمرد على الظلم في غزة .. وجهة نظر
- سورية .. نذر الحرب والدمار الشامل


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الغني سلامه - معايير نظام العولمة