عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني
(Abdel Ghani Salameh)
الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 22:47
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
قبل سنوات عديدة قرأت في مقابلة صحافية مع المهندس الروسي "ميخائيل كلاشنكوف" أنه ليس نادما على اختراعه أشهر بندقية آلية في العالم؛ لكنه يأسف بشدة كلما رآى رشاشه بأيدي العصابات والقتلة. وخلافا للسويدي "نوبل" مخترع الديناميت الذي ندم على ما فعل فمنح ثروته لتخصص في منح جوائز تشجع على العلم والأدب .. فإن "كلاشنكوف" ورغم أن اختراعه لا يقل فتكا عن الديناميت إلا أنه لم يقدم أي جائزة، وربما لأنه ظل مجرد موظف مغمور ..
قبل أيام غادر المهندس العبقري دنيانا عن عمر يناهز ال 95 عاما، عاش فيها فقيرا ومات فقيرا، ولم يجني من اختراعه فلساً واحدا، إلا أنه كان قانعاً براتب التقاعد الذي تدفعه له الدولة، على حد تعبيره، مع العلم أن اختراعات شديدة البساطة جنى أصحابها من ورائها ثروات ضخمة في البلدان التي تحفظ براءات الاختراع.
ملايين الكلاشنات بيعت في شتى أنحاء المعمورة، وملايين الطلقات أُطلقت منه في شتى الاتجاهات، عبر عشرات الحروب والصراعات .. في البداية كان "الكلاشن" حكرا على جيوش الدول الشيوعية، وحركات التحرر الوطنية .. من نيكاراغوا وكوبا غربا إلى فيتنام والصين شرقا، وكان سلاح الثورة الفلسطينية وأيقونتها .. وفي ذروة الزمن الفدائي كانت أحلى أغاني العاصفة: "كلاشنكوف خللي رصاصك بالعالي"، أما نشيد الانتفاضة فكان: "ما في خوف، ما في خوف .. الحجر صار كلاشنوف"، وقد زيَّـن شعار "فتح"، وبقية الفصائل الفلسطينية، وأخذ الفتية يرسمونه على حيطان البيوت وسور المدرسة وفي أزقة المخيمات .. لم يكن مجرد آلة حربية متطورة صنعها السوفييت مقابل الإم 16 الأمريكي، أو العوزي الإسرائيلي .. بل كان رمزا لمقاومة الإمبريالية والهيمنة الأمريكية في كل مكان.
لكن هذه الإمبريالية نجحت بشكل أو بآخر، بتلويث هذا الرمز، وعبر سياسة ممنهجة، فقد باعت منه عبر تجار السلاح ملايين القطع إلى عصابات المافيا، والمهربين، والجماعات الإرهابية، كما اقترن استخدامه في أفلام "هوليود" بالجهة التي تمثل الشر والإجرام والعدوان، بينما كان الإم 16 دوما بيد رجال الأمن (الطيبين) الذين يحاربون الجريمة والإرهاب !!
لا شك أن آلاف الضحايا الأبرياء قد قضوا نحبهم برصاص الكلاشنات، وهذا ما يدعو للأسف، لكن المشكلة ليست في "الكلاشنكوف" بل هي في الأيدي الآثمة التي حملته. لكنه رغم كل شيء سيظل سلاح الثوار والمناضلين، الذين يضيئون برصاصاته ليلهم المعتم، ويشقون بها فجر حريتهم .
المجد لك يا كلاشنكوف، ولترقد بسلام .. كما رقد "الكلاشنكوف" وللأسف، في زمن ما يسمى مفاوضات السلام.
#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)
Abdel_Ghani_Salameh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟