أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - جوهر الصراع الدائر في مصر















المزيد.....

جوهر الصراع الدائر في مصر


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من وجهة نظري، فإن الصراع الدائر في مصر، في جوهره صراع بين مشروعين: الإسلام السياسي من جهة والمشروع الوطني القومي من جهة أخرى، الأول تمثله جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها، والثاني تمثله الأحزاب الليبرالية واليسارية والوطنية والناصرية وقوى المجتمع المدني. وهو صراع سياسي بامتياز، يدور بين قوى وأحزاب "سياسية" تسعى للوصول للسلطة، أو لفرض مفاهيمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المجتمع، وما "الدين" في هذا الصراع المحتدم إلا غطاء تستخدمه قوى الإسلام السياسي لكسب التأييد الجماهيري، أو لتبرير أهدافها الدنيوية، كما تستخدم القوى الأخرى "الديمقراطية" بنفس الآلية ونفس الأسلوب.

وفي سياق هذا الصراع تظهر ممارسات ومسلكيات من كلا الطرفين تتناقض مع ما يدعوان إليه؛ فكما تتناقض قوى الإسلام السياسي بممارستها وخطابها مع جوهر الدين ورسالة الإسلام السمحة الحضارية، أيضا تتناقض القوى الليبرالية في ممارساتها مع روح وجوهر الديمقراطية. فإذا كان الإسلام رسالة المحبة والرحمة والعدالة للناس أجمعين، فإن ما نراه من سلوك عنيف وخطاب تحريضي إقصائي يمارسه الإخوان يتنافى مع روح ورسالة الإسلام، كذلك فإن اللجوء للقوة وقتل المتظاهرين وقمعهم كما يفعل الجيش المصري يتنافى مع معاني الديمقراطية ومقاصدها.

وبصرف النظر عن أسباب الأزمة، وتحديد أي من الطرفين على حق، لنركز قليلا على الخطاب الإعلامي لجماعة الإخوان، والذي بنى دفاعه على أساس قضية "صندوق الانتخابات"، وشرعية الرئيس "المنتخب"، ورفضه "الانقلاب" ودفاعه عن "الديمقراطية"، ورفضه "حكم العسكر، والدفاع عن "الشرعية" ... ليتضح لنا - ودون كثير من العناء - أن كل هذه المصطلحات دخيلة على خطاب الإسلام السياسي التقليدي، ولم تكن يوما ضمن مفرداته، ولم يتبناها أي برنامج للإخوان قبل ثورة 25 يناير وما تلاها. بل أن قوى إسلامية أخرى (حزب التحرير مثلا) تعتبرها مصطلحات دخيلة على الإسلام نفسه ولا تمت للدين الإسلامي بصلة. وهذا يؤكد أن جماعة الإخوان حزب سياسي براغماتي، لديها من المرونة السياسية ما يسمح لها بتبني أي نهج سياسي يوصلها للسلطة، ولديها من العناد والتشبث بالسلطة ما يسمح لها بتبرير الدخول في حرب أهلية (ستسميها جهاداً في سبيل الله) وللدفاع عن مكتسباتها السياسية بأي ثمن، وبأي طريقة. وهي في هذا لا تختلف عن أي حزب سياسي علماني.

وطالما أن الإخوان يعتبرون أن صندوق الانتخابات هو الذي منح الرئيس مرسي الشرعية؛ فإن صندوق الانتخابات ما هو إلا معطى بشري، أفرزته الرأسمالية كآلية لتداول السلطة، وهو ليس من صلب الإسلام، وبالتالي من غير المقبول الزج بالإسلام في معركة معيارها وهدفها سياسي دنيوي بحت.

ومن أجل حشد الرأي الشعبي لصالحها، وتأليب العالم ضد خصومها تصور جماعة الإخوان صراعها مع الدولة المصرية الحالية (الجيش والرئاسة ومؤيديهم) على أنه دفاع الجماعة عن الإسلام، ومواجهة منها لمؤامرة دولية هدفها إقصاء الإسلام عن الحكم .. وهي بذلك تعني أنها تحتكر تمثيل الإسلام، وتدعي أنها وصية عليه، وبالتالي فإن خصومها هم أعداء للإسلام، وكفرة ..

عند هذه النقطة تصل الأزمة إلى مرحلة غاية في التعقيد، تمثلها معادلة صفرية تقتضي من الطرفين الدخول في صراع عقائدي لا ينتهي إلا بإقصاء أحد الطرفين للآخر، والقضاء عليه، وهذا يعني تجريد الصراع من أبعاده السياسية وتحويله إلى صراع ديني تتورط فيه قوى الكفر وحلفائها وأدواتها في المنطقة ضد جماعة الإسلام .. فإلى أي مدى هذا الطرح سليم ؟!

فإذا كان طرحا صحيحا، فكيف تفسر جماعة الإخوان مشاركتها نظام الحكم السابق، ودخولها البرلمان أكثر من مرة، وكيف تفسر دعواتها السابقة للشراكة وتقاسم السلطة في إطار مؤسسات الدولة مع نفس القوى التي تتهمها اليوم بالكفر ؟ وهذا ينطبق بطبيعة الحال على دول أخرى غير مصر، شكَّل الإخوان فيها جزء من التحالف الحاكم.

وإذا كان هذا الطرح غير صحيح؛ فإن ذلك يتطلب منا إرجاع الصراع إلى أبعاده ومضامينه الحقيقة، وفهمه فهما موضوعيا تاريخيا، بدون عبارات البلاغة وخطابات الأيديولوجية ودعوات التحريض. وهذا يعيدنا للمربع الأول؛ المربع الذي من خلاله نفهم الصراع الدائر في مصر (وفي غيرها) على حقيقته، ويكشف عن وهن وضعف الشعارات التي ترفعها جماعات الإسلام السياسي وتناقضها مع مبادئها ومواقفها السابقة، ويؤكد أنه صراع سياسي محض بين بشر عاديين يتقاتلون على السلطة، ويعطينا الحق بانتقاد أحزاب الإسلام السياسي بنفس القدر والشكل الذي ننتقد فيه الأحزاب الأخرى غير الإسلامية.

تعتقد جماعة الإخوان (أو أنها تروج) بأن خروجها من الحكم يعني القضاء على المشروع الإسلامي!؟ علما بأن لا خروجها من الحكم أضر بالإسلام، ولا استلامها إياه سنة كاملة أفاده بشيء. فالإسلام دين الله الخالد الذي لا يتأثر بحزب هنا، أو جماعة هناك. مع ضرورة التذكير أيضا بأن خصوم الإخوان ليسوا كفرة، بل هم مسلمون، وربما أكثر تدينا من غيرهم، ولا يحق لأحد تكفيرهم. وهنا، من المفيد التذكير بأن لا وفاة الرسول، ولا حروب الردة، ولا خلافات الصحابة واقتتالهم فينا بينهم، ولا انتهاء الخلافة الراشدة أدى إلى انتهاء الإسلام، أو انتقص من قيمته، أو حتى أثَّر عليه.

وتتهم جماعة الإخوان خصومها بأنهم انقلابيين .. وهذا يقودنا إلى السؤال: هل الانقلاب على الحاكم في الإسلام حرام شرعا؟ طبعا هنا لا نبرر الانقلاب ولا نوافق عليه بالضرورة، ولكن ألا يعتبر تاريخ الدولة الإسلامية منذ أن انقلب معاوية على علي وحتى نهاية الدولة العثمانية سلسلة من الانقلابات، وصلت إلى الحد الذي ينقلب فيه الخليفة على شقيقه ؟

وكيف تفسر تأييدها لانقلاب البشير على الرئيس المنتخب "الصادق المهدي"، وتأييدها انقلاب حماس في غزة ؟!

قد يكون للإخوان مطالب محقة، في الدفاع عن مكتسباتهم، وعن حق الملايين الذين انتخبوهم، والذين صبروا شهرا ونصف معتصمين في الساحات. كما للجيش مطالب محقة في الدفاع عن الأمن القومي المصري، وحماية السلم الأهلي، وحماية حق الملايين من الناس الذين خرجوا يطالبون بانتخابات مبكرة، ولكن ليس من حق أي طرف اللجوء للعنف، فلا شيء يبرر القتل، ولا شيء يبرر العنف .. لا السلطة ولا الدفاع عنها .. سيما وأن طرفي النزاع مصريين مخلصين لوطنهم، بإمكانهم، بل من واجبهم أن يشتركوا في بناء دولتهم .. وكل قتيل كان جنديا أم مواطنا هو أولا إنسان، وثانيا هو مواطن .. موته خسارة فادحة لأهله ولبلده، وإذا افتتحت دائرة العنف فلن تغلق أبدا .. ولن يخرج منها منتصرا إلا أعداء مصر ..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ونجهل فوق جهل الجاهلينا
- لماذا قامت الثورة المصرية ؟؟
- ملاحظات على هامش الثورة المصرية
- الجيش المصري، والموقف الأمريكي
- في مصر .. ثورة أم إنقلاب ؟!
- النجاح والفشل .. فلسطينيان
- الكُره الجماعي المقدس
- المنطقة على حافة الجنون - حرب طائفية على الأبواب
- نيلسون مانديلا .. نشيد الحرية
- محمد عساف .. لا بد أن في الأمر سراً ما !!
- الأردن أولاً
- الإسلام السياسي في فلسطين - النشأة، المسارات، المستقبل - درا ...
- أبو علي شاهين .. فارس ترجل
- الحيوان والإنسان .. أيهما أنبل وأذكى
- الإسلام السياسي في فلسطين - النشأة، المسارات، المستقبل - درا ...
- القضية الفلسطينية - نصف قرن من التحولات
- 65 سنة تكفي
- كزدورة عَ الرصيف
- قلعة الشقيف .. وقلعة متساداة
- صواريخ أرب أيدول


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - جوهر الصراع الدائر في مصر