أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - عبد الغني سلامه - تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا














المزيد.....

تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4390 - 2014 / 3 / 11 - 14:06
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


جريمة القتل هذه المرة مختلفة، فقد اعترف والد الضحية بأنه كان يعذب ابنته منذ سنوات، وعندما استخرجت الشرطة جثمان الفتاة التي لم تكمل السابعة عشرة من عمرها وجدوا عليها آثار تعذيب شديد، حيث تبين وجود جروح ورضوض في أنحاء متفرقة في الجسد، إضافة إلى تعفن في القدمين نتيجة إصابتها بمرض الغرغرينا.

إذن، الفتاة طفلة (17 عام)، وقد ماتت تحت التعذيب، وهذا التعذيب لم يكن وليد لحظة غضب انفعالي، خرج عن السيطرة؛ بل كان فعلا مستمرا عن سبق الإصرار والترصد، في كل مرة كان الأب يجد مبررا لضرب ابنته بشكل وحشي وبمنتهى القسوة، وبحضور ومشاركة زوجته الثانية (أم الطفلة مطلقة)، ولم يكونا يكتفيان بمتعتهما السادية أثناء الضرب؛ بل كانا يتركانها دون علاج بعد كل وجبة تعذيب، فتنـزف قدماها حتى تتقيح جروحها، إلى أن تعفنتا تماما، وأصيبتا بالغرغرينا.

ومن المعلوم أن الغرغرينا لا تحدث بين ليلة وضحاها، ورغم ذلك فقد وجد الطبيب الشرعي آثار ضرب وكدمات على جسد الفتاة حتى وهي مصابة بهذا المرض القاتل !! فكيف لإنسان مهما بلغت فيه القسوة أن يضرب ويعذب مريضا مصابا بتعفن القدمين، وهو من تلقاء نفسه يئن على مدار الساعة من شدة الألم !! وكيف لنا أن نعقل أن يكون هذا الإنسان (مضطر لاستخدام كلمة إنسان) هو الأب، الذي من المفترض أن يحمل قلبه بقايا مشاعر أبوّة، وشيئا من الحنان !!

والسؤال المؤلم: ما هو الذنب الذي يمكن لطفلة في هذا العمر أن تقترفه !! بالتأكيد لا شيء يبرر هذا العمل الجبان والسادي، ولكن حتى بمفاهيم المجتمع المتخلفة من الصعب جدا تخيل ذنب يقترفه طفل ليستحق مثل هذه المعاملة الوحشية. ومن الواضح تماما أن غيرة زوجة الأب، وتحريضها الدائم الذي تجاوب تماما مع نفسية الأب المريضة، والمحتقنة بشتى صنوف القهر والكبت والعنف، هو المسؤول الأول عن هذه الجريمة البشعة.

ومثل هذه الأمراض النفسية والحالات الشاذة قد توجد في أي مجتمع في العالم، لكن بيئات التخلف في مجتمعاتنا هي الحاضنة المثالية لنمو هذه الأمراض، صحيح أن القصة حدثت في غزة، لكن الكثير من مدن وقرى الضفة الغربية شهدت قصصا أكثر رعبا وإيلاما .. ولو بحثنا قليلا لوجدنا قصصا تشيب منها الولدان وتقشعر لها الأبدان في كل المجتمعات التي تتقاسم نفس النظرة للمرأة: بأنها ناقصة عقل ودين، وأن شرفها (وشرف العائلة) مرتبط تحديدا في نصفها السفلي، وأنها ملكية خالصة للأب والزوج والأخ (الذكر) الذي من مسؤولياته تربيتها بأي وسيلة يراها مناسبة، ليضمن عدم خروجها عن الخط المرسوم، وله الصلاحيات الكاملة في ذلك، بدء من ضربها، وحتى ذبحها .. وما عليه إلا أن يقول بعد ذلك: دفاعا عن الشرف !!!

طبعا العائلة استباحت جسد الفتاة، ونكّلت فيها لسنوات طويلة، دون أن يكون من بينها من يوقف هذه الجريمة، أو من يرق قلبه، أو من يتحمل مسؤولياته كإنسان ويبلّغ عنها، وفي النهاية استسهلت دفن القتيلة دون تصريح، هكذا بكل خفة؛ فالموضوع بالنسبة لهم يمكن تبريره بسهولة: القتل دفاعا عن الشرف .. وإلصاق أي تهمة بحق الضحية كما جرت العادة، فمن يسأل ؟ ومن يهتم ؟ ومن سيعترض على قانون شرف العائلة ؟

وطبعا المسلسل لم يتوقف عند قتل (س.ن.م)، ففي نفس اليوم وفي جريمة مشابهة قُتلت الفتاة (إ. م. ش.) 18 عاماً، من خان يونس، جنوب القطاع، جراء تعرضها للطعن بآلة حادة في الرقبة، والمجرم المنفذ هو شقيقها ..
أما المجرم الحقيقي فهو عقلية المجتمع المريضة، التي دأبت على أن تستخف بالمرأة، وأن تعتبرها إنسانا ناقصا.

المجرم الحقيقي هو نفسية الرجل المهزومة والمكبوتة، التي عجزت عن تحقيق أي إنجاز، فلم تجد لتعويض هزائمها إلا المرأة، والتي مُرِّغت كرامتها بالوحل، فلم تجد إلا جسد المرأة لتسجل عليه انتصاراتها الوهمية.
وهذه العقلية المضطربة ما زالت تجد لها عونا وسندا في القانون !!



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة على جدار فيسبوكي
- صورة على جدار ..
- القارئ رقم مليون
- نظرة من البعيد .. إلى كوكب الأرض
- جنون الاستبداد
- هكذا تُصنع الدكتاتوريات
- القتل باسم الشعارات الجميلة
- تنظيم القاعدة، هل هو صناعة أمريكية ؟!
- جدال على تخوم اليرموك .. من يحاصر المخيم ؟
- إنهم يحرقون الكتب
- معايير نظام العولمة
- حل الدولتين .. وحل الدولة الواحدة .. دراسة من جزئين، ج2 : أي ...
- حل الدولتين .. ماذا حلَّ به ؟ وإلى أين وصل ؟ دراسة من جزئين ...
- تأملات في خريف العمر
- كلاشنكوف
- على مشارف الخمسين
- هل خيارات الشعوب دائما صائبة ؟!
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا ..
- البعد الدولي وأثره على إخفاق الثورة الفلسطينية ..
- خواطر ثلجية


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - عبد الغني سلامه - تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا