كيف ألغاء و غيّر لفظ -واحد- التاريخ و الهوية و السيادة الوطنية لدولة مستقلة وذات سيادة ؟3

عائشة علي

الحوار المتمدن-العدد: 4413 - 2014 / 4 / 3 - 22:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بينما للأمم المتحدة في اجتماعاتها و مشاوراتها للبحث عن حلول للقضية الجنوبية العربية ,تجلت مجريات الامور بوجه عام في مصلحة الشعب الجنوبي العربي و قضيته العادلة , و أصبح استقلال الجنوب العربي قضية مؤكدة و مسألة محسومة خاصة بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1963م المعلن بحق شعب الجنوب في تقرير مصيرة .

من ناحية أخرى كانت تحركات صنعاء و ترتيباتها و دسائسها تعمل على زرع نفوذها وغرس وجودها ضمن إيطار القوى الثورية الجنوبية , ففي نفس العام 1963 م عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر “ القوى الوطنية اليمنية” , وقد توصل المجتمعون إلى اتفاق لتوحيد أعضاء حركة القوميين العرب , الفرع اليمني و الفرع الجنوبي العربي في إطار جبهة موحدة تحت مسمى “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” , و كانت تلك استراتيجية الاطماع اليمنية في ضم الجنوب و ابتلاعه , و لأول مرة في تاريخ تم تغيير و إلغاء الهوية التاريخية للجنوب العربي "بهويته الحضرمية الاصيلة" .

و السؤال هو : هل كان فرع حركة القوميين العرب في اليمن قبل 1963، موحداً؟
يجيب عبدالحميد الشعبي :- في القاهرة كان موحداً. لكن في اليمن، وجدت مرتبة قيادية في الجنوب يرأسها فيصل عبداللطيف وتضم علي أحمد ناصر السلامي، طه أحمد مقبل، سالم، زين علي عبدالعليم، علي محمد سلامي ومرتبة قيادية في الشمال يرأسها سلطان أحمد عمر وتضم يحيى الإرياني، عبدالحافظ قائد، عبدالرحمن سعيد، عبدالقادر سعيد. وعندما اندمجت المرتبتان في قيادة موحدة ...(1)

و هكذا استطاعت صنعاء تحقيق طموحاتها بخلف نفوذا في الجنوب العربي , و قد تمكنت من انتزاع اعتراف القوميين الجنوبيين بأن دولتهم " دولة الجنوب العربي " ما هي إلا فرع و شطر إنفصل عن أصله "صنعاء " , و كون شعب الجنوب شعب قاصر فإن اليمن هو الوصي عليه " حسب عقيدة اليمن التاريخية" , و تأسيسا لذلك ظلت الجبهة القومية "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني" واقعة تحت تأثير الفرع اليمني لجبهة القوميين العرب .

وتتجسد هذه الظاهرة بالتشبع القومي الذى يجسده انصار الوحدة العربية و الوحدة اليمنية بشكل خاص , وقد سارت الجبهة القومية وحتى بعد استقلال الجنوب العربي من الاحتلال تحت شعار ( يمن ديمقراطى موحد ) لتحجب بالخداع والتضليل هويته الشعب الجنوبي و تاريخه العريق ، و هذا ما دفع بالارباك السياسي و الاستغلال القومي و حالة التدمير و الفوضوى للمفهوم الوطني و الفرق بين الانتماء التاريخي والانتماء الجهوي .

إن شعار الوحدة مع اليمن لم يكن يرفع فوق تضحيات الشعب الجنوبي الثائر ضد الاحتلال البريطاني , فالجماهير الجنوبية الكادحة كانت تهتف بالحرية و الاستقلال و بناء دولة النظام و القانون و الكرامة و العدالة مثلها مثل سائر الشعوب الثائرة التواقة لرفعة وطنها و أمنه و رخاءه , و لم يردد الشعب الجنوبي قط قبل الاستقلال ذلك الشعار الاستغلالي ، بل هو مطلب لسلطات صنعاء و لحركة القوميين العرب و من ضمنهم القوميون اليمنيون و الجنوبيون .
على هذا النحو صرح أحدى أعضاء قيادة حركة القوميين العرب في الجنوب العربي عبد الفتاح إسماعيل "اليمني الاصل"عضو الجبهة القومية لتحرير جنوب قائلا :-
" إن ميثاق الجبهة القومية يشكل بالنسبة لنا موقفاً استراتيجياً لكافة قضايا الثورة . ومن جملة هذه القضايا وضمنها قضية الوحدة اليمنية ، باعتبارها قضية أساسية ومهمة" .

و على عكس ذلك فقد كان رأي رابطة أبناء الجنوب العربي إذ يقول أمينها العام شيخان الحبشي :
" من الطبيعي أن تؤمن الرابطة بوجود الوحدة بين القطرين: الجنوب العربي والجمهورية اليمنية، وهي تؤمن أيضاً بأن الوحدة العربية ينبغي أن تتم لا على أساس تكتلات جغرافية أو قوميات إقليمية كفكرة القومية عند السوريين، ولا على أساس استعادة الحدود التاريخية لدولة من الدول، إن هذه الأسس يرفضها منطق القومية العربية " .(2)

و بتاريخ 22 يونيو 1965م عقدت "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل" مؤتمرها الأول ، وأعلنت فيه نفسها الممثل الوحيد لشعب الجنوب العربي المحتل , في ذلك الصدد تم تجاهل القاعدة الكبرى من الشعب والتي كانت تضم ثوار وعلماء ومثقفين وشعراء وأدباء من أبناء الجنوب العربي , ومكوناته الحركية الثورية السباقة في النضال و الحراك الثوري منذو الأربعينات مثل رابطة أبناء الجنوب ، الندوة العدنية ، والحركة النقابية العمالية , كل هذه الحركات السياسية التاريخية اعتبرت محور القوى الرجعية الانفصالية العميلة .

زيادة الى ذلك تم تقويض و اضعاف القوى الثورية الموجودة على الساحة السياسية لقضية شعب الجنوب العربي من الداخل بواسطة التخوين أو الاغتيالات أو الدسائس و العصبيات , و استمرت معركة التطويق الاعتراضي و التمزيق الاجهاضي ضد القوى الثورية الجنوبية ,و وبناء عليه تم احتواء ثمار نضال جميع القوى الجنوبية الثائرة , و تقديمها قربانا للعقيدة القومية العربية و خاصة القومية العربية فرع صنعاء .

-----------------------------
1-موقع أغلى الرجال في ذكرالرحيل المبكر.. صفحات من التاريخ - عبدالحميد الشعبي
2-صحيفة 26 سبتمبر - الجنوب العربي تسمية استعمارية - سالم علي بن حلبوب

#عائشة_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات