أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - النظر إلى الماضي بغضب .. بوتين مُحاصرٌ بالتاريخ .















المزيد.....

النظر إلى الماضي بغضب .. بوتين مُحاصرٌ بالتاريخ .


جلال خشيب

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 23:38
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


النظر إلى الماضي بغضب .. بوتين محاصر بالتاريخ.
*فريد زكريا
**ترجمة: جلال خشيب

قد يسيطر فلاديمير بوتين على القرم لكنّ تكتيكاته –تكتيكات القرن التاسع عشر- لا تُبشّر بالخير بالنسبة لروسيا .
بغضّ النظر عّما سيحدث في أوكرانيا أثناء الأشهر أو السنوات القليلة القادمة، فقد ذكرتني هذه الأزمة أنّ هناك حقا صنفان من الحكّام في هذا العالم : هؤلاء الذّين يفكرون في الماضي، وأولئك الذّين يفكرون بشأن المستقبل. وإذا لم تكن الصورة واضحة بعد فالرئيس فلاديمير بوتين الآن يُصنَّف ضمن المجموعة الأولى، و سوف يغدو بلده أكثر فقرا بسبب ذلك .
إذا ما قرأنا أو أنصتنا إلى جملة التعليقات الواردة فسوف نتلقى قصصا عديدة بخصوص الارتباط طويل الأمد لروسيا بالقرم، علاقات ترجع إلى القرن الثامن عشر، لقد كانت القرم بمثابة الجائزة الكبرى الأولى التّي انتُزعت من الإمبراطورية العثمانية، لقد كانت مؤشرا على ارتقاء روسيا إلى مصاف القوى الكبرى. كما منح ذلك روسيا شيئا لم يكن لها من قبل: ميناء على المياه الدافئة مع منفذ مباشر على البحر الأبيض المتوسط ومنه على العالم أجمع .
يُعّد سيفاستوبول، ميناء ومدينة بالقرم، أين توجد أرصفة الأسطول الروسي على البحر الأسود، ميناءً طبيعيا ممتازا ضاربا في عمق التاريخ، لقد كان موقعا للحصار الكبير في حرب القرم سنة 1854. وقد تمسّكت روسيا بالمدينة رغم خسارتها في حرب القرم, وبعد مرور قرن تقريبا حافظت روسيا على قبضتها في سيفاستوبول بعد استعادة القرم من النازيين أوائل سنة 1944 .
بعدها كان هناك منعطف حاسم وغريب سنة 1954 حينما أهدى الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف القرم لأوكرانيا –كتحويل داخلي ضمن الإتحاد السوفياتي- , وقد بقى سبب إقدام خروتشوف على هذا الفعل أمرا غير واضح بالفعل. فقد ترك بصمته كقائد شيوعي شاب في أوكرانيا، وقد كانت مناسبة هذا التحويل هي مرور300 سنة على ضم أوكرانيا للأراضي الروسية. لكن قد يكون من المرجح أنّ السبب الكبير لهذا السلوك كان يتعلق بالسكان الأصليين لشبه جزيرة القرم، التتر، الذين تمّ إخراجهم بالقوة من الإقليم من طرف ستالين، ثمّ تمّ إرسال الأوكرانيين إلى الإقليم لملء الفراغ وإعادة تعميره من جديد. إنّ جعل القرم جزء من أوكرانيا كان من شأنه أن يُسرّع حركة الأفراد. على كل حال، أيّا كان سبب ذلك فقد كانت النتيجة دراماتيكية ذات أثر دائم وبعيد. تتواجد القرم اليوم خارج روسيا قانونيا وسياسيا، لكن تعتقد موسكو وكذا غالبية الشعب الروسي أنّ القرم جزء لا يتجزأ من أراضي الوطن الأم.
هذا هو التاريخ. لكنّ التاريخ ما هو إلاّ هراء، كلام فراغ على حدّ تعبير هنري فورد، لا يجب أن يُفهم من ذلك أنّه يقلل من أهمية التاريخ، لكن لا ينبغي أن يجعل التاريخ هؤلاء يعودون بتفكيرهم إلى الوراء ولكن حريٌّ بهم أن يفكروا في ما هو آت. لقد قال هنري فورد بالحرف الواحد: "إنّ التاريخ هراء، كلام فارغ لا أكثر ولا أقل، إنّه مجرد تقليد، ونحن لا نريد التقليد، نحن نريد أن نحيا في الحاضر، وأنّ التاريخ الوحيد الذّي يستحق لعنة النكران هو التاريخ الذّي نصنعه اليوم" .

“History is more´-or-less bunk. It’s tradition. We don’t want tradition. We want to live in the present, and the only history that is worth a tinker’s damn is the history that we make today.”

إنّ التاريخ الذّي يصنعه القادة اليوم هو أقل ما يمكن القيام به تجاه –عيوب- الجغرافيا والعقبات المتأتية من الماضي. فحينما طُردت سنغافورة من الإتحاد الماليزي سنة 1965 ادّعى الخبراء أنّ مدينة مستنقعات صغيرة تقع وسط اللاشيء لن يكون بإمكانها البقاء كبلد مستقل.. إنّها اليوم أحد أكبر المحاور التجارية في العالم، مع دخل فردي مرتفع مقارنة بما كانت عليه أيام المستعمر البريطاني سابقا، ذلك لأنّ مؤسّسها، لي كويان يو، أولى اهتماما أقل بمساوئ التاريخ واهتماما أكبر بالمزايا التّي سيتيحها المستقبل.
حينما نُبذ القوميون الصينيون من قِبل العالم إلى جزيرة صغيرة –يقصد جزيرة فرموزه المعروفة اليوم بتايوان- بعد الثورة الشيوعية عن الأراضي الصينية الأم، افترض الكثيرون أنّ تلك الجزيرة لن تكون مرشحة للبقاء. الآن، ومع وجودها في أكثر المناطق التّي تتميّز بعدم الاستقرار، ومع انعدام الموارد الطبيعية فيها، فقد صارت تايوان إحدى أكثر اقتصاديات العالم سرعة من حيث النمو لعقود أربعة متتالية، ذلك لأنّها لم تكن قلقة بخصوص الجغرافيا، لقد كانت مهووسة –بدلا من ذلك- بتطوير قدراتها التنافسية.
حينما تولى بول كاغام الحكم في رواندا، كان البلد بحكم التاريخ مدمرا بعمق أكثر من أي بلد آخر، مشوّه بإبادة جماعية لم يُرى نظيرها في التاريخ. تُعّد رواندا أيضا –من الناحية الجغرافية- دولةً حبيسة ليس لها سواحل، لا تحظى بمزايا جغرافية إطلاقا، كما أنّ حربا دموية تجري على حدودها في جارتها جمهورية الكونغو الديمقراطية. إلاّ أنّ كاغام كان يتطلع إلى المستقبل، ولم يكن ينظر إلى الماضي، والنتيجة كانت معجزة إفريقية صغيرة، بلدٌ قام بمعالجة –ناجحة- لجراحه .
هنالك آخرون لا يزالون مُحاصرون –بقيود- التاريخ والجغرافيا .. فلنتأمل جنرالات باكستان قليلا، لقد استمروا في محاولة إرساء "عمق استراتيجي" في حديقتهم الخلفية في الوقت الذّي كانت دولتهم تصير إلى الانهيار. أو لنتأمل فلاديمير بوتين الآن والذّي يلعب لعبة القرن التاسع عشر في القرن الحادي والعشرين على حدّ تعبير وزير الخارجية جون كيري. فما الذّي سيحققه من جرّاء ذلك ؟ .. لقد خرجت أوكرانيا عن قبضته أمّا شعبها فيتشكك للغاية في موسكو، حتّى القرم، فعلى الأرجح أنّ 40 بالمائة من السكان غير الروس فيها يشعرون بالاستياء والاضطراب، لقد تمّ جعل جيران موسكو في حالة استنفار، ومن المحتمل أن تعود العلاقات الساخنة مع بولندا من جديد. و من المؤكد أنّ وضع التجارة والاستثمار مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية سوف يشهد معاناة سواءً أكانت هنالك عقوبات على موسكو أم لا .
في غضون ذلك، سوف تستمر روسيا طيلة مسارها في كونها دولة تابعة نفطيا، يقودها نظام أوتوقراطي بشكل متزايد فشل في تنمية اقتصاده و مجتمعه المدني أو حتّى في تعزيز التعددية السياسية فيه، لكن على كل حال، أن تسيطر موسكو على القرم، هل يُعّد هذا الأمر انتصارا في عالم اليوم ؟

كُتب المقال على مجلة التايم الأمريكية في السادس من مارس 2014 وهذا رابطه الأصلي:
http://time.com/13805/looking-back-in-anger/

: *فريد زكريا
مُنظّر وكاتب صحفي أمريكي ذو أصول هندية، متخصص في العلاقات الدولية، التجارة الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية، ترأس صحيفة النيوزويك الأمريكية، من أهّم مؤلفاته : "مستقبل الحرية" 2003 و"عالم ما بعد أمريكا" 2008 وهو الكتاب الذّي أحدث ضجّة إعلامية بعدما التقطت الصحافة صورته بين يدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما .

:**جلال خشيب
مهتم بالدراسات الدولية والإستراتيجية، التنظير في العلاقات الدولية، الجيوبوليتيكا والفلسفة السياسية، دراسات عليا/تخصص دراسات آسيوية كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 .



#جلال_خشيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام التيّارات .. جوزيف ناي في مواجهة فريد زكريا : هل صارت أ ...
- هل يُعتبر الواقعيون كذئاب وحيدة ؟ ليندساي هاندلي في مواجهة س ...
- القوة الدولية
- إدوارد هاليت كار في مواجهة المثالية : وتحتدم المعركة
- الفرق بين الواقعيين واللبيراليين .
- عيد المرأة .. فلسفتي .
- صعود الصين و الثورة المعرفية الجديدة .
- صاموئيل هنثنغتون وحروب خط الصدع .
- الجزائر في مهّب التحوّلات الدولية والإقليمية .. ما الذي يمكن ...
- النظرية و الممارسة في العلاقات الدولية : بعض من التصورات الش ...
- تراجيديا المغرب العربي الجديد و الحلف المقدس الجديد .
- النقد الإحيائي و إعادة بعث مفهوم الخِلافة .. مجرد فكرة :
- -مغامرة- جديدة بحثا عن عمل في مملكة الإله .. و يتكلم زراديشت ...
- الغرب و البقية ، تحوّلات ميزان القوى العالمي في المنظور التا ...
- الواقعية : العالم الحقيقي و العالم الأكاديمي / جون ميرشايمر ...
- لماذا وُجدنا ؟ أسئلة الإستخلاف و رسالة المثقف المسلم في الحي ...
- إمبريالية مُصمّمة/ جون ميرشايمر
- نظرة خاصة لمفهوم الأمن / مجرد فكرة .
- زبيغنيو بريجانسكي و الماكيندرية الجديدة
- التوجهات الكبرى للإستراتيجية الأمريكية بعد الحرب الباردة


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - النظر إلى الماضي بغضب .. بوتين مُحاصرٌ بالتاريخ .