أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - إمبريالية مُصمّمة/ جون ميرشايمر















المزيد.....



إمبريالية مُصمّمة/ جون ميرشايمر


جلال خشيب

الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 21:01
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


Imperial by Design.
John Mearsheimer.

December 16, 2010
إمبريالة مُصمَمَة / جون ميرشايمر
إعداد و ترجمة : جلال خشيب .


خلال سنوات الأولى لنهاية الحرب الباردة ، كان لدي الكثير من الأمريكيين شعور عميق بالتشائم حول مستقبل السياسة الدولية . لقد استولي هذا المزاج على الرئيس بيل كلينتون عندما تحدث إلى التجمع العام للأمم المتحدة في سبتمبر 1993: " إنه من الواضح أننا نعيش نقطة تحولية في تاريخ البشرية ، يبدو أن تحولات هائلة و موعودة تجرنا كل يوم ، لقد انتهت الحرب الباردة و العالم لم يعد منقسما إلى معسكرين غاضبين و مسلحين ، العديد من الديمقراطيات رأت النور ، إنها لحظة المعجزات "
أساس كل هذه المشاعر الرائعة طرحت بقوة في نفس اللحظة من خلال مقالين شهيرين كتبا من قبل محافظين جديدين شهيرين، ففي سنة 1989 حاجج فرانسيس فوكوياما في "نهاية التاريخ ؟ " بأن الديمقراطية الليبرالية نالت نصر حاسما على الشيوعية و الفاشية لذلك ينبغي أن يُنظر إلى ذلك بإعتباره نهاية من حكم الإنسان .
And should be seen as the final from of human gorvermment
لقد حاجج بقوله أن هناك نتيجة أساسية لهذا " التطور الديولوجي " هو أن النزاع الشامل المتصاعد بين القوى الكبرى آل إلى الزوال ، بالرغم من ذلك تبقى كتلة العالم الثالث الواسعة تعاني بشكل كبير ، و ستبقي أرضا للنزاع لسنوات عديدة قادمة مع ذلك فمن المحتمل أن تنتقل الديمقراطية الليبرالية و السلام إلى العالم الثالث بشكل جيد ، فالزمن وحده كفيل بأن يدفع إلى هذا الإتجاه بشكل ثابت .
بعد مرور سنة –على مقالة فوكوياما –ركز تشارلز كروثامر. Charles krauthammerعلى ما أسماه ب " لحظة الأحادية القطبية the Unipolar moment، فقد خرجت الو.م أ من الحرب الباردة بإعتبارها الدولة الأكثر قوة على وجه الأرض ، لقد حاجج –كروثامر – بأن القادة الأمريكيين لا يخفون رغبتهم في إستخدام هذه القوة بهدف قيادة عالم آحادي القطبية . بناءا على ذلك ، و بدون أي خجل ثم إسقاط قواعد النظام العالم ، و الإعداد من أجل فرضها بالقوة . لقد تطابقت نصيحة كروثامر بشكل خالص مع رؤية فوكوياما للمستقبل : ينبغي على الو.م.أ أن تأخذ زمام القيادة في جلب الديمقراطية الدول النامية في العالم برمته ، بعد كل ذلك لا ينبغي أن تكلف بمهمة خاصة صعبة فقط لأن أمريكا تملك قوة مدهشة و تاريخ بارع في محيطها القريب .
لقد إتبعت الو.م.أ هذه القواعد المرسومة خلال العشرين سنة الماضية لسبب رئيسي و هو أن معظم صناع السياسة داخل المبنى الأبيض يتوافقون بثقة تامة مع تحليلات فوكوياما و كروثامر السابقة .
لكن النتائج أضحت كارثية ، فلا تزال الو.م.أ تتورط مجددا في حرب كل ثلاث سنوات ، و ذلك منذ 1989 ولا وجود لمؤشر على نهاية ذلك . و كأي شخص له معرفة مبدئية لأحداث العالم يدرك أن الدولة التي تخوض الحروب بشكل مستمر تبني بيروقراطيات أمنية وطنية قوية ، و التي تركز على الحريات المدنية ، و تشدد عليها فتدفع القادة إلى التحكم في سلوكياتهم غير المحسوبة ، و توقف and make it difficult to hold leaders accountable for their behavior and they invariably end up adopting ruthless policies normally associated with brutal dictators " -بشكل ثابت المعاملات السياسية المتحجرة التي نسجت مع الدكتاتوريين قتلة .
لقد فهم الآباء المؤسسين هذه المشكلة إذ أن ملحوظة " جيمس ماديسون كانت واضحة بأنه:" ما من أمة بإمكانها الحفاظ على حريتها في غمرة الحرب المتواصلة ." فسياسات واشنطن المتواصلة كالقتل ، التسليم و التعذيب ، خلال العقد الماضي لا تشير ّإلى مخاوفها المبررة .
و الأسوء من ذلك أن الو.م.أ تقاتل اليوم في حروب وقائية في كل من أفغانستان و العراق و التي كبّدتها تكاليف باهضة أكثر من تريليون من الدولارات ، و حوالي 74ألف مصاب أمريكي ، كما أن تأثير المعانات و الآلم كان هائلا في العراق، فمنذ بداية الحرب في مارس 2003 قتل أكثر من 100ألف مدني عراقي ، 2مليون عراقي غادروا بلدهم و 1.7مليون هُجّروا داخليا من ديارهم . الأكثر من ذلك فإن الجيش الأمريكي لن يتمكن من تحقيق النصر في أي من هذين الحربين ، بالرغم من الحديث الزائف عن كيفية العمل المندفع في العراق ، و كيف أن إستراتجية مماثلة بإمكانها أن تنتج معجزة أخرى في أفغانستان ، إنه من المحتمل أن تنهك قوانا في كلا المستنفعين لسنوات مقبلة في ملاحقة نصر وهمي غير مثمر.
لم يكن لدى الو.م.أيضا القدرة على حل المشاكل الأساسية الثلاث في السياسة الخارجية ، لقد عملت الو.م.أ طيلة الوقت –دون أي نجاح –على إبطال قدرة إيران في زيادة إنتاج اليورانيوم ، خوفا من إمكانية أي يؤدي ذلك إلى إمتلاك طهران أسلحة نووية كما لم تتمكن الو.م.أ منذ البداية في منع كوريا الشاملة على حيازة أسلحة نووية . و يبدو اليوم أنها غير قادرة على إجبار بيونغ يونغ ، على تقديم الدعم لها "لإيران "و إنتهاءا بالقول أنها و بعد نهاية الحرب الباردة فقد حاولت كل إدارة و فشلت في تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني فكل المراقبين يرون أن هذا المشكل سوف يطول " يتعفن" إلى حد بعيد مادامت كل من غزة و الضفة الغربية غير مذموجين ضمن إسرائيل الكبرى.
الحقيقية غير المرحب بها هي أن الو.م.أ اليوم تعيش في عالم من المشكلات على جبهة السياسة الخارجية ، و هذه الحالة الخارجية من الممكن فقط أن تتكشف عن الأسوء خلال السنوات القليلة القادمة ، حل مسألة أفغانستان و العراق و تصاعد العتاب الإنتقادات إلى مستويات خطيرة ، لذلك فهي مفاجئة صعبة عندما وجد مستشار مجلس شيكاغو الجديد للشؤون العالمية أنه :" إذا تطلعنا إلى الخمسين سنة القادمة ، فإن 33%من الّأمريكيين فقط يعتقدون أن الو.م.أ سوف تستمر بإعتبارها القوة القائدة في العالم ."،من الواضح أن أيام الريادة لسنوات التسعينيات المبكرة رسمت طريقا لإبداء التشاؤم .
هذه الحالة المرفوضة تطرح سؤالا جليا حول أي طريق خاطئ سلكنا ؟ و هل بإمكان الو.م,أ تصحيح مسارها ؟
لقد قُدّر للو.م.أ أن تُأخذ بكل شيء بشكل متدهور
"the downward spiral the united states has taken was anything but inevitable "
لقد كان لواشنطن دوما خيار عن ماهية المقاربة الإستراتجية الكبرى .
تعد العزلة isolationism أحد أكثر الآراء شعبية بين بعض اللبراليين و إرتكزت هذه المقاربة على إفتراض أنه ليس هناك إقليم خارج نصف الكرة الأرضية "الغربي " يعد من الناحية الإستراتيجية ذا أهمية كافية لتبرير التوسع الدموى الأمريكي الباهض. يؤمن أصحاب هذا الإتجاه –سياسة العزلة –أنه من الملاحظ أن الو.م.أ في مأمن و ذلك لأنها منفصلة عن كل قوى العالم الكبري بواسطة مسطحين مائيين عملاقين –المحيطين الأطلنطي و الهادي –و الأكثر من ذلك إمتلاكها لأسلحة نووية –الردع الاقصى –منذ سنة 1945 ، لكن في حقيقة الأمر لا توجد اي فرصة أن تنتهج واشنطن هذه السياسة نتذكر أن الو.م.أ كانت لها ميولات قوية للعزلة حتى الحرب العالمية الثانية ، منذ ذلك الوقت فقد شجعت نشاطات دوليين من قبل مؤسسات كمؤسسة روكفيللر ، شجعت هذه المقاربة بشكل كلي بل وحتّى بشكل غير شرعي.
لقد ذهب صناع السياسة الإمريكية إلى الإعتقاد ان الدولة ينبغي أن تتطور عسكريا في المسرح العالمي ، بالتفكير في هذه النقطة نقول أنه حتى الآن لا يجرأ أحد من السياسيين الآساسيين على الدفاع عن سياسة العزلة .تبين عقلانية هذه الإستراتجية الكبرى فقط كيف بإمكانها تأمين الو.م.أ هذا يعني أننا سوف نكون دائما في تحدي لتحفيز الجمهور الأمريكي بغية إدارة " وتحريك" العالم خصوصا من أجل خوض حروب إختيار في المناطق البعيدة .
التوازن خارج المجال offshore balancing ، كانت هذه هي الإستراتجية التقليدية الأمريكية الكبرى خلال معظم تاريخها ، و لكن هذا خيار آخر ، تنطلق من الإيمان أن هناك ثلاث أقليم في العالم تعد إستراتيجيا ذات أهمية بالنسبة للو.م.أ- أوروبا ، شمال شرق آسيا و الخليج الفارسي- ترى بأن هدف الو.م.أ الأساسي هو التأكد فعلا أنه ما بإمكان أي دولة أن تهيمن في أي من هذه الأماكن مثلما تهيمن هي "الو.م.أ " على نصف الكرة –الأرضية- الغربي حتى تضمن بأن المنافسين الخطرين في الأقاليم الأخرى تبقى مجتهدة في تركيز إنتباهها على القوى الكبرى في ساحاتها الخلفية بدلا من أن تحضى بشئ من الحرية لتتضارب مع القوة " الهيمنة الأمريكية ".
إن أفضل طريقة لتحقيق هذه النهاية هو الإعتماد على القوى المحلية لمواجهة طموح الهيمنة الإقليمية و من ناحية أخرى الحفاظ على القوات الأمريكية متواجدة على الأقاليم ، لكن إذا ثبت أن ذلك أمر مستحيل الحدوث فإن القوات الأمريكية ستأتي من الخارج من بعيد "offshare" للمساعدة على أداء المهمة ، ثم ترك إحدى القوى المهيمنة المحتلة للتأكد من ذلك " لتتكفل بذلك" "and then leave once the potentiel hegmon is checked
يُقيّم التدخل الإنتقائي selective engagement أيضا بأن كل من أوروبا ، شمال شرق أسيا و الخليج الفارسي هي المناطق الوحيدة في العالم أين ربما ينبغي على الو.م.أ أن تنشر جيشها . أنها إستراتجية أكثر طموحا من التوازن خارج المجال ، التي تستدعي الإبقاء بشكل دائم على القوات الأمريكية في هذه الأقاليم من أجل الحفاظ على السلام . بالنسبة للتدّخل الإنتقائي ليس مهما لمنع "إحباط" طموح القوى المهيمنة وحسب ، و لكن يعد ايضا ضروريا لمنع وقوع حرب في مثل هذه الأقاليم المفتاحية إما لأن التصعيد سيؤدي إلى خراب إقتصادي أو لأنه من المحتمل في أي حل أن يجرنا إلى القتال ، كما يمكن القول ايضا أن حضورا أمريكيا يمكن أن يكون قيما للحد من الإنتشار النووي. لكن أي من هذه الأستراتجيات لم تُخبر واشنطن بضرورة نشر الديمقراطية عبر العالم و بالأخص من خلال الحرب .
إن السبب الأصلي لمشاكل أمريكا هو إنهاجها لإستراتيجية كبرى خاطئة بعد الحرب الباردة ، لقد رفضت الو.م.أ بدءا من إدارة كلينتون كل هذه السبل الأخرى .في الحقيقة فإن استمرار التحكم " السيطرة الإنفراد " العالمية ، أي ما يمكن أن يسمى إختيارا بالهيمنة العالمية ، و التي ليس بإمكانها فقط أن تؤدي إلى سقوط المحتوم ، بل أيضا من المحتمل أن تؤدي إلى نتائج عكسية و إلى مآلات خطرة في حالة ما إذا تم ربطها بشكل وثيق بالقوة العسكرية بهدف تحقيق أجندتها "ambitions " للهيمنة الكونية هناك هدفين واضحين : الريادة الأمريكية "maintaining america primary " و التي تعني التيقن أن الو.م.أ تبقى أكثر الدول قوة في النظام الدولي :و ثانيا نشر الديمقراطية عبر الكون مما يعني بناء العالم حسب صورة أمريكا .
الإيمان الأوّلي " the underlying belief " أن هذه الديمقراطيات اللبرالية ستكون خاضعة سلميا peasefully inclined " و إلى جانب أمريكا أكثر من اللازم ,بالطبع هذا يعني أنه يجب على واشنطن أن تهتم كثيرا بسياسات كل دولة من هذه الدول ، فمع الهيمنة العالمية لكن يكون هناك محاولة جدية to prioritize لتحديد أولويات من بين مصالح الو.م.أ لأنها في الواقع ليس لها حدود.
هذه الإستراتيجية الكبرى هي إستراتيجية إمبريالية "imperial" في جوهرها ، حيث يعتقد مناصروها أن للو.م.أ الحق و بالتالى المسؤولية في التدخل " أو تتعارض " مع سياسات الدول الأخرى . قد يعتقد أحدهم أن مثل هذا الغرور : "العنهجية " من الممكن أن يُنفّر "alienate" الدول الأخرى ، لكن معظم صناع السياسة الأمريكيين لسنوات التسعينيات المبكرة كانوا واثقين أن ذلك لن يحدث ، بدلا من ذلك فإنهم يعتقدون في الحقيقة أن الدول الآخرى – ماعدا تلك المسماة بالدول المارقة كإيران و كوريا الشمالية – ترى في الو.م.أ كقوة "benign" حميدة مهيمنة خادمة لمصالحهم الخاصة .
لكن هناك عدم إعتراف مهم حول الهيمنة الكونية حول الطريقة الأفضل لتحقيق أهدافها الإستراتجية ، في الجانب الأول يوجد المحافظين الجدد الذين يؤمنون أن الو.م.أ بإمكانها أن تعتمد على القوة العسكرية الثقيلة للهيمنة و تحويل العالم .و هذا عادة ما يكون بشكل أحادي لأن القوة الأمريكية عظيمة جدا . في الواقع فإنهم يميلون بشكل صريح إلى إزدراء الإرتباطات التقليدية لواشنطن ، كالمؤسسات الدولية و التي يرونها كمنتديات أين " as forums where the lilliputians tie down gulliver"
يرى المحافظون الجدد في نشر الديمقراطية مهمة سهلة و متواصلة ، إن مفتاح النجاح بالنسبة لهم هو إبعاد الطغاة عن الحكم ، و عند القيام بذلك "once that is clone " ، فهناك حاجة بسيطة للإعداد في البناء الوطني للأمّة .
على الجانب الآخر نجد الإمبرياليين اللبراليين ، العازمين في الحقيقة على إستعمال القوة العسكرية الأمريكية لأحداث هندسة إجتماعية ، لكنهم أقل ثقة من المحافظين الجدد حول ما إذا كان بإمكانهم تحقيق ذلك من خلال القوة وحدها ، لذلك يعتقد الإمبرياليين اللبراليين أن تحريك " وحكم" العالم يتطلب من الو.م.أ العمل بقرب مع الأحلاف و المؤسسات الدولية ، و بالرغم من إعتقادهم أن الديمقراطية لها جاذبية واسعة الإنتشار ، فإن الإمبرياليين اللبراليين عادة نجدهم أقل تقائلا من المحافظين الجدد بخصوص مسألة إستئناف نشر الديمقراطية إلى الدول الأخري .
فعندما بدأنا إعادة صنع العالم بعد سقوط جدار برلين وجهّت أهداف الهيمنة الكونية أجندتنا.
يعد بيل كلينتون الرئيس الوحيد الذي حكم بعد الحرب العالمية الباردة و الذي سعت إدارته إلى الهيمنة من البداية إلى النهاية ، لقد كونت مجموعة كلينتون للسياسة الخارجية منذ البداية من امبرياليين ليبراليين ، بالرغم من أن الرئيس و جنرالاته أوضحوا أنهم عازمون على حكم العالم-blatantly reflected informer هذا ما عكسه بشكل صارخ مقولة لكتابة الدولة مادلين أولبرايت التي علقت قائلة " في حالة ما إذا لجأنا إلى إستعمال القوة ، فذلك لأننا أمريكا ، فنحن أمة لا يمكن الإستغناء عنها ، نبقى الأطول " نقف عاليا " و نرى بإتجاه المستقبل أبعد مما تراه البلدان الأخرى. " –فإنهم لجأو إلى إستخدام القوة بكره : "و بحكمة" : متبصرين للعواقب الناجمة عن ذلك.
ربما يكونون متحمسين بشأن مسألة دفع لحظة الأحادية القطبية إلى الأمام و لكن كل الحماس الذي يتّحلون به حتى أولئك المروجين الداعين إلى نشر الديمقراطية رأوا أن عملية بناء الأمة nation build ing ليست بالمهمة السهلة .
خلال السنة الأولى التي قضاها في مكتبة فقد سمح كلينتون ، وبقلق تورط الو.م.أ في مهمة :" بناء أمة".. في الصومال ، و لكن بعدما قُتل 80 جندي أمريكي في تبادل لإطلاق النار في مقاديشو أكتوبر 1993 ، " عملية إسقاط البلاك هوك الشهيرة " قام كلينتون فورا بسحب القوات الامريكية خارج البلد ، لقد تحدث الإدارة في الحقيقة كثيرا عن الإخفاق التام الذي كان بسبب رفضها التدّخل خلال عملية الإبادة في رواندا خلال ربيع عام 1994 ، حتى و لو إعتقدوا أن كلفة القيام بذلك ستكون زهيدة . أجل لقد قاد الرئيس كلينتون القوات الأمريكية إلى هايتي في ربيع سبتمبر 1994 للمساعدة على خلع النظام العسكري المقيت ، لكنه قهر الإعتراض الهام للكونغرس و ذهب إلى حد بعيد للحصول على قرار أممي يؤيد تدخلا دوليا عسكريا .
بحلول شهر ماي من سنة 1996 كانت معظم القوات الأمريكية قد خرجت من هايتي ، و لم يكن في أي وقت أي محاولة جادة للبناء الوطني .
لقد تحدث كلينتون بشدة خلال الحملة الرئاسية سنة 1992 بشأن مسألة إستخدام القوة الأمريكية ضد صربيا لإيقاف القتال الدائر في البوسنة و لكنه بعدما دخل مكتب الرئاسة ، سحب قدميه و لجأ فقط إلى إستعمال القوة الجوية سنة 1995 لإيقاف القتال . لقد ذهب إلى الحرب ضد صيربيا للمرة الثانية سنة 1999 – هذه المرة على كوسوفو- و مرة أخرى نجده يعتمد فقط على القوة الجوية ، وذلك رغم ضغوط " تحفيزات" قائد الناتو " الأمريكي " ويسلي كلاركwesly clarck ثم الوزير الأول البريطاني طوني بلير بنشر قوات برية ميدانية ".
مع بداية سنة 1998 ، ضغط المحافظون الجدد على كلينتون لإستخدام القوة العسكرية لإزاحة صدام حسين ، أظهر كلينتون هدفا بعيدا لطرد القائد العراقي لكنه رفض الذهاب إلى حرب من أجل جعل ذلك يحدث. إن الو.م.أ تحت حكم كلينتون كانت كما وصفها ريتشارد هاسrichard haass " عمدة او" شريف" كاره "" reluctant sheriff
بالرغم من أن إدارة كلينتون قدمت تطورا بسيطا بإتجاه تحقيق الهيمنة الكونية خلال سنوات حكمه الثمانية . فقد كانت في إداراتها أقل إرتكابا لكوارث أساسية في السياسة الخارجية ، يبدو أنها فهمت الصعوبات الملازمة لعملية بناء أمة ، و لم تكرس كثير من الدماء او الأموال لمواصلتها .
و بالرغم من إظهار الشعور بالنفور للجمهور الأمريكي في الداخل للمضي قدما في المغامرات الخارجية في الحملة الرئاسية لسنة 2000 فإن الكثيرين لم يكونوا مسرورين حتى مع هذا الحذر الذي يتوخاه الإمبرياليين اللبراليين .
لقد حاول جورج والكر بوش " الإستفادة من هذه المشاعر من خلال نقد السياسة الخارجية لكلينتون بحماس و تناولها بتهكم ، خصوصا عدم تقديمه الكثير فيما يتعلق بمسألة " بناء أمة nation building " لقد طالب المرشح الجمهوري الو.م.أ بأن تخفض مستوى أهدافها وتركز على reinvigorotion " إعادة إحياء أو تنشيط أحلافها التقليدية ، أحلاف الحرب الباردة ، فقد حاج بأن التهديد الأساسي الذي يواجه الو.م.أ هو صعود الصين ، و الإرهاب ، الذي أُعطي إهتماما قليلا ، لذلك فقد طالب بوش الو.م.أ إستراتجية كبرى إنتقائية الإعدادات ، ليس من المفاجئ أن يطالب خصمه الرئاسي آل غور AL Gore
من أجل مواصلة الهيمنة الكونية حتّى و لو اتخذت مظهرا متعدد الجوانب "multilateral "
عندما فاز بوش ظهر بأن الو.م.أ ستنهج تقريبا استراتيجية كبرى أقل" طموحا ". لكن ذلك لم يحدث مطلقا ، لأن إدارة بوش الجديدة " تبنت " altered مقاربة عنيفة للعالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر .
لا يوجد أي شك بأن واسنطن تعاملت مع الإرهاب بإعتباره التهديد الأساسي لها بعد ذلك اليوم المشؤوم ، لكن لم يكن واضحا في البداية كيف ستتعامل الإدارة مع هذا المشكل .
في غضون السنة الموالية إتجه بوش نحو التدخل الإنتقائي "selective engagement ، و إحتضن الهيمنة الكونية ، لكن خلافا لسابقيه في البيت الأبيض ، فقد إنتهج بوش صيغة المحافظين الجدد لإدارة العالم ، و هذا يعني إعتمادا أوليا على الإستخدام الأحادي للقوة العسكرية الأمريكية .
منذ الأيام الأولى لأفغنستان دخلت أمريكا عصر "عقيدة بوش""bush doctrine و التي تضمنت إستعمال القوة العسكرية الأمريكية بهدف تغيير الأنظمة عبر العالمين العربي و الإسلامي ، إنه لمن السهل نسيانها الآن لكنه تم إفتراض أن العراق ستكون مجرد خطوة في الإنتشار بعيد المدى لنشر الديمقراطية في منطقة من العالم تغيب عنها –الديمقراطية –بشكل كبير مما يؤدي إلى إيجاد السلام .
لقد وضع الرئيس بوش الخطوة الناجحة بداية عام 2003 عندما قال :" فبقرار و أهداف أمريكا و أصدقئنا و حلفائنا سوف نجعل هذا العصر عصر التطور و الحرية ، سوف يُقدّر الناس الأحرار درس التاريخ ، و سوف يحفظون سلام العالم ."
بإستمرار هذا المخطط الرائع لتحويل إقليم بأكمله عن طريق البندقية ، فقد إنتهج الرئيس بوش إستراتجية راديكالية كبرى ،لم يكن لها مثيل في تاريخ أمريكا ، كما أنها إخفاق كئيب كذلك .
لقد إرتكز سعي إدارة بوش إلى الهيمنة الكونية على سوء فهم عميق لمحيط التهديد الذي واجه الو.م.أ بعد 11/9 .كما أن الرئيس و مستشاريه بالغوا بشأن مسألة ماذا يمكن أن تحقق القوة العسكرية في العالم المعاصر ، بالإضافة إلى فهم كبير عن مدى الصعوبة التي من الممكن مواجهتها لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط ، هذه الأخطاء الثلاثية ، حكمت قدرة واشنطن في الهيمنة على الكون و فوّضت القيم الأمريكية و المؤسسات على الجبهة الداخلية ، كما هددت مكانتها في العالم .
مع الهجمات على مركز التجارة العالمي و البانتاغون ، إتجهت إدارة بوش فجأة الي التفكير الجدي بشأن الإرهاب ، لقد أساء الرئيس- و أغلب الأمريكيين- بكل أسف قراءة مع أي شئ تعاملت الدولة ، و بدى ذلك في شكلين أساسيين : مبالغة كبرى لصرامة التهديد ، و فشل في فهم السبب في مهاجمة القاعدة للو.م.أ بهذه الكيفية ، فهذه الأخطاء قادت الإدارة إلى إنتهاج سياسات زادت من الطين بلة .
خلال الحقبة اللاحقة لهجات 11/9 وُصف الإرهاب كتهديد فعلي لقد إرتكز الرئيس بوش على أن كل جماعة إرهابية على وجه الأرض بما فيه تلك التي ليس لها أي علاقة مع واشنطن هي في الواقع عدوة لنا و ينبغي التخلص منها إذا كنا نأمل في الفوز فيما أصبح يعرف كحرب كونية على الإرهاب "Gwot" كما أبقت الإدارة على دول كإيران ، العراق و سوريا ليس فقط كدول ناشطة في دعم المنظمات الإرهابية ، و إنما أيضا كدول من المحتمل أن تدعم الإرهابيين بأسلحة الدمار الشامل"WMD " لذا كان لزما على الو.م.أ إستهداف هذه الدول المارقة إذا كانت تأمل الفوز في الحرب الكونية على الإرهاب أو كما أسماها بعض المحافظين الجدد على غرار نورمان بودهورتزnorman podhoretez بالحرب العالمية الرابعة ، حقيقة فقد قال الرئيس بوش أن أي بلد "سيستمر في إيواء و دعم الإرهاب سوف يصنف من طرف الو.م.أ كنظام معادي. "أخيرا أعلنت الإدارة أنه من السهل لجماعات كالقاعدة ، التسرب و ضرب الآراضي الأمريكية ، و سوف نتوقع دمارا أكثر مثل 11/9 في المستقبل القريب . الخطر الأعظم من الممكن أن يكون بكل تأكيد هجوم بأسلحة الدمار الشامل ضد مدن أمريكية رئيسية .
هذا التقييم الأمريكي لمشكلة الإرهاب أحدث خللا لكل حساب ، لقد كان تهديدا مضخما بشكل عالي التنظيم لم يكن هناك أي معنى لإعلان حرب ضد جماعات لم تكن تحاول إيذاء الو.م.أ لم يكونوا أعداءا لنا. و الذهاب إلي حد القول أن جميع منظمات الإرهاب ستُعقّّّّّد بشكل كبير من مهمة الحد من هذه المجموعات التي تستعمل مراميها.
في البداية لم يكن هناك تحالف بين ما سمي بالدول المارقة و القاعدة في الحقيقة فقد تعاونت كل من إيران و سوريا مع واشنطن بعد 11/09 للمساعدة على القبض على أسامة بن لادن وأعونه.
بالرغم من أن إدارة بوش و المحافظين الجدد أكدت بشكل متكرر أن هناك ارتباط حقيقي بين صدام حسين و القاعدة فلم يظهروا أي دليل لاثبات إدعائهم هذا لسبب بسيط وهو أنه لا وجود أي دليل .
الحقيقية هي أن للدولة دوافع قوية لعدم الثقة بجماعات الاٍرهاب ، لآنه من الممكن أن تقف الجماعات ضدها يوما ما من جهة ، أيضا لأن الدول لا تستطيع التحكم فيما تقوم به المنظمات الإرهابية ، ومن الممكن أن تقوم ببعض الأشياء التي تضع أنصارها في مشكل جدّي هذا هوالسبب وراء صعوبة وجود أي فرصة تجعل دولة مارقة تمنح سلاحا نوويا للارهابين ، فليس بإمكان قادة هذه الأنظمة أن يكونوا متأكدين بأنهم لن يكونوا متيقنين أن الو.م.أ أو إسرائيل لن تحرقهم في حالة ما إذا كان هناك مجرد اشتباه بأنهم يقومون بدعم الإرهابيين مع القدرة على القيام بهجوم بأسلحة الدمار الشامل .
لو تفحصنا الأمر بجد لوجدنا أن هناك امكانية ضئيلة وحسب تجعل الأرهابيين يحتفظون بقنبلة ذرية. إن السيناريو الأكثر احتمالا للحدوث هو أنه في حالة ما إذا كانت فوضى سياسية في دولة نووية التسليح فأن الأرهابيين و أصدقائهم سيكون بإمكانهم إنتهاز فرصة إستمرار الفوضى لانتزاع وتهريب السلاح النووي ، لكن حتى مع ذلك فإن هناك مبدئيا احتمالية للفشل : فبعض الدول تحفظ أسلحتها غير مجتمعة " مفككة "، فتفجير إحداها ليس بالأمرالسهل ، و سيكون من الصعب نقل المخطط " الإختراع " من دون أن يتم استكشافه الأكثر من ذلك هناك بلدان سيكون لديها دوافع قوية للعمل مع واشطن من أجل إايجاد السلاح قبل أن يكون هناك إمكامية لإستخدامه.
لذلك فإن الشئ الواضح هو أنه ينبغي أن نعمل مع الدول الأخرى لتحسين الأمن النووي ،مثلما ينبغي إنجاز هذه الامكانية الضئلية حتى وإن كانت غير محتملة بشكل كبير، أخيرا فأن إمكانية قيام الإرهابيين بضرب الأراضي الأمريكية كانت أمرا غير ممكن بكل النسب ، فخلال السنوات التسع التي أعقبت 11/9 حذّر رسميون حكوميون وخبراء في شؤون الإرهاب بشكل متكرر أن هجوما رئيسيا آخر على التراب الأمريكي أمر ممكن ، بل أنه على وشك الحدوث لكن بباسطة لم تكن هذه هي القضية . فالمحاولات الوحيدة التي شهدناها كانت هجمات قليلة فاشلة أُعدّت بشكل فردي بالتواصل مع القاعدة ، مثل " الحذاء المفجر"shoe Bomber الذّي حاول نسف الخطوط الجوية الأمركية " باريس ميامي " في ديدرويت ديسمير 2009 ، اذن لدينا مشكلة ارهاب ، لكن من الصعب اعتباره تهديد فعلي ، لانه في حقيقية الأمر تهديد أصغر. ربما مجال الإعتراض جاء أكثر احاطة من خلال تعليق جون ميلرjohn mueller العالم السياسي لولاية أوهايو ohio عندما قال : " أن عدد القتلى الأمريكيين من جراء الإرهاب الدولي منذ أواخرالستينيات، هو تقريبا نفس عدد القتلى خلال نفس الفترة من جراء الرعد او الحوادث التي يسببها الغزلان "الصيد" أو ردود الأفعال العكسية للحساسية التي يسببها الفول السوادني."
"the number of americans killed buy international terrorism since the late 1960s is about the same as the mumber killed over the same period by lightning or by accident caussing deer .or by servere allergic vactions to peanuts "
قد يحاجج أحدهم بالقول أنه لن يكون هناك على التراب الأمريكي منذ 11/9 لأن الحرب العالمية على الإرهاب أحرزت نجاحا كبيرا لكن هذا الإدعاء يندد بحقيقية أن القاعدة حاولت ضرب الو.م .أ بجهد في العقد السابق لاحداث 11/9 ، في الوقت الذي لم يكن هناك أي حرب عالمية على الإرهاب ، وقد نجحت في محاولتها هذه مرة واحدة وحسب ففي فبراير 1993فجرت القاعدة قنبلة مفخخة في مستودع أسفل مركز العالمي مخلفة ست ضحايا ، مرت أكثر من ثمانية سنوات قبل ضرب الجماعة لنفس المجمع البنائي للمرة الثانية لا أحد يذكر أن أحداث 11/9 كانت مشهدا ناجحا بالنسبة للإرهابين لكن ليست لهجمات بيرل هاربور التي ادخلت الو.م. أ في معارك ضد الإمبريالية اليابانية وألمانية النارية الذاي يعدان حقيقة خصمين خطرين ، حوالي 50 مليون من البشر – أغلبهم من المدنيين – ماتوا بقسوة خلال هذا النزاع ، انّه من السخف مقارنة القاعدة بألمانيا أو اليابان أو تشبيه الحرب العالمية على الارهاب بحرب عالمية.
هذا التهديد المُضّخم الواضح عرقل الجهود الأمريكية لتحييد القاعدة فمن خلال التوسيع الجنوبي لنطاق مشكلة الأرهاب ، بدأت واشنطن في إثارة القتال ضد الجماعات الإرهابية و البلدان التي من جهة أخرى ليس لها مصلحة في مهاجمة الو.م .أ و التي أبدت في بعض المسائل استعدادها لمساعدتها لإعاقة القاعدة ، إنّ توسيع الهدف قاد صناع السياسة الأمريكيين أيضا الي غضّ نظرهم عن خصومنا الأساسيين .
بل الأبعد من ذلك فإن تعريف تهديد الإرهاب كان أكثر اتساعا كان مرتبطا بحالة الطوارئ الثابتة حول هجمات مبالغ في تصويرها والتي ربما ستكون أكثر دموية حتى من هجمات 11/9 كل ذلك أدّى بقادة الو. م. أ إلى شنّ حرب كلية عبر العالم معتبرين أن هذا النزاع هو نزاع من أجل خدمة هذا الجيل ، وهذه بالضبط الصيغة الخاطئة للتعامل مع مشكلة الإرهاب لدينا ، ينبغي أن نركز إنتباهنا الكلي في الحقيقة على القاعدة ، وعلى أي جماعة أخرى استهدفت الو.م.أ كما ينبغي أن نتعامل مع التهديد كمشكل مفروض من خلال القانون فقط "as a law-enforcement problemبدلا من القوة العسكرية لأنّ ذلك يتطلب منا التدخل في حروب واسعة التصعيد عبر العالم ، ينبغي علينا بالأخص الإعتماد بشكل أساسي على الاستخبارات عمل الشرطة عمليات التغطية المنتقاة بشكل حذر والتعاون المُغلق مع الحلفاء لتحييد أشباه القاعدة
للتعامل الفعّال مع الإرهاب ، فإنه من اللازم فهم الدوافع التي تقود القاعدة لاستهداف الو.م.أ بالدرجة الأولى قد يريد أحدهم أيضا أن يعرف ما هو السبب الذي يجعل عددا واسعا من الناس في العالمين العربي و السلامي في حالة غضب شديد من الو.م.أ والذي يجعلهم يدعمون أو في أقل تقدير يتعاطفون مع هذه الأصناف من الجماعات الأرهابية ، ببساطة نتسائل لماذا يكرهوننا ؟
هناك احتمال لاجابتهم عن هذا السؤوال : الإحتمال الأول هو أن القاعدة وداعميها يشمئزون منا ، من نمثل نحن بعبارة أخرى ، هذا صراع للحضارات والذي سطع بسبب كراهية المتطرفين لقيم الغرب عموما و الديمقراطية اللبرالية على وجه التحديد.
كبديل عن ذلك فإن هذه الجماعات قد تُكّن كراهية لنا ،لانّهم غاضبون بشأن سياساتنا الشرق أوسطية.
هناك تخلّي عن فحص للمعطيات و دليل يؤشر إلى أن الإجابة الثانية هي الإجابة الصحيحة ، فالغضب والكراهية تجاه الو.م.أ في العالمين العربي و الإسلامي جاءت بشكل واسع بسبب سياسات واشنطن و ليس بسبب أي عدم إيمان عميق تجاه الغرب .
السياسات التي تُعد عموما في أغلبها معادية للأمركة تتضمن دعم واشنطن لمعالجة إسرائيل للشأن الفلسطيني ، تواجد القوات الأمريكية في السعودية بعد حرب الخليج 1991 ، الدعم الأمريكي لأنظمة قمعية في دول كمصر، العقوبات الإقتصادية الأمريكية على بغداد بعد الحرب الخليج الأولي و التي قُدر بتسببها موت حوالي 500 ألف مدني عراقي و الإجتياح ثم الإحتلال الأمريكي للعراق .
كل ذلك ليس من أجل القول أن عناصر القاعدة يحبون أو يحترمون القيم و المؤسسات الأمريكية لأنه من المؤكد أن معظمهم لا يفعلون ذلك . لكن هناك دليل بسيط بأنهم يبغضون ذلك كثيرا و بأنهم كانوا محفزين لإعلان الحرب على الو.م.أ. فقضية خالد شيخ محمد – الذي وصفته لجنة 11/9 بأنه " المهندس الرئيسي لهجمات 11/9 "- تخبرنا الكثير. ذلك أن القضية الفلسطينية و ليس بُغض طريقة الحياة الأمريكية هي التي شكلت دافعا له . بتعبيرات اللجنة أن :" عداء خالد شيخ محمد تجاه الو.م.أ لم ينشأ بفعل خبرته كطالب بل كان منبعه من عدم إتفاقه الشديد مع السياسة الخارجية للو.م.أ المنحازة لإسرائيل ."
كما أكدت اللجنة أيضا أن بن لادن نفسه كان مدفوعا في جانب كبير بدعم أمريكا للسلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين .
لم يكن مفاجئا أن الرئيس بوش و مستشاريه رفضوا هذا التفسير لأحدث 11/9 ، لأن قبول ذلك سيكون بشكل حقيقي قبول فكرة أن الو.م.أ تتحمل جزء كبير من مسؤولية أحداث هذا اليوم المأساوي. يجب الإعتراف أن سياساتها الشرق أوسطية تقع في قلب كل ذلك .
حقيقة بعد حدوث أحداث 11/9 مباشرة صرح الرئيس قائلا :" يكرهون حريتنا ، حرية ديننا ، حرية التعبير لدينا ،حرية الإقتراع و التجمع لدينا ، و لا يتواقفون مع كل من ذلك ." على الرغم من كل الأدّلة المضادة ، فقد رُوجت هذه الحجة كثيرا في أمريكا لأعوام قليلة على الأقل . لكن كيف كانت العمليات السياسية في تصوير القتال مع القاعدة بإعتبارها صراع بين طريقتين مختلفتين للحياة ؟
ليس هناك أي فرصة تجعل الو.م.أ تُقدم على تغيير ملامحها القاعدية لحل مشكلتها مع الإرهاب. حقيقة فإن إدارة الرئيس بوش قررت الإضطلاع بالتدّخل الإجتماعي بشكل واسع . لم يتعلم أحد شيئا من الدروس سيئة السمعة بشأن بناء الأمة nation building التي سجلت في سنوات كلينتون . نعم لقد جلبنا الديمقراطية اللبرالية و القيم الغربية للعرب و الإيرانيين ، كما إنتهت مشاكلنا مع الإرهاب :" فالعالم كان له مصلحة واضحة في نشر القيم الديمقراطية ." مثلما قال الرئيس مضيفا : " لأن الأمم المستقرة و الحرة لا تنتج الإديولوجيات المميتة "
بإعطاء الجيش الأمريكي القدرة "القوة" و الإيمان بأن الديمقراطية في طريق الإنتشار عبر العالم فقد فكرت إدارة بوش و مؤيديها أنه من السهل إعادة صنع العالمين العربي و الإسلامي حسب تصّور الو.م.أ بالطبع فقد كانوا مخطئين بالنسبة لإخفاق إدارة بوش في فهم حدود ما بإمكان القوة العسكرية الأمريكية فعله لتحويل الشرق الأوسط .
الإفتراض الخاطئ بأن أمريكا بإمكانها القيام بالتدخل الإجتماعي من خلال قدرتها العسكرية التي لا تقهر- إلى جانب التنظير المتغطرس للمحافظين الجدد- وجدت جذورها في أفغانستان . بحلول شهر ديسمبر 2001 بدى بأن الجيش الأمريكي حقق فوزا سريعا ونصرا مذهلا على طالبان و قام بتنصيب نظام صديق في كابول بإمكانه أن يحكم البلد بشكل فعلي في المستقبل المتوقع . من المهم القول أن الحرب إنتهت بالفوز بتظافر القوات الجوية الأمريكية ، الأحلاف المحلية و كذلك وحدات القوات الخاصة . كيف بدى سهلا تسليم هذا البلد حريته .لم يكن هناك داعي لإجتماع واسع ، لذلك فعندما إنتهى القتال لم تكن الو.م.أ تبدو كمحتل لا لأنها بدت من المحتمل أن تكون كذلك .
بل لأن حميد كرازاي توقع الحفاظ على النظام في أفغانستان من دون حاجة كبيرة إلى مساعدة الو.م.أ. لقد كان إدراك نصر مذهل في أفغانستان مهما جدا لأن القادة نادرا ما يدخلون الحروب إلا إذا كانوا يظنون أن بإمكانهم تحقيق فوز سريع و إنتصارات حاسمة .
إن مشهد القتال في نزاع بهدف الحماية يجعل صناع السياسة متحفظين في شهر السلاح، ليس لأن التكاليف تبقى باهضة و حسب و لكن أيضا لأنه من الصعب تحديد المدة التي تستغرقها الحروب حتى تصل إلى نهايتها. لكن مع بداية سنة 2002 وجدت الو.م.أ صيغة لربح الحروب في العالم النامي بشكل سريع و حاسم و بالتالي التخلص من الحاجة إلى الإحتلال الحمائي .
بدى أن بإمكان الجيش الأمريكي الخروج من بلد بسرعة بعد قلب نظامها و تنصيب قائد جديد ثم المضي قدما نحو هدف جديد يبدو ذلك و كأنه يمنح صك براءة للمحافظين الجدد.لقد أقنع هذا التفسير الكثير من الناس في دائرة السياسة الخارجية ، فهذا الطريق مفتوح الآن لإستعمال الجيش الأمريكي من أجل تحويل الشرق الأوسط و من ثمة السيطرة على الكون . -and with this hubris firmly in place
و مع هذه الغطرسة الثابتة هاجمت أمريكا العراق في 19مارس 2003 ، خلال أشهر قليلة بدى بأن " النموذج الأفغاني" يثبت مفعوله من جديد ، ضل صدام مختفي أما الرئيس بوش فقد أنزل يوأس أس أبراهام لينكولن مع راية كبيرة على خلفية إنجاز علني .بدى في تلك اللحظة أنه لن يطول الحال قبل أن تندلع الحرب الموالية ، ربما ضد إيران أو سوريا و ربما كان يصيب الدول الآخرى في الإقليم فزع كبير من مجرد تهديد أمريكا لها بالهجوم و كان ذلك كافيا ليتسبب في تغيير النظام .
بالطبع فكل ذلك تحول إلى سراب، فقد أصبح العراق مثلا مستنفعا مميتا بعد سنوات قليلة مقتفيا خطى النموذج الأفغاني.
إن ما بدى في الواقع أنه سيكون نصرا مبهرا في أفغنستان لم يكن كذلك.لقد كانت هناك فرصة ضئيلة بأن تتجنب الو.م.أ إطالة الإحتلال منذ أن واجهنا مشكلتان عويصتان ، فإذا كان من السهل خلع طلبان من الحكم فلم يكن من الممكن للجيش الأمريكي و حلفائه إلحاق الهزيمة بهذا الخصم ، فعند مواجهة الدمار الوشيك يتلاشى مقاتلون طالبان إلى الدول المجاورة أو إلى باكستان عبر الحدود ، أين بإمكانهم إعادة التجمع والعودة مجددا للقتال في يوم آخر .
هذا هو السبب وراء صعوبة التمكن في الماضي من المتمردين بملتجائهم الخارجية .
الأكثر من ذلك فقد آلت حكومة كرزاي إلى السقوط ليس فقط لأن قائدها وُضع بالقوة من طرف واشنطن ،أو لأن أفغانستان كان لها دوما حكومة مركزية ضعيفة ، و لكن أيضا بسبب عدم أهلية و فساد كرزاي و أعوانه هذا يعني أنه لم يكن هناك أي سلطة مركزية لحكم البلد و إيقاف طالبان عندما تعود من جديد للحياة و هذا يعني أن على الو.م.أ أن تقوم " بنقلة قوية ". كان على القوات الأمريكية إحتلال البلد و قتال طالبان ، كان عليها أن تفعل المزيد من أجل دعم حكومة هشّة تحضى بشرعية ضئيلة خارج كابول، كأي شخص مطلع على حرب فيتنام يعرف أن هذه و صفة للهزيمة.
إذا كانت هناك حاجة لمزيد من الأدّلة بأن "النموذج الأفغاني " المعلن عنه لا يعمل فإنّ العراق أحسن ما يثبت ذلك خلاف لما كان يدعيه المحافظين الجدد قبل الإجتياح. فإذا لم تكن الو.م.أ قد أعدّت لتنصيب دكتاتور آخر فإنها لن تكون قادرة على إسقاط صدام .لم تكن بغداد الوحيدة التي تملك عددا قليلا من المؤسسات السياسة ذات الإستقرار الجيد و مجتمع مدني ضعيف ، ففي الحقيقة كان إنتقال صدام to unleash powerful "centrifugal forces " بمثابة إطلاق العنان لقوى الطرد المركزي
الأمر الذي قاد الى حرب مدنية دموية في غياب الحضور الأمريكي الواسع-خاصة و أن القوى السياسة السنية كانوا متأكدين من ضرورة مقاومة فقدان القوة لصالح الأغلبية الشيعية الذي كانوا أكبر المستفيدين من الإحتجاج الأمريكي .هناك أيضا إختلاف عميق بين الجماعات الشيعية العديدة , كما لم يرد الأكراد أبدا بأن يحكموا من قبل بغداد. و في ذروة الأمر كله، هناك القاعدة في بلاد ما بين النهرين التي بدت على المشهد بشكل محتمل ." بالطبع لم تواجه الو.م.أ تهديد إرهابيين من العراق قبل الإحتجاج " ، كل ذلك يعني أن إطالة الإحتلال الأمريكي يعد ضروريا للحفاظ على الدولة من تمزيق نفسها إلى أجزاء … يُتبع


جلال خشيب : باحث مهتم بالدراسات الدولية و الإستراتيجية ، الجيوبوليتيكا و الفلسفة السياسية ، جامعة منتوري قسنطينة / الجزائر .



#جلال_خشيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة خاصة لمفهوم الأمن / مجرد فكرة .
- زبيغنيو بريجانسكي و الماكيندرية الجديدة
- التوجهات الكبرى للإستراتيجية الأمريكية بعد الحرب الباردة
- سوريا في مهّب التحولات الدولية
- فلسفة الإستراتيجية الأمريكية
- سوريا في مهب التحولات الدولية .. دراسة جيوبوليتيكية نظرية
- صعود الإسلام و روح المدنية الغربية الجديدة


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - إمبريالية مُصمّمة/ جون ميرشايمر