أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - زبيغنيو بريجانسكي و الماكيندرية الجديدة















المزيد.....

زبيغنيو بريجانسكي و الماكيندرية الجديدة


جلال خشيب

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 22:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مع نهاية القرن العشرين جاء زبيغنيو بريجانسكي المستشار الأسبق للأمن القومي الأمريكي، بنظرية جديدة يعيد فيها حيوية الأفكار التي جاءت بها نظرية "قلب العالم" في مؤلفه الشهير "رقعة الشطرنج الكبرى".
والافتراض الذي ينطلق منه بريجانسكي مفاده أن السيطرة العالمية للو.م.أ "الزعيمة الحالية للتلاسوكراتيا"، تبقى مفتوحة وغير مكتملة ما لم تعززها بالسيطرة على منطقة أوراسيا التي هي بمثابة الفراغ الجيواستراتيجي المتمم لسيطرتها العالمية، إذا ما توافرت شروط إملاء هذا الفراغ وتتلخص نظرية بريجانسكي بالأفكار التالية:
يقول بريجانسكي: "إن أوراسيا هي الجائزة الجيوبوليتيكية الرئيسية فأوراسيا هي القارة الأكبر في العالم وهي المحور في مجال الجيوبليتيكا تسيطر القوة التي تتحكم في أوراسيا على اثنين من مناطق العالم الثلاث الأكثر تقدما والأوفر في مجال الإنتاجية الاقتصادية، تكفي نظرة واحدة إلى الخارطة إلى اكتشاف أن بسط السيطرة على أوروبا يستتبعه أوتوماتيكيا إخضاع إفريقيا، الأمر الذي يجعل نصف العالم الغربي وأوشيانا بمثابة المحيط الخارجي للقارة المركزية من الناحية الجيوبوليتيكية".
يعيش في أوراسيا حوالي 75% من شعوب العالم، وفيها أيضا توجد معضم ثروات العالم سواء كانت مخبوءة تحت ترابها أو ظاهرة في مشاريعها وأعمالها تنتج أوراسيا حوالي 60% من إجمالي الناتج القومي العالمي وتوجد فيها حوالي ثلاثة أرباع مصادر الطاقة المعروفة في العالم.
كما أن أوراسيا أيضا، موطن الدول الأقدر سياسيا والأكثر ديناميكية في العالم فالدول الست التي تلي الو.م.أ في ضخامة الاقتصاد وحجم الإنفاق العسكري تقع في أوراسيا، وفي أوراسيا أيضا توجد جميع الدول النووية المعلنة في العالم باستثناء واحدة،كما توجد فيها أيضا جميع الدول النووية السرية باستثناء واحدة، وإلى أوراسيا تنتسب الدولتان الأكثر سكانا في العالم، والدولتان الأكثر تطلعا إلى الهيمنة الإقليمية والنفوذ العالمي… وهكذا فإن أوراسيا هي رقعة الشطرنج التي يتواصل فوقها الصراع من أجل السيادة العالمية… ويتابع بريجانسكي قائلا" إن رقعة الشطرنج الأوراسية بيضوية الشكل لا تشغل لاعبين اثنين بل عدة لاعبين يمتلك كل لاعب منهم كميات متباينة من القوة، يستقر اللاعبون الرئيسيون في الغرب، والشرق والمركز والجنوب تحتوي النهايتان الغربية والشرقية للرقعة على مناطق كثيفة السكان، جيدة التنظيم ومزدوجة بعدد من الدول القوية، ما بين النهايتين الغربية والشرقية تمتد مساحة وسيطة واسعة قليلة السكان وتعاني حاليا من حالة سيولة سياسية وتشظ تنظيمي، وقد كانت هذه المساحة محتلة من قبل قوة منافسة كبرى، إلى الجنوب من تلك السهوب الأوراسية المركزية الواسعة تقع منطقة تجمع بين الفوضى السياسية ومصادر الطاقة الغنية تمتلك أهمية عظمى بالنسبة لدولة أوراسيا الغربية والشرقية معا، وتضم المنطقة الجنوبية الأدنى دولة كثيفة السكان تتطلع إلى الهيمنة الإقليمية.
رقعة الشطرنج الأوراسية هذه ذات المساحة الواسعة والشكل الغريب، والتي تمتد من لشبونة إلى فلاديفوستوك توفر الأرضية التي تدور عليها اللعبة.
فإذا كان بإمكان "القوة العالمية العظمى اليوم" سحب المساحة الوسطية إلى داخل الفلك الغربي المتوسع –حيث تسود هذه القوة- وإذا لم تخضع المنطقة الجنوبية لسيادة لاعب واحد وإذا لم يتواجد الشرق بطريقة تتيح طرد هذه القوة العظمى من قواعدها الموجودة على سواحله يمكن عندها القول بأن السيادة قد تحققت لهذه القوة أما إذا رفضت المساحة الوسطى الغرب، وتحولت إلى كيان موحد ذي شأن وتحقق لها واحد من أمرين، إما السيادة على الجنوب أو عقد تحالف مع اللاعب الرئيسي في الشرق، فإن سيادة هذه القوة على أوراسيا تتقلص بشكل درامي ويصح القول نفسه إذا ما توحد اللاعبان الشرقيان الرئيسيان بأي شكل من الأشكال، وأخيرا فإن أية إزاحة للقوة العظمى من موقعها على الطرف الغربي من قبل شركائها الغربيين يعني أوتوماتيكيا، نهاية مشاركة هذه القوة في لعبة الشطرنج الأوراسية.
وانطلاقا من أهم الأفكار الواردة ضمن هذا العنصر، نخلص إلى الأهمية البالغة التي أولاها الباحثون أو القادة السياسيون والعسكريون لدور إقليم أو أقاليم محددة، -بما تتمتع به من ميزات فريدة- في جذب أنظار القوى الكبرى الطامحة إلى الهيمنة العالمية والتي تبني إستراتيجيتها في تحقيق هذه الهيمنة انطلاقا من الارتكاز على هذا الإقليم –أو الأقاليم- دون غيره، مما يجعل هذا الإقليم وخلال فترة زمنية معينة، سببا كامنًا وراء تفجير نزاع حاد لا يمكن التنبؤ بنتائجه وانعكاساته الدولية.
ولعل الشيء اللافت للانتباه في هذه النظريات، أنه وبالرغم من انطلاقها من مسلمات نظرية واحدة، تعطي أهمية لدور الإقليم في تحقيق السيطرة العالمية أو تفجير النزاعات الكبرى، إلا أنها اختلفت في تحديد إقليم بعينه، يكون منطلقا للارتكاز لتحقيق هذه السيطرة أو تفجير هذا النزاع، والذي قد يعتبره البعض ضربا لمصداقية هذه النظريات وتشكيكا في قدرتها على إيجاد نسق موحد لتفسير جيواستراتيجي متكامل لظاهرة النزاع الدولي، إلا أن هذا الاختلاف يمكن إرجاعه إلى مسألتين أساسيتين ترتبط أولاهما بذات الباحثين أو المنظرين، وولاءاتهم الإستراتيجية والقومية، فهذه النظريات تعبر في واقع الأمر عن رؤى جيوبوليتيكية وإستراتيجية محددة يطمح أصحابها إلى تفعيلها عبر مؤسسات دولهم المعنية، فبعد دراسات جادة يحل كل باحث من هؤلاء –حسب انتمائه القومي- إلى أن الإقليم الفلاني هو الأنسب لدولته في تحقيق الهيمنة العالمية من جهة كما أن تكاليف السيطرة عليه ومنع القوى الأخرى من الوصول إليه تتماشى وإمكانيات وموارد هذه الدولة من جهة أخرى، فكما يقول روبرت كوكس في مقولته الشهيرة" أن النظريات تكتب من أجل هدف ما ولشخص ما"
أما المسألة الثانية فترتبط بديناميكية السياسة الدولية والتفاعلات الدولية، ذلك أن مركز الإقليم في إطار السياسة الدولية لا يتوقف من الناحية الجيوبوليتيكية على موقعه الجغرافي الثابت، وإنما يعتمد أيضا وإلى حد بعيد على علاقة هذا الموقع بمراكز القوى المؤثرة في السياسة الدولية، ولما كانت مراكز القوى هذه في حالة تغير لأسباب عديدة، فإن قيمة الموقع الجغرافي للإقليم هو الآخر يتغير، ليس من الناحية الجغرافية، وإنما من حيث طبيعة التفاعلات السياسية، بعبارة أخرى فإن التفاعلات السياسية وتغير مراكز القوى الدولية تؤثر على القيمة السياسية للموقع الجغرافي.
وأخيرا، وبالرغم من الانتقادات الحادة التي وجهت للنظريات الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية عموما، خاصة تلك المرتبطة بإهمالها لعنصر التقدم التكنولوجي والتطور الحاصل في ترسانات الدول العسكرية والأخص ما فرضته الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات، والأقمار الصناعية "عسكرة الفضاء"، من قيود على فاعلية هذه النظريات فإن المنافسة على الأرض مازالت تسيطر على الشؤون الدولية، حتى وإن أصبحت اليوم تتخذ أشكالا أكثر تمدنا كما يذهب إلى ذلك مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبيغنيو بريجانسكي، والذي يضيف أنه: "وفي إطار هذه المنافسة لا يزال الموقع الجغرافي يشكل نقطة الانطلاق في تحديد الأولويات الخارجية للدول القومية، كما يظل حجم الرقعة الوطنية واحدا من أهم المعايير المكانة والقوة".

يونيو 2009

جلال خشيب باحث مهتم بالدراسات الدولية و الإستراتيجية ، الجيوبوليتيكا و الفلسفة السياسية ، جامعة منتوري قسنطينة / الجزائر .

المراجع المعتمدة :
1- بريجنسكي زبيغنيو، رقعة الشطرنج الكبرى، الأولية الأمريكية و متطلباتها الجيواستراتيجية ترجمة: أمال الشرقي، الأهلية للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2007، عمان-الأردن.
2- دوغين ألكسندر، أسس الجيوبوليتيكا، مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي، ترجمة: عماد حاتم، دار الكتاب الجديدة المتحدة، الطبعة الأولى 2004 ، بيروت-لبنان .
3- الذيب محمد محمود إبراهيم، الجغرافية السياسية، منظور معاصر، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة السادسة 2005، القاهرة-مصر.
4- فهمي عبد القادر محمد، المدخل إلى دراسة الإستراتيجية، دار مجدلاوي، الطبعة الأولى 2006، عمان-الأردن.



#جلال_خشيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوجهات الكبرى للإستراتيجية الأمريكية بعد الحرب الباردة
- سوريا في مهّب التحولات الدولية
- فلسفة الإستراتيجية الأمريكية
- سوريا في مهب التحولات الدولية .. دراسة جيوبوليتيكية نظرية
- صعود الإسلام و روح المدنية الغربية الجديدة


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلال خشيب - زبيغنيو بريجانسكي و الماكيندرية الجديدة