أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - لماذا ليست طائفية في سورية؟ -1-















المزيد.....

لماذا ليست طائفية في سورية؟ -1-


علاء الدين الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 00:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أول أيام الثورة السورية عام 2011 انطلقت أصوات كثيرة إعلامية وسياسية تتكلم عن "الطائفية" بسوريا. وأولها كان إعلان النظام أنها ليست ثورة شعبية بل مؤامرة كونية اشترت بعض "المندسين" بالداخل السوري الذين يريدون إشعال حرب طائفية. وطبعا تصاعدت التحليلات "العبقرية" أيضا من الإعلام العربي وخاصة الخليجي ومن الغربي أيضا وكلها تتكلم عن "حكم العلويين" لسوريا. النظام لم يكتفي بالإعلام والإعلان بل سرّب متقصدا فيديوهات عن التعذيب نسمع عبارات الإهانة والكفر وبلهجة ريف جبلة السوري والتي اصطلح أن يسميها بعض السوريين "الجاهلين" بسورية لهجة علوية، مع أنه لا وجود للهجة علوية. إذا فالدفع وراء ترسيخ التفسير الطائفي إعلاميا وعمليا تم شحذه ودعمه من قبل كل الأطراف من أول أيام الثورة وإلى يومنا هذا حيث أصبحت سوريا تئن تحت حرب داخلية خارجية مجنونة بالدم والظلم.
لم يتوقف تيار التفسير الطائفي خلال 3 سنين بل يزداد قوة، فهو أحد النقاط القليلة التي توافق عليها المتحكمون بالصراع على سوريا سواء من جهة دعم النظام أو من جهة محاربة النظام ولكل غاياته وخططه. تراوح هذا التوصيف الطائفي بين عبارات ساذجة انفعالية بالشارع أو الفيس بوك (السنة يريدون قتل العلويين) (العلويون يريدون قتل السنة) (هم يكرهوننا)، إلى مقالات وتحليلات كثيفة مصاغة بعبارات لماعة ومغلفة بتعابير الفلسفة وعلم الاجتماع ومحتمية بادعاء الواقعية. هذه التفسيرات شملت الإعلام والخطاب السياسي العربي كله (مع أو ضد) والغربي والروسي والإيراني. إذا فكل "العالم" متفق على أنها مشكلة طائفية، فهل تريد هنا القول أن كل هذا "العالم" على خطأ؟
الجواب على السؤال السابق هو "نعم"، أريد القول أن كل هذا "العالم" على خطأ. فهذا "العالم" بالواقع هو مؤسسات تحكم العالم الحقيقي الذي يشملني ويشملك وكل البشر العاديين، مؤسسات من سلطة ومال وإعلام لو عدنا فقط قرنا للوراء لوجدنا أن منتجها كان حروبا قتلت ما يفوق المئة مليون انسان خلال قرن من الزمن وخلفت مئات ملايين الفقراء الجوعى. هذا "العالم" بكل فعله على الأرض لا يمكن أن ينتج المقولات الصحيحة والتفسيرات العادلة. ولنعد للمأساة السورية ونختصر بالبرهان على أنها "ليست مشكلة طائفية":
أولا، من أصول التحليل العلمي للمجتمعات الإنسانية هو التنزه قدر الإمكان عن الخبرات الشخصية للمحلِل ولمن يحتك بهم هذا المحلِل. فمن الظواهر العامة الشاملة لكل المجتمعات الإنسانية هي ظاهرة "التبرم من ظلم الناس والزمان".
باعتبار أن الإنسان حبيس جسمه وعقله وأن تركيبة المجتمع الإقتصادية لا تسمح سوى للقلة القليلة بالصعود لقمة الهرم، وبما أن الإنسان يرى نفسه من أفضل الناس إن لم يرى نفسه أفضلهم، فأسهل طريقة لتبرير ما يراه فشلا هو إلقاء اللوم على الناس وانعدام الأمانة والإخلاص والصدق وعموم الظلم والاستغلال، بدءاً من صفوف المدرسة ومرورا بمكان العمل وعلاقة الزوجية ووصولا للمناصب العليا. هذه فكرة بشرية عامة، مع ذلك هي فكرة خاطئة تماما من الناحية المنطقية والإحصائية، فبما أن الغالبية تشتكي من قلة الأمانة عند الآخرين مقارنة بما يحمله الشخص المشتكي من أمانة يؤدي لنتيجة واحدة أن الغالبية تتمتع بالأمانة التي تشتكي من انعدامها. وعلى ذلك يمكن القياس بكل الصفات السلبية وصولا للكراهية وفق تصنيفات الطائفة والعرق والجنس.
ثانيا، بناء على الكلام السابق نقول أن الوجود البشري الحالي يؤكد حقيقة مطلقة على الكرة الأرضية وهي أن غالبية البشر المطلقة أبعد ما تكون عن "الشر" بمعناها التحاقدي والتقاتلي والتظالمي. هذه الحقيقة يؤيدها سبب أكثر بساطة ووضوحا وهو: لو كانت نسبة الأشرار كبيرة قليلة بين البشر لما استطاعت البشرية الاستمرار بالوجود على هذه الأرض لكل هذه الآلاف من السنين. كيف يمكن للبشرية أن تستمر على هذه الأرض لو كان الشر عاما بينها؟ أمام هذا السؤال لا نرى سوى أجابتين:
• إن البشر استمروا بالوجود والتقدم بسبب قوة المؤسسات الحاكمة للسلطة والمال والتي قادت الجموع البشرية المتخمة بالشرور غصبا عنها للاستمرار والتقدم.
• أو أن البشر بغالبيتهم المطلقة ميالون للتسالم والتعايش والتواصل.
وما بين الجوابين للإنسان أن يختار، أن يؤمن بمبدأ القوة والصراع وبالتالي يقبل الصدفة التي قد تجعله من الأقوياء أو الحالة العامة التي تجعله من المظلومين. أو أن يؤمن بنفسه كإنسان وبمن حوله من أناس.
ثالثا، التاريخ مليء بالمواقف والأفكار التي اتفق عليها غالبية البشر أو عدد هائل منهم لكن ثبت خطؤها لاحقا. بغض النظر عن الحقائق العلمية التي نقضت ما آمن به "كل العالم" لآلاف السنين مثل كروية الأرض وأسباب الأمراض وعلاجها. لننظر إلى قبول غالبية البشر لآلاف السنين لمبدأ العبودية والطبقات الإجتماعية، فقبل 200 سنة فقط كانت العبودية أمرا عاديا ومقبول أخلاقيا، ونبل العائلة الملكية أو السلطانية نابع من دمها النقي. بل حتى بزماننا هذا المصيبة أبشع، فلو سألنا الغير سوريين في الغرب وأمريكا والصين وأوستراليا ماذا يجري بسورية لقالوا عموما "ديكتاتور مستبد وحرب طوائف وإرهاب قاعدة". ولو سألنا المسلمين السنة-الشيعة ما هو الإسلام الصحيح لقالوا هو "مذهب السنة- الشيعة". هذه الأفكار الخاطئة تتكون إما طبيعيا من قلة المعرفة والعلم، أو بتحريض السلطة الماسكة لزمام الإعلام الشعبي كما هو بعصرنا الحالي.
رابعا، التعصب لطائفة أو قبيلة أو عائلة أو عرق أو قومية هو نوع من الحماقة العقلية التي قد يمارسها بعض الناس، فمن الثابت أن أخلاق الآخر معي ليست مرتبطة بصلة الدم أو الاعتقاد. وهذه الحماقة لا يمكن أن تضمن لأي ديكتاتور لا قديما ولا حديثا استمرار حكمه وقوته. الديكتاتور الحاكم يجب أن يستغل هذه الانتماءات على مبدأ "فرق تسد" ليكون هو الحاكم والقاضي بين الناس المنتمين لهذه المجموعات. ومن ذلك نرى أن تغلب مبدأ التعصب العائلي مثلا أدى دائما لانهيار العائلة الحاكمة لأن الابن أو الحفيد لا يملك مواصفات الحاكم القوي. وبزمننا هذا أصبح من الأكيد أن الاتكال على فئة دينية أو عرقية أو قبلية في حكم أي بلد هو انتحار إرادي للحاكم. وبالحالة السورية التي حكمها ديكتاتور واحد خلال 40 سنة ما كان له أن يحقق ذلك لو استسلم لحماقة التعصب لطائفته. بل قد نعطي مثالا أوضح، لننظر لأمير قطر السابق الذي لم يمنعه التعصب الطبيعي لأبيه من الانقلاب عليه، أو ما تنبهت له العائلة السعودية من ضرورة التخلي عن مبدأ التوريث للابن حتما وتوزيع السلطة على كامل العائلة والعائلات الأغني بالمملكة.



#علاء_الدين_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخليج العربي، أزمات حكام أم قوانين سوق
- مشكلة القطار والرجل السمين. بين الأخلاق وسعة الاختيار
- تلفزيون الواقع السوري
- أخطاء أم خطايا، الائتلاف والمجلس السوريان
- النظام السوري وسلاح الوقت
- جنيف2 دكان الأوهام، تجارة الطوائف بين الوفدين
- سوريا ساحة صراع الكل مع الكل
- لماذا الأقليات؟
- البيان النهائي لجنيف 2
- سوريا الضحية الأولى للحرب العالمية الرابعة
- بيان مؤتمر الشعب السوري الذي لم ينعقد
- يجب أن تحضر إيران جنيف2
- ماذا قرر السوق الدولي حول سورية؟
- تساقط النخبة العربية، من العظم إلى الفيس بوك
- عقد الغاز السوري الروسي بين الحقيقة والخيال
- شمشون الجبار لا يريد هدم المعبد، فقط هدم حلب
- التهدئة في وسط آسيا مقابل إشعال سورية
- سوريا، بضاعة طوائف وممانعة وثورة
- نصف الحقيقة هو كذب يا سيد نصر الله
- من الفرات للنيل، من الشريان للوريد


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - لماذا ليست طائفية في سورية؟ -1-