أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - ما معنى -النَّفي-؟














المزيد.....

ما معنى -النَّفي-؟


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4390 - 2014 / 3 / 11 - 15:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جواد البشيتي
إنَّ فَهْم وتَمَثُّل معنى "النَّفي"، في الجَدَل الهيجلي والماركسي، هو أوَّل شيء ينبغي لنا فِعْله إذا ما أَرَدْنا استعمال، وحُسْن استعمال، هذه "الأداة المنطقية الكبرى" في التحليل والتعليل والتفسير؛ فطالما أخفق كثيرون في هذا الاستعمال؛ لكَوْنِهم فَهِموا "النَّفي" بما يُناقِض معناه الجدلي.
"النَّفي (الجدلي، لا الميتافيزيقي)" هو "فِعْلٌ"، يجتمع فيه "حتماً" شيئان: "النافي" و"المَنْفي"؛ وهما يجتمعان في "المكان نفسه"، وفي "الزمان نفسه".
أُنْظروا، مثلاً، إلى الأفعال الآتية: "الكَسْر"، "الحَمْل"، القَمْع".
"الكَسْر" إنَّما يعني وجود، ووجوب وجود، "الكاسِر" و"المكسور"؛ ولا "كاسِر" بلا "مكسور"، ولا "مكسور" بلا "كاسِر".
"الحَمْل" إنَّما يعني وجود، ووجوب وجود، "الحامِل" و"المحمول"؛ ولا "حامِل" بلا "محمول"، ولا "محمول" بلا "حامِل".
"القَمْع" إنَّما يعني وجود، ووجوب وجود، "القامِع" و"المقموع"؛ ولا "قامِع" بلا "مقموع"، ولا "مقموع" بلا "قامِع".
والآن، أُنْظروا إلى "جسم متماسِك" شَرَع "يتصدَّع (يتفتَّت، يتمزَّق، يتجزَّأ)".
الجسم، و"لجهة تماسُكِه"، كيف (وبأيِّ معنى) يمكن أنْ "يتغيَّر"؟
إنَّه، وبصفة كونه "متماسِكاً"، لن يتغيَّر إذا ما "سَخَن" مثلاً. تغيُّره، في هذه الحال، إنَّما يعني أنْ "يُنْفى تماسُكه"؛ أنْ يتفتَّت ويتجزَّأ؛ فـ "التغيُّر" لا معنى له إلاَّ إذا كان "تَحَوُّلاً للشيء إلى نقيضه".
ما معنى هذا "النَّفي" لـ "التماسُك"؟
ما معنى أنْ يُنْفى "التماسُك" بـ "التَّفَتُّت"؟
أوَّلاً، لا نَفيَ إلاَّ لِمَا هو موجود؛ فلا "تفَتُّت" إلاَّ لجسمٍ موجود في "حالة تماسُك". إنَّ "وجود التماسُك" هو مبتدأ عملية نفيه.
افْتَرِضْ أنَّ "جداراً متماسِكاً" هو الآن، ولجهة "تماسُكه"، قَيْد النَّفي.
لقد نُفِيَ هذا "التماسُك" إذْ ظَهَرَ على الجدار أوَّل، وأصغر، تَصَدُّع. وثمَّة من يَظُن (أو يتوهَّم) أنَّ الجدار كان مِنْ قَبْل، أيْ قبل "ظهور" أوَّل، وأصغر، تَصَدُّع فيه، في حالة "تماسُك خالص (مُطْلَق، لا أثر فيه للنقيض، وهو التَّفَتُّت)".
كلاَّ، لا وجود أبداً لـ "تماسُكٍ خالصٍ من نقيضه"؛ فالضدان (التماسُك والتَّفَتُّت) يتَّحدان (في المكان والزمان) اتِّحاداً لا انفصام فيه. إنَّ شيئاً من "التَّفَتُّت (ومن المَيْل إلى التَّفَتُّت)" يخالِط دائماً "التماسُك" الذي يبدو لنا "تماسُكاً لا أثر فيه للتَّفَتُّت".
"تماسُك" هذا الجدار نُفِيَ إذا ظَهَرَ عليه أوَّل، وأصغر، تَصَدُّع. ومع ظهور هذا التَّصَدُّع الأوَّلي نقول إنَّ الجدار هو الآن في طَوْر، أو حالة، تَصَدُّع.
ولو نَظَرْنا في هذا "الطور"، أو في هذه "الحالة"، لتأكَّد لنا أنَّ "التماسُك" لم يَخْتَفِ تماماً من الجدار؛ فما زال "التماسُك" يُخالِط "حالة التَّفَتُّت (التَّصَدُّع)" في الجدار؛ وهذا ما يُعلِّل ويفسِّر قابلية الجدار لمزيدٍ من التَّصَدُّع؛ فكيف للجدار أنْ يتصدَّع أكثر إذا ما نُفِيَ تماسُكه نَفْياً ميتافيزيقياً، أيْ إذا ما خلا الجدار تماماً، وبالمعنى المُطْلَق، من التماسُك؟!
إنَّ النَّفي الجدلي لـ "التماسُك" مشروط بثلاثة شروط: "وجود التماسُك"، "التغلُّب على التماسُك وقواه"، و"الاحتفاظ (في الوقت نفسه) بالتماسُك وقواه".
"التَّفَتُّت" لن يأتي أبداً إلاَّ من "تماسُك موجود"، ومن "إلغاء وجود هذا التماسُك"؛ لكنَّ هذا "التَّفَتُّت" لن يستمر لحظة واحدة على قَيْد الحياة إذا ما زال "التماسُك" من الوجود؛ فالضِّدان يُوْلدان معاً، يعيشان معاً، ويزولان معاً.
وتبسيطاً للأمر، أقول: تَصوَّر "وحدة (وصراع) الضدين" على أنَّها "صِلَة بينكَ وبين خصم ٍ(أو عدوٍّ) لك".كلاكما يُوْلَد مع الآخر؛ كلاكما يعيش مع الآخر؛ كلاكما يموت مع الآخر. كلاكما نقيض للآخر؛ كلاكما في صراع دائم لا يتوقَّف مع الآخر. كلاكما يسعى في التغلُّب على الآخر (وقهره، واخضاعه). كلاكما، ومهما اشتد وعَنُف صراعه مع الآخر، لن يقتله؛ لأنَّه إنْ قَتَله، مات معه. كلاكما (من ثمَّ) يسعى في التغلُّب على الآخر، وفي الاحتفاظ به، والمحافَظَة، عليه، في الوقت نفسه. كلاكما لا يسعى إلاَّ إلى السيطرة والهيمنة على الآخر.
ونحن لو فَهِمْنا وتَمَثَّلْنا معنى "النَّفي" على هذا النحو لعَرَّفْنا "العدالة" على أنَّها "الظُّلْم إذْ غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"، و"الحركة" على أنَّها "السكون إذْ غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"، و"الإيمان" على أنَّه "الكُفْر إذْ غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"، و"الحرية" على أنَّها "العبودية إذْ غُلِبَت، واحتُفِظَ بها، في الوقت نفسه"، و"تماسُك نواة الذرَّة" على أنَّه "انقسامها إذْ غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"، و"الذكورة" على أنَّها "الأنوثة إذْ غُلِبَت، واحتُفِظَ بها، في الوقت نفسه"، و"تمدُّد الكون" على أنَّه "تقلُّصه إذْ غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"، و"النظام" على أنَّه "الفوضى إذْ غُلِبَت، واحتُفِظَ بها، في الوقت نفسه".
إنَّ كل شيء ينبغي لنا أنَّ نَنْظُر إليه على أنَّه "نقيضه الذي غُلِبَ، واحتُفِظَ به، في الوقت نفسه"؛ وهكذا نَفْهَم الأشياء والظواهر والأحداث والعمليات والخواص.. على نحو أعمق، وأكثر حيويةً وقوَّةً ودِقَّةً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسْتَعِدُّوا.. -المهدي المُنْتَظَر- يوشك أنْ يَظْهَر!
- الرؤية الكونية بعَيْنَيِّ -الساعة- و-المتر-!
- كيف نَجْعَل إلغاء الرأسمالية هَدَفاً قابلاً للتَّحْقيق؟
- الأزمة أُوكرانيَّة.. لكنَّ النَّكْهة سوريَّة!
- المأساة والمهزلة في -معركة السيادة على الأقصى-!
- -اللاَّحَجْم- و-اللاَّمادة-
- في فلسفة -التَّغَيُّر-
- اللوحة التي رسمها ديمقريطس للكون.. معدَّلةً!
- مصر.. من العقل إلى الإيمان فالجنون!
- دكتاتور قَيْد الصُّنْع!
- هذا -الجديد- في قضية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن
- هل يمكن الانتقال عَبْر -الثقب الأسود- إلى -كَوْنٍ آخر-؟
- إذا الكون انكمش..!
- في -يوم الحُبِّ-..
- الزمن يتوقَّف ولا يزول!
- في -الثقب الأسود- يَبْلُغ التناقض بين -المادة- و-الفضاء- وحد ...
- -العمل- شَرٌّ لا بدَّ منه!
- هل خَرَج الكون إلى الوجود من -البُعد الرابع- Hyperspace؟
- كوزمولوجيا جدلية
- عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!


المزيد.....




- هيفاء وهبي توجه تحية لفريقها الإبداعي في عيد العمال
- مصدران لـCNN يكشفان تفاصيل قرار مغادرة مايك والتز المحتملة ل ...
- إريك ترامب يعلن من دبي عن مشروع عقاري بقيمة مليار دولار.. هل ...
- الجزائر تلاحق إسرائيل بـ -العدل الدولية-
- قضية دمنهور: الحكم بالمؤبد على المتهم بهتك عرض -سبايدر مان- ...
- الخدمة العالمية في بي بي سي تطلق بثاً إذاعياً طارئاً لتغطية ...
- هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه ...
- -القاتل الصامت في منتصف العمر-.. كيف تهدد الساعة البيولوجية ...
- الأسطول الروسي والتقاليد الهندية
- المنفي يمهل مفوضية الانتخابات 30 يوما


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - ما معنى -النَّفي-؟