أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد سعده - النساءُ .. الجاريات المعتقات















المزيد.....

النساءُ .. الجاريات المعتقات


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 02:12
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الأساس في تناولي للمرأة يتمركز حول كونها أصلًا وليس فرعًا منبثقًا عن أصل، وأنّه لا ينبغي تحديد هُوية النساء على أنّهن كائنات جنسية، بل على أنّهن بالأحرى كائناتٌ بشرية. وأتحدّى أيّ شخص يمكنه إيجادُ تعريف واضح لطبيعة الجنسينِ أو ما يُسمّى بفطرة الأنثى، أو طبيعة الرجل؛ لأنّها أشياء تحدّدها بحقّ وبصدق التطوّرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتاريخية التي يمكن أن تُمْلِي أدوارًا مختلفة للرجل أو المرأة، وهذا يقودنا لحقيقة أنّه لا وجود لاختلافات ذات شأن بين الرجال والنساء. وكلاهما يمكنه أن يؤدّيَ كلّ دور في الحياة تقريبًا.
المرأة استطاعت في العقود الأخيرة تأكيدَ نفسها بنفسها، وانتزاع بعض حقوقها من خلال نضالات واحتجاجات منظّمة للنساء، بدأتها في مثل هذا اليوم 8 مارس 1908م عندما تظاهر الآلاف من عاملات النسيج في شوارع نيويورك حاملين قطعًا من الخبز اليابس وباقات ورود تحت شعار "خبز وورود" مطالبات بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء حقّ الاقتراع، والتأكيد على دور الدولة في تحرير النساء من كونهنّ مواطنات من الدرجة الثانية، وانضمّت لهنّ الكثيرات من الطبقة الوسطى، ليصبح هذا اليوم هو علامة فارقة في تاريخ الحركة النسوية، بالطبع دون إغفال بعض إسهامات المستنيرين من الرجال. ومع أنّ النساء كسرنَ أغلالهنّ بلا شكّ؛ فإنهنّ يبقين برغم ذلك "جاريات معتقات" في معظم الأحيان بعيدًا عن تمتعهنّ الكامل بحقوقهنّ ومساواتهنّ، ولا يحظين في أيّ بلد أو أمّة بنفس الفرص التي يتمتّع بها الرجال، حتّى في المجتمعات التي اعترفت بهنّ كمواطناتٍ.
وبرغم أنّ حقوق الإنسان تعني حقوق الكائن الإنساني رجلًا كان أو امرأة، إلّا أنّ النساء لا يتمتّعن أمام القانون بنفس ما يتمتّع به الرجال خاصّة فيما يتعلّق بالحقوق وثيقة الصلة بالزواج والطلاق، وحقوق الملكية، والميراث، فالعلاقات الاجتماعية القائمة بين الجنسين لا تستقيم حينما يتمّ تنظيمها بإخضاع أحدهما للآخر، ولن تستقيم إلا بتنظيمها وَفقًا لمبدأ المساواة التامّة التي لا تقرّ بأيّ سلطة أو امتياز لأحدهما على الآخر، أو انتقاص أو عجز لأحدهما عن الآخر.
المرأة في كلّ بقاع الأرض حالة يُرْثَى لها تمامًا؛ فمنذُ طفولتها وقبل اكتسابها أيّ قوّة أو قدرة يفرض عليها طابع مصطنع ويتمّ تعليمها منذ الصغر أنّ لعنة المرأة هي جسدها وجمالها، فيبدأ عقلها بالتشكُّل وَفقًا للجسد، بحيث تبقى المرأة حبيسة داخل قفص ذهبي لا تسعى إلا لعبادة سجنها، وأحيانًا قبول استعبادها بوصفه طبيعيًّا، برغم أنّ عادات الذكور غير العقلانية هي التي وضعت وحددت ملامح هذه العبودية. وتحرير النساء أجندة تاريخ ستتحقق لا محالة، وعلى نفس نهج تحرّر العبيد، وتحرُّر السود، لامناص من تحرّر النساء أيضًا. أي أنّ المسألة وقتية ليس إلّا.
وتقع المرأة فريسة للاستغلال الذي يلازمها كظلّها الأسود ويدمغ طفولتها حتّى قبل أن تبدأ الحياة، كما في حالات الإجهاض التمييزي بإزالة الأجنّة الإناث، وفي البلدان الأكثر فقرًا تتجلّى ظاهرة الاستغلال الجنسي للفتيات من ضحايا السياحة الجنسية، ورفض حقّ البنات في التعليم، وداخل الأسرة تبقى النساء تعانين من قمع الرجال الذين يجدون سعادة ورفاهية في اضطهادهن، ليصير الحطّ من قدر النساء عنصرًا من عناصر الزواج، ويمارس الرجال مختلف أشكال الاستغلال الجنسي، التي تؤدّي أحيانًا للقتل أو الانتحار، ويكفي الإشارة إلى أنّ النسبة الأكبر من النساء تستمرّ في البقاء داخل الأسرة مع الرجال ليس بدافع الحبّ، بل تحت قهر ظروفهنّ الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يمثّل من وجهة نظري "البغاء المشروع والمقنّن".
معاناة المرأة لا تتوقّف عند حدّ بعينه، فالنساء هنّ أول ضحايا الفقر ويمثّلن أكثر من ثلثي فقراء العالم تقريبًا وَفقا لتقديرات مراكز الأبحاث والدراسات النسوية، الفقر الملعون إذن له وجه امرأة، وجه بلا صوت، وجه نخفيه بنقاب أسود، وجه نتعمّد حتّى ألّا ننظر إليه، وهنّ الأكثر تعرّضًا لنكبات ما بعد الحروب أو الكوارث الطبيعية، حيث إنّ النساء تمثلن ما يقرب من 15 مليون لاجئ من بين ما يقرب من 20 مليون لاجئ في العالم كلّه، وفي بلدان العالم الثالث ومنها مصر تؤدّي الأزمات الاقتصادية، وضيق الآفاق الاجتماعية والثقافية، والموروثات الدينية، والتمييزات لضرب النساء في سوق العمل، وتعميق بطالتهنَ أو الدفع بهنّ لسوق العمل غير الرسمي، فتنحصر وظائفهنّ غالبًا في مجالات خدمية ومكتبية ليواجهنَ استغلال صاحب العمل وضعف الأجور، إضافة إلى أنّ عبء إدارة الأسرة في هذه البلدان يقع على كاهل المرأة، ناهيك عن الصورة المشينة للمرأة، المعروضة "كسلعة" في فيديوهات الأغاني وإعلانات الفضائيات.
وفي المجال السياسي لا تسلم النساء من التمييز والاضطهاد، برغم التطوّرات الأخيرة عالميًّا ومحلِّيًا خاصّة فيما يتعلّق بثورات الربيع العربي التي رفعت الديمقراطية والحرّية كشعارات رئيسة؛ إلا أنّ مَن نادوا بهذه الشعارات على ما يبدو لم يدركوا إلى الآن حقيقة أبعادها؛ إلّا فيما يتعلّق بمصالحهم، أو يتّفق وتوجُّهاتهم الفكرية والأيديولوجية، وقد جرى استخدام العنف ضد النساء واغتصابهنّ وتعريتهنّ في ميادين التظاهر كسلاح لنشر الإرهاب والرعب، وفي مصر وصل الأمر إلى أبعد من ذلك بتهديد البنات والكشف على عذريتهنّ كنوع من الإذلال وكسر إرادتهنّ، وأحيانًا استخدام شعارات دينية لختان البنات وتقنين الزواج المبكر بهنّ وغيرها من أمور تكشف الظواهر الباثولوجية لمجتمعنا الذكوري. ويبقى وصول امرأة إلى السلطة العليا استثناء في عالمنا الذكوري، بعيدًا حتّى عن أحلامنا في المجتمع المصري، ويخلو البرلمان المصري عادة من تمثيل مناسب للمرأة إلّا بقانون يضمن لها كوتة نسبية. ويستمرّ التمييز ضدّ النساء بشكل مؤلم للغاية، برغم قيامهنّ في الواقع، معظم الوقت، بتغيير العالم يومًا بعد يوم، وتمتلئ حياتنا المجتمعية بمختلف أشكال الخطاب القمعي التي تحاول حَشْر كلّ النساء في جملة واحدة، في سياق من الاختزال الذي يتجاهل حقيقة عدم وجود أيّ ملامح جوهرية أو عامة للنساء. ويتجاهل أيضًا حقيقة أنّ السمات الطبيعية ظاهريا، المرتبطة بالذكورية أو النسوية، يمكن أن يمارسها كلٌّ من الجنسين، وحتّى ذلك الاختلاف البيولوجي الذي يفرض على المرأة أحيانًا أدوارًا بعينها وكأنّها أدوار طبيعية أو محدَّدة بيولوچيًّا لهنّ؛ برغم كونها في الحقيقة بعيدة كلّ البعد عن أيّ شيء طبيعى. وتلك هي مهمة المثقفين رجالا ونساء في رفع وعي وإدراك النساء لهذه الحقيقة. وهذه الأدوار المحدّدة للمرأة قد تتحرّر منها مع تقدم علوم التخصيب الصناعي، بل الأكثر من ذلك توقّعات علماء الطب بإمكانية حمل الذكور للأجنّة في أرحام صناعية مزروعة، بحيث يغدو النوع والجنس لا قيمة لهما في سياق مستقبل أحادىّ الجنس أو خنثوي تتوقّعه منجزات العلم.
غير أنّ الإنجازات التكنولوجية قد تزيد من مأساة ومعاناة النساء بشكل ينتج عنه نتائج عكسية تؤثّر بشكل سلبي في الجنس البشري لو استمر تصدير صورة المرأة في مجتمعاتنا على أنّها مصدر للمشكلات أكثر منها فرصة للنموّ وأساسا للارتقاء بالبشرية والانسانية.
لقد حان الوقت لانصاف نساء هذا العالم ومنحهن المكانة الجديرة بهنّ والاعتراف بحقوقهنّ كاملة دون انتقاص، ووضعهن على قدم المساواة مع الرجال، والاستفادة الكاملة من جهودهنّ ورؤيتهنّ وموهبتهنّ بدلًا من طمسها، وكيف لنا من الأساس تجاهل نصف القدرة الكامنة للبشرية؟! وتجاهل أنّهنّ المعلم الأوّل، ولهنّ الدور الأكبر في نقل القيم وغرس المبادئ، وبدونهنّ تفقد البشرية القدرة على إعادة خلق عالم أكثر عدلا، وأكثر حرية، وأكثر مساواة، وأكثر تضامنًا، وأكثر سلاما. معركة النساء من أجل تحرير أنفسهنّ، هي نفس المعركة من أجل تحرير العالم. وبدلًا من أن تكون النساء لغزًا، سيصرن قبل كل شيء حلًّا. حلًّا لمشكلات التخلف، حلًّا لمشكلات الفقر، حلّا لمشكلات الحروب، حلًّا لمشكلات البطالة، حلًّا لمشكلات الزيادة الديموغرافية، حلًّا لمشكلات السلطة والديمقراطية.
في هذا اليوم العالمي للمرأة، علينا ألّا ننسى أنّ أمامنا جبال من المجهودات ينبغي تقديمُها من أجل دعم مساواة المرأة بحيث تكون المستفيد الأوّل من أيّ إعادة صياغة للمناهج التعليمية، أو تعديل القوانين، غير أنّ تعديل القوانين وحدها لا تكفي لتلطيف هذه الصورة القاتمة. بل ينبغي ترسيخ ثقافة السلام داخل عقول البشر، وأن يكون الاحترام المتبادل والحوار الجاد الحقيقي بين الجنسين أساسًا للبناء، وأن يتساوى دور الرجال مع دور المرأة إزاء الواجبات المنزلية، وأن يعطي المجتمع اهمية خاصة لمحو أمية الكبار، وتمكينهن من الوظائف القيادية، ورفع وعي التلاميذ والمعلمين في المدارس بمشكلات التمييز على أساس الجنس، ومنح احترام أكبر للنساء في الإعلام، وعلى الإنترنت. غير أنّه مع استمرار إبعاد النساء عن الوصول للحدّ الأدنى من مناصب صناعة القرار على المستوى القومي فلن يتغيّر شيء بصورة حاسمة.

8 مارس 2014



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعطف الأحمر (قصة قصيرة)
- مسجد الرحمة
- الديمقراطية .. الكنز المفقود
- رسالة إلى امرأة غائبة
- مِنَ العشيرةِ إلى الدولة... استغلالٌ لا ينتهي.
- حتى لا تصبحَ الثورةُ المصريةُ في ذمّة التاريخ
- الانقلاب العسكري
- مصر الدولة .. أم الثورة!! ؟
- النقابة العامة للبترول تعتمد اللجنة الإدارية لشركة ابسكو
- أسطورة الجيش والشعب أيد واحدة
- - حبيبتي -
- إلى أين يأخذنا الصراع.؟
- الثورة المصرية قد تمرض لكن لا تموت


المزيد.....




- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...
- “الحقوا الحرامي سرق جزمة لولو!”.. تردد قناة وناسة الجديد 202 ...
- ورشة عمل حول المقاربة القانونية ما بين قانون العنف الموحد وا ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد سعده - النساءُ .. الجاريات المعتقات