أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - المعطف الأحمر (قصة قصيرة)














المزيد.....

المعطف الأحمر (قصة قصيرة)


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


" أهم شيء في الحياة أن نتعلم كيف نحب ، ونسمح للحب بدخول قلوبنا" .. موريير شفارتز
لم يكن يعلم أن اليوم سيكون مختلفا لهذه الدرجة، في الزاوية ذاتها من المطعم نفسه في أحد ضواحي لندن بالقرب من بيته؛ جلس وبجواره معطفه الشتوي الأسود، انتهى من تناول الغداء، والآن يشرب عصيره المفضل، على الباب تقع عيناه على امرأة غاية الحضور، تدخل وتجلس في الركن المقابل، شاردة الذهن، ومُتقلبة بعض الشيء، تنظر في قائمة الطعام لتختار ما ستتناوله، وبعد عناء البحث طلبت مشروبا ساخنا، رغبة بداخله في الاقتراب منها تزداد بمرور الثواني، فتح كتابا في يده لكن دون أن يقرأ فيه ، فقط كان يقرأ عينيها، يراقب حركة يديها، تلامس شفتاها مع كوب مشروبها الساخن، وجهها الهادىء الملامح، لونها النبيذي الرائع، أناقة ملابسها التي تكمن في بساطتها، تسريحة شعرها البني التي تلائمها جدا، متعة احساسه بكل ما يحيط بها من أشياء، بجمال ولطف وروح موسيقى بيتهوفن التي تملأ المكان.
انتبهت لنظرات الاعجاب في عينيه أثناء قيامها، وودت فى قرارة نفسها لو مكثت قليلا، غير أنها دخلت بكل جدٍّ فى صراع مع رباطة جأشها وبادرت بالقيام، ولمحته يرتدي معطفه الأسود ويستعد هو الآخر لمغادرة المكان، السماء كانت على وشك أن تمطر، سارت على الرصيف وهي تشعر بخطواته خلفها، وبدأت الأمطار تضرب الطرقات، الجو بارد بشكل ترتجف معه السيارات.
الشارع رغم حيويته يقل زحامه بحركة بالغة السرعة، والبعض يودّ أن يزحف مبتعدا؛ وأن يختفى من هذا الطقس الشرير، وهي لا تدري لماذا لم تستقل سيارة أجرة وتهرب هي الأخرى، ربما تنتظر ما قد تخفيه لها الأقدار، لم تعد قادرة على تحمل المزيد من عنف المطر وبرودة الجو، لكن لم تعد قادرة أكثر على تحمل الانتظار؛ رغم روعة هذا الانتظار، وأمام إحدى المكتبات توقفت، ودخلت من بابها الزجاجي؛ هروبا من المطر، أو بحثا عن ذلك المجهول، ومن داخل المكتبة تأملت الشارع بنظرات متلهفة لكنها لم تجده، شعرت بقدر من الاحباط، وحينئذ أدركت أن إعجابه بها لم يكن أقوى من عنف المطر، وأنها أُفْسحت المجال بسهولة أمام ما ليس صحيحًا تمامًا.
سألها بائع الكتب عما إذا كانت تريد مساعدة ؟ فانتبهت أنها داخل مكتبة، فأخذت تتجول بين المؤلفات لعلها تجد شيئا يُثير فُضولها، يُعوضها لحظات خيبة الأمل التي انتابتها، وعلى أحد الأرفف وجدت مجموعة من النسخ لكتاب؛ على غلافه صورة نفس الشخص، انه هو بالفعل، نفس العيون الحزينة ونفس الملامح الواثقة، سحبت إحدى النسخ، على ما يبدو أنه كتاب في تعليم رقص التانجو، ذهبت للبائع، ومن شنطتها أخرجت ورقات مالية لشراء الكتاب، وأثناء انتظارها لباقي النقود؛ وقعت عيناها على الباب الزجاجي للمكتبة، لتجد نفس الشخص واقفا كإلهًا شابًّا مقدامًا، واضعا يدا في جيب معطفه بشكل مهيب للغاية، وفي اليد الأخرى يحمل معطفا آخر أحمر اللون وينظر إليها برقة بالغة، شعرت هذه المرة بأن هناك شيئا ما يهاجم مشاعرها، قلبها يدق بشكل أسرع من المعتاد، ولم تنتبه حتى لبائع الكتب الذي يمد يده إليها بالباقي من النقود، اتجهت نحو الباب وكأنها تمشي إليه على أرضية من زجاج، ابتسامة واسعة ترسم وجهها ولا تستطيع حتى اخفائها، وما أن خرجت حتى مد يده إليها بالمعطف الأحمر بطريقة حنونة للغاية، فسرت رعشة عبر جسدها، أخذت منه المعطف شذىّ العطر وارتدته في استسلام دون أن تتفوه بكلمة، الابتسامة ماتزال تسيطر عليها، مذهولة من الرقة التي تغمره، والدهشة والإعجاب مايزالان يملآن وجهه، رغم مسحة الحزن في عينيه عميقة الأبعاد، عيناه التي لمحت طرف مؤلفه في حقيبتها، الشارع صار وكأنه ملكهما، معدا ليسيران في انفصال تام عن الزمان ولا يعرفا إلى أين الذهاب.!!



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسجد الرحمة
- الديمقراطية .. الكنز المفقود
- رسالة إلى امرأة غائبة
- مِنَ العشيرةِ إلى الدولة... استغلالٌ لا ينتهي.
- حتى لا تصبحَ الثورةُ المصريةُ في ذمّة التاريخ
- الانقلاب العسكري
- مصر الدولة .. أم الثورة!! ؟
- النقابة العامة للبترول تعتمد اللجنة الإدارية لشركة ابسكو
- أسطورة الجيش والشعب أيد واحدة
- - حبيبتي -
- إلى أين يأخذنا الصراع.؟
- الثورة المصرية قد تمرض لكن لا تموت


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - المعطف الأحمر (قصة قصيرة)