روسيا تكسب جولة القرم

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova
(Marwan Hayel Abdulmoula)

الحوار المتمدن-العدد: 4385 - 2014 / 3 / 6 - 19:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قرار برلمان القرم إجراء استفتاء على الانضمام إلى روسيا هو خطوة واضحة تبرز قوة التأثير و التحركات السريعة لروسيا من وراء كواليس الأزمة الأوكرانية وأدارتها للصراع بشكل متقارب من السيناريو الابخازي و والاوسيتي الجنوبي في جورجيا و الترانسنيستري في جمهورية مالدافيا , وجميعها جمهوريات صغيرة منفصلة غير معترف بها غير من روسيا فقط اما ابخازيا واوسيتيا الجنوبية فقد اعترفت بهما أيضا نيكاراغوا، وفنزويلا، وناورو، وتوفالو، وفانواتو، وأيضا من قبل الدول المعترف بها جزئيا ترانسنيستريا، وناجورني كرباخ وتشكلت تلك الجمهوريات الانفصالية من مساحات دول كانت جزء من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وهي جمهورية جورجيا ومالدافيا
انفصال تلك الجمهوريات الصغيرة تم بمساعدة روسيا وجيشها وبنفس الأطروحات والأسباب التي يقدمها الروس والتي يتم ترديدها ألان في الأزمة الأوكرانية وهي الحفاظ على حياة الناس وحماية المواطنين الروس وقواتنا هناك استجابة لطلب من السلطات الدستورية , ولكن الحقيقة الأساسية تكمن في إدراك الحكومة الروسية للعبة النفوذ والمصالح وإدراكها لقوة اقتصادها المتنامي وجيشها الحديث والذي يدفع بها للدفاع عن مواقع مصالحها الإستراتيجية وعدم التنازل عنها مهما كانت طبيعة الأزمة وموقعها الجغرافي مثل مايحدث ألان في سوريا والملف النووي الإيراني , كما أن مسائلة توسيع دائرة قواعد الدرع الصاروخي والذي وصل الى دول قريبة من حدود روسيا مثل رومانيا وبلغاريا تقلق روسيا وربط الدرع الصاروخي بالادعاء بوجود خطر على أمن الولايات والمدن الأميركية من قبل صواريخ إيرانية وكورية هو من وجهة من نظر الروس غير واقعي وتحليل إستراتيجي غير موضوعي وغير عقلاني انما هناك نوايا أخرى .
اللافت للنظر ان الحجج التي يقدمها الأمريكيون وحلفائهم بالنسبة لنشر الدرع الصاروخي غير مقنعه لروسيا التي تعتبر هذه المسائلة من أكثر القضايا الأمنية التي تقلقها بعد انتهاء الحرب الباردة وهي القضية الرئيسية التي تحدث توترات في العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، من جهة وروسيا من جهة أخرى , وبالتالي الروس يرون في هذا الدرع الصاروخي سياسة عدوانية مبطنة ضدهم ترتكز على مسوغات غير مقنعه وأن نظام الدرع الصاروخي يعمل على الإخلال بالتوازن الإستراتيجي معهم بدرجة رئيسية ومن ثم مع الصين وبالتالي تخلق انعكاسات سلبية على مستوى النظام العالمي ويبرز مناخا شبيها بأجواء الحرب الباردة حيث التهديدات الأمنية العالمية المتبادلة تكون قارية وتدفع بسباق التسلح والنفوذ وانتشار حركات التمرد والحروب والانقلابات.
روسيا أثناء ازامات ابخازيا واوسيتيا الجنوبية ارسلت رسائل قوية انها لا تمزح فيما يخص حدود جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ومصالحها فيها وألان على مايبدو انها توجه رسالة قوية للأمريكيين والغرب مفادها اكرر هذه الجمهوريات خط احمر وفي نطاق هذا الخط غير مسموح اللعب بمصالحنا وان كل خطوة يقوم بها الأمريكيين والغرب تجاه هذة الجغرافيا تقابله مكاسب أضافية لروسيا من حيث الجغرافيا والموارد وحكومات منبثقة وموالية لموسكو وبقوة وهو كذلك تحذير روسي مستقبلي من اللعب بأوراق جمهورية مالدافيا وجرها إلى لعبة الشراكة والناتو فهي تدخل في نطاق المصالح والنفوذ الروسية التي تتنازعها مع رومانيا عضو الاتحاد الأوروبي والناتو وأي مساس بهذه المنطقة يعني تكرار السيناريو الروسي التقليدي كما في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية مع وجود حكومة ترانسنيستريا الانفصالية التي أصلا موالية لروسيا كما ان قرار البرلمان الروسي مناقشة انضمام جمهوريات إلى الاتحاد الروسي هو أشارة قوية على اللعب على المكشوف وتحذير بأن روسيا ستضع لمساتها حتى في هافانا الكوبية إن طلبوا ذلك .
روسيا تملك اقتصاد مرن وعلاقات شراكة كثيرة وتملك احتياطات ضخمة من موارد الطاقة وهي وألان تلعب على الورقة الاقتصادية وتمسك بأرقام خطوط قوية تتواجد على الأراضي الأمريكية والأوروبية وهي عضو في منظمة بريكس ولن تؤثر فيها أي عقوبات وتستطيع ان تخلط الأوراق والمصالح الدولية بسهوله ويبقى السؤال هو من تُعادي الولايات المتحدة وحلفائها هل روسيا القيصرية أم روسيا السوفيتية أم روسيا الحالية في النهاية والواضح على الارض ومنذ بداية حكم الرئيس بوتين لروسيا خلفاً للراحل بوريس يلتسن أن الروس هم من يكسبون كل جولة في معركة كسر العظم والنفوذ مع الخصوم التقليديين لهم.

د/ مروان هائل عبدالمولى
[email protected]

#مروان_هائل_عبدالمولى (هاشتاغ)       Marwan_Hayel_Abdulmoula#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل