جهاز الكبد والإيدز المصري..لحظة تفاؤل

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 21:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

أنا متفائل بخصوص اكتشاف القوات المسلحة المصرية جهازاً وأدوية لعلاج أمراض الكبد والإيدز، ليس لأنهم توصلوا لنتيجة، ولكن لأنهم حاولوا ولم يستسلموا لعُقدة الخواجة..والنجاح دائماً يأتي من الإرادة والتعبئة والتحدي.

النتيجة مهما كانت- صحيحة أم خاطئة- هي مجرد مرحلة صراع ستتطور حتماً إلى الأفضل، ومحاولات السخرية و الإنكار المطلق منها.. هي تثبيط عن يأس تام من النجاح..وبالنسبة للتشكيك في نوايا الأطباء -وأن الاكتشاف يمكن استغلاله سياسياً- فهذا لا يهمني، الذي يهمني هي النتيجة العلمية والروح البحثية، لأن فكرة الاستغلال السياسي مرتبطة بظروف متغيرة ستزول حتماً.

أقدر مخاوف البعض من سرية البحث الذي أنتج هذا الاكتشاف الطبي الأخير، حتى أن طبيباً بحجم الدكتور خالد منتصر كتب واستنكر هذا الغموض حول جهاز العلاج، وقال أن العلاج لم يمر بمرحلة اختبار كالتي مر عليها جهاز التشخيص المصاحب له، وفي تقديري إن كان للدكتور خالد منتصر الحق في أن يخاف ..ولكن لفريق البحث حق الإعلان والتجارب، وهذا يعني أننا لا يجب أن نحكم على العلاج بمؤتمر أو اختبار عالمي أو نشر في مجلات علمية متخصصة كما يريد الدكتور منتصر.

بل نحكم عليه بالنتائج فقط.

إذا نجح العلاج فهو كشف علمي وسبق معرفي سيرفع اسم مصر عالياً، وإذا لم ينجح فهي محاولة ضمن صراع معرفي يبدو أن قواتنا المسلحة تعيشه خارج نطاق الحروب...

ما يُبهرني في هذا العمل أنه مصري للنخاع ..وللعارفين هذا إنجاز عظيم أن تصنع دواءً دون الحاجة لأساطين الطب في العالَم، تذكروا أن كوبا وإيران نجحوا طبياً بهذه الطريقة، حتى ساهموا بعد ذلك في الحركة العلمية والطبية، ولكن البداية كانت من طهران وهافانا..

في تقديري أن ربط صحة وسلامة الدواء المصري بمؤتمرات ومجلات عالمية.. هو ليس بالمطلق شئ جيد، يمكن أن تكون بعض جوانبه صالحة بل أكثرها صالحة، ولكن بالمطلق هكذا سنكون وضعنا معايير قبول معارفنا بأيدي الآخرين..وملاحظتي على تلك المؤتمرات والهيئات الدولية..أنها لم تكن مسئولة أمام نفسها وأمام البشرية عن الأمراض المنتشرة الآن في العالَم.

من يصدق أن فيروس الكبد يُصبح وباءً في القرن الحادي والعشرين، وحين تهم أمريكا بصناعة دواء له فلا يحق للفقراء الانتفاع به، مما يعني عدم استفادة ثلاثة أرباع البشرية من هذا الدواء..!

أخيراً أنا أطمئن لنتائج الاكتشاف..لأن النتيجة عندي غير متوقفة على فاعلية الدواء، هذه مرحلة ثانوية لا أنظر إليها كونها تخص الأطباء، ولا أهتم بها قبل القاعدة الأصيلة وهي الإنسان الذي يقف خلف هذا الدواء..هذا الإنسان قادر على أن يصنع مئات الأدوية والعلاجات شرط وجود التحدي والإرادة..فالصراع الذي تعيشه مصر يخلق التحدي، والتحدي يخلق الإبداع، فأيما وُجِدَ الصراع سيكون الإبداع...

معظم الاكتشافات والاختراعات الإنسانية مؤخراً كانت عن صراع لأغراض عسكرية، الإنترنت مثلاً... لو لم تحارب أمريكا الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة ما كان لها أن تُنجِز اكتشاف الإنترنت..

أشعر أن مصر تعيش الآن فترة صراع سياسي ، وصراع ومعرفي لم ألحظه في القوات المسلحة قبل ظهور الاكتشاف، لكن بعد رؤيتي لتلك الروح والعزيمة إضافة إلى معلومات تُنشر لأول مرة بأن الجيش يعمل طبياً في الخفاء.. أجزم بأن هناك صراعاً معرفياً في المؤسسة العسكرية المصرية، وأن الصراع يولد التحديات، والتحديات تأتي دائماً بالإرادة ثم النجاح...

أما ما يأخذه البعض من مبالغات في طريقة عرض الاكتشاف فهو شئ مستنكر، ولكن دعونا نُحسن الظن وأنها من قبيل الفرحة والسعادة والشعور بعِظَم المسئولية والحرص على طمأنة الناس، وعموماً هذه لو كانت أخطاء فهي تخص طريقة العرض التي لا تهمنا بشئ، بل يجوز أن تُحدِثَ أثراً إيجابياً في نفوس المرضى.

أما الشاهد الرئيسي هو النتائج..دعونا نقف خلف هذه الفرق الطبية التي لمسنا فيها الإخلاص، حتى لو فشلنا-لا قدر الله-فهي محاولة ضمن عدة محاولات سيكلل الله جهودنا بالخير حتماً إن شاء الله.

#سامح_عسكر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل