أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة غانم - سردية الرمز الغرائبي في جدلية الأنثى والذكر















المزيد.....


سردية الرمز الغرائبي في جدلية الأنثى والذكر


أسامة غانم
ناقد

(Osama Ghanim)


الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 18:36
المحور: الادب والفن
    


تخطو القاصة ميَة الرحبي الى الامام ، على نصل الـسيف الشرقي ، المْشَرع فــــــوق رقاب الاخر / المرأة ، منذ عصر الجواري ونظام الـسراري ، وخطواتها هي ترجمة وعيـــــها وواقعها الى رمز غرائبي ، يعيد الينا انسـانيتنا الضائعة في عالم مقلوب ، في عالم فقد نصفه ، لذا كان علينا أن نكشـف رموز اللغة الخفية في النصوص ، التي تعمل علـــى تحديــد العلاقــة الجدلية بين المرأة والعالـم ، والمرأة بالرجل ، والمرأة بذاتها ، هكذا تتفجر المرأة ،عند القاصة فـي ثلاث اتجاهات اسـاسية لتكون ابعادها الانسانية – الضمنية ، ولتحفر عميقــاً فــي الوعـــي الجماعي لتشـكيل " الرؤية الجماعية للمعنى " 1 ، ولتجعله في مواجهة حقيقية حــادة ، وهــذا الحفر يأخذ طابع الصورة الرمزية – الفانتازية ، الى حـد السخرية اللاذعة والتهكم المأسـاوي ، ولابراز المعنى الذي يمتد الى ماوراء النص ، بالعمل على ازاحة عملية الغاء الاخــر / المــرأة ،فأن سـلطة المعنى فـي النص ، تبقى محتفظة بجدليتها بين القاصـة والمتلقي معاً ، بينما تكــون هي واقعة خارجـها ، وهذة الجدلية تجمع بين ( خصوصية المعنى وسـمة التأويل الاجتماعيــة )2 ولتوضيح واسـتعراض جنون العقل وتعاسة العالـم في اللحظة ذاتــــها ، تجــاه المــرأة ( قصـة الحضارة – لايسـلم الـشرف الرفيع – مرفأ الروح ) ، وتجاه الاخرين ( البـالون – الجــار قبــل الدار – الوبـاء ) ، تعتمد القاصة في ذلك على الـسرد التشكيلي الذي ( يعتمد على " وضع البطل" في مواجهة العالـم الموضوعي وتصوير هذا العالم وهو ينهار امــام عينيـه ( واعيننا ) ليعــاد تشكيله بصورة مختلفة وبشـكل افضل ) 3 ، وهذا الـسرد يبين لنا عمق انعكاس الواقعية فيه مـن خلال ضياع الاخـر / المرأة ، والاخـر / الرجل ، الرجل في متاهات الغربة ، والاستلاب والتخلف ، ولا تقدم تقنية الـسرد بطلاً ( بل هي تعرض شخصيات ضائعة ، حائرة ، قلقة ، تتعـــرض لانواع مختلفة مـن الضغط والكبت والضعف ) ، ويأتي ادخــال العنصر الغرائبي علـى الرمـز لتجســيد وتكثيـف الصورة المأسـاوية ، وهـذة الغرائبية تكون علـى شـــكل صورتيـن ، صــورة خـــارج الشــخصية / قصة الحضارة – الحبة المحددة للنسل ، البالون – حبيسه – الوباء – الانحنـــاء / وصورة داخل الشــخصية / مرفأ الروح – غرائبية فعل المرأة ، وتحمـل هـذة الصور الرمزيــــة - الفانتازيـة ، وظيفة قصدية واعية ، أي معانـي تتعدى الحدود الواقعية داخلها ، مـــع اعطــــاء اشـارة الى ارتباط القصد بالمعنى ، وان لكل منهما سـلطة مستقلة عن الاخر ، مع التقاء السلطة القرائية معهما ، ولكنها لا تتفق معهما ، بهذا المفهوم نـتطيع القيام بانشـاء جدلية تأويلية ، مـن خـلال قراءة ســردية تعيـد صياغة النصوص بعـد تفكيـك مكوناتها ، تعمل علــى تجـــاوز البعـــد الاجتماعي للأدب ، لانها تريد فعلاً تغير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وتوجه القاصة السـرد لأنها تعرف مايرغب القاريء به ، ولمدى اتسـاع الوعي الطبقــي – السياسي لها ، ينفتح النص القصصي عندها علـى فضـاءات انسـانية وينغلق علــى فضـــاءات برجوازيـة ، تعمـد الى الفضح والتعـرية ، ولأن نصها مؤسـس اصـلاً علـى واقع حياتي متخلــف لكنـه يعمل فـي اللحظة ذاتها عاـى القطيعة معـه ، تكون وظيفة النص تقويـض الاذلال والاسـتبعاد المكرس للمرأة ، وهـذا ينـسف الصمت ، او التواطؤ مع سـلطة القمع ، وهـو بدروه يعمل علـــى تثوير ادواتها النصية والمشـاركة فـي البناء عـن طريق تفجير الواقع اليومــي المرعــب عنــــــــد صياغته قصصياً .
تقع قصة " قصة الحضارة " بين قطبين مزدوجين ، قطــب كليــة المجتــمع العربـــــــــي المتخلــف ، وقطــب رؤية الرجل المتخلفة للمرأة ، مع طرح قضايا وهموم يختلط فيـها البعديـــن السـياسـي – الاجتماعـي بالبعــد الثـوري ، عن طريق رســم صـورة لللاوعـي الجمـاعي الذكوري فــي حالته الوحشـــية بألغاء الانثــــــــــــــــــــى .
وهـذا الالغاء يخترق ســردية النص ، ويركز على شــــطحه ، وغرائبيتــه ، وتتــوازن قصـدية الســاردة – القاصـة مع جســد النص المخترق بألالغاء ، يلتقيــان فــي انـــــــــــــــــــهما يؤســـسان للأنبعاث مــن خـلال " فعل تدميري " 5 ، وهما يقومـــان علـــى الغــاء " الرجل يلــد الرجل " 6 ، والغاء الفكرة الخاطئة حول وحدانية تهتك جســد الانثى ووثنيته .
والبنية الرمـزية – الغرائبية فـي " قصة الحضارة" هي الحبـة المحــــددة للنـــسل ، وفــي ( البلدان العربيـة بخاصة تقدم زعماء القبائل الجموع فـي مســيراتهم البهيجة ، وكل زعيم يحلـم بالنصر الاكبــر على القبائل الاخرى عندما سـيزداد افراد قبيلته مـن الذكـــور- ص8 )، والتي تنـسج حقيقة مخيفة مـرعبة ، فلقد ( باتت النسـاء كنوزاً ثمينة بعـد أن كـن كماً مهمــــلاً – ص 8 )، وقبول الرجل بالمعادلة الجديدة ورضوخه لـــــها ، وتغير الأدوار التاريخية المتطرفــــــة بيــــن شـهرزاد وشهريار ، وعـودة المجتمع الى النظام الامومي ، وبات لكل ( امرأة اـف عشـيق – ص 8 ) ،وتحل الكارثة بالبلد الوشـومة بلعنة التخلـف والتبعية ويسـود اللاتوازن الجنـسي ، والنص عبارة عـــن تــساؤل مـشروع للقاصة حول كيفية المجتمع العربي أن يتطــور ويتقــدم ويواكــب الحضــــــارة ونصفه مــشلول ومقموع او مهمـش ؟!.
إن مية الرحبي لاتصـر على قراءة قصصها فـي اطـار مرجعيــة ايديولوجية واجتماعيــة ضيقة ، بل قراءة رمزية – تأويلية مفتوحة للقــــاريء .
فأن قصة " البالون " العمــل الاكثـر سـرياليـة فـي المجموعـة ، هي حكاية رجل فاشـل يجد نفـسه فجأة فـي صناعة اشـكال الزجاج الملون وهـو يتفنن ( فـي تشـكيله من رحيق الفم ، ونسغ روحـه ، ودمـع العين – ص 36 ) ، فلقد مزجت القاصة الفنتازيا بالواقع الموضوعي ، حين يتحــول الى تمثال داخل بالونه الزجاجي الضخم الملون ، حين وصوله الى تخوم الشــيء وفنائه فيــــــه ، وفقدانه لذاته الانســانية ، حين يتجاوز بوابات العالم السـفلي ، منحدراً بعربات النرجســـية الــى سـحر ميدوزا ، وآلية السـرد تتحرك عند قيام السـاردة – القاصة بتحويل الواقع الموضوعي الــى فنتازيا عصرية تشــبه الحكاية الاســطورية ، ويدخل عنصر المغامرة – المتاهة فيــــها ، حينمــا ( يتحمــس ، ينطلق ، يبدع اشــكالاً – ص 37 ) ، فالرغبة والفعل مغامرة ، داخـل الذات وخارجـــه ولكن عندما يحدث ، ويجد نفسـه يفقدها فهو لم يغادر دائرة النـار ، وحالمــا يــهم بالمغــــــادرة يحترق ، وهـذا مما يجعل السـرد ( يحفر " خلـف " النص للعثور علـى نص فرعـــــي هـو النـص الحقيقي )7 ، والنص الحقيقي وهـو فـي حالة التكوين ، يحوَل معــه المعنـــى اللغـــــــوي للجمــل والفنتازيا الى معنى ادبي وواقع عيني .
تاتي قصة " لاعب السـيرك " لتفتح الباب علـى مصراعيه امـام قــراءة سـوسـيولوجية، ذات رؤية شـمولية مشـحونة بنبض انسـاني عن ( وحشة العالم – ص 57 ) ، واللذة الوحشـية التي يسـتمتع بها الاخرون عند مشـاهدتهم لانسـان يهوي من ( علو عشـرات الامتار – ص 57 ) وارتطم راسـه بالارض ، مـع تـشظي احلامه فـي بقعة مـستباحة موبــؤة بجرثومــة ( القمـــع الوحـشي – ص 55 )، وتلعـب العلاقة الشـكلية والدلالية فـي النص دوراً عميقـاً فـي فهــم سـوسيولوجية النص ، ولاعطائنا قراءة ســياسـية مضافة ، موازية للاولــى ، تمتلك رؤية مــستقلة ولكن غير خاضعـــة لهـــا ، ولكنهمـــا يـشتركان فـي رؤية اخلاقية واحدة تجاه العالم والاخرين ، يعـي على نفسه وهو لعبة بيد ( .. ) وحيداً ، معزولاُ ، فامه قد غادرته وراء نزواتها وهو لم يبلغ الثانية من عمره بعد، فنشأ وسـط الحيوانات / البسـطاء ، وعلى حبهم ، ولكنه يبقى اللعبة المفضلــة عنــد المديـــــــــر/ السلطة ، الذي يبعده عــن (شــبح البطالة – ص 47 ) ، بتوفير وظيفة لـه ، يجنـي المديــر / السلطة من ورائه ارباح ، ولاشـباع شـهوة ( الرعب والانبهار ) عند الاخرين ، التـي تمتلكـهم ، ومن هنا نستطيع ادراك خصوصية القاصة عندما تقوم بــ ( تنظيم المادة السـردية ) 8 ، المغلفــــــة هــــذة المرة بواقعية ماسـاوية ، وحـشية عن المواطن / اللابطــل ، امـام قوة تسـلبه روحــــه وتســتعبد جــسده ، ويغادر ضاجاً بصيحة القيصرة افدونيا ( ليكن مقفراً هذا المكان ) ، لقد عاد الى السـماء التي جاء منـها ، واردت الســاردة أن يضيء موته الطريـق لنا ، ولم تكن نهايتـــه بـــــل بدايتـــه، ولانه يمثل وجه العالــم اليومي الســحري في المشـاهدة ، والمرعب فـي الواقـــــــع فـــ ( السيرك منطقة نسـيان صغيرة مغلقة ، وتترك لنــــا فتحة نتمكن بها من اضاعة ارواحنا ، لنغيــــب فــــــي الدهشـة والبهجة ، ولننتقل مـن الغموض ، ونخرج منها مذهولين ، حزانى ومرتعبين من الوجــه اليومـي ) 9 ، الوجه الحقيقي لوجهنا المزيف .
تصل الرحبي في " الوباء " الى ذروة المهزلة – المأساة ، بتمثيلها للواقع العربي ، بهذة الصورة الفنتازية الشـعرية ، بدلالاته الرمزية المكثفة المضغوطة ، عبـــر ( ظاهرة الانحنـــــــاء – ص 81 ) ، التي سادت وعمت المدن ، ولتحليل خطاب القص من الداخل ، علينا اللجوء الـى البناء السردي للقصة ، للعمل على تطابق ( التحويل الأسطوري للمحتوى مع التفــسير الدلالـــي ) 10 ، لتكوين قراءة معكوسـة لا تغير المعنـى ، وليقوم التحويل بتفســير العلاقة بيـن القـص الفنتازي والواقـع الفعلـي ، المبني على أن ( كـل حدث بـشري يمتلك طابعاً ذا دلالة ، لا يكـــــــون واضحـاً دومـاً ، وانما ينبغي علـى الباحـث الكشــف عنه مـن خلال عمله ) 11 ،وذلك عـن طـــريق تفكيــــك كلمـــة ( انحناء ) ، الفاتحــة لمداخـل النـص ، والمضيئة لها ، كمـا اضـاء العــراف الاعمــى درب اوديسيوس الى اثيكا ، فلقد اقترن الوباء بالانحناء ، بمعنى الوباء= الانحناء ، هـذا على المستوى الســردي الظاهري ، امـا علـى مســتوى المعنى التأويلي القرائـــــي فالانحناء = الطاعـــــــــــة ، وعند تداخل الســردين يصبح الوبــاء = الطاعــة ، وهــذة تحتوي على دلالات ســوسيـولوجية و ايديولوجية وسـايكولوجية هــــــي :
1 – على المستوى الاجتماعي عبرت هذة الطاعة عن نفسها في اعادة انتاج هذة الموسســــات لنفسها .
2 – على المستوى الفكــري عبرت هذة الطاعة عن تحكم الوعي الجماعي لهـــذة الموسســــات المتوارثة " الطائفيــة + العشــيرة " بوعي اعضائها ، وتحوله مصدات ، كبتـت نوازع الاستقلال الفكري والذاتي .
3 – قاد ذلك الـى تكوين عمق نفسي لجم " ...." عن معاينة مايجري بيـن يديه آنيــاً واسـتعاض عنه بمناقشة ماجرى يوماً في التاريخ البعيد 12 .
ويأخذ التجسيد السريالي على الحدث الدلالي " ظاهرة الانحناء " ، المنحرف عن المســـــار المنطقي والمتطابق مع الفعل الواقعي ، مداه في تعزيز بناء المعنى ، ويكـــــــون الســـرد عنـــد القاصة حيث يكون الحدث الدلالي ، لتشكيل رؤية داخلية جماعية وخارجيـــة مشــــتركة تجــــاه النص ، ولابقاء الفعل الواقعي منعكساً فــي المرايا كلها 13 .
تعود القاصة مرة اخرى الى اشكالية المرأة العربية في القصــة – الحواريــــــــــة ( مرفـا الروح ) عندما تقرر الشخصية الرئيسة الانتحار عن طريق الزواج غيابياً من ( طبيب مقيم فـــي امريكا – ص 83 ) ، لفشلها في تجربة حب ، ومن خلال السرد المتسلسل ، والمتضمن للذكريـــات والتداعيات المتداخلة ، والحوارات الذاتية ، نكتشف او قل على بوابات وعيها المنشـــطر بيــــن الوعي الذاتي لها ، والوعي الجماعي ، نعثر على المأساة :
- لم فعلت ذلك
- ماذا ؟
- لم وافقت على الزواج من شخص لا تعرفينه ؟
- كان انتحاراً
- انتحار ؟
- نعم ص111 .
ومن خلال السرد نعرف ان البطلة على المستوى رفيع من الثقافة ، مـع امتلاكها لوعـــــــي ووجهة نظر ، ونلمس في كثير من الاحيان تداخل صوت البطلة مع صوت القاصة ، الــى حـــــد لانستطيع التميز بينهما ، لذا تغيب المسافة ما بين القاصة وبطلتها ، ليكــون عالمهما مفتوحــــا الواحد على الاخر ، وهذا يجعلنا نتساءل ، فإذا كان هذا عالـم انسانة مثقفة متعلمـــة ، فكيــــف بعالم انسانة آمية تفتقر الى الوعـي والى التجربة ؟! ولكــن كلتاهما في مجتمع متخلف يســـتند على مرجعية رجعية ، اتيـة من عصور الظلام ، قذفت بالمرأة خارج التاريخ ، وخـــارج الحيــاة ، وحجرت عليها داخل غرف الحريــم ، كل ذلك ادى الى خلق انسانة : مقموعة ، مهمشة ، مكبوتة ، مقهورة ، مطوقة بالالغاء ، ان لم تكن هي الالغاء ذاته ، وهـي ( رمـــز الانساني بامتياز ، لكي ندرك المـــدى الذي يبلغه احتقار الانسان ، وعدم الاكتراث حتى بحقوقه الاولية ، فمن يـــدرس هذا الوضع ، ويرى كيف تهمش المرأة ، وتضهد ، وتشيأ ، سيرى انه عصـــي على التفســـــير ــــ دينياً واســطورياً ) 14 ، عملياً يبدأ التاريخ من رحـــم المرأة ، كما بدا التخيل العالمي الانساني مـن وحـي الانثى ، وبهما التاريخ والتخيل ، تتشكل الاسطورة والخرافـــة ، كما يتشكل الانســـان المعجون بسحر الخيال ، المفخور بنـــار التاريخ ، وبالحوار تتعمد بطلة " مرفأ الروح " في نهر ( مصارحة الروح – ص 114 ) ، عاريـــة الا من الضوء الذي يشع فيها ، فتتوحد وذرات الضــــوء، لتخترق الظلمة ، ولتعلن انها جزء مـن النـــور .
ومما اضفى على النص شــعرية متميزة ، قيام القاصة بتنحية الاخـــر / الــزوج عـن النص كلــه ، ولانتعرف عليه الا من خلال عيون بديلــه ، الذي يدخـــل عالــم الاخـــــــــــــــر / الزوجـــة قـــسراً ، واقتحاماً ، ليعمل على نبش رماد الذكريات ، مــن الطفولة الـى الانوثة ، ومــن الوعــي الغائب الى الوعي النازف ، وعــــن ( الهم الوطني ، الهم القومــي ، القضية – ص 106 ) يحكون ، فالعالــم كله ينتقل الى داخل القطار ، بل الى ( احدى حجـرات القطــار – ص 90 ) ، وحيث تبــــدأ عملية المواجهة مـع العالــم ومـع الذات ومـع الاخــر ، يتعمق الحوار اكثر ، حوار حقيقي ذاتي ، يجعلها تعــي على نفــسها ، وعلى الدائرة التي وضعت نفسها فيها ، ( ما الذي فعلتــه بروحـــي ؟ بعتها للشـيطان دون مقابل – ص 110 ) ، لذا شيطان روحها ، لم يعد له مبرر للبقاء ، وعليه تقوم بحرقه مــع شمــس المعارف ، وابراج الفلكي ، ومـــع توقف القطار ، كانت ( معالــم الطريق قد بدأت تتضح شيئاً فشيئاً – ص 114 ) ، وليتبين لنــا بأن ( الحــوار يتيح المجــــال مـن اجــل ان نملأ بصوتنا الشخصي صوت الانسان الاخــر ) 15 .
ضمت المجموعـة القصصية على طول ثلاثين صفحة قصص قصيرة جداً ، ولقد استوقفتني قصة " شــــوق " التي حملت المجموعة اسمها ، والاسم مســـــتوحى من مقولة المتصوف ابــن عربي الاندلســي ، والتي كانت استهلالا للقصة .
كــل شوق يسكن باللقاء لايعول عليه .
اهو شوق الانثى للذكر ؟
ام شوق الذكر للانثى ؟
ام شوق كلاهما لبعضهما ؟
هكــــــــذا كانت شفرة القصة ، المبرقة الينا ، في التأويل الظاهري ، لكــن مـــاهــو حقيقة التأويل الباطني ؟ فالشوق يتجاوز اللقاء ، انه لايسكن ، لايتوقف ، يتفجر ، حتى عندما يتوحـــــد بالوجود ، بالاخر ، بالذات ، فهو دائم في عالم زائل ، لــــذا :
كل ذكر لاتقاسمه المملكة انثى لايعول عليه .
وكل انسان يقنع يما لديه لا يعول عليه .
وكل ثوري ليــس لدي طموح لايعول عليه .
وكل مثقف يؤمــن بمطلقية مرجعيته – لايعول عليه .
وكل فكر يصادر الفكر الاخر لايعول عليه .
كل نقد يحاول غلق منافذ النص المتشظية لايعول عليه .
فالمعول عليه : الكل .
المتحاور مع بعضه ، المتفاعل مع اجزائه ، المتحول مع اعضائه ، المتوحـد مع ذواته .
وهنا نتساءل ، هل الرؤية الطبقية غائبة في مجموعة مية الرحبي ..؟
تتشكل الرؤية السوسيولوجية مــن خــلال المحتوى الطبقي ، وبنيات هذا المحتوى تنعكس علــى رؤية الافراد- ذكراً او انثى – ضمن جدلية سوسيولوجية ، التي بدورها تعكس رؤية طبقيـــة ، وحرية المرأة المظطهدة جزء من الطبقة المستغلة ، ولذا يرتبط تحرير المرأة بالطبقة ، فــــــــأن فهم الايديولوجية المتطرفة للــــذكر في المجتمع العربي هو نفسه الكشف عن الرؤية المأسـاوية المكونة لبنية المجتمع ذاته وتفــــسير الافكار ، كما ان فهم العلاقات الجنــسية – السوسيولوجية هو تفسير للعلاقة القائمة بين الذكر والانثى ، وفهم العلاقات الطبقيــــة هـــو تفـــسير لتطـــور البرجوازية ، وحرية المرأة ضرورية لان ( الحرية هــي فهم الضرورة ) كما يقول ماركـــــــس ، ولاحرية بدون تحرر الانـــسان .
الهوامش
1 – وليم راي – المعنى الادبي : من الظاهرتية الى التفكيكية – ت د يوئيل يوســف عزيــز ، ص 121 ، دار المأمون للترجمة والنشر ، بغداد 1987 .
2 – المصدر السابق ص 105 .
3 – مصباح احمد الصمد – الرواية الفرنسية وتقنيات التجديد – ص 194 ، مجـة عالـم المعرفة المجلد العشرون العدد الرابع الكويت 1990 .
4 – المصدر السابق ص 217 .
5 – ياسين النصير – الصيانية والتدمير ص 51 ، مجلة الاقلام العدد 7 ــ 8 بغداد 1992 .
6 – عبد الكريم الخطيبي – عن الف ليلة والليلة الثالثة ، ص 112 ( الرواية العربية : واقع وافاق ) دار ابن رشد بيروت 1981 .
7 – سوزان سونتاغ – ضد التأويل ، ت باقر جاسم محمد ، ص 67 ، مجلة الثقافة الاجنبية العدد 3/ 1992 .
8 – توماس ج بافل – بعض الملاحظات في القواعد السردية ، ت د ناصر حلاوي ص 65 مجلة الثقافة الاجنبية العدد 2/ 1992 .
9 – هنري ميللر – ابتسامة في اسفل السلم ، ت ياسين طه حافظ ، ص 199 مجلة الثقافة الاجنبية العدد 2/ 1992 .
10 – توماس ج بافل – المصدر السابق ص 66 .
11- لوسيان غولدمان – المنهجية في علم الاجتماع الادبي – ت مصطفى المسـناوي ص 9 ، دار الحداثة ، بيروت 1981 .
12 – اسماعيل شاكر الرفاعي – أفاق الديمقراطية ، ص 28- 29 مجلة الثقافة الاجنبية ، دمشق ، العدد ايار- حزيران / 2000 .
13 – العبارة مستوحاة من مسرحية غوته ، عن شيطان فاوست ( مفيستوفليس ) : ( وفــي المرايا كلها ينعكس الرجل الذي لم يحضر ) .
14 – ادونيس – النظام والكلام ، ص 50 ، دار الاداب ط1 بيروت 1993 .
15 – م . باختين – قضايا الفن الابداعي عند دوستويفسكي ، ت د جميل نصيف ، مراجعـــة الدكتورة حياة شرارة ، ص 311 دار الشؤون الثقافية بغداد 1986 .
*ميه الرحبي – شوق (قصص ) ، دار الحوار للنشر والتوزيع ، اللاذقية 2000 .
* نشرت في جريدة الزمان اللندنية العدد 1165 في 20/3 / 2002 .








#أسامة_غانم (هاشتاغ)       Osama_Ghanim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمزية الصورة الشعرية في تجربة معد الجبوري
- قراءة سوسيوثقافية للحلاج
- استراتيجية لعبة الاسطورة المعولمة
- بنية الوعي الطبقي في الصورتين الواقعية والحلمية
- ازمنة السيرة المتداخلة في ذاكرة النص والجسد
- التجربة الجمالية والمكان في الرواية العربية
- التجربة الجمالية والزمن في الرواية العربية
- ازدواجية الجسد وشفراته السرية
- شعرية التجريب في رؤية الانثى لجسدها
- سلطة الجنس
- الرؤية الغرائبية في سوسيولوجية الجسد
- رواية - برهان العسل - قراءة سوسيوثقافية
- اللعبة الايروتيكية وتحولات التخييل السردي
- واقعية المتخييل السردي في التاريخ المؤول
- تحولات حداثية السرد في المتخييل التراثي
- قراءة في -جمهورية البرتقال-


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة غانم - سردية الرمز الغرائبي في جدلية الأنثى والذكر