أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - مسئولية الإنغلاق الدينى














المزيد.....

مسئولية الإنغلاق الدينى


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كثيراً ما نقرأ عن الأنحطاط والجمود الذى أنحدر إليه العرب ونقلوه إلى دول وشعوب أخرى، وعن محاولات الإصلاح الدينى عبر التاريخ والزمان لكنها رؤى وتصورات تتجاهل أن الأديان هى مجموعة من العقائد والوصايا والشرائع الثابتة ويخدع نفسه من يقول أن الأديان يمكن إصلاحها،
لكن المشاكل يخلقها ويطورها الإنسان المؤمن المثقف ذاته لأنه القادر على نشر أفكار تدعو للإخوة والمحبة والسلام ووحدة البشر فى مجتمعاتهم، وفى نفس الوقت يستطيع نشر أفكار تدعو للبغضاء والكراهية ونبذ الآخرين من خارج دينه والتعامل معهم بأسلوب جاف غليظ مما يولد فى نفوس المؤمنين الإنغلاق والتمسك الأعمى بما أكتسبوه من عداوة تسود مجتمعاتهم من مؤسسات السياسة والإعلام والعلم والدين، ومع أستمرار تجذر وسيطرة النوع الثانى من الأفكار المعادية للأخر يتفاعل الرفض المستميت للإصلاح أو التنوير كقضية تتاجر بها النخبة الدينية والمثقفة تحت تأثير مشاعر وأفكار الخيرية وأفضليتهم عن الآخرين، رغم أنهم يعيشون ويستخدمون تكنولوجيا العلم والتنوير ويستفيدون منها فى حياتهم العملية، لكنهم يرفضون التفكير بقضية التنوير لأنهم تعلموا أنها أسلوب جديد يريد أستعمار بلادهم وشعوبهم صادر عن الآخر الذين يلعنوه ليل نهار لأنه كافر وهذه هى القضية الذى يتجاهلها المثقفون.

إن النظر إلى الآخر بأعتباره كافر هى نظرة تعطى الحق لمن يعتقد فيها بعدم إحترام الآخر والتقليل من شأنه، وهى كلمة تزرع التمييز والتميز الذى يقود بطبيعة الحال إلى حالات العنف والإثارة الإنفعالية التى تقول لصاحبها أن هؤلاء البشر الكفار يستحقون الموت لأنهم يعادون ويعاندون دين الله، إذن الأديان لا يمكن التغيير فيها لكن المشكلة فى النخبة المثقفة والمتدينة المتحكمة فى ممارسات وأفعال بقية المؤمنين فى مجتمع ما، بتعبير آخر البحث عن أفكار دينية تسمح بالحياة الطبيعية الذى يتساوى فيها الجميع باعتبارهم بشر وليس بإعتبارهم مؤمنين أو بإنتماءهم الدينى، فإذا قام المجتمع على أساس المساواة الإنسانية سيتجاوز البشر مشاكلهم العنصرية، فمثلاً لو كان المؤمن شخصاً بسيطاً يحب الآخر ويتعامل بأخوة مع الجميع سنجده ينتقى من كتابه المقدس ما يؤكد تلك المعانى، بينما إذا كان المؤمن شخصاً قاسى الطبع ويتقبل بسهولة أفكار البغض سنجده ينتقى من كتابه المقدس ما يؤكد على تلك المعانى التى تسمح له برفض وعداوة الآخر وتجنب الدخول فى تعاملات معه.

فالإنسان هو الذى يصنع الخير والشر والظلم عندما يتبنى أفكار دينية تدعو لذلك ويرددها على مسامعه رجال الدين، مما يجعل تلك الأفكار والمعتقدات تطغى على مشاعره الإنسانية التى تدعو للمحبة والأخوة، ليصبح وصف الكفر أداة قمعية تدميرية وتخريبية تهدد الوجود السلمى والتعايش بين البشر وتقود إلى الإنغلاق وما يصاحبه من كوارث تهدد المجتمعات، إن ميراث الأديان أنشأ من كل مؤمن دكتاتور من حقه تكفير الآخر وكأن مفاتيح الحكم والقضاء بيده، والتحرر من ذلك الميراث من الأمور الصعبة لأنه يحتاج تغيير الأفكار الدينية والثقافية العدائية التى تم تقديسها وتسويقها على مدار مئات السنين، وفى نفس الوقت تقع مسئولية الإنغلاق الدينى على النخبة بصفة عامة التى تبشر بالحب أو بالكراهية فى مجتمعاتها.

الإنغلاق يصاحبه دائماً الولاء التام بالسمع والطاعة لما يقول به ويعلمه رجال الدين، والإفتاء هو بيت الداء الذى يصادر حريات وحقوق البشر بأستحلال دمائهم بكل بساطة، والتشدد والتعصب المصاحب لكثير من الفتاوى يجعلها تنحرف عن جادة الصواب لأن الذين يصدرونها يعيشون فى الماضى بأفكاره الشاذة التى لا تتناسب مع عصرنا إلى جانب الفزع الكبير الذين يشعرون به تجاه الآخر وخوفهم منه، فالتمسك الوبائى بالمقدس ينتقل من الأجيال السابقة إلى الحاضرة دون الشعور والإحساس بأنهم أجيال جديدة عليها الأعتراف بأن الأجيال السابقة هى أجيال متخلفة عاشت فى أزمنة وبيئات مختلفة عن عالمنا الحاضر الذى يخطو خطوات سريعة فى التقدم العلمى الذى لا ينظر إلى الوراء، بل نظرته إلى المستقبل لتحقيق إنجازات أكبر وفهم حقيقى للعالم والكون الذى نعيش فيه دون الأعتماد على ثوابت أسطورية صنعها الإنسان القديم.

إن التحرر من الإنغلاق الدينى يحتم الخروج الفكرى والمعرفى والجسدى من الزمن الماضى لإسترجاع وجودهم الواقعى فى عالمنا الحاضر، والأنفتاح على النهضة الإنسانية وما وصلت إليه من تقدم وإبداع هو ثمرة عقول إنسانية حية وليس ثمرة أفكار أجساد ميتة فى القبور، فإستدعاء الماضى هو دليل العجز الذى يقود إلى الإنغلاق والتقوقع ونتائجه سلبية دائماً، لذلك العلاج الوحيد للتحرر من الإنغلاق الدينى هو العودة من عالم الأفكار الميتة إلى عالم الحياة الإنسانية الحقيقية التى يشعر فيها بالقدرات الإنسانية التى تحرر الإنسان من القيود الغيبية وقادرة على تجاوز خطابات التجهيل التى تفرز العنف والإنحدار إلى ظلام الماضى.



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خداع الصباحى وترشيح السيسى
- إدارة أوباما إلى الجحيم
- التمرد خارج السرب
- نفاق النخبة المنهارة
- حرب القنابل الدموية
- هروب الشباب من الدستور
- أنصار الوهم
- قطر والعيال كبرت
- حروب الأستنزاف
- شرعية الإنقلاب الشعبى
- الخيانة العظمى
- رجوع مرسى وفلسطين
- تبرك زعماء العالم بمانديلا
- كوميديا الدستور الخمسينى
- تظاهروا والدفع نقداً
- أستشهاد القرارات الحاسمة
- الإعلام فى قفص الأتهام
- الإسلام السياسى والتكفير
- إسلام المؤمن على المحك
- مصالح أمريكا الإرهابية


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - مسئولية الإنغلاق الدينى